العقار يعاني من شح السيولة وعلى الحكومة المبادرة بتنفيذ مشاريعها التنموية لانتشال السوق من الركود
50% من عقارات الخليج «كويتية» واستثماراتنا في رأس الخيمة بحدود الـ 60% وتأثرها بتداعيات الأزمة المالية طبيعي
تمييز «بيتك» سيجعل الـبنوك المـحلـية أكثـر تشدداً فـي منح الائتمان
الحديث عن التقييمات العقـارية سيضُر قطاعات عديدة فالأزمة لاتزال قائمة
10% متوسط الزيادة المتوقعة في أسعار العقار على مستوى مناطق الكويت حتى نهاية العام الحالي
عمر راشد
رغم الأجواء التفاؤلية التي عاشتها الأوساط العقارية بصدور حكم تمييز بيتك بشأن الرهن والتمويل العقاري، إلا أن تعافي السوق العقاري لمراحل ما قبل الأزمة لايزال بعيد المنال وفق ما أفاد به عضو مجلس إدارة شركة المناخ الوطنية للتقديرات العقارية عبدالعزيز الدغيشم الذي توقع عودة الانتعاش إلى السوق العقاري خلال عامين أو ثلاثة أعوام.
وفي حوار شامل لـ «الأنباء» أوضح الدغيشم أن السوق العقاري يشهد حاليا عمليات مبادلة بين عقارات استثمارية وسكن خاص وهي ما يمكن أن تحرك أسعار العقارات في كل مناطق الكويت بمتوسط زيادة 10%، مشيرا الى أن السوق العقاري لايزال يعاني من جفاف السيولة وذلك على خلفية تردد البنوك في منح الائتمان للشركات أو الأفراد.
وقال إن البنوك ستزداد لغة الحذر لديها في منح الائتمان للشركات والأفراد بعد الحكم بسبب تشدد البنك المركزي في ضوابط الإقراض الخاصة بها على خلفية تداعيات الأزمة المالية العالمية ووجود مخصصات كبيرة لدى البنوك على رهونات العملاء التي حصلوا على قروض مقابلها وما قد تتعرض له البنوك من ضغط بسبب انخفاض قيم الأصول العقارية وهو ما يشكل ضغطا عليها مصحوبا بحذر شديد في منح الائتمان.
وأكد الدغيشم أن معالجة ملف الرهونات لدى البنوك المحلية بالتسييل يعد أمرا خطيرا للغاية ولا يمكن الاقتراب منه بالتسييل لأن ذلك سيعرض السوق العقاري لموجة حادة من انخفاض الأسعار، مما يعني انهيارا لقيم الأصول العقارية.
واشار الدغيشم الى أن أسواق المنطقة لاتزال أكثر جذبا لدى المستثمرين الكويتيين لأسباب عدة على رأسها انخفاض الأسعار مقارنة بالكويت وكذلك حجم التسهيلات التي يحصل عليها المستثمر من صدور التراخيص وغيرها من الإجراءات، مستدركا أن بعض الإمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت في التعافي من الأزمة وأسعار العقارات فيها بدأت في الانتعاش مجددا. وأوضح أن نسبة ما بين 50 و60% والتي تشكل النسبة الأكثر استثمارا بين دول الخليج لمستثمرين كويتيين، مضيفا أن إمارتي الشارقة ورأس الخيمة لم تتضررا كثيرا بالأزمة المالية وأن الأسعار بهما لم تتأثر بتداعياتها. وفيما يلي التفاصيل:
بداية، هل تتفق مع رؤية البعض التي تربط بين التسهيلات الائتمانية وأزمة العقار في الكويت؟
أتفق تماما مع هذه المقولة، فمع دخول مغامرين للاستثمار في السوق العقاري ومع عدم الدراية يقومون بالدخول في السوق والحصول على تسهيلات ائتمانية لأصول عقارية وهذه التسهيلات لا يتم استخدامها في التطوير العقاري، والبنوك المحلية كانت تقوم بإعطاء صاحب الأصل العقاري 30% من قيمة العقار وهو ما عمل على زيادة قاعدة الملكية في السوق العقاري، فبدلا من وجود عمارة واحدة عندي يقوم المالك بالحصول على 3 عمارات من خلال تسهيلات البنوك التي غالت في إقراض الأفراد للحصول على عوائد دون متابعة القرض واستثماره ومن ثم عند وقوع الأزمة المالية العالمية وجعل قيمة الأصول تتبخر كالفقاعة.
البنوك وتسييل الرهونات
البنوك حاليا تبحث عن مخرج للحصول على أموالها ولو باللجوء إلى تسييل الرهونات لديها، ما هو تعليقكم على ذلك؟
موضوع التسييل سيكون صعبا على البنوك، وليس من مصلحتها أن تبدأ فيه لأنها ستخسر كثيرا، وسيؤدي الأمر إلى إلحاق ضرر شديد بقيم الأصول وسيؤدي إلى كارثة محققة والاقتصاد سيتعرض لضرر شديد.
وماذا ستفعل البنوك إزاء هذا الملف؟
أعتقد أن الحل أمام البنوك سيكون عليها تمديد فترات الاستحقاق للعملاء وهو أنسب الحلول لها ومن الصعب على البنوك اللجوء للتسييل في ظل الأزمة الراهنة سواء على مستوى الأفراد أو الشركات وإن انتهت المدة عليهم أن يعطوا مددا أخرى لعملائهم حتى يقوموا بتكييف أوضاعهم المالية وسداد التزاماتهم.
وماذا بشأن العملاء الذين لا يريدون الدفع أو زيادة نسب الضمان؟
هذا النوع من الأشخاص تتم محاسبته، ويجب التفرقة بينه وبين الأشخاص الذين يريدون السداد ويكافحون في سداد ما عليهم من التزامات مادية وهذا النوع يجب إمهاله للسداد.
نعود إلى السوق العقاري وتحديدا إلى سيادة لغة «التفاؤل الحذر» التي تسود الأوساط بعد حكم تمييز بيتك بشأن الرهن والتمويل العقاري؟
نعم، فالتفاؤل الحذر يأتي بسبب زيادة تشدد البنوك في إقراض الشركات وفتح قنوات التمويل وأعتقد أن التسهيلات الائتمانية لن تعود بالوتيرة نفسها، وعلى العكس فإن البنوك المحلية ستتجه إلى التردد في الإقراض والسبب يعود إلى تشدد البنك المركزي في تعليماته الخاصة إلى البنوك والتي تأتي بسبب تداعيات الأزمة التي طالت القطاع المصرفي سواء البنوك التقليدية أو الإسلامية والإسلامية ولابد أن يكون هناك تحفظ من بعض البنوك بما فيها بيت التمويل الكويتي، فنسبة الإقراض على الضمان لن تكون بنفس الوتيرة أو النسبة.
شح السيولة
البعض يرى أن شح السيولة والتردد في منح الائتمان هما مشكلة السوق العقاري وليست القوانين المنظمة للعقار؟
نعم، فالسوق العقاري يعاني من شح السيولة وبات من الصعب عليه المقاومة دون تمويل وهو أصبح كالمريض الذي يحتاج إلى دواء.
في اعتقادك متى يبدأ العقار في التعافي والعودة إلى الانتعاش؟
من الصعب تحديد وقت للتعافي والأمر يتوقف على عودة السيولة مرة أخرى، وقد يعود السوق إلى الانتعاش لمراحله قبل الأزمة خلال عامين أو ثلاثة أعوام، ولكن تحديد المدة لا يمكن التكهن به، فالأمر كما ذكرت في السابق يتوقف على عدد من العوامل ومنها فتح التمويل أمام الأفراد والشركات.
مع بدء الأزمة المالية العالمية في الاختفاء لاتزال التقييمات العقارية متأثرة بتداعيات الأزمة، فهل عادت أسعار الأصول إلى الارتفاع مرة أخرى؟
أعتقد أن الحديث عن تقييم العقارات في هذا التوقيت سيتضرر منه الجميع وإن كانت هناك بوادر إيجابية في الخروج من الأزمة، إلا أن السوق العقاري لايزال بحاجة إلى كثير من المحفزات، وأوضح لك أن أسعار الأصول العقارية لم تستعد جزءا من خسائرها بل إن الأسعار لاتزال عند مستواها قبل الأزمة وهو ما يجعلني متحفظا في الإعلان عن التقييمات العقارية حاليا.
هل تعتقد أن حكم تمييز بيتك سيؤثر على أسعار السكن الخاص؟
أعتقد أن السوق العقاري سيتنفس الصعداء بعد حكم «بيتك» مع السماح لمالكي السكن الخاص بالرهن والتمويل العقاري وهو ما سيؤدي إلى تحقيق انتعاشة حقيقية للسوق العقاري في المرحلة المقبلة، يمكن من خلالها عودة أسعار الأصول العقارية إلى الارتفاع ولو بشكل تدريجي، والسر يكمن في قيام أفراد بعملية مبادلة بين المحافظ الاستثمارية والسكن الخاص وهي مبادلات خفيفة تتم عبر الأفراد والشركات وستكون بمنزلة وقود التداولات العقارية في الفترة المقبلة.
انتعاش طفيف
ذكرت أن السوق العقاري حاليا يمر بانتعاش طفيف سببه المبادلات بين القطاعات السكنية والاستثمارية؟
المبادلات بين السكني والاستثماري ستعطي السوق بوادر انتعاش حقيقية في الفترة المقبلة، وهناك طلبات موجودة حاليا لمبادلات بين القطاع السكني والاستثماري للاستفادة من القانون، كما توجد مبادلات في الاتجاه المعاكس من السكن الخاص إلى الاستثماري، وحركة المبادلات تلك سوف تحقق انتعاشة حقيقية في السوق العقاري.
وما هي نسبة الانتعاش المقدرة التي ستولدها حركة التبديل تلك؟
نسبة الانتعاش العقاري في السوق لو استمرت تلك الحركة ستتراوح بين 30 و40% في الحركة، وأود أن أوضح هنا أن تلك العروض موجودة في السوق العقاري حاليا وهناك طلبات لدى مكاتب السمسرة العاملة.
10% زيادة في الأسعار
عادة ما تتولد عن حركة المبادلات إما زيادة في السيولة أو الأسعار؟
نعم، وأتوقع أن تتحرك الأسعار على مستوى العقارات بأنواعها بنسبة 10% حتى نهاية العام الحالي.
وهل ستشمل تلك الزيادة كل مناطق الكويت؟
لا، فالمناطق التي انخفضت أسعارها بسبب تداعيات الأزمة والتي تمتد من المناطق الداخلية إلى شرق القرين هي التي سيطولها الانتعاش ولكن في العموم سيطول الانتعاش جميع المناطق بالكويت وإن بنسب مختلفة، فبعض المناطق الخارجية انخفضت أسعارها بنسب تتراوح بين 40 و10%.
وكيف تقرأ ما كتب عن نزول في أسعار العقار في شرق القرين من 40-50%؟
للأسف بعض وسائل الإعلام غالت في تقديرها لهبوط الأسعار وبشكل كبير وهو الأمر الذي أثر في حركة العقار بالسلب وزاد من حدة الأزمة رغم أن النزول لم يصل إلى تلك النسب المرتفعة، ولو وصلنا إلى مستوى الـ 50% أو الـ 40% لحدث انهيار حاد وهذا الأمر لم يحدث، والأصح القول ان هناك انخفاضات متدرجة من المناطق الداخلية إلى منطقة شرق القرين وهي انخفاضات تراوحت من 5 إلى 20%.
ما سبب عزوف بعض المستثمرين الكويتيين عن الاستثمار داخل الكويت؟
الأسباب وراء ذلك تعود وبالدرجة الأولى إلى انخفاض أسعار الأراضي في دول مثل الإمارات وسلطنة عمان مقارنة بأراضي الكويت إضافة إلى تسهيل الإجراءات الخاصة بالتراخيص وتلك الاستثمارات وإن كانت نعمة إلا أنها في وقت الأزمات قد تتحول إلى نقمة بسبب خروجها المفاجئ من السوق وهو ما يؤدي إلى تراجعات حادة في الأسعار على كافة المستويات وهو ما حدث في بعض الدول بالفعل، وهناك إمارات تأثرت بشكل أقل مثل رأس الخيمة في الامارات العربية المتحدة وذلك لانخفاض الاستثمارات الأجنبية ولم تتأثر بالتالي الاستثمارات الكويتية فيها والتي يبلغ نسبة تملك الكويتيين فيها من 60% إلى 70% تقريبا.
«التجاري» بعيد عن التحليل
هناك ابتعاد دائما في تحليل السوق عن «التجاري» و«الاستثماري» و«الصناعي» رغم أهميتها في حجم التداولات العقارية؟
الكلام صحيح، ولكن تحليل السوق العقاري ينصب على «الخاص» و«الاستثماري» لارتباطهم أكثر بعمل الأفراد والشركات أما التجاري والمخازن والصناعي فله متخصصون في السوق العقاري بخلاف السكن الخاص والاستثماري الذي يتم التداول عليه بشكل كبير وخاصة المناطق الخارجية.
تحدثنا عن زيادة متوقعة في الخاص بنسبة الـ10%، فهل ستطول الزيادة الاستثماري والتجاري؟
أعتقد أن قطاع «الاستثماري» و«السكني» رغم النزول الذي يعاني منه السوق العقاري إلا أنه لايزال متماسكا، وأرى أن كلا منهما له متخصصون يعملون في مجاله وسبب اهتمام شريحة كبيرة من الأفراد بالسكن الاستثماري والخاص يعود لأن كلا منهما يمثل الشريحة الأكبر من التداولات العقارية وذلك لأن أسعارهما تكون في متناول اليد وليست بالضخامة الموجودة في التجاري والاستثماري.
خفض الإيجارات
تفنيشات المقيمين أثرت على حجم إشغال الوحدات الاستثمارية، فهل تتوقع خفضا في الإيجارات خلال المرحلة المقبلة؟
أعتقد أن خفض إيجارات الوحدات الاستثمارية «أمر طبيعي»، والتاجر الذكي أو صاحب الاستثمار عليه أن يقوم بخفض الإيجار لأن الوضع الاقتصادي لايزال يعاني من تداعيات الأزمة المالية، والمؤجر يبحث الآن عن السعر الأرخص ومن ثم فإنه ينتقل إلى أقل الأماكن إيجارا وعلى المستثمر أن يحافظ على السكان في المبنى الذي يملكه وألا يترك العين لديه خالية، من خلال المبادرة بخفض الإيجار من 20-30 دينارا للحفاظ على حصته السوقية من سوق التأجير.
كيف تقيم توجه الحكومة لتنفيذ مشروعات تنموية؟
نحن نسمع كلاما منذ سنوات عن توجه الحكومة لتنفيذ مشروعات تنموية عملاقة ولكن السوق لم يلمس تنفيذا جديا في السوق العقاري، ونحن إلى الآن لم نخرج من إطار الأمنيات في تنفيذ مشاريع الدولة التنموية رغم الدراسات والمشاريع التي تم الإنفاق عليها لتحديد التكاليف والنفقات وغير ذلك.
تراجع الأسعار
تقارير عقارية تناولت توقف التراجع في أسعار العقارات بنهاية الربع الثاني في الإمارات، ما مدى صحة تلك التقارير؟
تختلف أوضاع السوق العقاري في الإمارات من إمارة إلى أخرى، فإمارة رأس الخيمة لم تتأثر أسعار العقار فيها كثيرا ارتفاعا أو انخفاضا لعدم وجود استثمارات أجنبية فيها ومن ثم كانت درجة تأثرها أقل، وشهدت إمارة الشارقة تداولات هادئة مؤخرا في مبادرة لتحقيق انتعاشة حقيقية في المستقبل ولكنها لم تتحرك بنفس الدرجة التي وجدت في فترة ما قبل الأزمة.
تأثيرات الأزمة
وما مدى تأثر الاستثمارات الكويتية بتطورات السوق العقاري الإماراتي؟
بلا شك تأثرت الاستثمارات الكويتية بدرجات متفاوتة من سوق لآخر حسب كل إمارة وحسب نوعه وما حدث له طبيعي في ظل تداعيات الأزمة الراهنة، وفي إمارة مثل رأس الخيمة نجد أن ما يتراوح من 60-70% من ملاك العقارات مستثمرين كويتيين وفي كل أنواع العقار وهم موجودون في السوق منذ فترة طويلة، أما إمارة دبي فنجد تأثرها بالأزمة المالية كبير جدا بسبب هروب الكثير من الاستثمارات الأجنبية التي اعتمدت عليها الإمارة في نهضتها الاقتصادية.
وهل كان للتسهيلات الائتمانية دور في زيادة لهيب الأزمة العقارية بدول الخليج؟
الأزمة العقارية في دول الخليج يعود جزء كبير منها إلى التسهيلات الائتمانية التي تم منحها للسوق العقاري في ظل التنافس الحاد بين البنوك للإقراض المتزايد دون دراسة حقيقية للضمانات التي قدمت مقابل تلك القروض وبعد اندلاع أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة وانتقال عدواها إلى دول الخليج لارتباطها الواضح بالسوق العقاري هناك، فإن تداعيات الأزمة اندلعت ككرة الثلج. والأمر الأكثر خطورة هو أن الأزمة أثرت في أسعار الأصول المرهونة وهو ما دفع البنوك لطلب ضمانات إضافية لقروضها، مع عجز الأفراد والشركات عن تلبية الطلب عليها.