هشام أبوشادي
توقعت مصادر ان يحقق بنك الكويت الوطني نتائج مالية جيدة في نهاية الأشهر التسعة من العام الحالي، وذلك بفعل سياسة التحفظ التي يتعامل بها البنك مع المخاطر خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية التي عصفت بأكبر البنوك العالمية وبعض البنوك المحلية.
وأرجعت المصادر لـ «الأنباء» السبب الرئيسي لتحسن النتائج المالية في الربع الثالث من العام الحالي الى عدم تأثره بتعثر شركات الاستثمار المحلية، وعدم انكشافه على ازمات أخرى عصفت ببعض الشركات الخليجية، خاصة شركتي سعد والقصيبي التي يبلغ حجم انكشاف البنك لهما بحوالي 2.8 مليون دينار من خلال قرض مجمع مع بعض البنوك، وهو ما اجمعت عليه مؤسسات التصنيف الائتماني في تقاريرها الأخيرة عن البنك الوطني.
وكان البنك قد حقق أرباحا في النصف الأول من العام الحالي قدرها 126 مليون دينار ما يعادل 44 فلسا للسهم. وأضافت المصادر قائلة ان ظهور بوادر ايجابية على تحسن الاقتصاد العالمي سيؤدي الى المزيد من التحسن في نتائج البنك الوطني في نهاية العام.
المجلس الاستشاري
وعلى جانب آخر، كشفت المصادر ان البنك الوطني بصـدد عـقد اجـتماع مـصـغر لمـجلـسه الاسـتـشاري الـدولي خلال منتصف الشهر القـادم فـي لـنـدن برئـاسـة السير جون ميجور رئيس وزراء بريطانيا السابق بحضور مجموعة من أبرز الخبراء الاقتصاديين العالميين، وذلك لمناقشة تطورات الوضع الاقتصادي العالمي وتداعياته على المنطقة بشكل عام والكويت بشكل خاص، ومدى تأثير ذلك على خطط واسـتراتيـجيات البنك الوطـني خلال الفترة القادمة.
وسوف يشارك في الاجتماع من جانب البنك الوطني بعض أعضاء مجلس الادارة والمسؤولين في الإدارة التنفيذية للبنك.
«الوطني»: تسارع معدل النمو السنوي في قيمة السحوبات ببطاقات الائتمان والسحب الآلي إلى 37% في الربع الثاني
قال بنك الكويت الوطني ان سلوك المستهلكين الكويتيين اكتسب أهمية متزايدة خلال السنة الماضية، وذلك في أعقاب التراجع في أسعار النفط والأصول المالية الأخرى التي نجمت عنها آثار سلبية على النمو الاقتصادي، بعد أن كانت المحرك الرئيسي له في السنوات السابقة.
وأوضح «الوطني» في نشرته الاقتصادية الأخيرة انه وعلى الرغم من قلة البيانات المتاحة المتعلقة بالقطاع الاستهلاكي، إلا أن ما هو متاح، ورغم محدوديته، يشير إلى أن نشاط قطاع التجزئة في الكويت قد عاود الارتفاع بعد أن شهد تباطؤا حادا في العام الماضي، كما أن هذا التعافي لم يؤد إلى ارتفاع أسعار السلع، ما يشير إلى أن البنك المركزي ليس مضطرا لرفع أسعار الفائدة التي كان قد خفضها تباعا منذ الخريف الماضي.
تحسن المبيعات
ولفت «الوطني» إلى أن أحد أهم مصادر المعلومات يتمثل في بيانات التعاملات ببطاقة السحب الآلي، والتي تشتمل على السحوبات من أجهزة السحب النقدي باستخدام كل من بطاقات الائتمان وبطاقات السحب المباشر من الحسابات البنكية (تلك البيانات لا تشمل عمليات السحب النقدي في خارج الكويت باستخدام البطاقات الممنوحة من المصارف المحلية). فبعد تراجعه الحاد في منتصف العام 2008، تسارع معدل النمو السنوي في قيمة هذه السحوبات في الربع الثاني من 2009 إلى 37%، وهو ما يمثل تعافيا تقليديا أخذ شكل v.
وعزا «الوطني» جزءا من ذلك الارتفاع إلى التطورات الاستثنائية التي حدثت في عام 2008: أي انخفاض قيمة السحوبات في الربع الثاني من 2008 وارتفاعها بشكل مفاجئ وملحوظ في الربع الثالث، والذي قد يكون ناجما عن لجوء الكثيرين إلى سحب أموالهم جراء الأزمة المالية. لذلك، من المفترض أن يتراجع معدل النمو مجددا في الربع الثالث من العام الحالي. لكن عند المقارنة على أساس ربع سنوي، يلاحظ أن النمو قد شهد أيضا تحسنا مستقرا (-1.8% في الربع الرابع من 2008، -0.4% في الربع الأول من 2009، و6.1% في الربع الثاني من 2009)، ما يشير إلى أن جزءا من هذا الارتفاع كان «حقيقيا».
ولحظ «الوطني» أنه يمكن استخلاص صورة مشابهة من بيانات السحوبات في نقاط البيع، التي ترصد قيمة المشتريات باستخدام البطاقات في المحال التجارية. فمن حيث الحجم، سجل معدل النمو السنوي في عدد السحوبات في نقاط البيع أدنى مستوى له في الربع الرابع من العام الماضي عند 1.6%، قبل أن يرتفع مجددا ليبلغ بحلول الربع الثاني من العام الحالي 14.9%، أي قريبا من مستوياته بنهاية العام 2007 قبل اندلاع الأزمة. ولكن من اللافت للنظر هنا استمرار تباطؤ النمو في قيمة هذه السحوبات، ليبلغ حاليا 5.3% مقارنة مع 20.6% في الربع الثاني من العام 2008. وفيما تبدو هذه البيانات متناقضة في الظاهر، إلا أنها قد تعطي لمحة عن الضغوطات التي تواجه الأسعار في الكويت.
وأشار «الوطني» إلى أن الفارق بين قيمة وحجم السحوبات في نقاط البيع، وعلى الرغم من ضعفه كمقياس، يمكن أن يشكل مقياسا تقديريا لمعدل التضخم في أسعار التجزئة: إذ حين تنمو قيم المبيعات بوتيرة أسرع من نمو حجمها، فيمكن استخلاص أن تكلفة كل واحدة من هذه المبيعات قد ارتفعت. وفي هذا الإطار، يلاحظ أنه خلال العامين 2007 و2008، تجاوز معدل نمو قيمة المبيعات بشكل ملحوظ معدل نمو حجمها، إذ بينما بلغ متوسط الأول خلال 2008 نحو 16% على أساس سنوي، لم يتجاوز متوسط الثاني 9%. وقد تزامن ذلك مع فترة ارتفاع معدل التضخم في أسعار المستهلك.
ولحظ «الوطني» أن معدل النمو السنوي في حجم المبيعات منذ بداية العام الحالي قد تجاوز معدل نمو قيمتها بفارق قياسي، بلغ على سبيل المثال 10 نقاط مئوية في الربع الثاني من 2009. وفي جميع الأحوال، يشكل ذلك دلالة على أن الضغوط التضخمية قد تبددت- بل أن أسعار التجزئة قد تكون في انخفاض، وتظهر البيانات الرسمية الأخيرة أن المعدل السنوي للتضخم في أسعار المستهلك مازال فعليا عند 5.9%.
لكن هذه البيانات تعود إلى شهر فبراير الماضي، وبالتالي نتوقع أن يتراجع معدل التضخم بشكل ملحوظ مع صدور بيانات فصل الصيف. وفي الواقع، تشير بيانات السحوبات بالبطاقات الائتمانية والسحب الآلي إلى أن تراجع الضغوط التضخمية قد يعزى إلى أسباب أشمل من تلك المتعارف عليها، كتراجع أسعار المواد الغذائية والإيجارات، كما يمكن القول ان معدل التضخم «الأساسي» يشهد تباطؤا بدوره.
وتوقع «الوطني» أن يتراجع معدل التضخم في أسعار المستهلك عن مستوياته الأخيرة المعلنة والتي بلغت 5.9%، بفضل انخفاض أسعار المواد الغذائية والإيجارات، وقد تشهد بعض الدول تراجعا في الأسعار في مرحلة ما خلال العام الحالي.
ورأى الوطني أنه بقدر ما قد يكون تراجع الضغوطات التضخمية ناجما عن ضعف في الطلب، إلا أنه قد يشكل في الوقت نفسه دلالة على تنامي درجة المنافسة بين تجار التجزئة. ويلاحظ في المجمعات التجارية بعض الخصومات الكبيرة في الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، قد تصل إلى 50% على بعض السلع. وفي الواقع، قد يكون الارتفاع الكبير الظاهر في حجم المبيعات انعكاسا أو استجابة للأسعار الأكثر تنافسية. وفي هذه الحال، فإن أثر ارتفاع حجم المبيعات على تجار التجزئة لن يكون بالإيجابية التي يظهرها بقدر ما قد يكون جاء على حساب تقلص هامش الربحية.
انتعاش الثقة
وإلى جانب بيانات السحوبات بالبطاقات، لحظ الوطني أن هناك بوادر تعاف قوي في تطلعات المستهلكين الكويتيين، وهو مؤشر إيجابي لبعض الجهات الرسمية التي تتخوف من تداعيات الأزمة المالية وارتفاع عدد المسرحين من وظائفهم على هذا القطاع الرئيسي في الاقتصاد الوطني. فبعد انخفاضه إلى أدنى مستوى له في فبراير دون 80 نقطة، عاود مؤشر شركة «آراء» لثقة المستهلك الارتفاع خلال الأشهر القليلة الماضية، ليسجل 107 نقاط في يوليو الماضي.
وبذلك، يكون المؤشر قد اقترب من مستواه المسجل في منتصف العام 2007، أي قبل وصول الأزمة المالية العالمية إلى الخليج بوقت كثير (وفي الواقع، مع ارتفاع كل من أسعار النفط وحجم القروض الممنوحة من البنوك في ذلك الوقت، كان كبح النمو في الإنفاق الاستهلاكي من أحد أولويات السلطات المحلية حينها).
إلا أنه من اللافت أن شهر أغسطس الماضي شهد تراجعا كبيرا في مؤشر «شراء المنـتجات المعمرة»، الذي يقيس نية الأســر للإنفاق على شراء السيارات والأدوات الـمنزلية. ويعتبر ذلك لافتا لكون هذا المؤشر قد حقق أداء جيدا مؤخرا، مرتفعا من 87 نقطة في فبراير إلى 140 نقطة في يوليو، وهو أداء أقوى بكثير من المؤشرات الأخرى المتعلقة بالاقتصاد ومستويات الدخل.
سجل تاريخي
أشار تقرير «الوطني» الى ان كلا من بيانات السحوبات ببطاقات الائتمان والسحب الآلي وبيانات مؤشر ثقة المستهلك ليس لهما سجل تاريخي طويل، لذلك من الصعب اعتمادها كمؤشر موثوق للنشاط الاقتصادي بشكل عام. كما ان كلا منهما قد يعكس مساره مجددا في حال تدهورت ظروف الاقتصاد العالمي مرة اخرى خلال الاشهر القليلة المقبلة.
لكن رصد تلك البيانات الى جانب عوامل اخرى، مثل الدعم الذي تحظى به مستويات الدخل الحقيقي جراء تراجع معدل التضخم واسعار الفائدة، وكبر حجم القروض الممنوحة من البنوك الى المستهلكين، الذي مازال مرتفعا نسبيا، وانتعاش سوق الاسهم، من شأنه أن يوفر دليلا على تحسن نشاط القطاع الاستهلاكي في الكويت، ورغم انه من المستبعد ان تشهد مبيعات التجزئة تدهورا حادا في الكويت بفضل مستوى الدخل المرتفع والاستقرار النسبي في تطلعات سوق العمل، فإن هذه البيانات الايجابية توفر دليلا اضافيا على سلامة هذا القطاع.