جدد الرئيس الأميركي باراك اوباما حملته من اجل إصلاح قواعد النظام المالي فحمل بشدة على قادة وول ستريت الذين يرتكبون «تجاوزات غير منضبطة» ويرفضون استخلاص العبر من الازمة. وقال اوباما في كلمة القاها أمس الاول بعد سنة على افلاس مصرف الأعمال المرموق ليمان براذرز والذي كان له وقع الصاعقة على الاقتصاد الأميركي برمته «ان البعض في القطاع المالي يخطئون للاسف في قراءة المرحلة الراهنة».
وأوضح متحدثا أمام بعض كبار قادة النظام المالي «بدل ان يستخلصوا العبر من انهيار ليمان والأزمة التي لم يخرجوا منها بعد، فهم يختارون تجاهلها» معتبرا انهم «اذ يفعلون ذلك فهم لا يجازفون بانفسهم فقط، بل بأمتنا»، مشيرا الى ان العديد من مصارف وول ستريت والمؤسسات المالية تلقت مساعدات حكومية ضخمة اقتطعت من أموال دافعي الضرائب. وتابع «لذلك أريدهم ان يسمعوني جيدا: لن نعود الى فترة التصرفات المتهورة والتجاوزات غير المنضبطة التي كانت في صلب هذه الازمة، حيث كان الكثيرون يعملون بدافع الجشع للحصول على صفقات سريعة وعلاوات مرتفعة».
وقال «ان الأساليب القديمة التي قادت الى هذه الازمة لا يمكن ان تستمر.. لن يسمح بان يتكرر التاريخ»، وحذر «لا يمكن لهؤلاء في وول ستريت ان يعودوا الى المجازفة بدون اي اعتبار للنتائج، وان يتوقعوا في المرة المقبلة ان يحميهم دافعو الضرائب الأميركيون من الانهيار».
وطالب الرئيس الأميركي مرة جديدة بـ«قواعد سلوك صارمة تحمينا مما عشناه من مخاطر تهدد النظام برمته، وذكر بالاقتراحات المفصلة التي قدمتها ادارته في يونيو لوضع حد لنقاط الضعف في نظام يهدد فيه اي خلل في إحدى مكوناته بالانتشار الى المكونات الأخرى». وتنص الاقتراحات على تعزيز نظام الرقابة التي يمارسها الاحتياطي الفدرالي على المؤسسات المالية الكبرى، وانشاء هيئة تسمح للادارة بوضع يدها على مؤسسات كبرى تواجه مأزقا، كما تتضمن الاقتراحات انشاء وكالة جديدة لحماية المستهلكين تتولى الإشراف على القروض العقارية وعلى الاستهلاك.
وحض اوباما وول ستريت على زيادة الشفافية ومكافأة الرؤية البعيدة المدى بدل السعي الى الأرباح السهلة والآنية، وعدم الانتظار حتى يصدر البرلمانيون الأميركيون قوانين بهذا الصدد، وفي تنازل واضح لشركاء الولايات المتحدة، لم يكتف اوباما بالإشارة بإصبع الاتهام الى أوساط المال بل قال ان «قصورا مشتركا في حس المسؤولية في واشنطن ووول ستريت وفي اميركا برمتها هو الذي قادنا الى شفير انهيار نظامنا المالي قبل سنة». ونفى اوباما تهم الحمائية الموجهة اليه في خضم المعركة الجارية مع الصين حول الحقوق الجمركية التي فرضها على الاطارات الصينية الصنع، مؤكدا في الوقت نفسه حرصه على تنفيذ الاتفاقات التجارية الموقعة، واعتبر اوباما من «الاساسي» تطبيق سياسة لتنمية التجارة العالمية. لكنه حذر من ان «اي نظام تجاري لن يكون مجديا ان لم نطبق الاتفاقات التجارية»، وقال انه حين يتم فرض حقوق جمركية جديدة على الاطارات الصينية الصنع، «فاننا لا نتصرف بدافع الاستفزاز او نشر حمائية ستنقلب ضدنا حتما، بل نفعل ذلك لان تطبيق الاتفاقات التجارية يندرج في اطار الحفاظ على نظام تجاري منفتح وحر».