- البنوك المركزية الأوروبية اتفقت مجدداً للحد من مبيعاته والصين رفعت مخزونها إلى 75%
- أسعار الذهب تحقق أعلى مستوياتها في 18 شهراً بالغةً 1023.8 دولاراً
عمر راشد
تقترب أسعار الذهب من تحقيق مستويات قياسية جديدة، غير أنه وبينما يحتفل مستثمرو المعدن الأصفر بصعوده القياسي الا ان الصعود لا يخلو من تصدعات، حيث اندفعت الأسعار الى أعلى مستوى في 18 شهرا عندما سجلت 1023.85 دولارا مما يفتح الباب الى مستويات قياسية جديدة عند 1030.80 دولارا مدعومة بموجة من ضعف الدولار ومخاوف التضخم وزخم عوامل فنية.
سلع إرستراتيجية
وفي متابعة لـ «الأنباء» حول ارتفاع أسعار الذهب، توقع الخبير الاستثماري فوزي الصبيح بلوغ أسعار الذهب لمستوى 1200 دولار بنهاية العام الحالي، مستدركا بأن الارتفاع يأتي في ظل اتجاه الاقتصاد الاميركي لتحويل أصوله المقومة بالدولار لشراء سلع استراتيجية على رأسها النفط والذهب.
وقال ان هذا الاتجاه هو أحد نتائج الأزمة المالية العالمية والتي جعلت الاصول الدولارية أقل أمانا وأكثر مخاطرة مع الاتجاه لشراء سلع استراتيجية أكثر أمانا وأقل مخاطرة، موضحا أن الأزمة هبطت بأداء قطاع البنوك بأكثر من 99% و95% في قطاع العقار و98% في قطاع السيارات و75% في أسعار الذهب وذلك على المستوى العالمي، موضحا أن أسعار الأصول في الكويت لم تنخفض الا في حدود تتراوح بين 50 و70%.
وطالب الصبيح بضرورة تبنــي استراتيجية لدى الصناديــق السيادية الاستثمارية تقوم علــى تركيز محافظها الاستثمارية مــن خلال زيادة الوزن النسبي لهــا في الصين ودول شرق آسيــا وأن تتجاوز تلك النسبــة حاجــز الـ 60% خلال المرحلة المقبلة.
ارتفاع الأسعار
وعلى الجانب الآخر ،ورغم التفاؤل المبرر لدى الصبيح، الا أن فورة النشاط وحسبما يرى بعض الخبراء العالميين العاملين في تقييم وتحليل سوق الذهب العالمي، وجود بعض الجوانب في أسعار الذهب التي لا تنسجم مع استعراض المراهنة على ارتفاع الأسعار مثل وجود مراكز دائنة أكبر من اللازم في سوق نيويورك للعقود الآجلة وضعف استثمارات السوق الحاضرة وخفوت حركة الذهب عند حسابها بعملات أخرى غير الدولار.
استمرار الصعود
ويقول محلل المعادن لدى يوبياس في لندن جون ريد لا أراهن على انخفاض سعر الذهب لكن هذا الارتفاع مضى بعيدا أسرع من اللازم لا أعتقد أن كل المكونات متوافرة لكي تكون هذه موجة صعود قابلة للاستمرار.
ويضيف أن الاستثمار في الذهب يبدو شديد الاغراء في أكثر من وجه في الآجل الطويل ومن المتوقع تراجع الدولار بدرجة أكبر ما يجعل الذهب المقوم بالعملة الأميركية أرخص للمستثمرين غير الأميركيين ويزيد جاذبيته كاستثمار بديل.
وقد توصلت البنوك المركزية الرئيسية في أوروبا الى اتفاق ثالث للحد من مبيعات المعدن في حين رفعت الصين بالفعل مخزونها منه نحو 75% كما أن من يحسبون حساب تضخم محتمل يتوقعه الكثيرون مع سعي اقتصادات رئيسية الى الانسحاب من الانفاق التحفيزي وأسعار الفائدة القريبة من الصفر يقبلون على المعدن الاصفر كأداة تحوط.
وجاء معظم الصعود مدفوعا بتدفقات كبيرة على سوق كومكس الأميركية لعقود الذهب مع تكوين المستثمرين والمضاربين لمراكز دائنة تتزايد باطراد الامر الذي يعرض السعر لخطر تراجعات سريعة وحادة وأظهر أحدث تقرير أسبوعي لالتزامات المتعاملين نشرته لجنة تداول عقود السلع ارتفاع صافي المراكز الدائنة الى مستوى ضخم بلغ 224 ألفا و676 في الثامن من سبتمبر مقارنة مع 184 ألفا و501 قبل أسبوع ويبدو أن تكوين المراكز سيزيد لكن كلما طال زادت المخاطر.
التلاعب بسوق الذهب
ويقول مدير لي تشيونغ جولد ديلرز في هونغ كونغ رونالد ليونغ الجميع يقول المراكز الدائنة في السوق أكبر مما ينبغي لكن لا أحد يريد أن يبيع، هناك مال كثير جدا في العالم مع انتهاج البنوك المركزية لسياسة نقدية ميسرة ومع قيام الصناديق بدفع الأسعار صعودا بالمال يرون أنه يسهل التلاعب بسوق الذهب مثل ناد للقمار. غير أن التدفقات على الصناديق المتداولة التي كانت الطرف المستفيد من موجة شراء الذهب في وقت سابق هذا العام لا تجاري مكاسب السعر في الآونة الأخيرة كما أن الطلب الحاضر من قطاع الحلي أصبح فاترا أما التدفقات على الصناديق المتداولة المعززة بالذهب فقد تحسنت قليلا بعد استقرارها على مدى شهور الصيف لكنها لاتزال أقل بكثير من مستويات الربع الاول من العام، وعلى صعيد العملات تراجع الدولار الى أدنى مستوى في عام مقابل سلة عملات رئيسية في حين يبدو اليورو بصدد تسجيل 1.50 دولار.
ونتيجة للعلاقة العكسية بينهما يرتفع الذهب مع تراجع الدولار لكن البعض يقول انه هذا لا يعني بالضرورة ظروفا مثالية للمعدن.
سوق مضاربة
ويقول مدير الاستثمار لدى دياباسون لإدارة السلع الأولية في سويسرا شون ريجان «هذه ليست سوق مضاربة على ارتفاع أسعار الذهب أنها سوق مضاربة على تراجع أسعار العملات الورقية وفي مقدمتها الدولار».
كما أن نظرة على الذهب المقوم بعملات غير الدولار تظهر نمطا غير تقليدي حيث لا تتكرر موجة الصعود الحالية، فالذهب المسعر بالجنيه الإسترليني على سبيل المثال عند أعلى مستوياته منذ ابريل نيسان فحسب في حين يجد المعدن صعوبة في العودة إلى أعلى مستوياته في شهرين بالدولار الاسترالي وهو من عملات تسعير السلع الأولية.
وقال محلل السلع الأولية في كومرتسبنك يوجين فاينبرج «لا يوجد خوف حقيقي وهو ما كان سيدعم الذهب في الآجل المتوسط» السوق لم يعد يساوره القلق بشأن الاقتصاد أو سلامة النظام المالي وأعتقد أن هذا لن يستمر. وكانت المرة السابقة التي يخترق فيها الذهب حاجز الألف دولار المهم نفسيا ويسجل مستوى قياسيا مرتفعا في مارس 2008 وهو ما تزامن مع انهيار بيرستيرنز ثم بيعه الاضطراري الى جيه بي مورجان.
وبإعادة النظر إلى الأزمة المالية يشير كبير المحللين لدى بروين دولفين مايك لينوف الى أنه في كل مرة يرتفع الذهب في أجواء أزمة فانه يعاود التراجع سريعا وقال لا أعتقد أن الذهب سيمضي الى أبعد كثيرا مما وصل إليه بالفعل كانت لديه فرصة التحليق في ظل أضخم اضطراب مالي على الإطلاق ولم يفعل.