استقبل الأردنيون عيد الفطر هذا العام وسط تحديات اقتصادية بفعل حالة الركود العالمي وتآكل الدخول ما انعكس سلبا على الحركة التجارية التي تنشط عادة خلال فترة ما قبل العيد.
ورغم ان الحكومة صرفت الرواتب للموظفين قبل العيد بأيام الا ان القوة الشرائية بقيت ضعيفة لتوجه إنفاق المستهلكين الى السلع الرئيسية، ويعزو مراقبون تراجع حركة الشراء في الاردن خلال هذه الفترة الى المتغيرات الاقتصادية التي عصفت بالمملكة وقلة السيولة نتيجة حالة الركود التي فرضتها الازمة المالية العالمية بالإضافة الى انعكاس الارتفاعات التي طالت أسعار النفط عالميا على تكلفة الانتاج وبالتالي على معظم السلع المستوردة بما فيها الملابس.
ولمواكبة هذه التحولات التي أثرت بالأساس على فئات الدخل المحدود التي تشكل السواد الأعظم من الشعب الاردني ازدهرت خلال فترة ما قبل العيد تجارة الملابس الاوروبية ومستلزمات العيد زهيدة الثمن خاصة السكاكر والشوكولاتة.
وكان الأردنيون قد نظموا خلال شهر رمضان وبدعوة من جمعية حماية المستهلك حملة مقاطعة للحوم الحمراء بعد وصول أسعارها الى مستويات دون إمكانات معظم المستهلكين وبلغت حوالي 15 دولارا للكيلوغرام الواحد.
ولم تكن الارتفاعات التي طالت اللحوم الحمراء استثناء اذ ارتفعت مع بداية شهر رمضان أيضا غالبية السلع والمواد الأساسية ووصلت الى مستويات تظلم على اثرها الأردنيون من موجة غلاء خرجت عن السيطرة وهو ما لقي استجابة من العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني الذي دعا الحكومة إلى ايجاد حلول ناجعة وسريعة لمواجهة موجة الغلاء والعودة بالاسعار الى مستويات معقولة.
ووفق مراقبين فان دعوة العاهل الاردني لمواجهة موجة الغلاء انعكست أيضا على التسعيرة الشهرية للمشتقات النفطية اذ ابقت لجنة التسعير التي اجتمعت يوم الخميس الماضي على اسعار البنزين والغاز والسولار كما هي للشهر الماضي في حين رفعت اسعار وقود الطائرات والسفن والمواد النفطية الخاصة بالاستخدامات التجارية.
ولم تكن موازنة الدولة بمنأى عن هذه المتغيرات الاقتصادية التي يشهدها الاردن فقد سجلت هي الأخرى عجزا غير مسبوق بلغ خلال الأشهر السبعة الاولى من العام الحالي 904 ملايين دولار مقابل حوالي 127 مليونا خلال نفس الفترة من العام الماضي متأثرا بالتراجع في المنح والإيرادات التي طالتها الازمة المالية العالمية.
وانعكست تداعيات الازمة المالية العالمية على المساعدات الأجنبية التي تمول عادة حوالي نصف عجز موازنة المملكة وبلغت خلال الشهور السبعة الاولى من العام الحالي 145 مليون دولار مقابل 416 مليونا خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ووصف نقيب تجار الألبسة والأقمشة في الاردن صلاح حميدان في تصريح لـ «كونا» القوة الشرائية على اعتاب العيد قائلا ان الموسم التجاري كان صعبا جدا وخيب الآمال وان الركود فاق التوقعات خاصة ان عيد الفطر يعد من المواسم التي يعول عليها التجار.
وقدر حميدان نسبة الركود في القوة الشرائية خلال فترة ما قبل العيد بحوالي 50% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي مبينا ان الارتفاعات التي تتوالى على مختلف اسعار السلع أكلت الدخول وفــرضت على المستهلكين اتباع نظام الاولويات وعلى رأسها المواد الغذائية.
وقال ان صرف الرواتب للموظفين في الحكومة ومعظم مؤسسات القطاع الخاص «نشط السوق» ولكن فترة الصرف التي سبقت العيد بأيام قليلة لم تكن كافية لتحريك السوق كما يجب ولم يستطع التجار تصريف بضائعهم.
وعن أسباب حالة الركود التي تشهدها الأسواق قال حميدان انها تعود إلى الازمة الاقتصادية العالمية وتأكل الدخول بفعل الارتفاعات المتواصلة في اسعار مختلف السلع ما حول تركيز المستهلكين الى السلع الضرورية فقط.