خرجت الصين باعتبارها الرابح الأكبر من الأزمة المالية والاقتصادية. ففي نهاية عام 2008 شكك كثيرون في إمكانية أن تحقق الصين معدل النمو الذي تستهدفه بنسبة 8% في 2009. لكن من يجرؤ على ذلك الآن؟
وذكر موقع «أرقام» انه بفضل احتياطيات الصين من العملات الأجنبية التي تزيد على 2100 مليار دولار، وبفضل الفوائض الضخمة في حسابها التجاري وحسابها الجاري، ومركزها المالي القوي، تمكنت بكين من وضع كل ما لديها من ثقل على النظام المالي وعلى الاقتصاد.
وفي هذه الاثناء، وكما لاحظ أحد كبار الصينيين الذين شاركوا في الاجتماع السنوي للشركات الكبرى الجديدة الذي يعقده المنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة داليان «ارتكب المعلمون أخطاء كبيرة». وبالفعل، أي زائر لآسيا يدرك أن سمعة الغرب من حيث الكفاءة المالية والاقتصادية متدنية للغاية، في حين أن سمعة الصين تحلق عاليا. إن عجلة الحظ تدور.
تبرز هنا ثلاثة أسئلة على الفور. كيف ردت الصين على الأزمة؟ هل نموها الذي عاد من جديد قابل للدوام؟ وإلى أي مدى يساعد تعافيها الاقتصاد العالمي؟
الجواب عن السؤال الأول هو أن الصين ردت على الأزمة بصورة تثير الدهشة. فوفقا للبيانات التي أعلنت في نهاية الأسبوع الماضي، نما الناتج الصناعي بمعدل 12.3% في الـ 12 شهرا المنتهية في (أغسطس)، ارتفاعا من زيادة بلغت 10.8% في (يوليو).
ويعتبر هذا أسرع نمو يتحقق في عام. ومن الأسباب الداعمة لهذا النمو، نمو الائتمان المصرفي بمعدل سنوي يقارب الــ 30% منذ (مارس) 2009. من غير المفاجئ إذن أن ينمو الاستثمار في الموجودات الثابتة بدوره بمعدل سنوي يزيد على 30% منذ (مارس) وبمعدل 33% في السنة حتى (أغسطس).
وبلغ معدل النمو السنوي بالنسبة للربع الثاني من عام 2009 نسبة 7.9%، ارتفاعا من 6.1% في الربع الأول. ويبدو من المؤكد أن تكون أرقام الربع الثالث أعلى من ذلك.
ومن المتوقع الآن أن تحقق الصين هدف النمو بمعدل 8% بهامش مريح. ففي (فبراير) و(مارس) و(أبريل) من العام الحالي، كانت التوقعات تجمع على أن معدل النمو الذي ستحققه الصين هو 7% «فقط»، لكن هذه النسبة ارتفعت في (أغسطس) إلى 8.3%، مع توقع نسبة 9.3% في 2010. هل زيادة النمو هذه قابلة للدوام؟ بكلمة واحدة، نعم.
إذ لابد أن تنتقل عدوى النمو العالي للائتمان المصرفي والأموال المصرفية إلى أسعار الموجودات، وبخاصة الأسهم. لكن هناك خطرا قليلا من حدوث تضخم زائد عن الحد في اقتصاد ترتفع قيمة عملته، المطوقة بشكل كامل باقتصاد عالمي مازال عرضة لخطر حدوث انكماش أكثر من التضخم في المدى القريب على الأقل. زيادة على ذلك، فإن الحكومة ميسورة الحال.
وفي حالة زيادة الديون المعدمة، فإن الصين قادرة على إعادة رسملة نظامها المالي. ولذلك، مبعث القلق ينبغي أن يكون حول ما إذا كان نمط النمو هذا مرغوبا فيه. لقد أكد وين في خطابه على ضخامة رزمة التحفيز، لكن قوته الدافعة تظل الاستثمار في الأصول الثابتة. وهذا يحمل معه ثلاثة مخاطر: من المرجح أن تتفاقم مشكلة الطاقة الفائضة. أخيرا، مهما نجحت الصين في زيادة الاستهلاك المحلي، فلن تكون محرك الاقتصاد العالمي. صحيح أن الفائض التجاري الصيني بدأ يضيق بالفعل: كان 35 مليار دولار في الربع الثاني، أي أقل بنسبة 40% عما كان عليه قبل عام. كما أن فائض الحساب التجاري الصيني يتقلص بدوره: ينخفض إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، هبوطا من 11% عام 2007.
لقد جاء رد الصين على هذه الأزمة مميزا. لقد ازدهرت الصين في حين أن البلدان المتقدمة تعثرت. لقد تعاملت الصين مع الوضع بكياسة. وهذا ما يجب على شركائها أن يفعلوه.