ستجد الصين صعوبة في الاعتراض على مساعي الرئيس الأميركي باراك اوباما لتحقيق توازن أكبر في الاقتصاد العالمي خلال قمة مجموعة العشرين هذا الاسبوع ولكنها ستقاوم اي اصلاحات كاسحة تهدد بكبح معدل نموها الهائل.
ويعيد دعوات الولايات المتحدة للدول المصدرة بزيادة الاستهلاك تسليط الضوء على تحكم الصين في عملتها والفائض التجاري الضخم بعد عام من تنحية القضيتين جانبا للبحث عن سبل للخروج من براثن الازمة المالية.
واتضح استعداد واشنطن للضغط على بكين الشهر الجاري حين طبقت بند «الحماية الخاصة» لتفرض رسوما على اطارات صينية الصنع وذلك لاول مرة منذ انضمام الصين لمنظمة التجارة العالمية في عام 2001.
وستمد الصين المفعمة بالثقة بوصفها اسرع اقتصادات العالم نموا يد العون ولكنها سترفض التشهير بها بوصفها المتهم الرئيسي.
وقال وانغ يونغ استاذ الاقتصاد السياسي في جامعة بكين «بالتأكيد سترغب الصين في فهم ما تقترحه الولايات المتحدة بشكل أفضل قبل ان تقطع اي التزامات».
وتابع «تريد الصين ضمان الا تكون هناك شروط ملزمة وانه ما من فرصة لاستغلال الوثيقة كذريعة لفرض اجراءات حماية تجارية».
وتقترح الولايات المتحدة ان يحلل صندوق النقد الدولي السياسات الاقتصادية لدول مجموعة العشرين لتحديد ما إذا كانت تتمشى مع نمو اكثر توازنا.
وأبدى باحثون حكوميون صينيون أمس ترحيبا حذرا بالمبادرة الا ان التاريخ الحديث يظهر ان الصين لم تسمح لصندوق النقد بفرض شروطه بالكامل.
فحين غير صندوق النقد قواعد مراقبة أسعار الصرف في 2007 خشت بكين ان تكون خدعة أميركية لكسب تأييد الصندوق لحملتها لرفع قيمة اليوان.
ومنعت الصين التقييم السنوي الذي يجريه صندوق النقد للاقتصاد الصيني حتى عدل الصندوق عن تغيير اللوائح العام الحالي. وتدرك بكين وواشنطن ان اي خلاف اوسع بينهما سيبدد امال الانتعاش الاقتصادي العالمي وسيرغب الرئيس الصيني هو جين تاو واوباما في تفادي تسليط الضوء على الشكاوى التجارية والخاصة بالعملة في اجتماع مجموعة العشرين.
وقال سون تشه مدير مركز العلاقات الأميركية الصينية في جامعة تسينجهوا في بكين »لا يعجب اي من الطرفين النظام (السياسي) للطرف الآخر ولكن عليهما ان يتعاونا. ثمة خلافات بينهما ولكن يحتاج كل منهما إلى الآخر.
وربما تتبني الصين منهجا تصالحيا في بيتسبرغ من خلال الضغط من أجل زيادة حقوق تصويت الدول النامية في صندوق النقد وتحتاج الى الدعم الأميركي والاوروبي من أجل تحقيق ذلك.
وثانيا: تحاول الابتعاد باقتصادها عن النمو الذي يعتمد على التصدير بعدما اوضحت الازمة مخاطر الاعتماد على الطلب الخارجي.
وقال سون «ستأخذ الصين اقتراح الولايات المتحدة على محمل جدي فرغم كل شيء مجموعة العشرين منتدى يكتسب اهمية متزايدة. ولكن رد الصين النهائي سيكون امرا مختلفا. لن تكتفي الصين بمراقبة ما تقوله الولايات المتحدة بل ما ستفعله ايضا. وفي هذا الصدد يمكن ان يكون الخلاف الخاص بالاطارات ورقة اختبار.
ومن المحتمل ان يضغط الرئيس الصيني على اوباما سواء بشكل مباشر او غير مباشر للحصول على تأكيدات بعدم توسع واشنطن في استخدام اجراءات الحماية في قطاعات تجارية أكبر مثل الصلب.
وقال وانغ «فوجئت الصين باعلان اوباما ولكنها تدرك الاعتبارات السياسية المحلية لقراره. والآن تريد الصين تقليص الاثر السلبي لقضية الاطارات لاقل حد ممكن كي لا تثير اجراءات حماية اخرى وخلافات تجارية». وشهد العالم خلافات تجارية شديدة من قبل.
ويشير المراقبون للتشابه بين موقف الصين الان واليابان في الثمانينيات حين نشب خلاف بين طوكيو وواشنطن بسبب الخلل في الميزان التجاري وسياسات سعر الصرف.
ولكن في حالة بكين وواشنطن فان الخلاف التجاري مثقل بخلافات سياسية وامنية وفكرية.
وبلغ العجز في تجارة الولايات المتحدة مع الصين 123 مليار دولار في أول سبعة أشهر من العام الحالي او نحو 60% من العجز الكلي للتجارة الأميركية.
ويقول كثير من المنتقدين الأميركيين ان ذلك يعكس احكام الصين قبضتها على الاقتصاد باسره والتراخي في تطبيق معايير العمالة والجودة.
وفي المقابل تقول بكين ان كثيرا من السياسات الأميركية تهدف لاحتواء قوة الصين المتزايدة وتتهم واشنطن باستمرار بالتمسك «بعقلية الحرب الباردة».
ويقول جريحوري تشين من جامعة يورك في تورنتو والذي يدرس الديبلوماسية الصينية ان الحوادث الاخيرة تشير لقلة رغبة الجانبين في المبالغة في تصعيد الخلافات.
كما انه لا يمكن للمستهلك الأميركي الاستغناء عن سيل من السلع الصينية الرخيصة في متاجره.
ومن جانبها استثمرت الصين ما يصل إلى 70% من احتياطي العملات الاجنبية الضخم البالغ 2.13 تريليون دولار وهو الاضخم في العالم في اصول مقومة بالدولار وبصفة خاصة اذون الخزانة الأميركية.
وربما تكون الاستراتيجية الرئيسية للصين في مجموعة العشرين تغيير مسار الاجندة الطموحة لاوباما بالضغط من اجل اهداف اكثر تواضعا ذات طابع فني لتعزيز قواعد التنظيم المالي للتجارة عبر الحدود.
وقال تشين «تود الصين ان تركز على تعديل اللوائح..القضايا الرئيسية. لا اعتقد انها تريد اثارة كل هذه الامور «المتعلقة بالتجارة» أمام الجميع لان من شأن ذلك ان يؤدي للتركيز على اختلالات أكبر ولا تريد الصين ذلك.