رصد تقرير شركة المزايا القابضة تبدلا في السلوك الاستثماري لجهة الملاذات الآمنة كنتيجة مباشرة لعوامل المخاطرة التي أفرزتها الأزمة المالية العالمية، وتحركات الاستثمار العالمي في ظل ضغوط نقدية ومالية تتعرض لها الاقتصادات على المستويين الكلي والجزئي. وأكد التقرير أن الذهب أخذ يختبر مستويات فوق 1000 دولار مدفوعا بضعف الدولار ورواج السلع الأخرى.
وبين التقرير أن تضاعف أسعار النفط عن أقل مستوياته التي سجلها في الربع الأول من العام بالإضافة إلى انتعاش أسواق الأسهم قد دفع بالذهب إلى صدارة الواجهة كملاذ آمن للاستثمارات ونقطة مرجعية للمستثمرين خصوصا مع حالة الوهن التي أصابت العملة الأميركية الخضراء.
ولاحظ التقرير أن الذهب اخترق مستوى الـ 1000 دولار صعودا ليلامس 1020 دولارا خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ عامين، معيدا للأذهان نظرية السعر الحقيقي للذهب وارتباطه بالتضخم حيث توقعت دراسات أن يصل الذهب إلى مستوى يزيد على 2000 دولار، على الرغم من بعض المحللين يرون في ارتفاع المعدن الأصفر عوامل لا تمت له بصلة بل هي انعكاس لحالة العلاقة العكسية مع الدولار، وبالتالي سيتراجع مع ارتفاع وانتعاش العملة الأميركية.
ويذكر أن الفضة وباقي المعادن النفيسة لحقت بالذهب حيث ارتفعت الفضة إلى 17.20 دولارا للأونصة فيما لامس البلاديوم 300 دولار للأونصة، بعدما كان الأخير قد ضرب مستوى 304 دولارات للأونصة في أعلى مستوى منذ نهاية أغسطس 2008.
المزاج الاستثماري
وأوضح التقرير أنه على الرغم من التحسن العام في المزاج الاستثماري العقاري في مناطق مختلفة من العالم إلا أن العقارات لاتزال بعيدة عن اعتبارها ملاذا آمنا في الوقت الحالي، خصوصا أن عوامل سوقية وتمويلية من جهة وعوامل لها علاقة بالطلب العام من جهة أخرى قد تساهم في ابطاء التحول إلى العقارات.
وقال التقرير ان الذهب تبوأ الصدارة على الرغم من حالة عدم الاستقرار في الطلب العالمي على المجوهرات والمشغولات الذهبية ما يبرز ارتفاع الطلب على السبائك والذهب الخام بنسبة أكبر وأوضح. وتحتل السعودية المرتبة الرابعة عالميا في حجم الطلب على الذهب بعد الولايات المتحدة والهند والصين والذي يصل إلى نحو 2000 طن سنويا، حصة السعودية من الواردات الخام تبلغ 126.3 طنا. ففي السعودية ارتفع الاستهلاك من الذهب في العام الماضي بنسبة 17% من حيث القيمة، ليتجاوز حاجز 16.5 مليار ريال مقارنة بـ 13.8 مليار ريال في عام 2007، وفي المقابل انخفض إجمالي الطلب من ناحية الوزن في العام الماضي بنسبة 4% ليصل إلى 122.4 طنا.
كما انخفض ترتيب المملكة في الربع الأخير من عام 2008 إلى المرتبة السابعة عالميا من ناحية الطلب على المجوهرات والمصوغات الذهبية. وانخفض إجمالي استهلاك الذهب (مجوهرات، مصوغات، سبائك وجنيهات) في منطقة الشرق الأوسط بشكل إجمالي في عام 2008 بنسبة تقدر بـ 2%مقارنة بـ 2007، حيث انخفض في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 4%، وفي بقية دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 13%، ولكن كانت مصر الاستثناء الوحيد إذ شهدت استقرارا وأداء جيدا في الفترات الأخيرة من 2008 وارتفع إجمالي الطلب فيها بنسبة 11%. وتوضح أرقام الاستهلاك أن الطلب قد ازداد على الاستثمار بالتجزئة في المعدن الأصفر (سبائك وعملات). فقد شهدت المنطقة ارتفاعا كبيرا في حجم الاستثمار في الذهب في الربع الأخير من 2008 مقارنة بنفس الفترة من 2007، حيث ارتفع في السعودية بنسبة 300% ومصر 67% والإمارات العربية المتحدة 38% وبقية دول الخليج 2%.
أسواق الذهب
وبين التقرير الأسبوعي للمزايا القابضة أن العديد من المستثمرين باتوا يقبلون على المعدن الأصفر كأداة تحوط، وجاء معظم الصعود مدفوعا بتدفقات كبيرة على أسواق الذهب الالكترونية لعقود الذهب مع تكوين المستثمرين والمضاربين لمراكز دائنة تتزايد بشكل مستمر. أما التدفقات على الصناديق المتداولة المعززة بالذهب فقد تحسنت قليلا بعد استقرارها على مدى شهور الصيف. وأشار التقرير إلى حالة الارتباط العكسي بين سعري الذهب والدولار، ففي ظل تراجع الدولار يرتفع سعر الخام دون أن يكون هناك أسباب سوقية تدفعه للارتفاع، ما قد يؤدي إلى تراجع الأسعار لذات السبب، ما يعزز الفرضية التي تقول ان أسعار الذهب يحركها ضعف الدولار أو قوته، بالتالي فإن عودة الدولار إلى مستويات قوية سيضعف من الطلب على الذهب وباقي السلع الثمينة المسعرة بالعملة الأميركية.
ولفت إلى أن الذهب المقوم بعملات غير الدولار تظهر نمطا غير تقليدي، حيث لا تتكرر موجة الصعود الحالية، فالذهب المسعر بالجنيه الاسترليني على سبيل المثال عند أعلى مستوياته منذ ابريل فحسب في حين يجد المعدن صعوبة في العودة إلى أعلى مستوياته في شهرين بالدولار الاسترالي وهو من عملات تسعير السلع الأولية.
الاحتياطي الفيدرالي
إلى ذلك ارتفعت العملة الأوروبية ـ اليورو إلى أعلى مستوياتها في عام مقابل الدولار الضعيف، في ظل توقعات بابقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي على سياسة التحفيز الائتماني حتى العام القادم على أن تناقش قمة العشرين إعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي، وهي عملية تتطلب دولارا ضعيفا. ودفع مستثمرون اليورو إلى 1.48 دولار، في حين سجل الدولار ادنى مستوى له في 14 شهرا مقابل الفرنك السويسري.
ومن جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم حركة انتعاش لافتة خلال الشهور الماضية حيث وصلت الأسهم الأوروبية إلى أعلى مستوياتها في 11 شهرا، ما وضع العوائد الاستثمارية من فئات الأصول تحت ضغوط خصوصا الاستثمارات العقارية.
ولاحظ التقرير أن العوائد الاستثمارية باتت تميل لجهة العوائد الرأسمالية مع بروز فرص شراء بأسعار منخفضة في عقارات مميزة بينما العوائد التشغيلية تحت ضغوط لانخفاض أسعار الايجارات وبدلات الاستخدام، إلا أن انخفاض الأسعار بشكل عام قد خفف من الخسائر المحتملة.
الكساد العالمي
وبحسب تقارير متخصصة، فقد ألقى الكساد العالمي بظلاله على أغلى شوارع التسوق في العالم، حيث سجلت الايجارات أكبر انخفاض فيما لا يقل عن 24 عاما، وفقا لشركة «كوشمان اند ويكفيلد» للسمسرة العقارية.
وحافظ شارع «فيفث افنيو» في مانهاتن على صدارة أغلى الشوارع التجارية في العالم، رغم انخفاض الايجارات السنوية 8.1% إلى 1700 دولار للقدم المربعة في السنة المنتهية في يونيو، وفقا للتقرير.
وانخفضت الايجارات في شارع كوزواي باي في هونغ كونغ بنسبة 15% إلى 1525 دولارا، ولم يطرأ تغير يذكر على الإيجارات في شارع الشانزليزيه في باريس، وبقيت عند مستوى 1009 دولارات.
وأخذت إيجارات المحال التجارية في الانخفاض عالميا مع انكماش الانفاق الاستهلاكي وارتفاع معدلات البطالة، مما دفع تجار التجزئة لكبح خطط التوسع.
فالشركات المالية سرحت 286.4 ألف عامل في السنة الماضية، وفقا لبيانات جمعتها «بلومبيرغ».
وأظهر تقرير «كوشمان اند ويكفيلد» أن متوسط الإيجار في 274 شارعا للتسوق في 60 بلدا انخفض 23% إلى 213 دولارا للقدم المربعة من 276 دولارا في العام السابق.
وانخفضت الايجارات في 147 موقعا، وهو أكبر معدل يرصده التقرير منذ إطلاقه في عام 1986.
ولم يطرأ تغير يذكر على 76 شارعا وارتفعت الإيجارات في 51 شارعا.
وكان الانخفاض الأكبر للإيجارات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مسجلة هبوطا بنسبة 15.1%، أما في أوروبا الوسطى والشرقية، فتراجعت بنسبة 14.7%، وانخفضت 12% في الولايات المتحدة وكندا و5.8% في عموم أوروبا.
استقرار متزايد
وفي المنطقة، أكد تقرير لشركة لاندمارك المتخصصة في مجال الاستشارات العقارية، أن المؤشرات الأخيرة أظهرت وجود استقرار متزايد في الأسواق العقارية في إمارتي دبي وأبوظبي نتيجة مباشرة لعدد من التوجهات المختلفة التي سادت الإمارتين.
ومن جهته توقع المركز المالي الكويتي تحقيق عوائد سنوية بنحو 20% لاستثماراته العقارية التي يعتزم تنفيذها في إمارة أبوظبي، وذلك بعد أن هبطت أسعار الأراضي هناك بنحو 60% إلى 75%.
وكان المركز المالي الكويتي أعلن اعتزامه استثمار نحو 50 مليون دولار في مشاريع عقارية في إمارة أبوظبي تأثرت بشكل كبير بالازمة المالية العالمية، وأصبحت أسعارها مغرية للغاية.
الشركات العقارية
وفي الإمارات، توقعت شركة أرابتك للإنشاءات ألا يعود سوق الإنشاء في دبي إلى أيام الرواج العقاري للإمارة الأمر الذي يعزز خطط الشركة للتوسع في الخارج.
وقد فازت أرابتك اكبر شركة في الإمارات العربية المتحدة من حيث القيمة السوقية ومقرها دبي بتعاقدات في السعودية وأبوظبي حتى الآن هذا العام مع سعي الشركة للتوسع في الخارج للتغلب على ركود عقاري في سوقها المحلي.
من ناحية ثانية، منحت شركة التطوير والاستثمار السياحي المطور الرئيسي لمجموعة من الوجهات السياحية والسكنية في أبوظبي شركة الجابر للمباني وشركة هيلالكو عقود تنفيذ المرحلة الأولى من ڤلل شاطئ السعديات.
وبموجب هذه العقود ستتولى الجابر للمباني أعمال تشييد 354 ڤيلا في حين ستتولى هيلالكو أعمال إنشاء البنية التحتية بما فيها شبكة الطرقات المحلية وأعمال الكهرباء والصرف الصحي.
وتشغل هذه الڤلل موقعا مميزا بالقرب من شاطئ السعديات وملعب السعديات للغولف الذي سيتم افتتاحه خلال شهر نوفمبر القادم.