لفت تقرير الشال الاقتصادي الى انه منذ سقوط سوق النفط في خريف 2014، لم تتعاف الأسعار، والحديث عن عودة ذلك السوق الى رواجه السابق مجرد أضغاث أحلام، والجزء الغالب من خسارة الأسعار، مبرر، فالتقدم التقني خلق منافسا للنفط التقليدي بأسعار باتت تراوح ما بين 55 و60 دولارا.
ولكن معدل أسعار النفط أدنى بنحو 15 دولارا عن سعرها العادل، ومعظم السبب ناتج عن تخمة المعروض لأسباب سياسية دافعها عناد غير ذكي يحكم قرارات منتجي النفط التقليدي.
وخطورة الوضع، هي في تكرار خطايا ثمانينيات القرن الفائت، عندما ظل المنتجون للنفط التقليدي يتصارعون على حصص الإنتاج حتى الكذب في حجم احتياطياتهم، حتى هوت الأسعار الى مستوى غير محتمل، واستهلكوا معظم الاحتياطيات السبعينيات المالية، وانفرطت
أوپيك في ديسمبر من عام 1985.
وذكر التقرير أن خطورة الاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي ليست في نتائجه الآنية، وإنما في مخاطره المستقبلية، فالاقتراض الحكومي من الداخل، يؤدي الى شح السيولة ومعها رفع تكلفة الاقتراض وتعثر القطاع الخاص خلافا للمعلن عن دعم دوره في التنمية.
والاقتراض من الخارج يعني سحب مؤجل من الاحتياطيات المالية بما يعنيه من تآكلها وفقدان عائدها، والاقتراض الداخلي والخارجي يعنيان إضافة بند لاحق للنفقات العامة لسداد أقساط وفوائد تلك القروض في زمن لابد فيه من زيادة النفقات العامة لمواجهة متطلبات الناس الأساسية من وظيفة وخدمات وبنى تحتية.
وقال التقرير «لا يبدو أن هناك أملا كبيرا في ضبط جانب العرض لأن النفط التقليدي بات عنصرا في معركة تدمير بين أطراف إنتاجه، وهو في الواقع تدمير ذاتي أيضا، لذلك بات مهما التعامل مع سيناريو لأسعار نفط منخفضة مهما كانت احتمالات تحققه، والتركيز على ضبط جانب الطلب على صرف إيراداته، أي الإنفاق العام.
وخفض النفقات العامة، لا يبدأ، وان كان لابد وأن يشمل، أقل البنود نفعا وأشدها قلة شعبية، مثل قراري الديزل والبنزين، وإنما البدء بمواجهة حاسمة للفساد والهدر وأمثلتهما صارخة، ثم بالضريبة، وبعدها الحد من الدعم للسلع والخدمات».
وبمعنى آخر، لابد من خفض سعر التعادل للموازنة الى حدود سعر للنفط مماثل لمعدل سعر برميل النفط الكويتي حاليا أو نحو 40 دولارا، وذلك يتحقق بوسيلتين، خفض الإنفاق الفاسد وغير الضروري، وزيادة الإيرادات من مصادر أخرى، ولكن، يبدو أن الحكومة تراهن على بقائها لأطول فترة ممكنة غير عابئة بتكاليف ذلك البقاء، وتحاول شراء بعض الوقت، فهي تعرف مثلا، بأن أكثر من نصف نفقات العلاج بالخارج يذهب لشراء ولاء نواب ونافذين وفقا لتقرير ديوان المحاسبة، وأن تكلفة شراء هذه الولاءات في سنة واحدة، تعادل نحو ضعف حصيلة رفع أسعار البنزين في نفس السنة.