قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي ان النصف الاول من السنة المالية الحالية 2009/2010 انقضى ومازالت اسعار النفط متماسكة، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، لمعظم شهر سبتمبر، نحو 67.3 دولارا بانخفاض بلغ نحو 4.1 دولارات للبرميل عن معدل شهر اغسطس، الذي سجل اعلى معدل له منذ بداية السنة المالية الحالية، والبالغ 71.4 دولارا للبرميل، واوضح التقرير ان معدل سعر برميل النفط الكويتي، للنصف الاول من السنة الحالية بلغ نحو 62.8 دولارا، بزيادة بلغت نحو 27.8 دولارا للبرميل، اي ما نسبته 79.4% عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 35 دولارا للبرميل، ولكنه ادنى بنحو 59.3 دولارا للبرميل، اي بما نسبته 44% عن معدل سعر برميل النفط الكويتي، للنصف الاول من السنة المالية الفائتة، والبالغ 112.1 دولارا للبرميل، وايضا ادنى بنحو 16.7 دولارا اي بما نسبته 21% عن معدل سعر برميل النفط الكويتي للسنة المالية الفائتة 2008/2009، والبالغ 79.5 دولارا للبرميل، وللتذكير، فقد سجل معدل شهر يوليو 2008 اعلى معدل قياسي لسعر برميل النفط الكويتي ببلوغه 130.2 دولارا للبرميل، في حين، كان ادنى معدل لسعر برميل النفط الكويتي، بعد ازمة العالم المالية، والتي انفجرت في شهر سبتمبر 2008، معدل شهر ديسمبر 2008 عندما بلغ مستواه 37.7 دولارا للبرميل.
ويفترض ان تكون الكويت قد حققت ايرادات نفطية خلال النصف الاول من السنة المالية الحالية، بما قيمته 6.65 مليارات دينار تقريبا، واذا افترضنا استمرار مستويي الانتاج والاسعار على حاليهما ـ وهو افتراض في جانب الاسعار على الاقل لا علاقة له بالواقع ـ فإن المتوقع ان تبلغ قيمة الايرادات النفطية المحتملة لمجمل السنة المالية نحو 13.3 مليار دينار، وهي قيمة اعلى بنحو 6.37 مليارات دينار عن تلك المقدرة في الموازنة، مع اضافة نحو 1.15 مليار دينار ايرادات غير نفطية ستبلغ جملة ايرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 14.45 مليار دينار، مع العلم ان حصيلة جملة الايرادات الفعلية للسنة المالية الماضية قد بلغت نحو 21.006 مليار دينار، وبمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 12.116 مليار دينار ستكون النتيجة تحقيق فائض افتراضي في الموازنة يقارب 2.3 مليار دينار، لكن ما نستطيع الجزم به هو استمرار تحقيق الفائض، لكنه مجرد افتراض حسابي ومستوى الاسعار خلال ما تبقى من السنة المالية ـ 6 اشهر ـ هو ما سيقرر حجم هذا الفائض.
من جهة اخرى، تناول تقرير الشال موضوع الدينار الكويتي والعملة الخليجية الموحدة، حيث قال في تصريح له الاسبوع الماضي انه لا يرى محافظ بنك الكويت المركزي ضرورة اعادة ربط سعر صرف الدينار بالدولار الاميركي، وكانت الكويت قد ربطت سعر صرف الدينار بالدولار من 5/1/2003 حتى 20/5/2007 عندما اعلنت عودتها الى ربط الدينار بسلة من العملات وبخلطة سرية لنسب مساهمة عملات شركاء الكويت التجاريين والماليين فيها بما يترك مرونة لتغيير تلك النسب حسب الظروف السائدة، واوضح التقرير ان ربط سعر صرف الدينار بالدولار جاء بقرار سياسي لتوحيد عملة دول مجلس التعاون الخليجي في بداية القرن الحالي، وجاء قرار العودة الى سلة العملات لسبب معلن وهو مواجهة ضغوط التضخم المستوردة ابان حقبة الارتفاع الحاد في اسعار المواد الاولية، ولسبب غير معلن وهو تسرب اليأس من احتمال تحقيق هدف وحدة العملة الى نفوس السلطة النقدية الكويتية.
المضي بالمشروع
وبين التقرير انه رغم ان عمان لم تعط سببا سوى عدم الاستعداد للمضي بالمشروع، اعلنت الاسبوع الماضي في اجتماع محافظي بنوك دول مجلس التعاون في الامارات ان انسحابها نهائي، واعلنت الامارات ان انسحابها بسبب معلن، وهو اختيار السعودية بدلا من الامارات مقرا للسلطة النقدية المركزية، الا ان السبب الحقيقي في تقديرنا لدى الاثنين ـ وآخرين ـ هو وجود حساسيات الهيمنة وضعف الوعي بأهمية مشروعات التعاون الاقتصادي في غياب ضغط الحاجة الملحة اليها في الزمن القصير.
وذكر التقرير ان تصريح محافظ بنك الكويت المركزي المذكور جاء ليؤكد بشكل غير مباشر ان فرص المضي بمشروع العملة الخليجية الموحدة باتت اقل من اي وقت مضى بما لا يستوجب التضحية باحدى ادوات السياسة النقدية المحلية او مرونة سعر الصرف.
الربع الأخير من العام سيكون أفضل ولكنه طريق شديد التذبذب محصلته موجبة
الشركات المتعثرة تتجه لتسوية أوضاعها بعيداً عن الحكومة
أوضح تقرير الشال ان اكثر من تعرض وتسبب في ازمة العالم المالية الكبرى، التي انفجرت رسميا في بداية خريف العام الفائت، هو القطاع المالي الذي يشمل المصارف التجارية والاستثمارية وشركات الاستثمار، والى حد ما شركات التأمين. والاصابة الكبرى كانت في بنوك الاستثمار وشركات الاستثمار، واول مؤشراتها «بيرستيرنز» في ربيع عام 2008، بينما فجرها رسميا سقوط «ليمان براذرز» في منتصف سبتمبر 2008، وتداعت بعده شركات الرهن العقاري العملاقة «فريدي ماك» و«فاني مي» وشركة التأمين الضخمة a.i.g. ذلك كله بسبب التغير الحاد في بيئة الاقتصاد الكلي بسطوة ما يسمى «باليد الخفية» أو ما ينسب «لآدم سميث»، أو بما بدأ في حقبة «ريغان» و«تاتشر» من الغاء تدريجي لدور الحكومات وتشجيع الهيمنة المطلقة للقطاع الخاص. ومعه استبدل نموذج الاعمال في القطاع المالي الى نموذج يراهن على اعلى مستوى للعوائد بأعلى المخاطر، أي بإهمال سلامة الهندسة المالية، مثل التوسع الحاد بالتمويل الخارجي الذي فاق في بعض الاحوال 20 ضعف حقوق المساهمين، وبتمويل قصير الاجل لاستثمارات طويلة الامد.
وذكر التقرير انه حتى هذه الفئة من الشركات، اصبح ضررها اقل مع بداية التعافي من الازمة المالية مقارنة بربع السنة الحالية الاول، وبدأ بعضها على الاقل في تسوية أوضاعه بشكل جاد وبتعاون مع القطاع المصرفي، أي دون دعم حكومي. وأشاعت تسوية شركة مجموعة عارف الاستثمارية مع بيت التمويل الكويتي مناخا من التفاؤل، الاسبوع الفائت، رغم الوضع الخاص لعارف المملوكة بأكثر من 70% لبيت التمويل الكويتي والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. واعلنت شركة دار الاستثمار وهي اكبر الشركات المتعثرة انها توصلت الى ابرام اتفاقية اولية لتجميد الاوضاع مع بعض دائنيها، وهي خطوة اولى ضرورية، ان امكن تعميمها على غالبية الدائنين الآخرين، وان كنا نعتقد انها ستجد مقاومة شديدة. وتراهن «الدار» على ان وقف النزيف في جانب، مع احتمال تحسن الظروف العامة بما يدعم سيولة واسعار اصولها الرئيسية الستة، يمكن ان يحسن كثيرا من وضعها التفاوضي. ومع هذين التطورين حدث بعض الاقبال على اسهم شركات مرشحة لتسوية أوضاعها مع القطاع المصرفي ودائنيها الآخرين، وأي تسويات جديدة في ربع السنة الاخير سيدعم التفاؤل واتجاه التسويات بعيدا عن التدخل الحكومي.
ويبدو أن ربع السنة الأخير سيكون أفضل على مستوى العالم وعلى النطاق المحلي ولكن لابد من تكرار تحذيرنا بأنه سيكون طريقا شديد التذبذب حتى إن كانت محصلته موجبة.