زكي عثمان
عاد «بوزيد» من عمله الساعة الثانية بعد الظهر ليتناول غذاءه مع عائلته ومن ثم دخل في فترة نوم صغيرة لمدة ساعة حيث استيقظ الساعة 3.30 عصرا ليتناول كوبا من الشاي، وما هي الا لحظات وقد ارتدى ملابسه وخلال 5 دقائق فقط كان في موقف سيارات سوق الكويت للاوراق المالية ليقابل صديقه وهو يركن سيارته ويرتجل منها فصافحه ومشيا معا الى قاعة التداول التي اكتظت بالمتداولين على غير العادة، ومع تمام الساعة الرابعة، دق جرس التداول وسط حماس شديد من «ربع» «بوزيد» الذين تسابقوا للحديث عن حال اسواق المال الخليجية وايضا الآسيوية بعد ان اغلقت على ارتفاع، وايضا تناولوا اخبار البورصات الاوروبية التي فتحت على ارتفاع ومازالت مستمرة، ومع ارتفاع وتيرة النشاط استقبل السوق اخبارا جيدة من البورصة الاميركية التي فتحت قبل ساعة من زمن تداول بورصة الكويت ليقفز المؤشر 150 نقطة مما دفعهم للتصفيق الحاد مع توالي طلبات الشراء التي استمرت حتى اللحظات الاخيرة من فترة التداول، ومع تمام الساعة الثامنة أغلقت البورصة على ارتفاع قياسي وبكمية تداول فاقت المليار سهم وبقيمة 99 مليون دينار، ما دفع «بوزيد» للاتصال بعائلته واصطحابهم لتناول العشاء في الخارج وسط فرحة شديدة بالمكاسب التي جناها من تداولات اليوم.
وفجأة رن هاتف «بوزيد» ليستيقظ من نومه على صوت محاسب قانوني من مكتبه يستفسر عن امور فنية في ميزانية احدى الشركات التي يقوم عبدالمجيد اشكناني صاحب مكتب الاول لتدقيق الحسابات، ولكن «بوزيد» ظل صامتا ومفكرا في «الحلم» الذي راوده على مدار ساعات نومه وكأنه «حقيقية» دون ان ينطق بكلمة واحدة.
ولحسن الحظ كان هناك موعد صحافي مع «بوزيد» وما ان جلست معه حتى وجدته شارد الذهن على غير العادة ، وعن سؤاله، في ماذا تفكر «بوزيد»؟
فرد متسائلا: «لماذا لا تكون تداولات البورصة مسائية؟»، وهنا قلت له «كيف؟ ولماذا؟» فإذا به يقص علي ما رآه في «الحلم» واستطرد قائلا: نعم، تداولات البورصة مسائية ومن الساعة الرابعة حتى الثامنة مساء، انه توقيت رائع ومثالي لجميع شرائح المجتمع الكويتي، فقلت له: دعك من المزاح «بوزيد» ولتتكلم في «كابوس المخصصات» ومستقبل البورصة وفي التدقيق المحاسبي وغيرها من قضايا الساعة.
ولكن «بوزيد» عاد وجدد كلامه مشددا على انه اقتراح جدير بالدراسة، فقلت له: دعنا «نفند» هذا المقترح من جميع الزوايا، فقال: اعتقد ان تغيير فترة التداول من الفترة الصباحية الى المسائية سيحقق العديد من الفوائد ومنها:
عدد كبير من المتداولين او المستثمرين في البورصة من فئة الشباب ورجال الاعمال ومعظمهم يمارس اما وظيفة حكومية او وظيفة بالقطاع الخاص وخلال ساعات التداول يقل تركيز تلك الفئة في عملها لينصب على متابعة حركة التداول واخبار السوق سواء عن طريق الانترنت او من خلال الهاتف وهو امر يقلل من انتاجية تلك الفئة، لاسيما وان منها موظفين بالقطاع الحكومي مما يعني ان الخسائر تكون اكبر على الجهاز الحكومي وهو ما اشتكى منه عدد كبير من المسؤولين بالجهاز الحكومي.
فترة التداول المسائية ستسمح للمتداولين بالاطلاع عن كثب على اغلاقات البورصات الآسيوية نظرا لأن السوق الآسيوي يفتح الساعة 12 ليلا بتوقيت الكويت ويستمر حتى الساعة 10 صباحا كما يفتح ايضا السوق الاوروبي الساعة 9 صباحا بتوقيت الكويت ليغلق الساعة 7 مساء في حين يفتح السوق الاميركي الساعة 3 عصرا بتوقيت الكويت ويستمر حتى الساعة 12 ليلا.
ومن هنا نجد ان الفترة الآسيوية للتداول غالبا ما تشهد ركودا وتذبذبا نظرا لقلة السيولة ومع افتتاح السوق الاوروبي تكون هناك تحركات بشكل افضل من السوق الآسيوي نظرا لدخول السيولة الاوروبية وهي بالطبع أكثر من السيولة الآسيوية.
أما اكثر الفترات نشاطا فهي فترة التداخل بين السوق الاوروبي والسوق الاميركي اي من الساعة 3 عصرا الى الساعة 7 مساء.
سيكون المستثمر الكويتي على علم تام بحركة وأداء البورصات الخليجية التي اغلقت، وبالتالي يظهر أثر هذا في الحكم على العديد من الامور الفنية المرتبطة بين اسواق المنطقة.
تجربة السعودية في هذا المجال خير دليل، فهي بورصة تفتح ابوابها على فترتين، صباحية ومسائية وهو ما يجعل من تحقيق هذا «الحلم» واقعا يمكن تنفيذه على ارض الواقع، وعلى اقل تقدير يمكن ان نفتح بورصة الكويت على فترتين وعلى سبيل التجربة للوقوف على مدى ايجابية تلك الخطوة، علما ان البورصة السعودية تفكر حاليا في الغاء فترة التداول الصباحية والاكتفاء بالفترة المسائية.
من الامور التي يعاني منها المتداولون حاليا، الازدحام المروري الرهيب في مدينة الكويت وبالاخص منطقة البورصة، وعليه فإن فترة التداول المسائية ستساهم في تحقيق انفراجة في هذا الازدحام وفي تحرك المتداولين بسهولة ويسر من خلال توافر مواقف السيارات بجوار البورصة.
وهنا توقف «بوزيد» عن سرد ايجابيات التداول بالبورصة المسائية ليتوقف امام بعض الاعتبارات الفنية للتداول الصباحي ومنها الربط بين عمل البورصة والمصارف المحلية، وايضا بين قرارات واعلانات الشركات المدرجة التي تعلن في الفترة الصباحية، وكذلك بين «هيئة الاستثمار» وغيرها من الهيئات والجهات الحكومية التي تستثمر في السوق وهي محكومة بفترة عمل رسمي، وايضا قرارات البنك المركزي التي تصب في صميم عمل المصارف والعديد من الشركات المدرجة.
ولكن الاعتبارات الفنية وبحسب كلمات «بوزيد» يمكن تنظيمها للخروج بـ«حلم» البورصة المسائية الى حيز التنفيذ مستدلا في ذلك بتجربة البورصة السعودية التي ربطت بين الاعتبارات الفنية السابق ذكرها ومصلحة المستثمرين والمتداولين بمختلف شرائحهم، لاسيما ان هناك شريحة كبيرة تتأثر بالتداول الصباحي واخرى لا تستطيع الاستثمــار لظــروف عملها فضلا عن امكانية الاستفادة من كل الظروف المتعلقة بالبورصات الآسيوية والاميركية وانعكاساتها على البورصة الكويتية.