أحمد يوسف
في الوقت الذي بلغت فيه أسعار النفط مستويات تعتبر مقبولة مسجلة 70 دولارا للبرميل وهو ما أرضى المنتجين والمستهلكين، تجددت مطالبات بضرورة تخفيف الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للطاقة. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، حيث تتشعب القضية إلى حد مطالبات الدول النفطية بتعويضات عن أضرارها الناتجة عن ذلك بما قد يصل الى 19 مليار دولار سنويا للمملكة العربية السعودية. ورغم ان إمكانية إيجاد بدائل للنفط كطاقة أمر لم يحسمه التقدم العلمي بعد، إلا ان إمكانية حدوث ذلك أمر لم يعد مستحيلا خصوصا في ظل التوقعات المشيرة الى انه بعد عقدين او ثلاثة ـ على الأكثر ـ سيكون الأمر في النطاق الواقعي والعملي. وقد أشار بعض الخبراء الى ان كلفة إنتاج الطاقة البديلة مقارنة باستخراج النفط مازالت غير متكافئة بنسبة 2 الى 10 وهو ما يرجح استمرار الاعتماد على النفط، لافتا الى انه كلما ارتفعت أسعار النفط عالميا مقتربة من حاجز الـ 200 دولار فإن أطراف المعادلة قد تختلف. البعض الآخر يؤكد ان التجارب التي أجريت على الوقود البديل لم تفلح الا في استخدام ضيق النطاق وان كان في الأغلب يشير الى السيارات الكهربائية والتي تتوقع الدراسات ان تشكل نسبتها 10% من إجمالي السيارات في 2010 فقط اما باقي الصناعات فلم يجد معها سوى الطاقة المستخرجة من النفط، وفيما يلي التفاصيل:
في البداية قال الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور ان هذه المطالبات ليست وليدة اليوم وانما منذ العام 1972 تنادي بها بعض الدول، ويتم تجديدها بين الحين والآخر.
واضاف ان الاستغناء عن النفط ليس بالأمر الهين خصوصا في ظل العقدين المقبلين وان البدائل له حتى الآن لم تثبت جدواها الاقتصادية ويبقى الوضع رهن المثل القائل «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه».
لكنه قال مستدركا: «ان إيجاد بدائل قوية متطورة وذات جدوى اقتصادية هو الفيصل في الموضوع».
وأشار الى ان النفط الذي ظل لسنوات الطاقة المطلوبة والأكثر طلبا في العالم سيظل كذلك الى ان تدور اسعار حول الـ 200 دولار للبرميل عند هذا الحد فقط تكون هناك فرص للمنافسة القوية من بدائل الطاقة حيث يسعى التقدم العلمي للايجاد البدائل المناسبة.
ونبه الى ان الأسعار الحالية للنفط منافسة جدا للبدائل الاخرى، مشيرا الى ان كلفة استخراج النفط الى الطاقة النظيفة المستخرجة من المحاصيل الزراعية تكافئ نسبة 2 الى 10 وعلى ذلك تكون غير ذات جدوى اقتصادية، هذا بالنسبة لكلفة الانتاج في دول الخليج غير انها تقل في دول بحر الشمال لتكون نسبتها من 5 الى 10.
وقال ان هذا يعني ان الطاقة المبذولة تساوي 120% من الطاقة المنتجة وعلى هذا فإن الجدوى الاقتصادية تكون غير متكافئة للإنتاج حاليا.
ولفت الى ان مقابل كل 4 براميل نفطية يتم إنتاجها تعوض ببرميل نفطي واحد وهذا ما يعني اننا في مرحلة نضوب النفط، وهو ذات الأمر المعني بتزايد عملية المنافسة لإيجاد الطاقة البديلة.
وأكد ضرورة اتخاذ حكومات الدول النفطية إجراءات حاسمة وسريعة لاستحداث موارد جديدة للطاقة تحافظ بها على استمرار مواردها في حال خف الاعتماد العالمي على النفط كمصدر رئيسي للطاقة.
وقال ان الوقت أكثر من مناسب الآن لبناء خطط إستراتيجية فعالة ومنتجة لطاقة جديدة ومتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الناتجة عن المفاعل النووي.
ولفت الى ان أفضل النماذج لبناء طاقة بديلة ربما يستغرق من 10 الى 15 عاما وهو ما يعني ان الوقت الراهن هو الأفضل للبداية في ذلك، مدللا على ذلك بدخول النفط في مرحلة ذروة الإنتاج ما يؤشر الى ان المرحلة المقبلة هي النضوب.
وأكد انه على الكويت حاليا العمل على إيجاد بدائل لعدم فقدان اهم مصادرها للدخل ألا وهو النفط، مما يعفيها مستقبلا من الوقوع في حرج قد يكون كبيرا جدا لكن دون جدوى.
وعن تأثير بدائل الطاقة على الميزاينة العامة للكويت أشار بوخضور الى ضرورة ان يعمل المسؤلون في العمل على إيجاد بدائل وموارد حقيقية من الطاقة تدر دخلا قوميا مكافئا للنفط.
على الصعيد نفسه، قال وزير التجارة والصناعة الأسبق وعضو مجلس الأمة ورئيس مجلس ادارة شركة كي جي ال بتروليوم د.يوسف الزلزلة ان الدعوات باستبدال معاهدة كيوتو بأخرى للاعتماد على وقود متجدد غير النفط ليست وليدة اليوم انما هي مطالبات تجدد من آن لآخر من بعض الدول.
وأضاف الزلزلة قائلا: «منذ تولى الرئيسي الأميركي باراك اومابا الحكم وهو ينادي بضرورة خفض الاعتماد على النفط والعمل على إيجاد طاقة بديلة ومتجددة أكثر سلامة وحفاظا على البيئة».
واشار الى ان التجارب التي أجريت لإنتاج وقود متجدد لينافس النفط لم تثبت نجاحها إلى الآن، مشيرا الى ان الوقود الناتج من المحاصيل الزراعية لم يفلح في المنافسة ضد النفط.
وقال ان النفط تعتمد عليه 1230 صناعة في العالم بينما اي منافس قوي للنفط مازال ضعيفا.
وعن عملية الاستمرار في البحث عن بدائل للطاقة النفطية، قال ان الأمر يبدو حتى الآن صعبا لكن مع استمرار المحاولات ربما يجدي في المستقبل البعيد، إلا انها ستكون بدائل للوقود محدودة جدا وليست كبدائل مجدية في الصناعة عكس النفط.
ولفت الى ان الدراسات ومركز الأبحاث في العالم تشير الى انه لا يمكن ان يكون هناك بديل للنفط كوقود إلا بعد نحو 3 عقود من الآن.
وأكد ان الأمر قد يبدو محسوما مقدما للنفط الذي لا بديل عنه، وينبغي على الدول المنتجة للنفط البحث عن بدائل جديدة كموارد اضافية تحسبا لمفاجآت العلم التي لا تنتهي، هذا من جانب ومن جانب اخر، استمرارا في تحسن في مواردها المالية.
ونفى الزلزلة ان تكون هناك اي أضرار مالية على الميزانية العامة للنفط، في حال خف الاعتماد على النفط كوقود عالمي، حتى في ظل وجود أكثر من بديل له.
وقال ان العلم والتكنولوجيا قد توصلا الى تخفيض الانبعاثات الضارة بالبيئة والناتجة عن النفط وهو ما يعزز استمرار تواجده. وفي السياق ذاته التقط طرف الحديث الخبير النفطي كامل الحرمي قائلا: «الآن ليس بالمناسب الحديث عن إيجاد بدائل للنفط، فهذه الدعوات دائمة التكرار من آن لآخر».
واضاف ان التصريحات السعودية القائلة ان الدول النفطية ستخسر في حال الاعتماد على طاقة متجددة وبديلة للنفط وان المملكة وحدها ربما تقدر خسائرها بـ 19 مليار دولار سنويا، هذا واضح لكن يفهم من هذا الحديث انه لو حدث فإن الإنفاق على الصناعة النفطية في المقابل سيقل.
وتابع قائلا: «ان عملية استبدال معاهدة كيوتو بغيرها يعني تقليص الصرف على استخراج النفطي وهو ما يرفع اسعار النفط عالميا مقابل زيادة الطلب عليه».
وقال ان التوجه نفسه سيكون لدى الكويت من جملة الخسائر وتقليص الإنفاق على النقط وهو ما ينذر بارتفاعات حادة لأسعار النفط، نتيجة للطلب المتزايد عليه. وأضاف انه من عقدين الى 3 عقود لحلول الطاقة البديلة محل جزء من الطاقة النفطية في بعض المناطق وبعض الصناعات وليس كلها. وقال ان حال الكويت حال الدول النفطية الأخرى في ضرورة البحث الجدي عن بدائل أخرى تكون موارد رئيسية لها في حال اعتماد ذلك. متفقا مع ما تقدم قال عضو المجلس الأعلى للبترول ورئيس مجلس ادارة شركة الأفق للاستشارات الإدارية د.خالد بودي ان المديين المتوسط والطويل يشيران الى ضرورة نحاج أبحاث الطاقة البديلة. غير انه استدرك بالقول ان أمام الكويت حوالي نصف قرن لتأثرها الفعلي من ذلك، مما يتوجب على متخذي القرار ضرورة العمل على احداث موارد بديلة والعمل في مجال إنتاج الطاقة البديلة والمتجددة.
ولفت الى ان الطاقة البديلة والمتجددة الى الآن نجحت في إنتاج وقود ضعيف قادر فقط على تسيير بعض السيارات ليس إلا، غير ان مستقبلا يقول ان النجاح وارد فعلا لا محالة.
وأضاف ان أفضل التوقعات تشير الى ان عام 2020 سيكون فيه انتاج السيارات الكهربائية في حدود 10% من مجموع السيارات في العالم.
وقال ان الوقود الناتج عن الطاقة الجديدة لم يثبت نجاحه الى الآن في الصناعات الثقيلة والمنتجة، مشيرا الى ان الوقود الناتج عن الخلايا الهيدروجينية مازال يواجه العديد من التحديات مما يقلص دور الاعتماد عليها كطاقة جديدة.
ولفت الى انه ربما لو تم تقليص الانبعاثات الحرارية، ستقل المطالبات وقتها بتخفيف الاعتماد على النفط، او ربما سيكون ذلك سببا رئيسيا.