إعداد: محمد أبوزيد
أحدث تقرير روبرت فيسك الاخير في صحيفة الاندبندنت البريطانية ضجة بحديثه عن ان بلدان الخليج تخطط لوقف تسعير النفط بالدولار بحلول عام 2018 والبدء باستخدام سلة من العملات بدلا منه. وعلى الفور ارتفع سعر اونصة الذهب الى 1043 دولارا مع قلق المستثمرين على مستقبل الدولار. ولكن مسؤولين خليجيين سارعوا الى نفي وجود مثل هذه النية. وتقول مجلة تايم الأميركية ان الفكرة قائمة وحتى قبل اقل من عامين اندلعت نقاشات حول الموضوع بما في ذلك تصويت للأوپيك على دراسة للتحول الى سلة عملات. وتضيف المجلة ان توقف بلدان الخليج عن التسعير بالدولار يمكن ان يعني ايضا وقف ربط عملاتها بالدولار، الامر الذي سيشكل تطورا اكثر اهمية. كما ان المسؤولين الصينيين يتحدثون منذ سنوات عن الحاجة الى الابتعاد عن عالم هيمنة الدولار. ولكن مشكلة الصين والدول المصدرة للنفط هي انها تحتفظ باحتياطيات هائلة بالدولار، واذا ما بدأت ببيعها فإنها ستفقد كثيرا من قيمتها.
ولذلك لدينا طريق مسدود، حيث يتحدث كثيرون عن هيمنة الدولار ولكن لا يبدو ان احدا يرغب بعمل أي شيء ازاء ذلك. والحقيقة ان عددا من وزراء الخزانة الأميركية المتعاقبين زاروا بكين في محاولة لإقناع الصينيين بعمل شيء ما بخصوص هيمنة الدولار من خلال السماح بتعويم اليوان الصيني او على الاقل السماح له بالارتفاع مقابل الدولار، ولكنهم واجهوا مقاومة شديدة. ان الشعور بأن هذا لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية هو الذي كان يضغط هبوطا على الدولار.
ولا ينبغي لهذا ان يستمر الى ما لا نهاية. فحصة الاقتصاد الأميركي من الناتج الاقتصادي العالمي آخذة بالتناقص، ومن شبه المؤكد انها ستواصل انكماشها مع ازدياد ثروة البلدان الفقيرة سابقا، مما سيتطلب تغيرا في دور الدولار. وترى المجلة ان هذا التغيير لن يكون سيئا جدا للولايات المتحدة لأن استخدام الدولار كعملة عالمية لم يكن من دون سلبيات.
فعلى سبيل المثال يساعد دور الدولار العالمي على تضخيم قيمته مما يجعل الواردات ارخص للمستهلكين الأميركيين ولكنه يضعف تنافسية المنتجات الأميركية في الاسواق العالمية. كما ان هيمنة الدولار تسمح للحكومة الأميركية، والى عهد قريب للقطاع الخاص، بتحمل ميزانيات غير متوازنة من دون ان تدفع جزاء فوريا متمثلا في اسعار فائدة اعلى، وهو امر قد يكون جيدا لوهلة من الزمن ولكنه يؤدي الى متاعب في النهاية. والواقع ان عدم التوازن في تدفقات الرساميل العالمية الذي يعتبره كثيرون من الاقتصاديين السبب الرئيسي للازمة المالية يرجع في جانب كبير منه الى الدور المتضخم للدولار. وتخلص التايم الى انه قد يكون من مصلحة الولايات المتحدة على المدى البعيد ان تدفع نحو انتقال منظم بعيدا عن النظام النقدي الراهن المستند الى الدولار وباتجاه نظام مبني على أساس سلات عملات. ولذلك قد لا يكون خبرا سيئا جدا ان تتحدث بلدان الخليج عن الابتعاد عن الدولار، حتى ان قالت انها لا تفكر في ذلك.