- الصبيح: الذهب يتجه إلى 1800 دولار للأوقية والنفط فوق مستويات 147 دولاراً قبل نهاية العام المقبل
عمر راشد
ماذا يحدث في أسواق السلع والمواد الأولية؟ سؤال تطرحه الكثير من الأوساط المالية والعالمية بعد تحليق الذهب لمستويات قياسية تقترب من 1100 دولار للأوقية وتوقع استمرار النفط في الصعود بعد انخفاض الدولار أمام العملات الرئيسية وهو أمر جاء بعد هدوء وخمول شهدته تلك الأسواق منذ الربع الأخير من العام الماضي.
الإجابة عن هذا السؤال قد تكون «الحلقة المفقودة» لمعرفة أسباب اتجاه الصناديق والمحافظ الاستثمارية العالمية نحو الاستحواذ على مزيد من الذهب مع ارتفاعاته المتزايدة، مع توقعات بوصوله لمستوى 1800 دولار للأوقية.
بعض المحللين فسر الارتفاعات القياسية للذهب على أنها تفاهم «غير معلن» بين السلطات النقدية في البنوك المركزية العالمية لخفض فوائد عملاتها وقيمتها رغبة في خفض التزاماتها المالية التي قد تعجز عن الوفاء بها مع عدم توقع حدوث نمو اقتصادي على المدى المتوسط أو القصير.
فيما رأى آخرون أن الانتعاش يرجع وبصورة كبيرة الى تحرك الصناديق والمستثمرين للشراء خلال الارتفاعات رغبة منهم في زيادة القوة المؤدية نحو مزيد من الارتفاع، متوقعين بلوغ أسعار الذهب 1100 دولار للأوقية في ظل استفادة العملاء الأفراد من الانتعاش عقب الدعاية المتزايدة التي أحدثتها تلك المستويات القياسية، وكذلك تسبب تراجع العملة الأميركية في انخفاض أسعار المعادن المقومة بالدولار بالنسبة للمشترين بالعملات الأخرى.
وبعيدا عن الأزمات، رأى محللون آخرون أن هناك أسبابا أخرى للزيادة منها دينية كما هو في الهند وأخرى مرتبطة بتشجيع الناس على اقتناء الذهب.
وفي سياق توقعاته لأسعار الذهب والنفط العام المقبل، توقع خبير الاستثمار فوزي الصبيح ارتفاع الذهب إلى مستويات 1800 دولار قبل نهاية العام المقبل، مستدركا بأن سعره سيصل إلى حدود 1200 دولار قبل 25 ديسمبر المقبل، مبينا أن توقعاته تستند إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية العالمية ذات التأثير الواضح.
إلا أن خيارات المستثمرين باتت ضيقة في ظل تعنت البنوك المحلية في منح الائتمان وتخوفها من إقراض الشركات التي لم تقم بتنظيف مخاطرها الائتمانية، ما يجعل فرصة الاستثمار في المواد الأولية رهانا يصعب تحقيقه، مع بقاء «الكاش» عزيزا لديها لتوجيهه نحو سداد التزاماتها الملحة للغاية والمطلوبة لتسيير حياتها الضرورية.
وحول أسباب الارتفاع المتوقع في أسعار الذهب، أوضح الصبيح في تصريح خاص لـ «الأنباء» أن المتداولين في أسواق العملات الرئيسية لديهم قناعة بان الدول الرئيسية المصدرة لعملات الدولار واليورو والين واليوان لديها قناعة بضرورة تخفيض فوائد وأسعار عملاتها بهدف تنشيط الأداء الاقتصادي ودرء تبعات ما تبقى من آثار الأزمة.
وأضاف أن هذا التوجه لدى تلك الدول يكاد يكون الخيار الوحيد أمامها لخفض قيمة الالتزامات المالية بجميع أشكالها، القائمة منها أو المنتظر حدوثها، باعتبار القدرة على الوفاء بها ترتبط بمعدلات نمو اقتصادي غير منتظر حدوثها في المدى القصير أو المتوسط.
وقال إن وصول النفط لمستويات 1800 دولار رهن بتأكد إفلاس أكثر من 400 بنك أميركي تحت مراقبة وكالة الضمان الأميركية.
وجدد دعوته بأنه بات على الصناديق السيادية التخلص من أصولها الدولارية بعد الاتفاق شبه الضمني بين حكومات تلك الدول على خفض عملاتها والتوجه بها نحو المواد والسلع الأولية.
وتوقع تخطي برميل النفط مستوياته القياسية في يوليو 2008 ليستقر فوق مستوى الـ 147 دولارا للبرميل قبل نهاية العام المقبل، مشيرا الى أن الارتفاع في أسعار النفط لن يأتي بسبب زيادة الاستهلاك ولكن للرغبة في حماية الفوائض المالية من خلال استثمارها في أسعار السلع والمواد الأولية.
وفيما يتعلق بخيار الاستثمار في الأسهم، قال إن الأسهم التشغيلية في بورصة الكويت لاتزال أفضل من الذهب كوعاء استثماري أو تحوطي مشيرا إلى أن الكثير منها ينتظر ارتفاعات تفوق الـ 100% من معدل أسعارها في 2009.
لماذا ترتفع أسعار الذهب؟
ارتفعت اسعار الذهب وتخطت عبر الأسبوع الماضي حاجز الـ 1050 دولارا للأونصة. وحسب الـ «بي.بي.سي» فإن هناك عدة عوامل وراء هذا الارتفاع القياسي في اسعار الذهب منها:
ضعف الدولار
لايزال الدولار يعتبر عملة الاحتياط العالمية ولكن قيمته تراجعت بسبب انخفاض معدلات الفائدة ورزمة الدعم المالي الهائلة التي قدمتها الحكومة الأميركية. ودفع هذا المستثمرين بالدولار الى البحث عن أماكن اخرى يضعون فيها أموالهم بأمل ان ترتفع قيمتها.
المضاربة
جزء كبير من الاستثمارات في الذهب يأتي من مؤسسات مثل صناديق التحوط التي تحتاج الى وضع أموالها في مكان ما. وعندما تقدم البنوك اسعار فائدة متدنية على المدخرات وعندما تكون تكلفة الاقتراض رخيصة يصبح الذهب استثمارا جذابا.
خطر التضخم
ينظر الى الذهب عموما كتحوط ضد التضخم. ومع ان معدلات التضخم منخفضة هذه الأيام فإن القلق بشأن ارتفاعها في العام المقبل يغري المستثمرين بالاتجاه الى المعدن الثمين.
العوامل النفسية
يتمتع الذهب بخاصية «بدائية»، كما يقول احد المحللين، بالرغم من انه ليس في الحقيقة إلا كتلة معدنية قليلة الاستخدام العملي. إلا انه يميل الى الاحتفاظ بقيمته على المدى الطويل وهو ليس مرتبطا بقيمة الأموال النقدية. وهذا يعني ان الناس ينجذبون إليه في أوقات الاضطراب ولكنه لا يعني انه غير معرض للتقلبات في السعر.
العوامل الموسمية
الأفراد الذين يشترون الذهب كاستثمار هم قلائل في الغرب ومن النادر ان ينصح مستشار مالي عميلا له بالاستثمار في الذهب. اما في بلدان مثل الصين والهند فان شراء الذهب كاستثمار امر شائع. وفي هذا الوقت من العام وقبل مهرجان ديوالي تزيد مشتريات الذهب الذي يستخدم تقليديا كهدايا. كما ان المزارعين الهنود يشترون الذهب في هذا الوقت من العام بعد بيعهم لمحاصيلهم لأنهم يرون فيه ملاذا من تقلبات اسعار العملة.
هل سعر الذهب مهم حقا؟
لعل الدور الاكبر الذي يلعبه الذهب هو في كونه مقياسا للمناخ الاقتصادي العام. فسعر الذهب المرتفع هو مؤشر على ان صحة الاقتصاد العالمي ليست على ما يرام. صحيح ان ذلك سيكون خبرا مزعجا للباحث عن خاتم خطوبة او قطعة من المجوهرات، ولكنه قد يكون خبرا طيبا اذا كنت تحتفظ بذهب يمكنك الاستغناء عنه وتحقيق ربح من بيعه. ولذلك نجد الآن حركة ناشطة في تجارة الذهب الخردة حيث يسارع البعض الى بيع بعض ما لديهم من حلي ذهبية للاستفادة من الأسعار المرتفعة.