أظهرت دراسة جديدة قامت بها مجموعة بوسطن الاستشارية (بي سي جي) أن معدل نمو العائدات المصرفية في الشرق الأوسط قد تباطأ في النصف الأول من عام 2009 ففي حين ما يزال معدل النمو الإجمالي لهذه العائدات إيجابيا، استمرت أرباح المصارف في التراجع إلى أقل مما كانت عليه في عام 2005 كنتيجة للحجم الكبير المخصص لتغطية خسائر القروض.
بيد أن الدراسة كشفت عن أن أداء المصارف في هذه المنطقة ما يزال أفضل من نظرائها من المصارف الدولية. وتعد الدراسة الجديدة جزءا من مؤشرات مجموعة بوسطن الاستشارية السنوية المتعلقة بالعمليات المصرفية الخاصة بالشركات والأفراد. ويتم احتساب هذه المؤشرات بناء على تطور أرباح المصارف العالمية الرائدة وعائداتها، أي إيرادات تشغيلها.
وأصدرت المجموعة في شهر أبريل 2009 النسخة الأولى من مؤشر الأداء المصرفي في الشرق الأوسط، فطرحت بذلك مؤشرا معدا لأسواق الشرق الأوسط المصرفية خصوصا.
وتم وضع عام 2005 كنقطة بداية لهذا المؤشر الذي شمل أكبر المصارف في البحرين، والكويت، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات. وتشمل النسخة الثانية منه التي صدرت امس 25 مصرفا منها أكبر المصارف في دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها سلطنة عمان. وأظهر آخر هذه المؤشرات أن مصارف الشرق الأوسط قد زادت من مخصصات خسائر القروض (llps) زيادة كبيرة غالبا ما تجاوزت معدل النمو السنوي الذي وصلت نسبته إلى 100% في السنوات الأربع الماضية. وفي الواقع فقد وصلت عدة بنوك إلى ذروتها في النصف الأول من عام 2009. فقد وصل مجمل هذه المخصصات في المصارف الخمسة والعشرين الكبرى إلى نحو 7 مليارات دولار.
وقال الشريك الرئيسي والمدير الإداري لمكتب المجموعة في دبي، رئيس خدماتها المالية في الشرق الأوسط د.رينولد ليشتفوس، تعليقا على كيفية تأثير مستويات هذه المخصصات المرتفعة على مصارف الشرق الأوسط في المستقبل القريب: «من المرجح أن يبقى مستوى مخصصات تغطية خسائر القروض مرتفعا خلال الأرباع القليلة المقبلة من هذا العام بسبب تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد الحقيقي، سواء كان ذلك في قطاع الشركات أو القطاع الشخصي، ويبدو مبلغ 7 مليارات دولار قليلا بالمقارنة ببعض الدول الغربية كالمملكة المتحدة التي تقول التقديرات ان النظام المصرفي فيها في حاجة إلى تجميد مبلغ 130 مليار جنيه استرليني من هذه المخصصات».
وكما هو الحال مع الدراسات المماثلة التي تجرى في مناطق أخرى من العالم كان هناك تباين بين المشاركين في هذه الدراسة: فقد نمت عائدات عشرين مصرفا، بينما تراجع نمو الأرباح في 17 مصرفا، وتمكنت ثمانية أخرى من زيادة أرباحها، أما من بين المصارف التي تمتلك فروعا للعمليات المصرفية الشخصية والخاصة بالشركات فقد كانت العائدات كما يلي: نمت عائدات أربعة مصارف من العمليات المصرفية الشخصية، وتكبدت ثمانية منها الخسائر، بينما نمت عائدات سبعة مصارف من الخدمات المصرفية الخاصة بالشركات، وتراجعت تلك التي حققتها ثلاثة منها.
ويظهر تحليل مقطعي للمصارف في دول مجلس التعاون الخليجي أن عائدات الخدمات المصرفية الشخصية عانت من ركود في النصف الأول من عام 2009، في حين انخفضت أرباح الخدمات المصرفية الشخصية انخفاضا أقل من إجمالي الأرباح المصرفية، ولهذا فقد كانت الخدمات المصرفية الشخصية عامل استقرار فيما يخص تطور إيرادات مصارف الشرق الأوسط وأرباحها، وهذا ما كان الحال عليه في جميع أنحاء العالم أيضا. وكان ذلك صحيحا بالنسبة للمصارف الدولية الكبرى بخاصة، فقد انخفضت أرباح هذه المصارف وعائداتها انخفاضا أكبر من مصارف الشرق الأوسط في المجمل، وانخفضت العائدات انخفاضا طفيفا مع انتهاء النصف الأول من عام 2009، واستمرت الأرباح في التراجع إلى ما دون النصف بالمقارنة بما كانت عليه عام 2005، وعلى الرغم من ذلك فلا تزال مصارف الشرق الأوسط أقل تأثرا بالأزمة المالية على الرغم من حدوث بعض حالات التخلف عن سداد الدين هذا العام.