أكد تقرير اقتصادي امس أن المخاطر في الوقت الحالي اعلى مما كانت عليه قبل عام، مشيرا إلى عدد من «الصدمات» التي من المتوقع ان يواجه العالم تداعياتها هذا العام بسبب وجود حالة من «عدم اليقين السياسي».
وأوضح التقرير الصادر عن مؤسسة «اي اتش اس» للدراسات الاقتصادية وتم توزيعه على هامش فعاليات الدورة الـ47 لمنتدى دافوس أن هناك شعورا قويا بأن المخاطر باتت أعلى مما كانت عليه قبل عام مع تنامي الحركات المناهضة للعولمة في الولايات المتحدة وأوروبا الأمر الذي من الممكن أن يؤدي الى ظهور سياسات تنعكس بالسلب على النمو الاقتصادي.
ورأى التقرير ان هذه الصدمات قد ظهرت نتيجة «التفكير التقليدي» في التعامل مع ظواهر اعتقد البعض انها لحظية ولن تتمتع بحظوظ للاستمرار لكنها استمرت وتحولت من ظواهر الى حقائق.
وأشار إلى أن صناع القرار لم يكترثوا بظهور اليمين الشعبوي المتشدد وقللوا من شأنه كما ان المنتدى توقع العام الماضي عدم نجاح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب وعدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الا ان ما حدث كان العكس تماما.
وأوضح التقرير ان اولى تلك الصدمات تكمن في تباطؤ النمو الاقتصادي الاوروبي بشكل بسيط بسبب التوقعات ببدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وحالة عدم اليقين التي تشوب المشهد السياسي في بعض الدول الأوروبية في ضوء الانتخابات المقبلة في كل من فرنسا وألمانيا وهولندا.
كما اشار الى ان عدم الاستقرار السياسي في ايطاليا في اعقاب فشل الموافقة على الإصلاحات خلال الخريف الماضي سينعكس بالسلب على القطاع المصرفي الذي يعاني من حالة «يرثى لها».
وأوضح في المقابل ان ضعف سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة (يورو) مقابل العملات الكبرى سيسهم في زيادة حجم الصادرات الأوروبية بالتزامن مع ارتفاع متوقع في اسعار النفط مع زيادة معدلات التضخم.
وأضاف أن ثاني تلك الصدمات يتعلق بالاقتصاد الياباني الذي سيتأثر كذلك بضعف سعر صرف العملة المحلية (الين) لافتا إلى أنه سيجد نفسه في حالة «كفاح» للمضي قدما رغم ضعف عملته ما سيساعد على زيادة الصادرات.
وأوضح التقرير ان النمو الاقتصادي الياباني سيستقر عند نقطة مئوية واحدة فقط هذا العام والعام المقبل اذ سيساعد الإنفاق في البنى التحتية اليابانية في تحريك السوق والاستفادة من حزمة التمويل المتواضعة التي اقرها البرلمان الياباني العام الماضي.
وتناول البند الثالث من التقرير النمو الاقتصادي الصيني، متوقعا أن يتعرض لانخفاض طفيف لاسيما بسبب ازالة الحوافز المخصصة لقطاع الإسكان والبناء والصناعات الثقيلة ما سيقلل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 6.7% في عام 2016 الى 6.4% العام الحالي.
كما رأى ان الصين ستواجه مصدرا آخر للإجهاد «الاقتصادي» بسبب هروب رؤوس الأموال وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي التي وصلت الى أدنى مستوياتها خلال الخمس سنوات الماضية.
وفي السياق ذاته، لفت التقرير الى ان الحكومة الصينية رغم انها قامت بفرض بعض الضوابط على رأس المال الا انها ستقوم بالمزيد من هذه الإجراءات قريبا في محاولة منها لتخفيف الضغط عن العملة والحد من الاستهلاك السنوي الى ما لا يزيد على 5%.
ويتعلق البند الرابع من التقرير بأسواق الاقتصادات الناشئة التي تتعرض لضغوط من الأسواق المالية مع ارتفاع معدل اسعار السلع الأساسية في الولايات المتحدة والتوسعات العالمية ما يفرض تحديات على الأسواق الناشئة تتطلب تفاعلا افضل معها لاسيما مع وجود مخاوف من هروب رؤوس الأموال منها.
وتناول التقرير بعد ذلك التحدي الخامس المتمثل في استمرار ارتفاع أسعار السلع بشكل متسارع وتدريجي مع زيادة المعروض ما يعني ان اسعار السلع ستستمر في الارتفاع.
واظهر البند السادس ان معدلات التضخم ستتحرك صعودا في أجزاء كثيرة من العالم بعد سنوات عديدة من مواجهة خطر الانكماش الاقتصادي في الوقت الذي يستعد فيه الاقتصاد العالمي للوقوف على اعتاب زيادة في التضخم.
ورأى التقرير في هذا البند تصاعد الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأميركي يرافقه ارتفاع سعر صرف الدولار ما يعني أن الولايات المتحدة ستكون مصدر «تصدير للتضخم».
ولفت في البند السابع الى ان اسعار الفائدة الأميركية ستواصل ارتفاعها مع توقعات نمو اقوى في السوق الأميركية ما قد يجبر بعض البنوك المركزية في الأسواق الناشئة على رفع أسعار الفائدة.
ورأى ان التوجه الأميركي قد يرفع القلق بين البنوك المركزية مؤخرا لاسيما ان بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي قد حذرا بالفعل من ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مع حالة عدم اليقين السياسي على جانبي المحيط الأطلسي ما يمكن أن «يعزز نقاط الضعف الموجودة» في النظام المالي العالمي وخاصة في الدول النامية وأوروبا.
وتوقع البند الثامن استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي بنسبة تتراوح بين 2 و3% مقابل العملات الرئيسية الكبرى ما يستوجب كذلك الحيطة والحذر سواء من البنوك المركزية او الأسواق سواء في دول الاقتصادات الناشئة او النامية.