ذكر التقرير العقاري لشركة «آولد ويل بانكر العالمية» في الكويت أن تداعيات الأزمة المالية العالمية على السوق العقاري اللبناني بدأت تختفي في ظل تزايد الطلب على التملك من قبل المواطنين والأجانب على حد سواء، وهو الأمر الذي دفع أغلب المصارف إلى طرح عروض تمويلية مميزة لإغراء الراغبين في التملك بالحصول على قروض عقارية ميسرة، في حين باتت الإعلانات المصرفية تتزاحم على الطرقات وفي وسائل الإعلان المختلفة داعية المواطنين إلى الاستفادة من القروض السكنية المنافسة. وقال التقرير ان بعض البنوك قدمت للمواطنين فائدة مخفضة، فيما اتجه البعض الآخر إلى الفائدة الصفرية، وأعلنت مصارف بالتعاون مع شركات عقارية عن استعدادها لبيع الشقق من دون دفعة أولى، وأخرى أتاحت للمواطنين والأجانب التملك مع تأخير البدء في التقسيط إلى ما بعد عامين من التسلم، تلك كانت بعض العروض المميزة التي تتنافس البنوك اللبنانية الآن على تقديمها لجذب الراغبين في التملك. وأكد التقرير أن تلك التسهيلات المصرفية العقارية كانت غير متاحة على مدى سنوات طويلة مضت، حيث لم يكن الحصول على القرض السكني أمرا سهلا قبل عقد من الزمن، في ظل عدم وجود تمويلات طويلة المدى للقروض السكنية يستفيد منها المواطنون ذوي الدخل المحدود، الأمر الذي كان له بالغ الأثر السلبي على واقع عمليات تطوير القطاع العقاري في لبنان. أما الآن فقد تغير وضع السوق العقاري كثيرا وأصبح هناك تعددية لسبل التمويل العقاري، لاسيما أن نسبة الودائع المصرفية في السوق اللبناني ارتفعت خلال العام 2008 بنسبة 15%، كما لم تتأثر تلك النسبة بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وهو ما رفع من احتياطي مصرف لبنان إلى 25 مليار دولار، وجعل البنوك أكثر قدرة على الإقراض وشجعها على تخفيض الفائدة مما جعل المواطنين يقبلون على شراء العقارات والتملك من خلال الحصول على مثل هذه التسهيلات بشكل ملحوظ، كونهم لا يمتلكون المال الكافي للشراء النقدي.
ويشير التقرير إلى أن استقرار العملة اللبنانية كان له الدور الأكبر في تشجيع المصارف على الاستثمار بالليرة، الأمر الذي ساهم في إيجاد آلية عمل جديدة تنطلق منها سياسة القروض المصرفية.
ولا ننسى الدور الذي لعبته المؤسسة العامة للإسكان اللبنانية والتي كان لها دور رئيسي بعدما سمحت للموظف بالحصول على قروض سكنية طويلة الأمد بالليرة اللبنانية.
وهو ما ساهم في تحريك السوق العقاري وضاعف من حجم الطلب على الشقق، بعدما بات بإمكان الموظف التملك عن طريق حصوله على قرض ارتفع سقفه من 120 إلى 180 مليون ليرة لبنانية، وهو الأمر الذي جعل القروض السكنية تشق طريقها قدما، لتصبح المنافسة بين المصارف على جذب الراغبين في تملك شقق سكنية العنوان الأبرز في القطاع المصرفي.
ولابد من الإشارة إلى التدفقات النقدية التي تتلقاها لبنان بالعملات الأجنبية على الرغم من تداعيات الأزمة المالية العالمية، إذ انه نظرا إلى الفارق في المردود بين الودائع بالعملة الأجنبية والودائع بالعملة اللبنانية، نشأت حركة تحويل لافتة من العملة الأجنبية إلى اللبنانية، ما أنتج سيولة كبيرة وجب تصريفها عبر القروض السكنية.
وأكد التقرير أنه من المتوقع بعد اتباع تلك السياسة المصرفية أن يرتفع الطلب على شراء العقارات في لبنان بنسبة كبيرة، تزامنا مع الارتفاع في معدلات الاستثمار المحلي والأجنبي في هذا القطاع، وأن تشهد الأسعار تحركا بعد فترة الركود التي حالت دون تزايد الأسعار التي شاهدتها بعض دول المنطقة، حيث بقيت الأسعار في لبنان أدنى بكثير من مثيلاتها في هذه الدول، ويتوقع أن تستمر هذه الطفرة لفترة تمتد لأكثر من 5 سنوات في حال حافظ الوضع السياسي والأمني على هدوئه واستقراره في الفترة المقبلة، واستمرت الحكومة بتطوير البنية التحتية وشهدت البلاد حركة نحو تطوير القوانين الاستثمارية لتأمين مناخ جيد لجذب الاستثمار.