دعا رئيس الاحتياطي الفيدرالي الاميركي (البنك المركزي) بن برنانكي الى فرض رسوم على القطاع المالي الذي تلقى مئات مليارات الدولارات من الاموال العامة لإنقاذه من الافلاس، بعدما اضطر الى التخلي عن كل المبادئ التي كان يعتنقها لإغاثة العديد من المؤسسات المالية الاميركية الكبرى عام 2008، وطرح برنانكي أفكارا تعيد النظر كليا في ركائز ثورة الليبرالية الاقتصادية التي شهدتها الولايات المتحدة في الثمانينيات من القرن الماضي، سعيا منه لترميم مصداقية الاحتياطي الفيدرالي على صعيد ضبط النظام المالي، بعدما اهتزت بفعل الأزمة الاقتصادية.
وقال برنانكي خلال محاضرة أجراها في تشاتام بولاية مساستيوتس (شمال شرق) ان «أي تكاليف تكبدتها الدولة من اجل تفكيك (مؤسسات مالية) بشكل منتظم ينبغي ان يتحملها القطاع المالي من خلال مساهمات ولا دافعو الضرائب».
ومسألة تنظيم تفكيك الشركات التي يمكن ان ينعكس افلاسها على النظام المالي برمته، تقع في صلب مشروع قانون لإصلاح نظام الضبط المالي هو حاليا قيد الدرس في الكونغرس الاميركي.
وينص مشروع القانون على اعطاء الدولة الوسائل التي تمكنها من وضع يدها على مؤسسة مهددة بالانهيار قد تشكل خطرا على النظام برمته، حتى ترتب تفكيكها بشكل منتظم وتقضي الفكرة المطروحة بتوسيع نطاق صلاحيات الهيئة الفيدرالية لضمان الودائع، احدى هيئات الضبط المالي في الولايات المتحدة، لتشمل المصارف. ويتم تمويل هذه الهيئة بواسطة مساهمات من المصارف ويرى برنانكي انه يتعين ضم جميع المؤسسات المالية الكبرى إليها سواء كانت شركات تأمين (مثل ايه اي جي التي تم تأميمها عمليا منذ ان أوشكت على الإفلاس عام 2008) او صناديق استثمار او غيرها.
وفي وقت أمر الاحتياطي الفيدرالي المصارف بمراجعة سياستها على صعيد المكافآت المالية، يسعى برنانكي للتأكيد على ان البنك المركزي لا يعتزم تخفيف الضغوط على صعيد ضبط النظام المالي.
واعتبر انه من اجل خفض المخاطر التي تطرحها المؤسسات الكبرى في هذا القطاع على «الاستقرار المالي والاقتصاد»، من المهم اعتماد «آلية جديرة بالثقة تفرض خسائر على مساهمي ودائني الشركات» التي تشكل خطرا على النظام برمته حين تضع الدولة يدها عليها.
ويرى الاحتياطي الفيدرالي ان بروز شركات مالية عملاقة اعتقدت ان في وسعها الاعتماد على دعم ثابت من الدولة كان من العوامل التي ساهمت في الأزمة المالية.
وقال برنانكي ان الوقت حان «للحد من احتمال قيام أزمات في المستقبل وتخفيف حدتها»، واكد ان الاحتياطي الفيدرالي يعمل «مع هيئات الضبط الاميركية والدولية الاخرى» على وضع معايير للرساميل والسيولة اكثر صرامة بالنسبة للمؤسسات المالية الكبرى، مشيرا الى ان «احد الحلول قيد الدرس» يقضي بـ «فرض ضريبة عالية على رأسمالها»، وهي فكرة لم يكن طرحها واردا في بلد الرأسمالية قبل الأزمة. وتحدث نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي دونالد كون خلال المحاضرة نفسها فشدد على وجوب تنسيق الجهود على صعيد العالم فيما يتعلق بضبط النظام المالي «حتى تكون قواعد اللعبة هي ذاتها للجميع».