هشام أبوشادي
دفعت اجواء الاحباط التي تسود اوساط المتداولين سوق الكويت للأوراق المالية للهبوط بشدة في بداية تداولات الاسبوع امس خاصة اسهم الشركات الرخيصة التي تراجع اغلبها بالحد الأدنى او لمستويات سعرية قريبة من الحد الأدنى، وجاء هذا الهبوط الشديد في الوقت الذي ترى فيه الاوساط الاستثمارية تجاهلا واضحا من قبل السلطتين للأزمة التي تمر بها البورصة والشركات المدرجة التي تعاني من عدم القدرة على الوفاء بالتزاماتها المالية او الحصول على تمويلات جديدة للاستفادة من الفرص الاستثمارية الراهنة وبالتالي تطوير ادائها التشغيلي، وهذه النقطة تحديدا ستدفع الشركات لأن تستمر في وضع صعب للعامين القادمين، خاصة في ظل الانخفاض الواضح لأصول العديد من الشركات وعدم قدرتها على بيع بعض هذه الأصول لتوفير سيولة مالية، فضلا عن ان الازمة اظهرت ان اصول العديد من الشركات اصول ورقية (اسهم في شركات تابعة وزميلة وغير منتجة)، الامر الذي جعل العديد من الشركات تواجه صعوبة شديدة في الانضمام لقانون الاستقرار بصيغته الحالية، كما ان البنوك غير قادرة على الدخول في مفاوضات مع الشركات لإعادة جدولة ديونها في ظل وجود اتجاه لإدخال تعديلات على القانون من قبل بعض اعضاء مجلس الأمة الذين يرفضون القانون بصيغته الحالية والذي مر على اقراره نحو 6 اشهر ولم تستفد منه سوى بعض شركات المقاولات من خلال الحصول على قروض وفق البنود الخاصة بعمليات التمويل الجديدة، وفي ظل الهبوط القوي للسوق والافتقار للسيولة المالية، فإنه ليس مستبعدا ان تواصل البورصة الهبوط.
المؤشرات العامة
انخفض المؤشر العام للبورصة 120.1 نقطة ليغلق على 7487.8 نقطة، كذلك انخفض المؤشر الوزني 6.77 نقاط ليغلق على 441.15 نقطة.
وبلغ اجمالي الاسهم المتداولة 177.7 مليون سهم نفذت من خلال 4026 صفقة قيمتها 40.4 مليون دينار.
وجرى التداول على اسهم 130 شركة من اصل 203 شركات مدرجة، ارتفعت اسعار اسهم 6 شركات وتراجعت اسعار اسهم 101 شركة وحافظت اسهم 23 شركة على اسعارها و73 شركة لم يشملها النشاط.
تصدر قطاع الاستثمار النشاط بكمية تداول حجمها 50.9 مليون سهم نفذت من خلال 1012 صفقة قيمتها 6.1 ملايين دينار.
وجاء قطاع الخدمات في المركز الثاني بكمية تداول حجمها 43 مليون سهم نفذت من خلال 1023 صفقة قيمتها 10.1 ملايين دينار.
واحتل قطاع العقار المركز الثالث بكمية تداول حجمها 23.1 مليون سهم نفذت من خلال 402 صفقة قيمتها 2.8 مليون دينار.
وحصل قطاع الشركات غير الكويتية على المركز الرابع بكمية تداول حجمها 22.1 مليون سهم نفذت من خلال 4026 صفقة قيمتها 2.7 مليون دينار.
وجاء قطاع البنوك في المركز الخامس بكمية تداول حجمها 18.1 مليون سهم نفذت من خلال 517 صفقة قيمتها 10.3 ملايين دينار.
تجاهل هلع المتداولين
على الرغم من ان اسهم الشركات القيادية سجل اغلبها تراجعا في اسعارها بنسب محدودة، الا ان اسهم الشركات الرخيصة سجلت تراجعا كبيرا في اسعارها في تداولات محدودة، فمن اصل 203 شركات مدرجة تراجعت اسهم 101 شركة ما يعادل 49.7% من اجمالي الاسهم المدرجة، الامر الذي يظهر مدى اجواء الهلع التي تسود اوساط المتداولين، خاصة تجاه اسهم الشركات الرخيصة التي تسبب تراجعها في خسائر ضخمة لقطاع كبير من صغار المتداولين باعتبار ان هذه الاسهم تمثل عامل جاذب للشراء لقطاع كبير من اوساط صغار المتداولين ليس للاداء الجيد لهذه الشركات بل لرخص اسعارها، والاسوأ ان هذه الاسهم تشهد تدهورا سريعا في الاسعار من خلال تداولات محدودة بسبب الاندفاع في بيعها لتقليل الخسائر، ووفقا لسياسة القطيع فإن الهبوط سيدفع لمزيد من الهبوط وبأقل الكميات في التداول، فيما ان العودة لتعويض هذه الخسائر ستتطلب ضخ سيولة مالية كبيرة في السوق، لكن هذه السيولة تحتاج الى مناخ صحي ومحفزات قوية، خاصة من جانب الحكومة التي لم تتخذ اي اجراءات حتى الآن لتحفيز النشاط الاقتصادي في البلاد رغم مرور اكثر من عام على الازمة الاقتصادية.
إسقاط القروض
على الرغم من الحماس الشديد من قبل بعض النواب لدفع الحكومة الى شراء القروض الاستهلاكية والمقسطة والتي تقدر بنحو 6 مليارات دينار، ومن ثم اسقاط الفوائد، ورغم عدم العدالة الاجتماعية لهذه المطالب ومخالفتها لحقوق الملكية الخاصة للجهات الدائنة والتي نص عليها الدستور وفقا للمادة 18/1، الا ان هذه المطالب تحقق استفادة للمواطنين المقترضين دون غيرهم، واذا كان بعض النواب يبحثون عن تخفيف المعاناة عن المواطنين فإنه من المفترض ان توجه كل الجهود لوقف الخسائر الرهيبة التي تشهدها البورصة وتنشيطها باعتبار انه لا توجد اسرة في الكويت لم تتضرر من خسائر البورصة التي بلغت حوالي 33 مليار دينار، كما ان هذه المطالب ستعزز مطالب الشركات الاستثمارية وغيرها بضرورة انشاء صندوق لشراء الاصول المتعثرة بقيمة خمسة مليارات دينار، خاصة ان هناك صندوقاً للمعسرين بقيمة 500 مليون دينار ستتم زيادته الى 750 مليونا.
وترى اوساط اقتصادية ان شراء الاصول المتعثرة لن ينقذ الشركات فقط، بل انه سينقذ البنوك وكذلك سيعمل على تنشيط البورصة ووقف الخسائر الضخمة التي يتكبدها كل المواطنين في الكويت، وهذا الاقتراح كان يمثل نقطة اساسية ناقشها البنك المركزي في بداية الازمة، الا انه تم استبعادها خوفا من مجلس الامة الى ان تم استبدال هذا الاقتراح بقانون الاستقرار المالي الذي جاء سياسيا اكثر منه لمعالجة التي تمر بها الشركات، والسؤال الذي يحير الاوساط الاقتصادية في الكويت، هو لماذا لم تقم الحكومة بضخ سريع للاموال في المشاريع التنموية وانقاذ الاقتصاد والشركات من الوضع المتدهور؟ ورغم ان الاجابة معروفة لدى الاوساط الاقتصادية الا ان استمرار الوضع الراهن سيؤدي الى تدهور القطاع الخاص الكويتي خاصة ان الازمة لم تفرق بين مجاميع استثمارية كبيرة ومواطن عادي، فالكل يعاني من هذه الازمة في الوقت الذي اتخذت فيه الدول الخليجية العديد من الاجراءات والتي في مقدمتها ضخ المليارات في شريان اقتصادها الامر الذي بدا يؤتي ثماره على اسواقها المالية التي تشهد تحسنا ملموسا منذ شهرين فيما ان السوق الكويتي يتدهور، فعلى مدى السنوات الماضية وقبل الازمة كان هناك فوائض مالية ضخمة لدى الحكومة، ومع ذلك لم يتم انفاقها على مشاريع التنمية الاقتصادية، بل ان الاسوأ ان هناك قوانين تم اقرارها دفعت الشركات الكويتية بالتوجه الى الخارج لاستثمار اموالها، وتوقف مشاريع الـ b.o.t التي تعد من اهم المشاريع التي كان يعول عليها لاخراج البلاد من ازمتها الا ان تدخل النواب ادى الى احداث تغييرات تشريعية ادت لتوقف هذه المشاريع، كما ان قانون المبادرات لم يحقق أهدافه التنموية بسبب التدخلات السياسية، وغيرها من التشريعات التي كانت ولاتزال عائقا امام مشاريع التنمية الاقتصادية، والاهم من ذلك ان سمعة الكويت على المستوى الدولي تضررت كثيرا بسب الغاء العديد من المشاريع وتوقف عمليات التنمية بشكل شبه كامل على مدى السنوات الماضية، والاهم من ذلك ان هناك مخاوف من ان تواجه خطط التنمية الاقتصادية التي ستعرض على مجلس الامة في دورته التي ستبدأ غدا، عراقيل من جانب مجلس الامة وبالتالي عدم قدرة البلاد على الخروج من ازمتها الراهنة والتي ستزيد من الوضع المتدهور للقطاع الخاص الذي كان قبل النفط يقود العجلة الاقتصادية في البلاد الى ان تحول لتابع للقطاع العام واياديه مغلولة بالكثير من التشريعات التي تحد من تحمل مسؤولية التنمية الاقتصادية في البلاد، بل ان القطاع الخاص وقع ضحية الخلافات السياسية على مدى السنوات الماضية علما بأنه سيواجه الكثير من المعاناة في السنوات المقبلة في ظل استمرار الخلافات السياسية.
ارقام ومؤشرات
استحوذت قيمة تداول اسهم 7 شركات والبالغة 21.4 مليون دينار على 52.9% من اجمالي القيمة، وهذه الشركات هي: البنك الوطني، البنك الدولي، بيتك، مجموعة الصناعات، منا القابضة، اجيليتي وزين.
استحوذت قيمة تداول سهـــم منا القابضــــة البالغـــــة 4.5 ملايين دينــــــار على 11.1% من القيـــمة الاجمــالية.
تكبدت جميع قطاعات السوق خسائر كبيرة اعلاها قطاع الخدمات بمقدار 190.8 نقطة، تلاه قطاع الاستثمار بمقدار 165.7 نقطة، تلاه قطاع الشركات غير الكويتية بمقدار 105.7 نقاط.