وقع بنك الكويت الوطني مع شركة مشاريع الكويت «كيبكو» امس اتفاقية تسهيلات مالية تحصل بموجبها «كيبكو» على قرض مالي بقيمة 80 مليون دينار لمدة 5 سنوات لتمويل عمليات الشركة.
وقال نائب رئيس مجلس الإدارة لشركة مشاريع الكويت فيصل العيار إن اتفاق التسهيلات الجديد يعكس المكانة التي تتمتع بها «كيبكو» في الأوساط المالية، كما يأتي هذا القرض المالي المجدول على مدى 5 سنوات مع بنك الكويت الوطني في إطار العلاقة الوثيقة والعريقة القائمة بين المؤسستين، وهي علاقة تقوم على أسس من التقدير والاحترام المتبادل، ناهيك عما نكنه نحن من تقدير لمستويات المهنية الرفيعة والالتزام اللذين ينفرد بهما البنك الوطني».
وأضاف العيار قائلا: «إن هذه الصفقة تأتي منسجمة مع استراتيجيتنا القائمة على الإدارة الفعالة لقاعدة تمويل المجموعة من خلال تمديد آجال الاستحقاق وتنويع قاعدة عملائنا ومستثمرينا. كما أنها دليل آخر على الإدارة الحريصة لالتزاماتنا المالية والتي منحتنا القدرة للتعامل بشكل جيد وفعال مع الأزمة المالية».
من ناحيتها، أعربت نائب الرئيس التنفيذي في بنك الكويت الوطني شيخة البحر عن اعتزاز بنك الكويت الوطني بعلاقته الوثيقة مع شركة مشاريع الكويت «كيبكو» ونجاح الطرفين في ترتيب وإنجاز هذا الاتفاق الناجح.
مضيفة: «أن بنك الوطني يشاطر شركة كيبكو تفكيرها الاستراتيجي والتزامهــــا المطلق بتنشيط وتنميــــة الســـوق والاقتصـــاد الكويتـــي.
وتأتي عملية التمويل هذه انسجاما مع الاستراتيجية التي ينتهجها بنك الكويت الوطني، والتي تهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني المحلي وتوفيـــر أدوات وسبل التمويل المناسبة للشركات المحليــــة بغيـــــة تمكينهـــا مــــن تحقيـــق أهدافهــــا الاقتصاديـــــة دون أي عقبــــات في ظل الأزمــــة الماليـــة الراهنــة».
4.8% نمواً متوقّعاً لاقتصاديات دول الخليج في 2010
أكد التقرير الصادر عن بنك الكويت الوطني حول أداء الاقتصادات الخليجية استفادة تلك الدول من تعافي الاقتصاد العالمي، موضحا أنه على الرغم من التوقعات ان ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الخليجي بالأسعار الثابتة في العام الحالي، إلا إنه سيعاود النمو في العام المقبل بواقع 4.8%.
وأوضح التقرير أن السياسة المالية التوسعية تشكل عاملا رئيسيا في مسار التعافي، موضحا أنه في حال شهدت أسعار النفط هبوطا مطردا في 2010، فإن الآفاق الإيجابية للاقتصاديات الخليجية ستضعف. وقال التقرير انه على الرغم من التعافي، قد يبقى نشاط القطاع الخاص مقيدا بتباطؤ النمو في حجم القروض الممنوحة من البنوك.
المحاذير الاقتصادية
وفي التفاصيل أشار التقرير إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت إجماعا متزايدا على أن الاقتصاد العالمي في طريقه إلى التعافي، وأن أسوأ ما في الأزمة قد انقضى. وبالفعل، تشير العديد من المؤشرات الاقتصادية بقوة إلى أن الأزمة في تراجع. ويتوقع صندوق النقد الدولي في تقديراته الأخيرة أن ينكمش الاقتصاد العالمي في العام الحالي بنحو 1.1%، قبل أن يتعافى في العام المقبل محققا نموا بواقع 3.1%. ويمثل ذلك تحسنا كبيرا في معدلات النمو المتوقعة، بلغ 0.3 و0.6 نقاط مئوية على التوالي مقارنة مع تقديرات الصندوق الصادرة قبل ثلاثة أشهر، موضحا أنه في الوقت نفسه، هناك إجماع أقل بين الاقتصاديين فيما يتعلق بشكل التعافي، فهل سيأخذ شكل «w» أو «v» أو «u»، أو أي شكل آخر يأتي بينها؟
ورأى الوطني أن هذا الطريق إلى التعافي قد أصبح ممهدا إلى حد كبير نتيجة دعم الحكومات حول العالم، بعدما تبنت سياسات مالية ونقدية توسعية، وأنقذت مؤسسات كبرى، وضخت رؤوس أموال وسيولة في الجهاز المصرفي. لكن في الوقت الراهن، بدأت بعض المخاوف الاقتصادية بالظهور، وذلك بعدما بدأت الحكومات، ومن ضمنها حكومات مجموعة العشرين، بالحديث عن مرحلة ما بعد الأزمة والوقت الأنسب لتبني «استراتيجية الخروج». ومما لا شك فيه أن هذا «الخروج» يتضمن وقف البرامج الحكومية التحفيزية ما أن تظهر علامات على تعاف قوي ومستدام. ومن المرجح ألا تدخل «استراتيجية الخروج» حيز التنفيذ قبل النصف الثاني من العام 2010.
انعكاس إيجابي
وأكد الوطني أن الاقتصادات الخليجية ستكون بين أكبر المستفيدين من أي انتعاش عالمي. فقطاع النفط مازال المحرك الرئيسي لأداء الاقتصاديات الخليجية. ويلاحظ أن مستويات الثقة في المنطقة بدأت تتعزز تدريجيا وتدعم التطلعات الاقتصادية لدول الخليج منذ أن بدأ ارتفاع أسعار النفط واستقرارها منذ شهر يونيو الماضي.
وأشار الوطني إلى أن الاستبيانات الأخيرة حول ثقة المستهلك تظهر تحسنا مطردا مقارنة مع الفترة السابقة من العام الحالي. وفي الواقع، لطالما شكل النفط العامل الرئيسي للأداء الاقتصادي وآفاقه في المنطقة. فخلال السنوات العشر السابقة، استحوذ القطاع النفطي على ما متوسطه 46% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، وعلى 75% من الصادرات السلعية، و84% من الإيرادات الحكومية، وفي الواقع، فإن حصة القطاع النفطي قد تجاوزت هذه النسب في السنوات الأخيرة.
ورأى الوطني أن الكلفة غير المباشرة للأزمة الاقتصادية العالمية على دول الخليج كانت كبيرة، بشكل يفوق إلى حد كبير ما كان يخشى منه في وقت سابق. وبالنظر إلى أداء الصناديق السيادية في المنطقة، على سبيل المثال، تقدر منظمة الأونكتاد حجم خسائر هذه الصناديق خلال عام 2008 بنحو 350 مليار دولار، أي ما نسبته 33% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. ومثال آخر على هذه التكلفة هو تراجع الإيرادات الحكومية الإجمالية لدول الخليج، والتي توقع الوطني أن تنخفض في العام الحالي بنحو 45% مقارنة مع مستواها في العام الماضي. وكانت تداعيات الأزمة واسعة النطاق وطالت تقريبا كل القطاعات الاقتصادية، ولو بدرجات متفاوتة. ومن هذا المنطلق، فإن الطريق إلى التعافي الكلي في المنطقة لن يكون مباشرا أو سهلا كما يتمنى له أن يكون.
وفي حال جاء تعافي الاقتصاد العالمي قويا، فذلك من شأنه أن يوفر دعما إضافيا لأسعار النفط في المدى القريب. لكن بالنسبة للعام الحالي، مازال الوطني يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الخليجي بالأسعار الثابتة بنحو 2.5%، متأثرا بشكل رئيسي بخفض إنتاج النفط. ويتوقع أن تشهد كل من الإمارات والكويت أكبر انكماش في الناتج المحلي الإجمالي خليجيا. من جهة ثانية، يتوقع أن يواصل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المنطقة النمو خلال العام الحالي، لكن بوتيرة أبطأ تبلغ 2%، مقارنة مع ما متوسطه 7% خلال السنوات الخمس السابقة. أما بالنسبة لعام 2010، فتوقع الوطني أن تحقق الاقتصادات الخليجية نموا بواقع 4.8% بالأسعار الثابتة، لتتجاوز بذلك أداء معظم المناطق الأخرى حول العالم. لكن تجدر الإشارة إلى أن العديد من المحاذير مازالت تحيط بهذه التوقعات.
سياسات مالية مساندة
وأشار الوطني إلى أن أسعار النفط قد شهدت تذبذبا حادا منذ الربع الثالث من العام الماضي. فقد هوى المتوسط الشهري لسعر سلة خامات أوپيك من 131 دولارا للبرميل في يوليو 2008 إلى 39 دولارا في ديسمبر من العام نفسه، قبل أن يرتفع مجددا إلى 78 دولارا في أواخر أكتوبر الجاري. ويعتبر هذا السعر «عادلا» بنظر الدول الأعضاء في أوپيك، والتي تفضل بدورها أن تستقر أسعار النفط عند مستوياتها الحالية. وترغب هذه الدول، حتى الآن، في أن يبقى إنتاج المنظمة عند مستواه الحالي، وترى أنه لا حاجة حتى الآن لوقف أو تعديل حجم الخفض في الإنتاج الذي أدخلته حيز التنفيذ منذ شهر نوفمبر 2008، والبالغ 4.2 ملايين برميل يوميا.
وفي المستقبل، قد تتحرك أسعار النفط صعودا أو نزولا، وفقا لعدد من المعطيات، منها وضع الاقتصاد العالمي، وظروف العرض والطلب على النفط، والأوضاع الجيوسياسية، وآفاق سعر صرف الدولار، إلى جانب الإجراءات والسياسات الاقتصادية للغرب.
لذلك، فإن التنبؤات في المرحلة الحالية حول مسار أسعار النفط في المستقبل تشوبها عدم التيقن في أحسن الظروف.
أما بالنسبة لدول الخليج، فرأى الوطني أن القلق الأكبر يتمثل في تراجع أسعار النفط مجددا إلى ما دون 50 دولارا للبرميل، أو ما دون المستوى الأدنى الذي يحقق التوازن في الميزانيات الحكومية.
وعلى الرغم من أن سيناريو هكذا سينعكس سلبا على حجم الموارد المالية وتطلعات الاقتصادات الخليجية، إلا أن الأثر الفعلي سيعتمد على ردة فعل الحكومات والقطاع الخاص إزاء تراجع أسعار النفط. وتاريخيا، ارتبطت المصروفات الحكومية، لاسيما على مشاريع التنمية، بشكل وثيق بأسعار النفط. ففي العام الحالي على سبيل المثال، تظهر ميزانيات دول الخليج، باستثناء السعودية والإمارات، عن نمو أقل في حجم المصروفات الحكومية أو حتى خفضها.
خفض المصروفات الحكومية
وفي حال شهدت أسعار النفط تراجعا مطردا في العام المقبل، وقررت الحكومات خفض المصروفات فذلك من شأنه أن يضعف الآفاق الإيجابية لاقتصادات المنطقة. وعلى العكس من ذلك، أشار الوطني إلى أنه سيكون من الأفضل للحكومات الخليجية أن تشيع جوا إيجابيا وتبني عليه عبر رفع المصروفات وزيادة المشاريع القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. كما سيكون من الأفضل لها أن تواصل الإصلاحات الاقتصادية وتدخل المزيد من التحسينات على بيئة الأعمال.
وعلى الرغم من أن ترتيب جميع دول الخليج جاء في مراكز متقدمة بين الدول (ضمن الثلث الأول) في تقرير القيام بالأعمال لعام 2010 الذي يعده البنك الدولي، إلا أن التقرير يظهر تراجع ترتيب أربع دول خليجية مقارنة مع العام السابق.
وهذا المنحى يظهر كذلك في تقرير التنافسية العالمي الذي يعده المنتدى الاقتصادي العالمي.
تحديات القطاع الخاص
وقد خلقت الأزمة العالمية العديد من التحديات الجديدة أمام القطاع الخاص في المنطقة، مع ضغوطات من جميع الاتجاهات تقريبا.
وعلى الرغم من تراجع حدة تلك الضغوطات مؤخرا، إلا أن القطاع الخاص قد يحتاج الى فترة أطول لاستعادة الثقة كاملة، واستعادة سلامته ونشاطه كما كان قبل اندلاع الأزمة. ورأى الوطني أن التشدد في منح القروض يشكل أحد أهم التحديات التي تواجه القطاع الخاص، ويلاحظ تراجع رصيد القروض الممنوحة إلى القطاع الخاص بنهاية شهر يونيو الماضي مقارنة مع مستواها بنهاية العام الماضي في كل من السعودية والبحرين، مقابل ارتفاعه بشكل طفيف في الكويت وعمان. وتظهر بيانات شهر مارس في الإمارات (أحدث البيانات المتاحة) كذلك تراجعا في حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة إلى القطاع الخاص.
وفي هذا الإطار، لا يتوقع أن تغير البنوك - على نحو كبير أو مفاجئ - في سياساتها الائتمانية في المدى القصير.
وكما في معظم الدول حول العالم، فإن محدودية توافر التمويل، إلى جانب ضبابية الرؤية بخصوص آفاق الاقتصادات الخليجية، قد دفعت القطاع الخاص إلى وقف خطط التوسع والعمل دون طاقته الكاملة.
ويعزى ذلك الأداء المبرر إلى تراجع كل من الطلب المحلي والخارجي، وتباطؤ وتيرة نمو عدد السكان، وكذلك إلى إلغاء العديد من المشاريع الحكومية.
وبما أن القطاع الخاص في المنطقة قد اتخذ العديد من الإجراءات لخفض الكلفة التشغيلية، كتسريح بعض الموظفين وخفض الرواتب وغيرها، فإن التراجع المحتمل في المستوى العام للأسعار (التضخم السلبي)، في حال تحقق، من شأنه أن يؤثر سلبا وبشدة على مستويات الربحية.
فتراجع الأسعار يعتبر إيجابيا بالنسبة للمستهلك، إلا انه النقيض من ذلك بالنسبة للشركات.
ورأى الوطني أن هناك احتمالا طفيفا بأن تشهد الأسعار تراجعا في المنطقة، إلا ربما في قطر والإمارات حيث سيكون الاحتمال أكبر نتيجة التراجع الكبير الحاصل في أسعار العقارات والإيجارات.
وأشار الوطني إلى أن الخدمات المصرفية تمثل أحد النشاطات الرئيسية للقطاع الخاص في الخليج، لتساهم بما نسبته 4 إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، رغم حصة القطاع النفطي الكبيرة. ومن الواضح أن تراجع النشاط الائتماني للبنوك ينعكس سلبا على البنوك نفسها بقدر ما ينعكس على نشاطات القطاع الخاص. وأظهرت النتائج المالية لمعظم البنوك في المنطقة في النصف الأول من العام الحالي تراجعا في الأرباح مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وإلى جانب زيادة المخصصات التي تأخذها البنوك، فقد تأثرت البيئة التشغيلية للبنوك الخليجية بشكل إضافي بتعثر مجموعتي سعد والقصيبي السعوديتين.
ومن دون شك، ليس للبنوك جميعها حجم الانكشاف نفسه على هاتين المجموعتين، ويتوقع أن تكون البنوك السعودية الأكثر انكشافا لهما. وفي هذا الإطار، لم تكشف جميع البنوك عن حجم انكشافها أو المخصصات التي جنبتها نتيجة لذلك. وبالتالي، يظهر جليا النقص في الشفافية التي تعاني منه المنطقة فيما يتعلق بهذه المسألة، ما دفع ببعض وكالات التصنيف الائتماني وغيرها إلى توفير تقديرات غير رسمية أو ربما غير دقيقة عن حجم الانكشاف الفعلي للبنوك الخليجية على هاتين المجموعتين.
لكن في الوقت نفسه، أكد الوطني أن البنوك الخليجية لطالما كانت بين أقوى البنوك في المنطقة وأكثرها أمانا، وذلك وفقا للعديد من المؤشرات المالية، مثل رأس المال ومعدل الربحية والدعم الحكومي والسياسات المتحفظة التي تنتهجها.