بقلم: طارق هيبة - مدير المبيعات - الشرق الأوسط - تركيا وأفريقيا - دل إي إم سي
تخيل عالما من الأعمال بدون مكاتب استقبال أو مراكز استعلامات، وعند وصولك لاجتماع عمل، ترحب بك لافتات رقمية لترشدك إلى اتجاه غرفة الاجتماعات أو إلى قاعة المؤتمرات الخاصة بك، وعندما تذهب لموعد مع طبيبك الخاص، تكون الغرفة، والمختبر، ومهنيو الرعاية الصحية على أتم استعداد لاستقبالك، ومجهزين بكل المعلومات الموجودة في ملفك الطبي.
تحليلات البيانات مهدت طريق الوصول إلى عالم متكامل او ذكي. فهي حولت البيانات من عبء الى كنز ثمين. وهناك الكثير من المزايا التي يمكن إنشاء الأطر التي يتم من خلالها التعامل مع البيانات لتصبح إلى حد كبير بمنزلة القلب النابض لعمليات المؤسسات، ولكن الحقيقة تبقى أن أكبر فائدة منها هي توفير مساحة جديدة لاستخدام البيانات التي يتم تخزينها بطريقة أخرى لأسباب تنظيمية أو بهدف الامتثال.
ولا يقتصر ذلك على القطاع التجاري وحده: فربما تكون أكبر فائدة يمكن أن تجلبها تحليلات البيانات الاستراتيجية تتمثل في القدرة على التأثير على تجربة المستخدم النهائي. الأمر الذي يعد اليوم أولوية ليس فقط لقطاع المستهلكين المتنافس، ولكن أيضا للحكومات والإدارات التي تسعى إلى توفير أفضل تجربة ممكنة للمواطنين.
فيمكن لتحليل البيانات الناتجة عن تفاعل الحكومة مع المواطنين أن يكون ذا فائدة عظيمة، حيث إن العمل البسيط المتمثل في ربط النقاط بين أنماط أو حالات تبدو غير مترابطة أن يوفر للسلطات مفتاحا للنجاح. ففي إحدى مدننا الإقليمية الرئيسية، على سبيل المثال، تمكنت السلطات من كشف النقاب عن إمكانية تجنب حوادث المرور إذا تمكنت سلطات المرور من الوصول إلى البيانات والخطط الخاصة بالبلدية أو مزودي الخدمات أو حتى من قسم التخطيط.
وطبقا لدليل الإنفاق العالمي نصف السنوي على البيانات الكبيرة وتحليلات البيانات التابع لمؤسسة البيانات الدولية (IDC)، فإن الإيرادات العالمية للبيانات الكبيرة وتحليلات الأعمال ستنمو لأكثر من 203 مليارات دولار في عام 2020.
ومن المنظور الإقليمي، وفقا لفروست اند سوليفان، فمن المرجح أن يتجاوز سوق البيانات الكبيرة والتحليلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي السوق العالمية ويصل إلى 635.5 مليون دولار في عام 2020.
وقد يكون قطاع التجزئة واحدا من أوائل الجهات التي تعتمد تقنيات جديدة مختلفة والتي تعد بتقديم تجربة عملاء متغيرة ولا تنسى. حيث نجح القطاع في تقديم العروض التجارية حسب فئات الزائرين لمنافذ البيع في الشوارع المزدحمة أو المراكز التجارية، حيث تعرض الشاشات الرقمية مجموعات مختلفة من المنتجات على أساس الفئات الأكثر احتمالا لزيارة المحلات التجارية في أوقات مختلفة، فمن خلال متابعة التحول الديموغرافي لزيارات المواقع، يمكن لمتاجر التجزئة تغيير عروضها بسهولة لتناسب زيارة ربات البيوت في وقت متأخر من الصباح مثلا، أو مجموعة طلاب الجامعات في وقت مبكر من المساء، أو العائلات في عطلة نهاية الأسبوع.
وبناء على تجربة المستشفى الموضحة سابقا، فهناك عدد من الأمثلة القوية على مجموعات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد تحليلات البيانات لتحسين تجربة المرضى. فوفقا لشركة ألبن كابيتال، من المتوقع أن ينمو سوق الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 71.3 مليار دولار في عام 2020، مما سيولد كمية غير مسبوقة من البيانات، الأمر الذي سيتيح فرصة كبيرة للشركات لتطوير السوق بشكل أكبر. فعلى سبيل المثال، مخططات التاريخ المرضي التي توضع على طرف السرير ستندثر قريبا، حيث ستسمح الأجهزة الرقمية في أيدي الأطباء والممرضين، وحتى فنيي المختبر، للوصول إلى أحدث البيانات عن تاريخ المريض، والأدوية، ونتائج الاختبار، وحتى تبادل الملفات الرقمية مع المتخصصين أو غيرهم من مستشفيات الإحالة. وهذا يجمع أيضا مختلف الجهات المتحالفة مثل شركات التأمين وشركات الأدوية وغيرها من «الدائرة الداخلية» نفسها، مما يتيح تبادل المعلومات بشكل أفضل، واتخاذ ردود فعل أسرع حول التوجهات وحتى الأوبئة، وزيادة الشفافية للجميع.
وفي قطاع السفر والسياحة، قد تشكل البصمة الرقمية للسياحة العالمية أقوى مصدر للبيانات القابلة للتنفيذ لهذا القطاع بأكمله، بما في ذلك الفنادق والمنتجعات وشركات الطيران وغيرها من مقدمي النقل ومقدمي الخدمات التجريبية مثل الرحلات البحرية والمتنزهات وحتى صناعات الدعم مثل تأجير السيارات ومقدمي تأمين السفر. فمع تفاوت مواسم العطلات النموذجية في جميع أنحاء العالم على أساس الطقس والتقويمات المدرسية والمهرجانات الدينية، والعديد من العوامل الأخرى، يمكننا أن نتنبأ في الواقع باليوم الذي سيصبح فيه مستشار السفر الخاص بك عبارة عن مساعد سفر رقمي ذكي قادر على العثور على أفضل تجربة وحزمة سفر على أساس الرحلات السابقة، والاستعراضات الخاصة بك على الإنترنت وردود الأفعال، أو حتى بالاعتماد على عدد المشاركات على شبكات التواصل الاجتماعية التي كنت قد نشرتها خلال عطلتك أو بعدها.