-
سهولة الرقابة واستئناسها خلقا المناخ الملائم للنمو غير المحمود لعدد شركات الاستثمار فوق قدرة السوق
-
10 مليارات دينار خسائر شركات الاستثمار منذ اندلاع الأزمة المالية حتى اليوم
-
الأزمة كشفت عورات عدد من شركات الاستثمار لجأت إلى بيع الوهم في غياب الرقابة الفاعلة
-
معادلة القطاع المالي معكوسة في ظل الزيادة الملحوظة في عدد شركات الاستثمار مقابل عدد البنوك
-
إدارة شركات الاستثمار تعتمد على امتلاك حصة مؤثرة وليس وفق مصلحة الأغلبية الساحقة
أحمد سمير
ثمة شعور بالدهشة ينتاب الأوساط الاقتصادية أمام حجم الخسائر الضخمة التي تكبدتها الشركات الاستثمارية منذ اندلاع شرارة الأزمة المالية العالمية قبل نحو عام، والتي تقدر بنحو 10 مليارات دينار.
ذلك الوضع الذي آلت اليه ظروف العديد من الشركات الاستثمارية يجعل الحديث حولها أمرا مهما، لاسيما انها كانت تمتلك أصولا تقدر بنحو 23 مليار دينار وقت نشوب الأزمة، وكان البعض ينظرون اليها على اعتبارها الرديف الأمثل للقطاع النفطي لتأتي الأزمة العالمية وتكشف عورات العديد من شركات ذلك القطاع الاقتصادي المهم. وليس خافيا على أحد ان وسائل الإعلام والأوساط الاقتصادية كانت ترصد بإعجاب ملحوظ ما بلغته بعض شركات الاستثمار من نمو وانتشار اقليمي وعالمي (قيمة الاستثمارات الأجنبية تجاوزت الـ 4.2 مليارات دينار) فاق التقديرات، ولكن بين عشية وضحاها وفيما كانت تتوالى أخبار استحواذات وأنشطة ومشاريع بعض الشركات الاستثمارية (البالغ عددها 99 شركة بين تقليدية وإسلامية) جاءت الأزمة المالية لتكشف المستور، وتبيّن للجميع ان الصعود والنمو الذي حققته بعض تلك الشركات لم يكن صعودا آمنا أو راسخا، انما هو صعود هش لا يستند الى أسس قوية ومتينة ومع أول إعصار انكشفت العورات.
وكانت كبرى صدمات الأزمة تلك التي تلقاها قطاع الاستثمار وشركاته المدرجة في البورصة سواء على مستوى حقوق المساهمين أو على مستوى رؤوس الأموال أو على مستوى الأرباح التشغيلية وهكذا. وفي الوقت الذي كانت فيه بعض تلك الشركات ينظر اليها كنموذج يحتذى باتت نموذجا للتعثر والتخبط. وفي سياق تعليقها على واقع الحال لقطاع شركات الاستثمار المتعثر يقول أحد المصادر الاستثمارية ان التطرق الى تعريف مدلول شركات الاستثمار يقودنا الى نقطة مهمة تتعلق بحجم وطبيعة ونوع الرقابة الواجب ممارستها على شركات ذلك القطاع، اذ ان شركات الاستثمار ما هي الا بنوك وما يطبق على البنوك التجارية من رقابة وتنظيم ينسحب بكل تفاصيله على الشركات الاستثمارية وهو الأمر الذي افتقده القطاع عندنا، تسبب في حدوث شرخ أو قصور حاد في الرقابة عليها من قبل الجهات المعنية بذلك، وهكذا شهد القطاع نوعا من التراخي فيما ضاعت مسؤولية الرقابة والتدقيق بين عدد من الجهات المعنية وآلت الأمور الى ما آلت اليه. ولكن تأتي الدروس والعبر دائما من الأزمات وقد دفعتنا ظروف القطاع إلى تلمس النصيحة لتوفير ضمانات الصعود الآمن لشركات الاستثمار وحتى لا يأتي ذلك اليوم مجددا الذي تتهاوى فيه شركات كانت إلى وقت قريب جدا ملء السمع والبصر وفي الوقت الذي كانت تفاخر بإنجازاتها وجدت نفسها في مأزق مالي لا تحسد عليه ولكن بماذا ينصح الاقتصاديون والمتخصصون لضمان الصعود الآمن والاستمرار على القمة؟
-
1-ضرورة توفير الرقابة الفاعلة سواء من قبل البنك المركزي أو وزارة التجارة والصناعة أو أي جهة أخرى رقابية على قطاع شركات الاستثمار وتشريع آليات عمل رقابية محكمة بذات القدر الذي يمارس على البنوك، وربما أكثر وقد تلاحظ ان البنك المركزي في إطار تشديد رقابته علـــى شركـــات القطاع مؤخرا قد طالبها بتقديم بيانات دقيقـــة وكاملــة عن المحافظ المالية الأجنبية التي تمتلكها.
والــى جانب ذلك فقد سعى البنك الى تعزيز دوره الرقابي على شركات القطاع وكلف مكاتـــب التدقيق والمراجعة المتعاقدة معها شركـــات الاستثمار بالتأكد من مدى كفاية إجـــراءات تلك الشركات وقدرتها على تجنب المخاطر التي تأتي نتيجة سوء الإدارة أو تجاوز لضوابط نظم الرقابة الداخلية لديها، حيث اصبح رأي مدقق الحسابات حول الرقابة الداخلية في شركات الاستثمار جزءا أساسيا في التقرير المالي السنوي للشركات الاستثمارية.
ويذكر ان مؤسسة ستاندرد شارترد للتصنيفات الائتمانية ذكرت ان مستوى درجة المخاطر في النظم المالية لشركات الاستثمار الكويتية مرتفعة جدا، مشيرة الى ان 70% من ديون شركات الاستثمار المتداولة أسهمها في البورصة هي قريبة الأجل ما يزيد من حدة المشكلة نظرا الى الطبيعة الطويلة الأجل لأصولها.
-
2-أهــــمـيــــة ان تكون نسبة عــدد الشركات الاستثماريــــــة الـى عــدد البنــوك التجارية ما بين 2 إلى 10% في القطاع المالي ولكن العكس هو القائم في الكويت اذ ان عدد الشركات الاستثمارية يفوق المائة شركة فيما يقابلها ما دون الـ 10 بنوك تجارية وهو منطق معكوس بالنسبة للعمل في القطاع المالي وضوابطه.
ففي الوقت الذي ترتفع فيه فاعلية الرقابة وشروطها وأحكامها ترتفع فيه مستوى المعايير وقد أدت الظروف التي كانت سائدة في القطاع المالي الى سهولة تأسيس الشركات الاستثمارية، وهكذا أصبح عدد الشركات الاستثمارية يتجاوز حجم السوق في الكويت (100 شركة) مما أدى الى ان بعض هذه الشركات باتت تتاجر بالوهم وتعلن عن تفريخ شركات وهمية لا وجود لها فتجسد المأزق الذي يعيشه القطاع المالي في الكويت في الوقت الراهن. وبذلك توالى اشهار شركات استثمارية اصبحت اكبر من قدرة السوق ولا تستند لواقع قائم.
-
3-لابد من وجود استراتيجية استثمار تعتمد على قرارات استثمارية بعيدة ومتوسطة وقريبة المدى مع مراعاة حساب التوازن في الوقت وان تطلع على هذه الاستراتيجية الجهات الرقابية المعتمدة حتى لا تكون الخطط بعيدة عن أرض الواقع ولا تعتمد على أسس ومعايير استثمارية واضحة.
-
4-ضرورة مراعاة التوازن بين الأموال المستثمرة والأرباح المتوقعة حتى تنجح الشركة في تحقيق أرباح مستقبلية مجزية اذ ان الاستثمار يعني استخدام الفائض من الأموال في الوقت الحاضر لتحقيق أرباح في المستقبل الا ان هذا المبدأ لم تأخذ به معظم شركات الاستثمار ويكاد من بين 100 شركة تطبقه قلة من الشركات فقط وهنا يبرز دور الرقابة مجددا لتجسيد هذا المفهوم لدى الشركات.
-
5-ينبغي ان تكون السيــاســات الاستراتيجية للاستثمار مهتمة بالتنوع والتباين والتعدد في الكيفية والنوع والكمية حتى يتم تكوين محفظة استثمارية آمنة تحتوي على التنوع اللازم في الأدوات والمجــــــالات الاستثمارية.
-
6-الاهتمام بعامل التوقيـــــت، خاصة عنــد احتساب الــدورة الاقتصادية من حيـــث بداية النمو ووقت الذروة وتوقيت الانحسار اذ ان مراعاة ذلك يجنب المستثمر معظم المخاطر من حيث اختيار المنتج الآمن سواء كانت أسهما أو عقارا أو خدمات.
-
7-يجب ان تعتمد الشركة الاستثمارية على خطط في التحرك الأفقي والتحرك الرأسي، بالإضافة الى التنوع المشار اليه سابقا حتى تتملك الشركة المرونة اللازمة للتحرك في جميع الظروف.
-
8-ضرورة توافر عناصر الإدارة الجيـــدة من كوادر وأنظـمـة وآلية عمل وهو للأسف ما تفتقر إليه كثير من شركات الاستثمار في الكويت اذ ان عملية اختيار الإدارة لا تتم من خلال موافقات الجهاز الرقابي (البنك المركزي) وانما تتم وفق الجهة المسيطرة على أكبر عدد من الأسهم وهكذا فإن الأمر لا يتم وفق الكفاءة وانما العملية تتم حسب نسبة التملك فمن يملك حصة سيطرة (حوالي 25 ـ 30%) تؤول له الإدارة وهكذا تصبح ادارة الشركة تتم وفق مصالح الجهة المسيطرة على الشركة وليس وفق مصالح من يملكون معظم اسهم الشركة ويكون الولاء لتنفيذ خطط الجهة المسيطرة وليس وفق الأهداف الاستراتيجية الاستثمارية الموضوعة للشركة.
-
9-أهمية الربـط بين الأحــداث والمتغيــــرات والتطـــورات الاقتصادية العالمية مع الأوضاع الداخلية في البلد، وذلك لتقدير المخاطر الاستثمارية المستقبلية وعدم الغياب الكامل عن الواقع وما ستسفر عنه المعطيات القائمة.
-
10-وضع معاييــر ومقاييس لتقييم الأداء واعتمــاد خطط بـديلـــــة وخطــط للخـــــــــروج مـــــن أي استثمــــــار دون التــــورط فيمــــا لو تبــين عدم الجدوى الاستثماريـــــة فــــي الاستثمار المستهدف.