قال تقرير صادر عن مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية ان المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية خسر خلال شهر أكتوبر الماضي بمعدل 6.0%، وبنسبة مقاربة بلغت 7.1% كانت خسارة المؤشر السعري، وبذلك يكون أداء المؤشرين متناقضين منذ بداية العام الحالي حتى نهاية أكتوبر، وذلك بأرباح للوزني بمعدل 4.0%، في مقابل خسائر للسعري بمعدل 5.6%، ويرجع التباين في أداء المؤشرين إلى أن الأول يعتبر موزونا، وبالتالي، فإن أثر الشركات الكبيرة يكون واضحا، بينما الثاني لا يفرق بين الشركات من حيث الحجم، وبالتالي، يعكس أداء الشركات الصغيرة كونها الأكثر عددا في سوق الكويت للأوراق المالية.
وافاد التقرير بانه ليس هناك شك بأن المؤشر الوزني أفضل من السعري في قياس أداء السوق الكويتي عموما، لكن مؤشر جلوبل يعتبر الأدق، وبالتالي، فإنه يترجم الواقع بشكل أفضل، وقد بلغ أداؤه منذ بداية العام الحالي بين المؤشرين الرسميين، حيث كان سالبا بمعدل 1.3%، أي انه لا يوجد تغيير يذكر منذ بداية العام 2009 حتى نهاية أكتوبر الماضي، وتجدر الإشارة إلى أن مؤشر جلوبل تكبد خسائر بمعدل 7.2% خلال الشهر المذكور، وذلك بما يقارب أداء المؤشرين الوزني والسعري.
أما بالنسبة لمؤشرات السيولة والتداول، فأفاد بأنها انخفضت بشكل ملحوظ خلال شهر أكتوبر الماضي، وذلك بمعدل 36%، حيث تراجع متوسط التداول اليومي إلى 53.4 مليون دينار من 83.4 مليون دينار خلال شهر سبتمبر، وقد كان التراجع في التداول طبيعيا بالتزامن مع انخفاض الأسعار، ناهيك عن استمرار ضعف الاهتمام بسهم «زين»، والذي كان المنشط الأساسي للتداول والأسعار خلال يوليو وأغسطس، وأيضا سبتمبر إلى حد ما.
الأداء حتى نهاية العام
وبين التقرير انه ربما يتساءل الكثيرون عن توقعات أداء البورصة حتى نهاية العام 2009 أي خلال شهري نوفمبر وديسمبر، وذلك في ظل المتغيرات المتسارعة وربما المتضاربة أحيانا، والتي هي خليط من العوامل الاقتصادية والسياسية والنفسية أيضا، ومن المؤكد صعوبة التنبؤ في ظل تلك «الخلطة» المحيرة للبعض، إلا اننا لا نستبعد الهبوط الإضافي الذي قد يتراوح بين 5 و15% على أساس مؤشر جلوبل العام، وربما يختلف الواقع عن تلك الأرقام، لكن الهبوط مرجح على الصعود وفقا للمعطيات الحالية، والذي نتمنى ألا يتعدى المدى المذكور.
وتوقع انه بفرضية هبوط المؤشر إلى المستوى المشار إليه منذ الآن حتى نهاية العام، فإن ذلك لا يدعو إلى القلق الكبير والهلع الشديد.
وتابع: «كون الأداء الحالي للبورصة أفضل من توقعاتنا التي أصدرناها نهاية العام الماضي، والتي كانت متماشية مع باقي التوقعات المهنية، حيث لم يتوقع أحد ارتفاع البورصة خلال العام 2009 على حد علمنا، وربما كان هناك إجماع على هبوطها ولو باختلاف النسب والتقديرات، وبالتالي، فإن تراجع البورصة حتى نهاية العام بنسب تقارب المشار إليها أعلاه ليس مفاجئا، مما لا يتطلب ردة فعل غير عادية رغم الخسائر المتوقعة، ونقول هذا والأسواق من حولنا عامرة بالأرباح الوفيرة، وتزهو بالأجواء الاقتصادية الجميلة، والله المستعان على كل حال».
سمعة سيئة
وذكر التقرير ان التراجع في سوق الكويت للأوراق المالية وعودته إلى نقطة الصفر منذ بداية العام لم يأت من فراغ، فظاهرة تعثر الشركات مازالت حاضرة وربما متزايدة، كما أن مسلسل فضائح الشركات مازال مروعا ودراماتيكيا، حيث تتوالى يوميا الأخبار والمعلومات حول سوء الإدارة الفاحش والفساد الطاغي في شريحة من الشركات المدرجة، والذي لم يكن مفاجئا لنا على الإطلاق، حيث ان العبث والدجل كان سائدا وبقوة منذ سنوات طويلة لكنه كان متواريا وراء ستار السيولة الجامحة وآليات «البروباغندا» العملاقة، والتي كان وقودها أموال المساهمين المغيبين، إلى أن أزاحت الأزمة العالمية ستار السيولة المزيفة وحطمت طاحونة الدجل والهرطقة.
واضاف: «على خلفية الواقع الأليم لسوق الكويت للأوراق المالية، تتوالى التقارير السلبية والتي تصدرها المؤسسات الإقليمية والعالمية المتخصصة، فعلى سبيل المثال نشرت الصحف في 9/10/2009 تقريرا لـ «هيرميس» يشير إلى الفوضى في شركات الاستثمار التي تشكل مجازفة كبيرة للائتمان، كما نصح تقرير لـ «كريديت سويس» تم نشره في 8/10/2009 بالتخفيف من الاستثمار في الأسهم الكويتية والاتجاه نحو أسواق واعدة، كما أشارت دراسة لشركة «بوز آند كومباني» ـ نشرت أيضا في 8/10/2009 ـ إلى ضعف القطاع المالي الكويتي بسبب الاستدانة المفرطة لشركات الاستثمار، ولا شك في أن هناك سيلا من التقارير السلبية تجاه الاقتصاد الكويتي، والذي أصبح مضربا للمثل في التخلف والفساد والتدهور، للأسف الشديد».
تصريحات... ضحك على الذقون
اشار التقرير الى ان العام الحالي يعتبر قاسيا على البنوك، وذلك جراء الصدمات المتوالية من حالات التعثر لكبار المدينين سواء كانوا محليين أو إقليميين، وبالتأكيد فإن هذه الحالة السلبية ليست خاصة بالكويت حيث انها ظاهرة إقليمية وعالمية أيضا، وقد انخفضت النتائج المجمعة لستة من البنوك أعلنت نتائجها حتى الآن بمعدل 52% لثلاثة أرباع العام 2009 بالمقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي 2008، ومن المرجح أن ترتفع نسبة الانخفاض في النتائج عند إعلان باقي نتائج البنوك.وذكر ان حالة سوء الإدارة والفساد السائدة في الشركات المدرجة امتدت إلى بعض البنوك، كما أن التلاعب بالألفاظ واللف والدوران كان على لسان بعض مسؤولي البنوك، وذلك من قبيل الزعم بأننا رابحون لكن كنهج تحفظي سجلنا مخصصات أكثر من اللازم الذي أدى إلى تكبد الخسائر، وقد ينطلي هذا الكلام على البعض لكن هذه التصريحات هي هروب من الواقع وضحك على الذقون كما يقال، وذلك نظرا للحسابات الرديئة لشريحة مهمة من كبار عملائها. ونتوقع أن الوضع السلبي للبنوك بشكل عام سيستمر في الربع الرابع من العام الحالي، وربما للعام القادم، والذي نتمنى أن يكون بدرجة أقل، وللإنصاف، فإنه لابد لنا من القول ان هناك بنوكا -ولو أنها قليلة -أثبتت كفاءتها ومتانتها في أصعب الظروف، ويفتخر اقتصادنا الوطني بها، كما نتمنى أن تفتتح معاهد تدريبية لباقي البنوك لتعليمها أبجديات العمل المصرفي المهني.
وافاد التقرير بانه تردد في الصحف أن وزارة التجارة والصناعة تتابع الشركات الوهمية التي ليس لها وجود فعلى إلا من خلال الأوراق، وتبين أن بعض تلك الأوراق مزيفة، أي أن هذه الشركات ليست موجودة شكلا وموضوعا، ولقد تطرقنا عدة مرات للشركات الورقية خاصة المرتبطة بسوق المال، والتي هي مجرد أدوات للتلاعب والنصب والاحتيال، كما تبين ضررها البالغ على بورصة الكويت والاقتصاد الوطني عموما، من هذا المنطلق، فإننا نقدر ونثمن جهود وزارة التجارة والصناعة في فتح هذا الملف ومحاولة القضاء على هذه الظاهرة المستفحلة، كما نتمنى أن تشمل هذه الإجراءات الإحالة إلى الجهات القانونية المختصة لاتخاذ اللازم ضد من يقف وراء هذه الشركات المزيفة، سواء كانوا من القطاع الخاص أو من موظفي الوزارة، والذين لا تكتمل دورة النصب والاحتيال إلا بتواطئهم مع ما يمكن تسميته بالعصابات المنظمة.
أحد أضلاع الفساد
ولفت الى انه من جهة أخرى، تردد أيضا قيام وزارة التجارة والصناعة بمتابعة أداء مراقبي الحسابات، والذي أصبح دور شريحة عريضة منهم مشبوها للغاية ويرقى إلى تشكيلهم أحد أضلاع الفساد الرئيسية المرتبطة بالبورصة والاقتصاد ككل، حيث تحول دور بعض مدققي الحسابات من دور المؤتمن على صحة البيانات المالية إلى دور مهندس العبث والتزوير فيها، وذلك جراء انعدام الرقابة الحقيقية من الجهات الرسمية، مما أدى إلى تدهور سريع في القيم الأخلاقية والمهنية لبعض مدققي الحسابات، حيث تحول دور هؤلاء إلى مجرد «بصامين» ومعتمدين للتلاعب الذي يقوم به المسؤولون عن بعض الشركات المدرجة وغير المدرجة، وذلك لضمان استمرار تعاقداتهم وقبض الأموال من فوق وتحت الطاولة كما يقال.
وبهذه المناسبة، قال انه يجب ألا نغفل القلة القليلة من مدققي الحسابات المتمسكين بآداب وشرف المهنة، والذين لا يخضعون للإغراء والإغواء ولضغوط ظروف العمل بالغة الفساد، وذلك في سبيل أداء مهامهم الحساسة والخطيرة على أكمل وجه، كما نشجع وزارة التجارة والصناعة على الاستمرار في تطهير هذه المهنة، والذي سيكون محل ترحيب وتقدير من جانب المجتمع الاقتصادي النظيف.