-
يجب تحديث التشريعات من خلال زيادة الدور الرقابي
زكي عثمان
تحولت بؤرة اهتمام المنطقة خلال الأيام الماضية إلى الكويت بفضل تنظيم ملتقى الكويت المالي الذي اختتم أعماله مؤخرا بعد أن سلط الضوء على العديد من النقاط المهمة بخصوص الأزمة المالية وتداعياتها على المنطقة.
ووسط نجاح كبير شهدت به جميع الأوساط المراقبة، نجح الملتقى في تسليط الضوء على العديد من النقاط الحساسة والمهمة والتي في مقدمتها دور المصارف في تجاوز الأزمة لاسيما وأنها المعنية الأولى بشق كبير من الأزمة وتحديدا في علاج جزء كبير من المشكلة بحكم القروض الممنوحة منها إلى الشركات والأفراد وأيضا بحكم أنها المعنية أيضا بتوفير التسهيلات الائتمانية الجديدة للراغبين.
ونجاح الملتقى لا يعني بالضرورة انه وضع الحلول الكافية للازمة ولكن تشخيص الأزمة في حد ذاتها هو البداية المنطقية للعلاج الحقيقي بعد أن بدأت آثارها في الانحسار على المستوى العالمي وأيضا في دول المنطقة ولكن في الكويت مازالت تداعياتها مستمرة بل وتزداد يوما بعد الآخر في ظل تأخر أساليب علاج الأزمة والتي تأتي في مقدمتها إقرار قانون الاستقرار المالي.
ولاشك أن قانون تعزيز الاستقرار المالي يهدف في جوهره إلى مواجهة أي انعكاسات سلبية للأزمة المالية العالمية على النظام المالي المحلي وعلى الوضع الاقتصادي للبلاد كما انه جاء في إطار السياسات والإجراءات الاحترازية والاستباقية لـ «المركزي» لمواجهة أي انعكاسات سلبية على النظام المالي والاقتصادي على البلاد. كما يسلط الضوء على مجموعة من المحاور التي تستهدف تحصين القطاع المصرفي وترسيخ دعامات الثقة بالنظام المالي وتحفيز النشاط الاقتصادي فضلا عن إيجاد معالجات خاصة بقطاع شركات الاستثمار وتحديدا للشركات المليئة.
مشاركون في الملتقى استطلعت «الأنباء» أراءهم طالبوا بتدخل سريع وعلى مختلف الأصعدة في مقدمتها ضخ السيولة من والى الجهاز المصرفي بمعني زيادة ضخ «المركزي» للسيولة إلى البنوك فضلا عن قيام البنوك بدورها في تمويل المشاريع والأنشطة الجديدة للشركات والأفراد وكذلك إدخال تعديلات في مجموعة النسب الرقابية بهدف تخفيف ضوابط الإقراض.
وأكدوا على أهمية تعزيز معايير الحوكمة ومراجعة أساليب العمل المصرفي المتعلقة بشروط التمويل وتحديث التشريعات في المجال المصرفي، التي تسمح بتوسيع الدور الرقابي ليطول المؤسسات التي تقوم بتطوير أنشطة لها لاسيما في العمل المصرفي.
هذا وخلص كثير من المشاركين في الملتقى إلى أن هناك أسبابا متعددة للأزمة المالية أهمها سوء تسعير وإدارة المخاطر المتبع سابقا في الولايات المتحدة والذي ترتب عليه الإفراط في عمليات الإقراض وأيضا ضعف الإشراف على اقتصادات الدول المتقدمة بالإضافة إلى دور السياسات النقدية والمالية المتبعة التي أدت إلى النتائج غير المحمودة حتى اليوم.
وأكدوا أن البنوك المركزية الغربية بالغت كثيرا قبل الأزمة في التركيز على معدلات التضخم المستهدفة كما أنها ركزت أيضا على الاستشراف الذاتي للبنوك والمؤسسات المصرفية ولم تهتم كثيرا بصحة وسلامة النظام المالي ككل وأكدوا انه من غير المتوقع أن يكون الانتعاش الاقتصادي سريعا وان أي انتعاش لابد أن يكون مصحوبا بضبط الائتمان.
ولاشك في أن ما لفت إليه محافظ البنك المركزي خلال الملتقى بضرورة وجود نظم للإنذار المبكر لمواجهة أي مخاطر نظامية مع الاهتمام بإعداد الدراسات التي تتناول التطورات في مؤشرات عمل الاقتصاد الكلي وتوفير المعلومات حول المخاطر الأساسية التي تتعرض لها الأسواق من أهم النقاط التي يجب الاهتمام بها خلال المستقبل القريب نظرا لأهمية هذا النظام في تجنب الوقوع في أزمات مماثلة لما تعاني منه الدول العربية والخليجية بشكل عام والكويت بشكل خاص حاليا.
وعلى الرغم من أن معظم المؤشرات الاقتصادية الصادرة مؤخرا أوحت بتراجع وتيرة التدهور الاقتصادي بعض الشيء إلا أن آفاق النهوض العالمي مازالت غير راسخة وتتسم ببعض الغموض والضبابية هذا إلى جانب أهمية الحفاظ على السياسات التنشيطية التي وضعت للتعامل مع الأزمة العالمية إلى أن يصبح التعافي الاقتصادي مؤكدا وعلى أمل أن يتم التوصل الى حلول منتصف العام المقبل وإلى أسس حول كيفية بدء الحكومات والسلطات في سحب إجراءاتها التحفيزية والإنقاذية الكبيرة.
ولاشك انه ومع بداية الأزمة العالمية في 2008 فقد توقع الكثيرون أن يكون هناك انهيار كامل للاقتصاد العالمي ولكن ما حدث أن الحكومات تدخلت سريعا لاسيما مجموعة العشرين من اجل إنقاذ الاقتصاد العالمي كما أدت الأزمة إلى تبني الدول المتقدمة سياسات توسعية في الاقتصاد وهو الأمر الذي يجب أن تتبناه دول الخليج والكويت بشكل خاص للخروج من الأزمة بأسرع وقت ممكن.
كما يجب الاستفادة من الملتقى في استخلاص العبر من المرحلة التي سبقت الأزمة العالمية والتي شهدت اختلالات جمة على صعيد النشاطات المالية في ظل اتساع الهوة بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد النقدي مع ضرورة الاهتمام بالتحديات المستقبلية التي تواجهها شتى الاقتصادات والقطاعات المصرفية وذلك من اجل جعل النظام المالي أكثر أمنا.