أوضح التقرير الأسبوعي لشركة كولدويل بانكر العالمية عن السوق المحلي ان السوق العقاري شهد خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي تراجعا ملحوظا في حجم التداول العقاري على صعيد مختلف القطاعات العقارية سواء السكن الخاص أو الاستثماري او التجاري او الصناعي او المخازن، وقد بلغ إجمالي نسبة التراجع نحو 47% مقارنة بحجم التداولات التي تمت في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقد أعدت كولدويل بانكر التقرير العقاري للتسعة أشهر الأولى لصالح مجلة «الاقتصاد والأعمال» لعرضه في «ملتقى الكويت المالي» الذي عقد الأسبوع الماضي، حيث أكد التقرير أن الأرقام الصادرة عن وزارة العدل الكويتية قسم التسجيل العقاري سجلت تراجعا وبلغ حجم التداولات العقارية خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي 1.210 مليار دينار مقارنة بـ 2.291 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام 2008، في حين تراجع حجم التداولات العقارية للقطاع السكني في الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر 2009 إلى 497.15 مليون دينار مقارنة بـ 915.4 مليون دينار عن الفترة نفسها من العام 2008، وبنسبة تراجع بلغت 45%.
وقد كان الحدث الأكبر في سوق العقار المحلي خلال الربع الثاني من العام الحالي هو صدور حكم محكمة الاستئناف في نهاية شهر مايو وتأكيده من محكمة التمييز في يونيو الذي أكد ان حظر التعامل بقسائم وبيوت السكن الخاص الوارد بالقانونين 8 و9/2008 لا ينسحب على البنوك الإسلامية، حيث أعاد هذا الحكم الحركة من جديد لتداول العقارات السكنية بعد توقف دام عاما وأربعة أشهر الأمر الذي أعطى القطاع العقاري متنفسا سواء للمواطنين الراغبين في شراء السكن الخاص من ناحية أو الشركات العقارية التي تمتلك عقارات سكنية وترغب في التخلص منها حتى تتوافق مع قانوني 8 و9 لسنة 2008 قبل انتهاء المهلة من ناحية أخرى.
كما كان لهذا الحكم أثر كبير على أسعار العقارات السكنية التي شهدت ارتفاعا ولكنه ليس ذاك الارتفاع القوي، لاسيما في ظل الركود الذي يمر به السوق نتيجة شح السيولة والأزمة المالية العالمية وخسائر سوق الكويت للأوراق المالية. وقد شهدت بالفعل مناطق شرق القرين وتشمل المسيلة والفنيطيس وأبوفطيرة، إلى جانب مناطق مدينة جابر الأحمد، والصديق ومدينة سعد العبدالله، مدينة صباح الأحمد، ارتفاعا طفيفا في الأسعار، خاصة كون أسعارها كانت قد انخفضت بشكل كبير خلال العام المنصرم، متأثرة بهذا الحكم من ناحية وبقرار مجلس الوزراء باستثناء المدن السكنية السبع الجديدة من القرار الصادر في العام 2003 بشأن عدم السماح بالبناء في المناطق التي لم تكتمل بنيتها التحتية.
إلى جانب ذلك نجد أن المناطق الداخلية التي استعادت جزءا كبيرا مما فقدته من أسعارها خلال الفترة الماضية، خاصة أن القرارات الإسكانية التي تخص منع الشركات من المتاجرة بالأراضي والعقارات السكنية قد تسببت في انخفاض أسعار الأراضي السكنية إلى مستويات متدنية بتراجع يتراوح بين 10 و60%، حيث يشير المتعاملون في السوق إلى انه لولا القرارات الإسكانية ما كانت الأسعار قد وصلت إلى هذه المستويات المتدنية خاصة في ظل ازدياد حجم الطلب على الرعاية الإسكانية بشكل سنوي، حيث بلغت الطلبات المتراكمة إلى نحو الثمانين ألف طلب وهو ما يؤكد الحاجة إلى الأراضي والعقارات السكنية في البلاد.
العقارات الاستثمارية
وعلى صعيد العقارات الاستثمارية، تراجع أيضا حجم التداول العقاري لها من 914.6 مليون دينار في الأشهر التسعة الأولى من 2008 إلى 443.4 مليون دينار في الفترة نفسها من 2009 أي بنسبة 51% فقد بدأت معاناة قطاع العقار الاستثماري منذ منتصف العام الماضي بسبب إصدار بنك الكويت المركزي لقرارات بشأن الحد من تمويل شراء العقارات الاستثمارية والتجارية، والتي كان لها بالغ الأثر في تقليص حجم التداول للعقارات الاستثمارية التي عادة ما يعتمد المستثمرون فيها على التمويل من البنوك وشركات التمويل، إلى جانب ذلك هناك أسباب أخرى أدت إلى تراجع حجم التداول للعقارات الاستثمارية ومنها الأزمة المالية العالمية وتداعياتها التي تسببت في هبوط سوق الكويت للأوراق المالية وما تبعها من نقص في السيولة وتخوف المستثمرين من اتخاذ قرار الشراء، بالإضافة إلى زيادة حجم المعروض من البنايات الاستثمارية مقابل محدودية الطلب، خاصة في ظل استمرار انغلاق البلاد وعدم توجه الحكومة لتعديل بعض القرارات التي تخص استقدام العمالة وزيارة البلاد والاستثمار الأجنبي، علاوة على ما تسببت فيه الأزمة المالية من عمليات تسريح للموظفين التي كان لها أثر كبير على زيادة حجم الشاغر في البنايات وبالتالي تدني العوائد المرجوة منه.
العقار التجاري
وعلى صعيد العقارات التجارية واصلت أسعار الأراضي التجارية داخل العاصمة تراجعها متأثرة بالظروف الاقتصادية المتردية واستمرار الأزمة المالية العالمية، حيث انخفض سعر المتر في وسط المدينة وفي أشهر وأغلى شوارعها وهو شارع أحمد الجابر ليصل إلى 7 آلاف دينار بعدما وصل في العام 2007 إلى نحو 14 ألف دينار أي بتراجع بلغ 50% عن الأسعار السابقة.
كما تواكبت أغلبية الشركات العقارية المالكة لأبراج تجارية في العاصمة مع الأزمة وحركة التراجعات في إيجارات المكاتب الإدارية، وقامت بتخفيض إيجارات مكاتبها بين 30 و41% وتشير الإحصاءات إلى أن نسب الشواغر في المكاتب الإدارية في مدينة الكويت فقط ستصل مع نهاية العام الحالي إلى ما يفوق الـ 160 ألف متر مربع، وهو ما يمثل 11% ومن المتوقع وفقا لهذه الدراسة أن يرتفع هذا الشاغر مع نهاية 2010 إلى أكثر من 260 ألف متر مربع، وهو ما يمثل نحو 16% من إجمالي المعروض من المكاتب في العاصمة، كما تشير الدراسات إلى ان نسب الشاغر في المكاتب الإدارية في العاصمة سترتفع في العام 2011 و2012 إلى ما يقارب الـ 36 و40%، هذا في حال استمرار الطلب المتوافر في السوق حاليا.
وقد تراجع حجم التداول للعقارات التجارية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي إلى 246.3 مليون دينار مقارنة بـ 427.5 مليون دينار في الفترة نفسها من العام الماضي أي بنسبة 42% ولكن لا ننسى هنا الهبوط الذي شهده العقار التجاري منذ بداية العام 2008 نتيجة لتشبع السوق بعدما تم تنفيذ عدد كبير من الأبراج التجارية والمجمعات التي وفرت مساحات تجارية وإدارية فاقت حجم الطلب في السوق.