- خفض الإنفاق الحكومي وفرض الضرائب يقلص نمو القطاع الإسلامي
- البنوك الإسلامية أصبحت أكثر حذراً وانتقائية بأنشطة الإقراض
- مؤشرات جودة أصول البنوك الإسلامية بالخليج ستتراجع في 2018
- انكشاف البنوك على المؤسسات الصغيرة والوافدين سيشكل قروضاً متعثرة جديدة
أصدرت وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» تقريرها حول قطاع التمويل الإسلامي، حيث تعتقد أنه سيواصل نموه هذا العام، لكنه سيفقد بعضا من زخمه في 2018، وقد بلغت أصول القطاع في نهاية 2016 نحو 2 تريليون دولار، أدنى بقليل من توقعاتنا في سبتمبر. ورغم تسارع إصدارات الصكوك في النصف الأول 2017 والتي من المرجح أن تبقى قوية في النصف الثاني من العام، لا نعتقد بأن معدل النمو سيستمر بهذا المستوى.
وتعتقد الوكالة أن هناك إمكانية لتحقيق نمو أكبر في حال نجحت الهيئات الرقابية والمشاركون في السوق في تحقيق توحيد أكبر للمواصفات، والذي قد يؤدي إلى تشكيل قطاع للتمويل الإسلامي عالمي حقيقي.
ظروف عكسية
يبقى التمويل الإسلامي مرتكزا بشكل رئيسي في الدول المصدرة للنفط، حيث تستحوذ دول مجلس التعاون، وماليزيا، وإيران على أكثر من 80% من أصول القطاع. ومن وجهة نظر «إس آند بي»، أدى الانخفاض في أسعار النفط وخفض الحكومات للإنفاق الاستثماري والجاري إلى تراجع آفاق نمو القطاع، وبينما استمر أداء الاقتصاد الماليزي على نحو ملائم، بفضل تنوعه، انخفض متوسط النمو الاقتصادي لدى دول الخليج بشكل كبير في الفترة ما بين 2012 - 2017.
ومن جهة أخرى، شهدت إيران طفرة في النمو في 2016 بعد رفع بعض العقوبات عنها وارتفاع أسعار النفط، إلا أنه من المتوقع أن يعتدل هذا النمو خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وبنفس الوقت سيظل الاقتصاد الإيراني يعاني من قلة خيارات التمويل والعقوبات التي بقيت مفروضة على إيران. وتعتقد الوكالة، أن معدل نمو القطاع سيستقر عند نحو 5% في العامين 2017 و2018، أدنى من متوسط معدل النمو خلال العقد الماضي. ومن المرجح أن تشهد الدول التي انضمت حديثا للقطاع، مثل المغرب وعمان، نموا أقوى، إلا أن مساهمتها في قطاع التمويل الإسلامي بشكل عام ستبقى على الأرجح محدودة.
عام صعب
وتتوقع الوكالة استمرار التباطؤ في البنوك الإسلامية في دول مجلس التعاون في 2017 بعد تراجع نمو الأصول إلى 5.3% في 2016 من 10.7% في العام 2014. وبموجب السيناريو الأساسي لدينا، نتوقع استقرار نمو الأصول عند نحو 5% وذلك لأن خفض الحكومات للإنفاق ومبادرات تعزيز الإيرادات، مثل فرض ضرائب جديدة، يحد من فرص نمو البنوك الإسلامية في قطاعي الشركات والتجزئة.
وترى الوكالة أن البنوك أصبحت أكثر حذرا وانتقائية في أنشطة الإقراض، مما أدى إلى اشتداد المنافسة. مع ذلك، لا نتوقع أن ينطبق ذلك على جميع البنوك في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.ورغم أن التباطؤ الاقتصادي سيظل على الأرجح ملموسا في السعودية، إلا أن نمو البنوك الإسلامية قد شهد تسارعا في 2016، وذلك بفضل اتباع تلك البنوك استراتيجة زيادة الأعمال بين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومع تحول الدورة الاقتصادية، نعتقد أن مؤشرات جودة أصول البنوك الإسلامية في دول الخليج سوف تتراجع في النصف الثاني من هذا العام وفي العام 2018.
هذا التراجع لم يكن ملحوظا في العام 2016 لأن البنوك بدأت في إعادة هيكلة تعرضاتها لكي تتكيف مع التحول في البيئة الاقتصادية. لذلك شهدنا ارتفاعا في القروض المعاد هيكلتها في مجلس التعاون العام الماضي، ولم نشهد ارتفاعا ملحوظا في القروض المتعثرة لدى البنوك أو ارتفاعا في تكلفة المخاطر. وتعتقد الوكالة أن التراجع سيكون ملحوظا أكثر في العامين 2017 و2018. وعلى العموم، نعتقد أن تعرضات المقاولين الفرعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتجار التجزئة والوافدين ستتحمل عبء تحول الدورة الاقتصادية وستساهم بشكل بارز في تشكيل قروض متعثرة جديدة خلال تلك الفترة.
أرباح البنوك الإسلامية قد تتراجعخلال 2017 و2018
ترى وكالة «إس آند بي» في تقريرها أن ربحية البنوك الإسلامية ستتراجع مرة أخرى في العامين 2017 و2018، وذلك يرجع الى عدة عوامل، هي:
1- ارتفاع تكلفة التمويل
أدى هذا الامر إلى تقليص هوامش الوساطة لدى البنوك في 2016. وبالرغم من تراجع الضغوط قليلا بعد إصدار الحكومات لسندات دولية وقامت بدفع المستحقات للمقاولين، نعتقد أن تكلفة التمويل ستبقى متضخمة في الفترة ما بين 2017 و2018.
ومن الممكن أن يؤدي الارتفاع الأخير في سعر الفائدة للبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي سارت على منواله بعض البنوك المركزية في الخليي، إلى تحول الودائع لحسابات الاستثمار المشاركة في الأرباح من الحسابات الجارية من غير فائدة.
وفي حال حدوث ذلك، فإنه سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل أكثر، وقد قام عدد قليل جدا من البنوك الإسلامية بالاحتفاظ بمبالغ كبيرة من الاحتياطات المعادلة للأرباح، التي تقوم بجمعها في السنوات ذات الأداء الجيد وتستخدمها في تعيين العائدات إلى مالكي حساب الاستثمار المشارك في الأرباح عند الحاجة.
2- ارتفاع تكلفة المخاطر
يتوقع أيضا ارتفاع أكبر في الخسائر الائتمانية في العامين المقبلين، بسبب الظروف الاقتصادية الضعيفة نسبيا. من المرجح أن يؤدي التعرض للمقاولين الفرعيين، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعملاء التجزئة (لاسيما الوافدين) إلى تصاعد خسائر الائتمان.
وبشكل عام، يتوقع تباطؤ في نمو إيرادات البنوك، وبأنها ستركز على قواعد التكلفة لديها لتخفيف آثار ذلك (على سبيل المثال، من خلال إغلاق بعض الفروع). وكنظيراتها من البنوك التقليدية، من المتوقع أن تكون البنوك الإسلامية لدول الخليج، قادرة على حماية ربحيتها إلى حد ما خلال العامين المقبلين. ورغم أن الاندماج قد يكون وسيلة للمضي قدما في بعض أسواق مجلس التعاون، تتوقع الوكالة أن تبقى عمليات الاندماج حالة استثنائية في العامين 2017 و2018 وليست قاعدة.
80 مليار دولار قيمة صكوكمتوقع إصدارها في 2017
قال تقرير وكالة «إس آند بي» إن أداء سوق الصكوك كان قويا في النصف الأول من 2017، إلا أن ذلك لا يعني أنه سيستمر في هذا الاتجاه، فقد ارتفع إصدار الصكوك بنسبة 37.7% في النصف الأول، مقارنة بنفس الفترة من 2016، مدعوما بشكل رئيسي من الإصدارات الضخمة لبعض دول الخليج.
وتتوقع الوكالة أن يبقى حجم إصدار الصكوك قويا في 2017، إلا أنه من المرجح أن يكون هذا استثنائيا وليس قاعدة جديدة، ومن غير المرجح أن يتم في 2018 إصدارات بحجم هذه الإصدارات الضخمة التي تمت في 2017.
ومن وجهة نظر «إس آند بي»، يعتقد بأن الإجراءات المعقدة نسبيا لإصدار الصكوك لاتزال سببا في إحجام بعض المصدرين عن التوجه للصكوك. مع ذلك، نلاحظ بأن هيئات وضع المعايير في قطاع التمويل الإسلامي حققت مؤخرا بعض التقدم في هذا المجال.
وقد ارتفع إجمالي إصدارات الصكوك في النصف الأول من 2017 بشكل كبير مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث جاء ذلك بشكل رئيسي بدفع من الإصدارات الضخمة بالعملة المحلية والأجنبية لبعض حكومات دول الخليج، بما في ذلك إصدارات بقيمة 9 مليارات دولار من قبل السعودية في أبريل 2017، والتي كانت احد أكبر إصدارات الصكوك على مستوى العالم حتى تاريخه. ويتوقع أن يبلغ إجمالي الإصدارات ما بين نحو 75 و80 مليار دولار في 2017، مرتفعة عن توقعاتنا السابقة ما بين 60 و65 مليار دولار.