أحمد يوسف
«إذا كانت مصانع العطور تلوث البيئة فمرحبا بها»، بهذه الكلمات انطلقت أعمال المؤتمر الصحافي مساء أول من أمس في اتحاد الصناعات بحضور عدد من المختصين في المجال الصناعي على رأسهم رئيس اتحاد الصناعات حسين الخرافي. جاء المؤتمر كخطوة تعكس اهتمام اتحاد الصناعات بكل ما يتعلق بقضايا الصناعة والصناعيين في الكويت وردا على اتهام مصانع الشعيبة الغربية بتلويث المنطقة بعنوان «المطلوب البناء لا الهدم».
بداية، أشاد رئيس اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي بالرعاية السامية من قبل صاحب السمو الأمير لقطاع الصناعة، مؤكدا ان هناك رغبة أميرية جادة، لتوزيع القسائم الصناعية، الا ان الحكومة والوزراء المتعاقبين لا يستجيبون. وقال ان التأخير في تخصيص القسائم الصناعية سيكون له أثر سلبي شديد على الاستثمارات الصناعية. وأكد الخرافي انه لا يخفى على احد أهم محور من محاور الإصلاح الاقتصادي ـ حسب خطة الدولة ـ وهو إعطاء القطاع الصناعي الخاص المجال للمساهمة الفاعلة في النشاط الاقتصادي بهدف رفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج القومي من نحو 3% إلى 11% خلال السنوات المقبلة، لذلك لابد من تهيئة البيئة المناسبة ليتسنى لهذا القطاع المساهمة في تصحيح الاختلالات الهيكلية الرئيسية التي تم تشخيصها في خطط التنمية، وهي: التقليل من هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، تنويع القاعدة الإنتاجية التي تهيمن عليها الإيرادات النفطية وتوفير فرص التوظيف للعمالة الوطنية وتصحيح التركيبة السكانية والمساهمة في التنمية البشرية. وقد لمسنا حرص صاحب السمو الأمير على أهمية الصناعة، ولكننا لم نجد الحكومة قد عكست هذا الاهتمام على أرض الواقع.
وفيما يختص بالرد على طلب إزالة المصانع، قال الخرافي: انه استنادا الى ما نشرته الصحف المحلية عن إعلان الحكومة عن تشكيل فريق مختص لرصد الملوثات البيئية في منطقة علي صباح السالم (أم الهيمان) واتخاذ الإجراءات القانونية التي تتضمن سحب التراخيص وإمكانية نقل وإزالة المنشآت والقسائم الصناعية من منطقة الشعيبة الغربية العائدة للقطاع الخاص، وذلك بناء على ضغوط مارسها بعض النواب.
وأكد ان الاتحاد برغم تقديره للنواب ليستغرب مثل هذا الطرح الذي يراد منه إلغاء وشطب جهود سنوات طويلة وعناء مؤسسات وشركات القطاع الخاص التي بنت وطورت تلك المصانع على مدى عقود من الزمن. وقال: «لابد من تحديد معنى كلمة التلوث بدلا من جعلها كلمة مطاطة، يتداولها البعض دون معرفة بها».
وأشار الى وجود مصانع قد لحقها بعض الإضرار جراء الطرح السياسي الحاد بشأن منطقة الشعيبة الغربية، منها تشدد بعض البنوك في تمويل الاستثمارات الجديدة، كما أن بعض هذه المصانع تتردد في تنفيذ خطط التوسعة في الإنتاج خوفا من اتخاذ قرار سياسي يهدم ما تم بناؤه من استثمارات.
وقال ان هناك مسلمات معمولا ومعترفا بها منها ان الاهتمام بالبيئة أمر يمس أبناءنا وبلدنا، فكيف بنا ان نقبل المساس بهم؟
كما حذر النواب من الممارسات والضغوط السياسية التي تتم ممارستها في مجلس الأمة لنقل المصانع إلى مواقع أخرى، مشيرا إلى ضرورة عدم إغفال الجوانب القانونية والمالية التي ستترتب على ذلك وتشمل كيفية تعويض الشركات المعنية عن تكاليف تفكيك وحداتها الإنتاجية وإعادة تركيبها وإنشاء المباني الجديدة وما يفوتها من الربح الناتج عن توقف الإنتاج وكذلك توفير القسائم الصناعية البديلة بالمساحات الملائمة المجهزة بالبنية التحتية والخدمات والطاقة وغير ذلك من المستلزمات وهي نقاط بحاجة إلى عمل دراسات متخصصة لبحثها.
وأكد على ان هذا الأسلوب من التعاطي والتعامل في شؤون الاستثمار والاقتصاد وما ولده من شعور لدى المستثمرين بأنهم سيكونون ضحية التجاذبات السياسية لن يخدم إعادة الثقة بالاقتصاد وبث روح الأمل فيه، في وقت تعاني فيه الصناعة الوطنية من الأزمة المالية المتفاقمة بسبب توقف معظم المشاريع وتباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي مقابل ما اتخذته دول عديدة من خطوات لدعم القطاع الخاص لديها بما فيه اتخاذ إجراءات حمائية لمنتجات مصانعها، فالمطلوب في هذه المرحلة البناء لا الهدم.
من جانبه، قال أمين السر المساعد باتحاد الصناعات خالد المضف انه لا توجد أي موضوعية في طرح قضية التلوث البيئي في منطقة ام الهيمان، مشيرا الى ان التلوث البيئي كلمة مطاطة ولابد من تحديد تعريفها، حتى يتم احتساب التلوث ومعرفة من المتسبب فيه من اجل محاسبته.
وطالب المضف بضرورة تحديد النسب المسموح بها عالميا من الغازات المنبعثة من المصانع، ومراجعتها بصفة دورة من اجل التأكد من مطابقة المصانع للاشتراطات السلامة البيئية بدلا من جملة الاتهامات الباطلة التي تنالها دون وجهه حق. وفي السياق ذاته، قال نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد الصناعات الكويتية مشاري حمادة انه في دراسة للجيش الأميركي عام 2007 أوضحت ان نسبة التلوث في منطقة ام الهيمان نتيجة لانبعاثات غازات الأمونيا، وثاني أكسيد الكبريت، وغاز الكلورين، وان جميع المصانع بالمنطقة لا تتعامل مع هذه المواد سوى مصانع البترول والكيماويات التابعة لشركات النفط.
5 وسائل لحماية البيئة
حدد رئيس اتحاد الصناعات الكويتية حسين الخرافي عدة نقاط للخروج من الأزمة البيئية التي تهدد القطاع الصناعي في النقاط التالية:
أولا: التأكد من حجم الانبعاثات الضارة وطبيعة التلوث ومداه وفي حال تم تلوث خطير.
ثانيا: في حال إثبات وجود تلوث خطير يتم تحديد مصدر هذه الانبعاثات إن كانت من القطاع النفطي أو مصانع القطاع الخاص.
ثالثا: يتم إعطاء مهلة لهذه المصانع لتصحيح أوضاعها البيئية من خلال وضع الفلاتر والمرشحات وبقية الحلول المتاحة.
رابعا: على الجهات الحكومية المختصة أن تأخذ بالاعتبار الأبعاد البيئية عند تخطيطها المدني للتجمعات السكانية كي لا يدفع أحد أخطاء سوء التخطيط.
خامسا: كما هو الشأن في الدول المتقدمة وكذلك في مجلس التعاون يمكن أن نمضي في خطين متوازيين بذات الوقت (الصناعة والبيئة) دون أن يكون ذلك على حساب التنمية والتطور الاقتصادي.