- قصة نجاح لبنك صغير تحول لأكثر البنوك أمانا في العالم
يحتفل بنك الكويت الوطني غدا الخامس عشر من نوفمبر الجاري بذكرى افتتاح أبوابه للجمهور لأول مرة في عام 1952 كأول بنك وطني في الكويت وأول شركة مساهمة في الكويت ومنطقة الخليج العربي.
ويحمل احتفال العام الحالي معاني خاصة كونها تأتى مواكبة للذكرى الـ 57 لبدء نشاط البنك الفعلي وتقديم خدماته للعملاء والتي تمثل تتويجا واستمرارا لمسيرة من النجاح تحول خلالها «الوطني» من بنك صغير انطلق من مساحة ثلاثة دكاكين وبضعة موظفين يعملون بالأساليب اليدوية البدائية إلى واحد من أكبر مصارف المنطقة وأكثرها ربحية وريادية وابتكارا.
وإذا كان الجميع يعرف جيدا تاريخ استقلال الكويت السياسي في عام 1960 فإن الذي لا يعرفه الغالبية أن عام 1952 شهد نوعا آخر من الاستقلال لا يقل أهمية عن الاستقلال السياسي وهو الاستقلال الاقتصادي للكويت من خلال انطلاق عمليات بنك الكويت الوطني كأول بنك كويتي 100%.
مصرف وطني
ففي هذا العام (1952) ظهرت إلى الوجود شركة مساهمة صغيرة لم يتجاوز رأسمالها مليون دينار فقط وحملت اسم بنك الكويت الوطني المحدود، لتعلن عن بدء عهد جديد من الحرية والاستقلال الاقتصادي للكويت التي عاشت سنوات طويلة تحت الانتداب البريطاني، ولتعلن استقلال المنطقة ككل والتي لم تكن تضم مؤسسة مالية وطنية واحدة في ذلك الوقت العصيب من تاريخها. فقبل عام 1952، لم يكن في الكويت سوى بنك أجنبي واحد هو البنك البريطاني للشرق الأوسط الذي تم افتتاحه رسميا في فبراير من عام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية. ومنذ العام 1949، شعر القائمون على البنك البريطاني في الكويت بعدم رضاء المواطنين الكويتيين عن نشاطاته وخدماته.
كما علموا أن هناك تفكيرا لدى بعض التجار الكويتيين وميلا لتأسيس بنك خاص بهم. وكان أن كتب المعتمد البريطاني في الكويت آنذاك عددا من الرسائل السرية إلى وزارة الخارجية البريطانية يعبر فيها عن قلقه وتخوفه من تأسيس البنك الوطني وكيفية القيام بمحاولات لعرقلة تأسيسه واستمراره.
تأسيس البنك
وهكذا ظهرت لأول مرة فكرة تأسيس بنك كويتي وطني يخدم المصالح الوطنية بالدرجة الأولى ويأخذ على عاتقه تطوير وتنمية الاقتصاد الكويتي وإنعاش السوق التجاري وتنمية مدخرات المودعين وحفظها في عام 1952.
وعقد هؤلاء التجار اجتماعا مع المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح الذي بارك لهم الفكرة ووعدهم بالدعم والتأييد.
وكان عقد تأسيس فرع البنك البريطاني في الكويت مع حكومة الكويت ينص على عدم السماح بإنشاء بنوك أخرى في الكويت.
وكان رأي أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم في حينها أن ذلك لا ينطبق على إنشاء بنوك كويتية داخل البلاد.
وهكذا سمح بإنشاء بنك الكويت الوطني في 19 مايو من عام 1952 حيث صدر المرسوم الأميري الخاص بإنشاء البنك. وفي 15 نوفمبر 1952، افتتح بنك الكويت الوطني للعمل رسميا باعتباره شركة مساهمة كويتية للقيام بالأعمال المصرفية. ويعد بنك الكويت الوطني أول مصرف وطني في الكويت ومنطقة الخليج العربي على الإطلاق.
وكان مجلس إدارة بنك الكويت الوطني وجميع المؤسسين من الكويتيين الذين لهم نشاط تجاري عريق داخل وخارج الكويت. وتأسس البنك برأسمال قدره ثلاثة عشر مليونا ومائة ألف روبية، أي ما يعادل مليون دينار كويتي فقط، موزعة على ثلاثة عشر ألفا ومائة سهم بقيمة ألف روبية للسهم الواحد.
وفي مبنى صغير يقع في الشارع الجديد بدأ العمل بعدد قليل من الأفراد لم يتجاوز عدد أصابع اليد وبمساحة لا تتجاوز ثلاثة دكاكين، وزاول في بداياته أعمالا مصرفية بسيطة وبدائية تتلخص في الاعتمادات التجارية، وتبادل العملات، وحوالات مصرفية بسيطة، وإيداعات وسحوبات.
دوره في استبدال العملة
وقد لعب بنك الكويت الوطني دورا رئيسيا في استبدال العملة المحلية مرتين.. أولهما في شهر مايو من عام 1959 عندما استبدلت أوراق النقد من الروبية الهندية بأوراق روبية جديدة سميت بروبيات الخليج.
أما الاستبدال الثاني فقد كان في شهري أبريل ومايو من عام 1961 عندما أصدر مجلس النقد الكويتي دنانير كويتية بدلا من أوراق النقد من روبيات الخليج وكان هذا الاستبدال ضرورة من ضروريات الاستقلال وإعطاء طابع الشخصية المستقلة لتتمتع الدولة بالسيادة على اقتصادها ونقدها.
وفي السبعينيات استمر البنك الوطني في تمويل مشروعات البنية الأساسية والتنمية في دولة الكويت الحديثة.
وتمثلت تلك المشاريع في محطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء وشبكات الطرق وبناء وتطوير حقول ومصافي النفط والخدمات المساندة لها وخدمات الاستيراد وبناء المستشفيات والمدارس ودعم حركة التوسع العمراني في البلاد، ففتح بذلك نوافذ المستقبل أمام الكويت.
كما بدأ تكوين الشخصية المؤسسية الحقيقية للبنك من خلال خطط التطوير وإعادة الهيكلة والتنظيم. وقد كانت هذه الفترة اللبنة الأساسية التي قامت عليها نهضة بنك الكويت الوطني.
الأصالة في الوقت العصيب
وخلال الثمانينيات اجتاز بنك الكويت الوطني اختبارا قاسيا حين وقعت أزمة انهيار سوق الأسهم والمسماة أزمة «سوق المناخ» عام 1982. وقد كان أسلوب العمل المصرفي المتزن والمتحفظ لبنك الكويت الوطني خلال تلك الفترة وراء جعله البنك الوحيد الذي لم يتأثر سلبا، ونتيجة لذلك أطلق عليه اسم «البنك الفائض الوحيد». وكان «الوطني» قد حذر مرات عديدة في تقاريره ونشراته الاقتصادية من خطر هذه الأزمة قبل وقوعها وقبل أن يتضرر منها كثيرون.
ثم جاءت أزمة الغزو العراقي لدولة الكويت في عام 1990، والتي كانت اختبارا كبيرا لصلابة موقف بنك الكويت الوطني، حيث استمر في أداء أعماله من خارج الكويت والوفاء بجميع التزاماته نحو عملائه والبنوك في الخارج، كما كان له دور رئيسي في تمويل مشاريع إعادة إعمار دولة الكويت.
وقد أدى ذلك الأداء المميز لبنك الكويت الوطني خلال هاتين الأزمتين إلى دعم واستمرارية الثقة من قبل عملاء البنك وتعزيز ثقة البنوك العالمية به.
دور رائد في الاقتصاد
وخلال التسعينيات وبعد تحرير دولة الكويت، لعب بنك الكويت الوطني دورا رائدا وأساسيا في خدمة الاقتصاد الكويتي عن طريق إدارة القروض العملاقة من بينها القرض الذي رتبه بعد تحرير الكويت عام 1991 لصالح الحكومة وقدره 5.5 مليارات دولار أميركي وهو أكبر قرض عرفته المنطقة العربية. كما أدار الوطني كذلك قرضا لشركة ايكويت قدره 1.25 مليار دولار أميركي.
الأكثر أماناً في العالم العربي
لقد استمرت مسيرة «الوطني» في تطور دائم منذ التأسيس محققا أرباحا صافية بلغت 201.5 مليون دينار كويتي عن التسعة أشهر الأولى من عام 2009. كما حقق البنك أرباحا قدرها 75.5 مليون دينار كويتي عن فترة الثلاثة أشهر المنتهية في 30 سبتمبر 2009 مقارنة بأرباح قدرها 68.6 مليون دينار عن الفترة نفسها من العام الماضي أي بنمو قدره 10% بين الفترتين.
وفي حين أثبتت الأزمة المالية الأخيرة مجددا صحة خيارات «الوطني» الاستراتيجية والاستثماريـــة وقدرتـــه على التعاطي مع الظروف الاقتصادية السيئة، مقدما بذلك نموذجا يحتذى به في وقت قاست فيه شريحة واسعة من مؤسسات القطاع المالي في الكويت والمنطقة، فقد انفرد بنك الكويت الوطني باعتباره البنك العربي الوحيد الذي يتم اختياره من قبل «جلوبال فاينانس» العالمية للمرة الثانية خلال العام نفسه ضمن قائمة البنوك الخمسين الأكثر أمانا في العالم لعام 2009.
مؤسسو «الوطني»
ساهمت 9 شخصيات من رجالات المال والأعمال في تاريخ الكويت في عملية تأسيس البنك الوطني في العام 1952، وهم: خالد زيد الخالد، احمد سعود الخالد، خالد عبداللطيف الحمد، خليفة خالد الغنيم، سيد علي سيد سليمان الرفاعي، عبدالعزيز حمد الصقر، محمد عبدالمحسن الخرافي، يوسف احمد الغانم ويوسف عبدالعزيز الفليج.
-
رؤساء مجلس إدارة بنك الكويت الوطني 1952 ـ 2009
-
1952 ـ 1955: خالد الزيد الخالد
-
1956 ـ 1958: أحمد سعود الخالد
-
1959 ـ 1964: عبدالعزيز حمد الصقر
-
1965 ـ 1979: يعقوب يوسف الحمد
-
1980 ـ 1992: محمد عبدالمحسن الخرافي
-
1993 ـ حتى الآن: محمد عبدالرحمن البحر