قال تقرير لبيت الاستثمار العالمي «جلوبل» عن الأداء الربع سنوي للقطاع المصرفي لمجلس التعاون الخليجي ان بنوك مجلس التعاون الخليجي «وفقا لتغطيتنا باستثناء البحرين» شهدت انخفاضا هائلا في إجمالي أرباحها خلال الربع الثالث من العام 2009 بالمقارنة مع العام السابق، منخفضا بنسبة 9% سنويا عن الربع المماثل من العام السابق وبنسبة انخفاض بلغت 13% سنويا خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2009. إلا أن صافي الربح للبنوك السعودية والإماراتية جاء أقل تأثرا على الرغم من حقيقة أن البنوك في هاتين الدولتين قد استحوذت على نسبة كبيرة من القروض المتعثرة السداد وبالتالي المخصصات. فقد جاء هذا بمثابة مفاجأة إيجابية، حيث انه منذ تدهور قيمة الموجودات والذي تحول إلى وباء تفشى عالميا، مما دفع البنوك إلى احتساب مخصصات كبيرة وهو ما أثر بصورة كبيرة على أرباحهم. بينما انخفضت أرباح الربع الثالث من العام 2009 في كل من الكويت وقطر وعمان بنسبة 32 و20 و26% سنويا على التوالي، وشهدت كل من الإمارات والسعودية نتائج أفضل بنسبة انخفاض بلغت 6% سنويا ونسبة ارتفاع بلغت 2.1% سنويا على التوالي. وعلى أساس التسعة أشهر الأولى من العام 2009 انخفضت ربحية البنوك في جميع الدول تصدرتها البنوك الكويتية والتي سجلت أكثر خسائر فاقدة ما نسبته 45% من قيمة أرباحها، على أساس سنوي، في حين واصلت البنوك السعودية تقليص تراجع أرباحها لتبلغ نسبته 2% فقط. هذا وشهدت البنوك في سائر دول الخليج انخفاضا بلغت نسبته بين 13% و15% في أرباحها خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام 2009.
المخصصات الكبيرة
وقال التقرير ان المخصصات الكبيرة ظلت العامل المشترك في النتائج المالية لجميع البنوك في منطقة مجلس التعاون الخليجي، فقد تراجعت قيمة الموجودات بشكل مستمر لتتحول إلى أكبر تخوف مر به المقرضون في مجلس التعاون الخليجي. فقد زاد إجمالي المخصصات التي احتجزتها بنوك مجلس التعاون الخليجي 3 أضعاف تقريبا في الربع الثالث من العام 2009 على أساس سنوي وأكثر من الضعف سنويا خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2009. وقد ساهمت المخصصات خلال الربع الثالث من العام 2009 ـ والتي ظلت بدون تغير تقريبا على أساس ربع سنوي ـ في خسائر بنسبة 22% في إجمالي دخل (صافي الدخل المتأتي من العمولة + الدخل المتأتي من غير الفوائد) البنوك في مجلس التعاون الخليجي. وذكر التقرير ان البنوك تأثرت بدرجة كبيرة بالمؤسسات السعودية، فقد تعثرت مجموعتا السعد والقصيبي في سداد قروض بمبلغ 10 مليارات دولار وذلك وفقا لتقارير الأخبار. ويمكن أن يعزى السبب الرئيسي وراء المخصصات الكبيرة إلى تعرض البنوك لهذه المجموعات السعودية. علاوة على ذلك، فقد كشفت البنوك وبخاصة البنوك الإماراتية أن الديون المستحقة على الشركات الأخرى وحتى التجزئة (وخاصة قروض بطاقات الائتمان) ساهمت في زيادة المخصصات. وقد جاء بنك أبوظبي التجاري كأكثر البنوك تأثرا بالمخصصات بين بنوك مجلس التعاون الخليجي في ظل تغطيتنا، فقد بلغت قيمة تعرضه للمجموعات السعودية 609 ملايين دولار ما يمثل 76% من إجمالي التعرض الذي أعلنته البنوك الإماراتية (وفقا لتغطيتنا) ونحو 54% من إجمالي التعرض الذي أعلنته البنوك في مجلس التعاون الخليجي (وفقا لتغطيتنا). ووفقا لحساباتنا، فقد استحوذت المخصصات (الناشئة عن القروض المتعثرة السداد وتراجع قيمة الاستثمارات) على 65% من إجمالي دخل البنوك خلال الربع الثالث من العام 2009. وبالتالي، تبدو البنوك الإماراتية هي الأكثر تأثرا (من جهة المخصصات) بين نظائرها في المنطقة ويليها البنوك الكويتية مقتربة منها للغاية.
في الوقت الذي بلغ فيه معدل المخصصات إلى إجمالي الدخل ما نسبته 14% الى 16% على مستوى الدول، استقر المعدل الكويتي عند 27% خلال الربع الثالث من العام 2009. وكانت المخصصات الزائدة في الكويت نتيجة لبيت التمويل الكويتي وبنك الخليج، حيث ظهر أن الأول يحاول زيادة تغطية خسائر ديونه في حين مازال الثاني يتعافى من انخفاض قيمة الأسهم وأمور تتضمن التعرض للمجموعات السعودية (وفقا لأخبار السوق). ومن الجدير بالذكر، أنه باستثناء مخصصات السعودية وقطر التي انخفضت خلال الربع الثالث من العام 2009 بالمقارنة بالربع الثاني من العام 2009، أننا من الممكن أن نشهد تحسنا في المستقبل.
صافي الإيرادات
ولفت التقرير إلى ان إيرادات (صافي دخل الفوائد) البنوك في مجلس التعاون الخليجي تحسنت بدرجة كبيرة، على الرغم من الأزمات الاقتصادية التي أثرت بشدة على دولهم. وقد أظهرت الأرقام أن صافي دخل العمولة نما بمعدل 13% على أساس سنوي خلال فترة الربع الثالث من العام 2009، كما ارتفع بنسبة 19% على أساس سنوي خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام 2009. وكانت الإمارات وقطر وعمان أكبر المستفيدين وشهدت تلك الدول زيادة في صافي دخل الفوائد خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2009 بنسبة 22 ـ 36% على أساس سنوي. بينما جاءت الكويت في المقدمة بنسبة ارتفاع بلغت 5% سنويا (ونسبة انخفاض بلغت 2% سنويا خلال الربع الثالث من العام 2009) حيث ان البنوك تكافح للحفاظ على صافي الدخل من الفوائد مع احتمال توقفه في المستقبل. وقد زاد إجمالي صافي دخل الفوائد للبنوك السعودية بمعدل 11% سنويا خلال الشهور التسعة الأولى من العام 2009 ومع ذلك لم يوجه الانخفاض في ذات البند بمعدل 5.4% على أساس ربع سنوي (خلال الربع الثالث من العام 2009) إشارات ايجابية. وفي الوقت الذي نما فيه صافي دخل الفوائد بصورة ملحوظة في معظم الدول وظلت راكدة في البعض الآخر، ظهر أن التباطؤ الكبير في نمو القروض يمثل سيناريو متشابه لجميع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد نما إجمالي القروض للبنوك في مجلس التعاون الخليجي بمعدل سنوي منخفض للغاية بلغ 6% خلال الربع الثالث من العام 2009 وأقل بنسبة 3% منذ بداية العام وحتى تاريخه. كما شهدت البنوك القطرية أعلى معدل نمو في القروض بحوالي 13% سنويا في الوقت الذي تراوح فيه نمو القروض لدول مجلس التعاون الخليجي الباقية بين 6 و8% سنويا. وشهدت البنوك السعودية أقل معدل نمو بين البنوك في مجلس التعاون الخليجي حيث زادت قروضها بنسبة 3% سنويا خلال الربع الثالث من العام 2009.
والجدير بالاهتمام، ان البنوك القطرية قد أظهرت أداء غير متوقع حيث زاد إجمالي قروضها بمعدل 7% على أساس ربع سنوي خلال الربع الثالث من العام 2009.
وقال التقرير ان ارباح البنوك خلال التسعة شهور الأولى من العام 2009 مازالت قوية وساهمت بشكل كبير في تحسن صافي الدخل من الفوائد. وقد زادت هوامش الربح على الرغم من سيناريو انخفاض معدل الفائدة، بافتراض أن البنوك أقل رغبة في الإقراض، بالرغم من وجود طلب عليه، ليزيدوا من التركيز على إدارة جودة القروض الموجودة بدلا من الإقراض الجديد في ظل بيئة اقتصادية مليئة بالتحديات، وفي الوقت الذي توجد فيه القدرة على الإقراض ولكن لا تتوفر الرغبة في الإقدام عليه. علاوة على ذلك، فإن البنوك تقوم حاليا بتحميل علاوة على القروض الممنوحة حديثا، لتعويضها عن الزيادة في المخاطر المتوقعة التي تتحملها. ونتيجة لذلك، ظلت عوائد الإقراض قوية دون تغير نسبيا على مدار فترة المقارنة، في الوقت الذي انخفضت فيه تكلفة الأموال تماشيا مع معدلات الفائدة القياسية.
هوامش الأرباح
ووفقا لتقدير تقرير جلوبل، فقد زادت هوامش ربح الإمارات والسعودية، في حين ظلت هوامش البنوك العمانية دون تغير على مدار العام السابق، في الوقت الذي انخفضت فيه الهوامش الكويتية والقطرية. وقد أظهرت ودائع البنوك في مجلس التعاون الخليجي نموذجا أفضل للنمو (وهو ما يزال أبطأ من الأعوام السابقة) حيث نمت بمعدل 14% سنويا ومن ثم فقد أدت إلى تخفيف أزمة السيولة في ظل انخفاض ldr (صافي القروض إلى ودائع العملاء) تدريجيا من 101% في الربع الثالث من العام 2008 إلى 94% في الربع الثالث من العام 2009. الجدير بالذكر، أن ودائع السعودية والكويت قد انخفضت خلال الربع الثالث من العام 2009. وعلى أساس مقارن، فإن السعودية والكويت هما فقط الدولتان اللتان ينخفض فيهما معدل صافي القروض إلى ودائع العملاء إلى أقل من 100% خلال الربع الثالث من العام 2009. وقد سجلت البحرين أقل معدل صافي القروض إلى ودائع العملاء بالغا 63%، في الوقت الذي سجلت فيه عمان أعلى معدل بالغا 108%. وقد أظهرت الأرقام الإجمالية لدول الخليج وكذلك الأرقام لكل دولة على حدة، أن صافي القروض إلى ودائع العملاء قد انخفض من مستوياته المرتفعة خلال العام السابق.
تراجع الأصول
وأكد التقرير انه لايزال القطاع المصرفي لمجلس التعاون الخليجي بصفة عامة قويا على الرغم من تراجع قيمة الأصول. وفي ظل ارتفاع معدلات كفاية رأس المال، لازال القطاع المصرفي في وضع مستقر يمكنه من مواجهة التدهور الكبير في الأصول. وقد توصلت حساباتنا إلى أن معدل حقوق المساهمين إلى إجمالي القروض للقطاع المصرفي في مجلس التعاون الخليجي استقر عند 19% في نهاية الربع الثالث من العام 2009، بنسبة ارتفاع 15% في نهاية العام 2008. وهو ما يشير إلى أن البنوك في مجلس التعاون الخليجي لديها القدرة على استيعاب الخسائر/ المخصصات حتى 19% من القروض، مما يقدم ضمانا كافيا للغاية في الأوقات العصيبة.
الانفاق الرأسمالي
واضاف التقرير انه في ظل ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الرأسمالي الذي تلتزم به أغلب حكومات مجلس التعاون الخليجي والتحسن في الأسواق المالية المحلية والعالمية، من المتوقع أن نشهد تعافيا في الاقتصاد خلال العام المالي القادم. ويتوقع للقطاع المصرفي الذي يعمل كمؤشر للاقتصاد أن يكون أداؤه إيجابيا، بالرغم من ذلك لا نتوقع أن يكون التعافي فوريا. ونحن نعتقد أن هوامش ربح البنوك ستشهد ضغوطا حيث ستتعدل العوائد على الأصول المدرة للأرباح إلى مستويات طبيعية وستتقلص الحدود المتاحة للانخفاض في تكلفة الأموال. ويتوقع لنمو القروض أن يظل منخفضا خلال فترة نهاية العام 2009 والنصف الأول من العام 2010، كما نتوقع أن تنمو القروض نتيجة لتحسن ظروف التشغيل. ونتوقع للبنوك في مجلس التعاون الخليجي أن تحقق نموا في أرباحها يتراوح بين 13-15% في العام 2009 وذلك ليس نتيجة للأرباح القوية في الربع الرابع من العام 2009، ولكن نظرا للأداء المتدني خلال الربع الرابع من العام 2008 الذي أثر كثيرا على أرباح العام 2008. وبصفة عامة، فإننا نحتفظ برؤيتنا الإيجابية فيما يتعلق بالقطاعات المصرفية لمجلس التعاون الخليجي لقطر والإمارات وندعم موقفنا بتصنيف قوي. ومع ذلك، لاتزال تنتابنا الشكوك حول الموقف النسبي لباقي البنوك في المنطقة. وعلى الرغم من أن أغلب البنوك في الكويت وقليل منها في عمان تأتي الأعلى سعرا، فإن هناك الكثير من البنوك في الإمارات وقطر التي تبدو جذابة بالمقارنة مع نظائرها.