قالت مجلة «ميد» ان الازمة المالية والتقلبات الحادة في اسعار النفط أعطت الكويت أسبابا قوية للتفكير مليا برؤية واضحة لتطوير اقتصادها على المدى البعيد.
وأضافت المجلة ان قائمة المشاريع الكويتية تدعو للاعجاب من ميناء الحاويات في جزيرة بوبيان ومدينة الحرير الى جسر جون الكويت ومترو مدينة الكويت، ولكن السؤال المهم هو عدد المشاريع التي تجاوزت مرحلة التصميم والاستراتيجية الكامنة وراء هذه المشاريع.
وبالرغم من ان الاحتياطيات النفطية للبلاد تبلغ نحو 104 مليارات برميل وستكفي ما يصل الى 100 عام بالمستوى الحالي للانتاج البالغ 2.4 مليار برميل يوميا فإن الصورة غير المؤكدة للأسواق العالمية على المدى الطويل تجعل من الصعب التنبؤ بالايرادات النفطية بشكل سنوي.
لقد ابرزت المشكلات التي هزت الاقتصاد الكويتي في أواخر 2008 الحاجة الى تعزيز البنى الاقتصادية اذا ما ارادت ان تحتل موقعا لها كمركز مالي.
ويشكل معدل النمو السكاني بنسبة 3.3% تقريبا المزيد من التحديات الاقتصادية على المدى الطويل. فخلال العقد المقبل لابد من اتاحة فرص عمل في القطاع الخاص لتجنب ارتفاع البطالة بين الشباب الذين تقل اعمار 65% منهم عن 25 عاما. ليست الكويت البلد الوحيد في المنطقة الذي يواجه هذا التحدي وبعض جاراته سعت الى وضع استجابة استراتيجية لهذا الوضع، وفي طليعتها ابوظبي بخطتها لعام 2030 التي تهدف الى تحويل عاصمة الامارات الى نموذج للعيش المستدام وإلى ايجاد فرص عمل للسكان المحليين. اما في الكويت فان بعض الشخصيات السياسية والاقتصادية تشكو من ان برنامج الحكومة ذو افق قصير المدى وانه عبارة عن مشاريع منفصلة اكثر من كونه استراتيجية واضحة.
ويرى صانعو الاستراتيجية ان موقع الكويت عند الطرف الشمالي للخليج وتاريخها الطويل من النشاط المالي والتجاري يشكلان جوانب قوة استراتيجية بشرط ان تتحرك البلاد بسرعة كافية للاستفادة منها، كما ان عليها ان تبادر الى اصلاح العيوب التي عرضتها بقسوة للأزمة المالية العالمية. وتنقل «ميد» عن خبير حكومي ان الحكومة تخطط نفقاتها تحت عناوين ثلاثة هي النفقات الجارية والمشاريع المتوسطة والصغيرة والمشاريع الكبيرة، وفي حين ان الانفاق الجاري محكوم بتكاليف ثابتة مثل الرواتب الحكومية فإن بند المشاريع المتوسطة والصغيرة خاضع لتأثيرات تقلبات الايرادات النفطية، فقد كانت حصة هذا البند في موازنة 2009-2010 نحو 2.4 مليار دينار ولكن الازمة المالية اضطرت الحكومة الى تقليصه الى 1.2 مليار دينار.
وفيما يتعلق بالمشاريع الكبرى مثل مدينة الحرير (77 مليار دولار) وجسر جون الكويت فإن التمويل الحكومي لها جرى فصله عن التقلبات السنوية للموازنة. ويقول الخبير الحكومي ان موازنة هذه المشاريع خصصت منذ زمن بعيد ولكن تنفيذها تأخر بسبب الدراسات الضرورية التي يجب ان تخضع لها.
وعلى المدى القصير ستركز الحكومة أولوياتها على التعافي الاقتصادي الذي سيكون الانفاق الحكومي المحرك الرئيسي له، ولكن الحكومة اتبعت حتى الآن اسلوبا حذرا في التعامل معه. وقد يكون احد اسباب تمهل الحكومة هو غياب الضغوط الاجتماعية الفورية فلا وجود تقريبا للبطالة في اوساط الوافدين كما انها بين 3% ـ 4% فقط بين الكويتيين.
وبالرغم من ان القطاع العام هو اكبر مستخدم للكويتيين فان القطاع الخاص يولد نسبة اكبر من الوظائف الجديدة، وفي نهاية 2007 تراجعت نسبة الكويتيين المستخدمين في القطاع العام الى 79% بعد ان كانت 90% في الاعوام الخمسة السابقة. وفي مايو الماضي رفعت الحكومة نسبة المواطنين الذين يجب استخدامهم في القطاع المصرفي من 40% الى 60%.
وخلصت المجلة الى القول بان على المشرعين الكويتيين وضع خطط لتحسينات اجتماعية واقتصادية جدية لكي تنتج البلاد القوة العاملة المؤهلة لمتطلبات الاقتصاد العصري التنافسي الذي تطمح اليه.