فواز كرامي
الأوساط الاقتصادية العالمية الإقليمية تخوفت من تداعيات أزمة ديون دبي وامتداداتها على الاقتصاد العالمي، مشبهة ما حدث في دبي بما حدث بالضبط في الولايات المتحدة الاميركية في صيف العام الماضي، حيث قامت دبي في السنوات الماضية من خلال ذراعها الاستثماري «دبي العالمية» بتحقيق ديون بلغت 59 مليار دولار لبناء المشاريع العقارية الضخمة مثل جزيرة النخيل والاستثمار في العقارات وغيرها، مستفيدة من الطفرة المالية شأنها شأن الولايات المتحدة الاميركية في الرهن العقاري، الا انه مع زوال الطفرة في كل من الولايات المتحدة الاميركية ودبي، وجدت دبي نفسها مع فائض من العقارات التي لا يريد أحد أن يشتريها أو يستأجرها لاسيما أن المقرضين لدبي افترضوا انه اذا وصلت دبي الى مرحلة حرجة فإن جارتها الغنية بالنفط (إمارة أبوظبي) لابد أن تتدخل لانقاذها، الأمر الذي أصبح محل شك وأخذ ورد خلال الأسبوع الحالي.
وهبوط وول ستريت أكثر من 150 نقطة يوم الجمعة الماضي لم يأت من قلق المستثمرين بسبب ديون دبي فقط بل جاء نتيجة لتخوفهم من اعلانات مفاجئة لدول أخرى مثقلة بالديون تشكل قنابل موقوتة في وجه الانتعاش الهش الذي يشهده الاقتصاد العالمي كبريطانيا واليونان على سبيل المثال وليس الحصر.
وشكل إعلان دبي يوم الاربعاء الماضي تأجيل دفع الديون المترتبة عليها نقطة مفصلية في تاريخ الأزمة المالية التي يمر بها العالم لاسيما أن إعلان دبي بين ان الازمة انتقلت من مرحلة شح السيولة على المستوى العالمي إلى مستوى الملاءة المالية للدول أو الشركات العالمية
العديد من المحللين شككوا في ان تشكل أزمة ديون دبي صدمة أو أزمة للنظام المصرفي العالمي كما حدث في أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الاميركية، مشيرين الى أن دبي ستستطيع تجاوز جوانب التقصير في دفع ديونها إلا أن التأثير سيكون بشدة على الثقة والمصداقية بدبي والتأثير على جمع الأموال مستقبلا للقيام بمشاريع بنية تحتية لإمارة دبي بشكل خاص أو الإمارات العربية المتحدة بشكل عام.
كما أن النظام المصرفي العالمي ليس بالضرورة سيتعرض لهزة قوية بسبب أزمة ديون دبي لأنه بحسب بنك التسويات الدولية فإن تعرض البنوك العالمية لدولة الامارات العربية المتحدة بإماراتها السبع يصل إلى 130 مليار دولار، والتعرض الأكبر يعود للبنوك البريطانية حيث يصل الى 51 مليار دولار فيما يصل تعرض البنوك في الولايات المتحدة الاميركية الى 13 مليار دولار، أي ما نسبته 0.4% من تعرض المصارف الأجنبــــية خارج حدودها.
وتعتبر البنوك البريطانية الأكثر قلقا من أزمة ديون دبي وذلك بسبب تعرضها الائتماني الكبير لدولة الامارات العربية.
لاسيما ان هذه البنوك تعاني بالأساس من مشاكل مالية، فبنك رويال بنك أوف سكوتلاند المملوك للحكومة البريطانية يعتبر من أكبر المقرضين لـ «دبي العالمية» حيث أقرضها ما يقارب 2.3 مليار دولار منذ بداية عام 2007، كما ان «جي بي مورجان – ستاندرد تشارترد وباركليز» تعتبران من أكبر المقرضين للمنطقة بديون تصل الى 10 مليارات دولار لكليهما بينما تصل انكشافات بنك اتش اس بي سي الى 17 مليار دولار لدولة الامارات العربية المتحدة.
ورغم ذهاب المحللين الى ان أزمة ديون دبي لن تثير أزمة نظامية مصرفية الا انهم يعتقدون انها ستساهم بشكل كبير في تحفيز أزمة ثقة بين المستثمرين العالميين أوسع نطاقا، والدليل على ذلك التجاوب السريع لأسواق العالم مع إعلان دبي عن تأجيل سداد ديونها و«داو جونز» هبط 154 نقطة يوم الجمعة الماضي كذلك حدث مع أسواق المال الأوروبية والآسيوية، وسعر النفط الخام هبط الى أدنى مستوى منذ 6 أسابيــــع ولحق به سعر الذهب، كما ان تكلفة التـــــأمين على ديون دبي ارتفعت الى 67% لهذا الأسبـــــــوع فيما ارتفعت في دول أخرى كاليونان الى 16% وليتوانيا الى 6%.
وتجدر الاشارة الى ان مسؤولا كبيرا بحكومة أبوظبي قال أمس الأول ان أبوظبي «ستحدد وتختار سبل مساعدة جارتها دبي، لافتا الى ان أبوظبي ستنظر في التزامات دبي وتعالجها كل حالة على حدة ولا يعني هذا ان أبوظبي ستغطي كل ديونها، في حين قال العضو المنتدب لغرف دي اي اتش كيه الالمانية للتجارة والصناعة مارتن فانسلبن ان المانيا ستتأثر سلبا من جراء تعليق سداد الديون الذي أعلنته دبي، واضاف في تصريح صحافي ان شركات المانية كثيرة اضطلعت بأدوار أساسية في طفرة البناء التي شهدتها دبي على مدار السنوات.
لافتا الى ان الأثر النفسي لأزمة دبي قد يحدث موجات من الصدمة في المانيا وان تأخذ أنباء دبي وقع القنبلة.
كما تجدر الاشارة الى ان أبوظبي تضخ 90% من نفط الإمارات والذي يعطي الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثالثة كأكبر مصدر للنفط في العالم وسبق ان قدمت بالفعل 15 مليار دولار دعما غير مباشر الى دبي عن طريق مصرف الامارات المركزي وبنكين من القطاع الخاص مقرهما في أبوظبي، لكن حجم أي دعم اضافي قد تقدمه الامارة لجارتها التي تشتد حاجتها الى السيولة سيتوقف على الطريقة التي ستوضح بها دبي موقفها في مسائل معلقة.