برزت پولندا من بين جميع دول الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 عضوا لتكون الوحيدة التي تسجل نموا ايجابيا في الناتج المحلي الاجمالي خلال الربع الثاني من هذا العام في وقت اشارت فيه توقعات اقتصادية اوروبية في نوفمبر الجاري الى ان معدل الناتج المحلي الاجمالي سيصل الى 1.2% خلال 2009.
وقالت مديرة ادارة المعلومات الاقتصادية بهيئة الاستثمار الأجنبي الپولندية أجاتا ميزينسكا لـ «كونا» هنا ان «پولندا كانت اقل تأثرا من جيرانها بالأزمة الاقتصادية العالمية».
وكان الخبير الاقتصادي الپولندي والرئيس السابق لبنك پولندا الوطني ليزيك بالسيروفيتش الذي ذاع صيته بتنفيذ برنامج التحول الاقتصادي المعروف باسم (العلاج بالصدمة) في تسعينيات القرن الماضي قد فصل في عدة تقارير أسباب عدم وقوع بلاده في دوامة الازمة المالية العالمية التي طالت الدول الاخرى.
وأوضح بالسيروفيتش ان پولندا طبقت قبل وقوع الازمة المالية سياسات ائتمان مصرفية اكثر صرامة مقارنة بالدول الأخرى، لاسيما ان حجم الديون الخارجية لم يسجل زيادة كما هو الحال في الدول الأخرى، فيما كانت السندات المالية أقل تعقيدا من الولايات المتحدة كما لا تتمتع الحركة في سوق الاسهم (البورصة) بتأثير يذكر على الاقتصاد على النقيض مما يحدث في الولايات المتحدة.
وسيستفيد المستثمرون الباحثون عن فرص اقتصادية وتجارية في پولندا من عدد من المزايا التنافسية منها الموقع والأسس الاقتصادية، حيث تحتل پولندا موقعا استراتيجيا في أوروبا يمثل نقطة عبور لوسائل النقل في القارة العجوز، كما انها البلد الوحيد الذي سجل نموا في معدل الناتج المحلي الاجمالي في الاتحاد الأوروبي في الوقت الحاضر.
كما تعتبر پولندا سوقا يكتظ بنحو 38 مليون مستهلك بجانب قوة عمل من الشباب الذين تلقوا تعليما جيدا، خاصة ان پولندا تضم 11% من خريجي الجامعات في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن التزايد المستمر في الانتاج بجانب توافر حوافز استثمار في ظل وجود 14 منطقة اقتصادية، خاصة وتخصيص الاتحاد الاوروبي ما يربو على 110 مليارات دولار لتمويل صناديق التنمية.
ويستطيع المستثمرون الأجانب الاستفادة من الاعفاء من سداد ضريبة الدخل على الشركات في المناطق الاقتصادية الخاصة بجانب اعفاءات الضرائب على العقارات وتقديم منح حكومية ومنح نقدية من خلال صناديق الاتحاد الأوروبي.
وتبلغ قيمة الاموال التي خصصها الاتحاد الأوروبي لپولندا في الفترة من 2007 وحتى 2015 نحو 67.3 مليار يورو لاصدار سندات لتمويل عملية الهيكلة بجانب 13.2 مليار يورو لتمويل برامج التنمية الريفية و0.6 مليار يورو لتطوير مصائد الأسماك.
ويقول تقرير الاستثمار العالمي لعام 2009 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ان التوسع السريع في السوق المحلي بپولندا ومرونة وقوة عمالتها الماهرة والنظام المصرفي القوي كانت عوامل رئيسية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
واستقطبت پولندا نحو 16.5 مليار دولار في صورة استثمار أجنبي مباشر في عام 2008 لتتصدر قائمة الدول الاثنتي عشرة الأحدث في الانضمام الى الاتحاد الاوروبي.
لكن مناخ الاستثمار في پولندا لا يخلو من العثرات، اذ تشير ميزينسكا الى ان هذه العثرات منها الحاجة لتحسين الطرق والبنية التحتية للسكك الحديدية وكذلك تعديل وتطوير الإجراءات والقوانين التي تحكم الاستثمار.
وقالت «القوانين رهن التعديل والتطوير حاليا لكنه لايزال هناك الكثير امامنا لإنجازه ونحن دائما نشرح هذه الإجراءات امام المستثمرين بصراحة ووضوح وهم يقبلون بها في كثير من الاحيان ويتعاملون معها».
وبفضل تزايد قوة العمل من الشباب المتعلمين اصبحت پولندا مقصدا للحصول على الخدمات عبر مجال «التعهيد»، لاسيما ان 97% من الشباب الپولنديين يتحدثون الانجليزية مقابل 59% يتحدثون الألمانية و37% يتحدثون الروسية و22% يتحدثون اللغة الفرنسية.
وتشير الاحصاءات بشكل عام إلى أن 57% من الپولنديين قادرون على التحدث لغة أجنبية واحدة على الاقل و32% يتحدثون لغتين و4% يتحدثون ثلاث لغات.
وقال تقرير ضم أهم 50 مدينة واعدة في تقديم خدمات التعهيد لعام 2009 ان «پولندا تبرز كمركز خدمات قريب لأسواق العملاء في أوروبا الغربية والدول الاسكندنافية».
وأضاف «في ظل قدراتها لتقديم سلسلة كاملة من الخدمات في اطار كل من منظمة التجارة الدولية وعملية التعهيد فإنه يمكن القول ان پولندا تبرز كأقوى منافس في المنطقة».
وكان التقرير ادرج مدينة كراكوف في المرتبة السادسة عشر في عام 2007 قبل أن تصعد الى المرتبة الخامسة في عام 2008 فيما شغلت وارسو المرتبتين السادسة والعشرين والثامنة والعشرين على التوالي في هذين العامين.