- الدولة ليست مشروعات تجارية لكن هناك أهداف كلية لنوعية النمو المطلوب وتكاليفه
- أزمة دبي أصغر من أن تؤثر على تعافي الاقتصاد العالمي
قال تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي انه لم يكن لنموذج دبي ان يستمر الى الابد، ذلك كان رأينا قديما، وما حدث لدبي رغم كونه ازمة محلية كبرى الا انه لا يرقى الى مستوى التأثير على تعافي الاقتصاد العالمي، ولا التأثير القوي على نطاق الاقليم، شاملا امارة ابوظبي، نموذج دبي بني على فرضيات خطرة لا يمكن استمرارها، والفرضية الاولى هي استمرار لانهائي لنمو السكان لكي يواكب الطلب جانب النمو المستمر في عرض الاصول والخدمات، والى جانب استحالته فيه تقويض لهوية الدولة او اساسها، والفرضية الثانية هي استمرار رواج الاقتصاد العالمي دون عثرات، بما يمكن الامارة من التوسع في الاقتراض، قصير ومتوسط الاجل، لتمويل مشاريع طويلة الاجل، وهو خطأ مالي هيكلي قاتل اذا تغيرت ظروف الاقتصاد الكلي، ونعتقد ان قروض دبي التجارية والسيادية اعلى بما نسبته 50% من المعلن، اي بحدود 130 مليار دولار بدلا من نحو 85 مليار دولار، ومع هبوط قيم اصولها الضامنة لهذه القروض تحولت ازمة السيولة الى ازمة ملاءة، والفرضية الثالثة هي في غياب الفصل بين الملكية والادارة، فمع الزمن والنجاح الباهر ظاهريا طغى مبدأ الولاء على مبدأ الاحتراف، وتحولت غالبية المؤسسات العملاقة الى سيطرة من لا تحكم قراره المعايير المهنية. ورغم انه لا يمكن التقليل من آثار ازمة دبي، فتوقيتها مؤذ على عنصر الثقة الشحيح في ظروف ازمة العالم المالية، ومن المتوقع ان تستمر تداعياته حتى تتلاشى بالتدخل او بأخذ مداها، الا انها تظل في حدود القدرة على الاحتواء، واول الاجراءات كان قرار مصرف الامارات العربية المتحدة المركزي بضمان سيولة البنوك المحلية وفروع البنوك الاجنبية في الدولة، كلها، وعين المركزي الاماراتي على التزامه بضمان الودائع وبيانه كاف بحدود وقف اي احتمال بالركض على البنوك، العامل الثاني المساند هو ان الازمة لن تصيب الاقتصاد الكلي لمعظم الدولة، والذي يعتمد على النفط، وعند المستوى الحالي من الاسعار لن يعاني الاقتصاد الكلي ازمة نمو او ازمة سيولة، العامل الداعم الثالث هو خزين الاحتياطي من النقد الاجنبي لدى الشريك الاكبر في الاتحاد او ابوظبي، فالتقديرات لحجم صندوقها السيادي ما بين 350 و800 مليار دولار، وهي اكثر من كافية لوقف اي حريق حقيقي لو ذهب الاسوأ للاسوأ رغم فتور الروابط الاتحادية في زمن الرواج.
والتأثير على الكويت سيكون خفيفا، ومعظمه سيقع على الشركات المستثمرة بكثافة في دبي او بعض شركات العقار وبعض شركات الاستثمار، وسيكو اقل على القطاع المصرفي الذي افصح هذه المرة وبسرعة عن تورطه المباشر مع شركتي دبي العالمية ونخيل، وهو تصرف صحيح واستفاد من تجربة الافصاح المتأخر مع ازمة مجموعتي القصيبي وسعد، لكن على المدى القصير لا احد يستطيع وقف امتداد التأثير النفسي في اوضاع حساسة، فالمؤكد ان ازمة دبي ستصيب اكثر ما تصيب مستوى الثقة، واثرها لن يقتصر على المصابين بشكل مباشر، على ان الاهم هو الافادة من الدرس، فالازمة فيها خلاصة واضحة ان الدول ليست مشروعات تجارية، وان بعض الفكر الخلاق وبعض المجازفة مطلوبان، لكن هناك للدولة اهداف كلية لنوعية النمو المطلوب وتكاليفه، ولابد من توظيف النمو وسيلة لخدمة اهداف الدولة، لا تغييب اسس الدولة لخدمة معدلات النمو، فالنمو ليس الغاية او الهدف النهائي.
أزمة دبي كشفت ضعف الروابط الإقليمية وهشاشة مشروعات التعاون بين دول الخليج
بين التقرير انه عندما حدثت أزمة مجموعتي القصيبي وسعد، لم توفق مؤسسة النقد العربي السعودي في مواجهتها عندما حرصت على أولوية تسوية دائنية البنوك السعودية معها، رغم انها تأتي في المرتبة الثانية من حيث المستوى بعد دائنية بنوك الإمارات، والحمائية القطرية على حساب الإقليم توحي بضعف الروابط الإقليمية وبهشاشة مشروعات التعاون الاقليمي المطروحة رسميا، والطموح الى حدود اعلان الوحدة الاقتصادية، لذلك لا ينظر المراقبون بجدية الى مشروع التعاون الاقليمي، وأزمة دبي اكبر من ازمة مجموعتي القصيبي وسعد، وبغض النظر عن وجهة النظر في نموذج النمو لدبي، لابد من تصرف اقليمي يحمي دبي ثم يحاسب نهجها، ان كان هناك ما يستدعي المحاسبة.
وكان يفترض، ولو من باب التعاطف، عقد اجتماع في العطلة لمحافظي البنوك المركزية ووزراء المالية لدول مجلس التعاون الخليجي للتباحث في الأزمة وتداعياتها وتوزيع الأدوار بينهم لمواجهتها، وليس لأحد في الإقليم مصلحة في ان تدفع دبي او الامارات تكاليف غير ضرورية للأزمة، وبعضها قد يصيب ما عداهما، كما ان الروابط المعلنة لا تسمح بهذا الموقف السلبي.
وعندما انفجرت أزمة العالم المالية اجتمعت كل الدول مع بعضها، ولم تجتمع المؤسسات المسؤولة في دول التعاون، وهذا ما حدث بعد ازمة القصيبي والسعد، ويفترض ان تكون التكاليف غير الضرورية للأزمتين قد أقنعت دول التعاون بالتعاون في المناسبات المقبلة، وهو ما لا يبدو انه يحدث في ازمة دبي، وهي في بداياتها.
وتسويق صدقية مجلس التعاون لن يجد فرصة أفضل من تلك المناسبات، ففي زمن الرواج لا حاجة من أحد لأحد، والواقع ان اي تصرف صادق ومسؤول، في زمن الأزمة، ربما يؤدي الى مراجعة الإمارات قرارها السلبي من مشروع الوحدة النقدية، بينما الوقوف موقف المتفرج والدفاع، فقط، عن المصالح القطرية نقطة تحسب لصالح قرار الإمارات بالانسحاب لعدم جدوى التعاون، عندما تكون هناك حاجة حقيقية له.
5.1 مليارات دينار فائض الموازنة
قال التقرير انه بانتهاء شهر نوفمبر، تكون قد مضت ثمانية شهور من السنة المالية الحالية 2009/2010، ومازالت اسعار النفط متماسكة. وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، لنوفمبر، نحو 77.1 دولارا، بارتفاع بلغ نحو 6.1 دولارات للبرميل عن معدل شهر اكتوبر والبالغ 71 دولارا للبرميل، . ومعه بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي، للثمانية شهور الاولى من السنة الحالية، نحو 65.7 دولارا بزيادة بلغت نحو 30.7 دولارا للبرميل، أي ما نسبته 87.7% عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 35 دولارا للبرميل، ولكنه ادنى بنحو 32.8 دولارا للبرميل، أي بما نسبته 33.3% عن معدل سعر برميل النفط الكويتي، للثمانية شهور الاولى من السنة المالية الفائتة، والبالغ 98.5 دولارا للبرميل، وايضا ادنى بنحو 13.8 دولارا، أي بما نسبته 17.4% عن معدل سعر برميل النفط الكويتي للسنة المالية الفائتة 2008/2009، والبالغ 79.5 دولارا للبرميل، وطبقا للارقام المنشورة في تقرير المتابعة الشهرية لحسابات الادارة المالية للدولة (أكتوبر 2009) الصادر عن وزارة المالية، حققت الكويت ايرادات نفطية فعلية حتى نهاية شهر اكتوبر الفائت (7 شهور)، بما قيمته 9.138 مليارات دينار، ويفترض ان تكون الكويت قد حققت ايرادات نفطية خلال شهر نوفمبر في حدود 1.5 مليار دينار، وعليه سترتفع الايرادات النفطية المحققة خلال الفترة (8 شهور)، الى نحو 10.64 مليارات دينار، وربما اكثر اذا اخذنا بالاعتبار بيع المكررات، أي اعلى بما نسبته 53.7% عن قيمة الايرادات النفطية المقدرة في الموازنة للسنة المالية بكاملها، والبالغة نحو 6.924 مليارات دينار، واذا افترضنا استمرار مستويي الانتاج والاسعار على حاليهما فإن قيمة الايرادات النفطية المتوقعة لمجمل السنة المالية، ستبلغ نحو 16.1 مليار دينار، وهي قيمة اعلى بنحو 9.2 مليارات دينار عن تلك المقدرة في الموازنة. ومع اضافة نحو 1.15 مليار دينار ايرادات غير نفطية، فإن جملة ايرادات الموازنة الافتراضية للسنة المالية الحالية، ستبلغ نحو 17.25 مليار دينار، مقارنة باعتمادات المصروفات فيها، والبالغة نحو 12.116 مليار دينار، اي ان النتيجة ستكون تحقيق فائض افتراضي في الموزانة بما قيمته 5.1 مليارات دينار.
ردود فعل الأسواق الخليجية من أزمة دبي مبالغ فيها
أشار التقرير الى ان أزمة دبي المالية حدث رئيسي، ولابد من التوثيق قصير وطويل الأمد لتبعاتها، فالأصل هو فهم الأزمات المالية ورصد تأثيراتها للإفادة، حالا ومستقبلا، من دراستها، فالأزمات على مأساويتها، تمنع دراستها، أحيانا، ما هو أسوأ، سواء بمراجعة خطط وقناعات ما قبل الأزمة، أو بالوعي، مبكرا، بتبعات أي أزمة مستقبلية. وأسواق المال هي، دائما، أول المتأثرين فهي في حكم مقياس الحرارة بالنسبة للمريض، وأحيانا تعطي ردود فعل مبالغ فيها وبما لا يتناسب وتبعات الأزمة، فقط لأنها أتت في توقيت غير مناسب، أو لفهم خاطئ لتلك التبعات، وسوق قطر المالي يوم عمله الأول ما بعد الأزمة، كان مثالا للمبالغة في رد الفعل للسببين.
وفي يومي العمل الأولين لسوقي دبي وأبوظبي واغلاقهما يومي الأربعاء والخميس الفائتين، ولثلاثة أيام العمل الأولى لثلاثة أسواق أخرى بعد الإعلان عن طلب تأجيل سداد لديون شركتي دبي العالمية ونخيل، فقد مؤشر سوق دبي المالي نحو -12.5%، وفقد نحو -22.1% من أعلى مستوى بلغه، بعد ان كان أكبر الرابحين في الإقليم حتى تاريخ 15/10/2009، وتظل خسارته في حدود المفهوم في زمن الأزمة، وفقد سوق أبوظبي للأوراق المالية في الفترة ذاتها نحو -11.6%، وفقد نحو -20.6% من أعلى مستوى بلغه، بعد ان كان ثاني أكبر الرابحين في الإقليم حتى 15/10/2009، وان يكون ثاني أكبر الخاسرين في حدود المفهوم نتيجة الشراكة في الدولة الاتحادية ونتيجة المشاركة في السوق المصرفي، ما لم يكن مفهوما هو خسارة مؤشر سوق الدوحة في أول أيام افتتاحه بعد الاعلان عن الأزمة نحو 595.21 نقطة أو نحو 8.27%، وقطر أول الاقتصادات التي ستتعافى من الأزمة، ونهجها في دعم قطاعها المصرفي، غير المتورط جوهريا مع شركات دبي، نهج مباشر حتى انه مبالغ فيه، وما حدث لا يمكن تفسيره سوى بسلوك المتعاملين شديد الهلع، ومن الجدول، واضح ان أسواق الإقليم الأخرى، كلها، بدأت بخسائر متفاوتة مالت الى الخفوت أو التعويض، بمرور الوقت، ومن المحتمل ان يأخذ السوق السعودي والسوق العماني المغلقان في عطلة، المسار عينه مع افتتاحهما، وذلك في حدود المقبول في زمن الثقة الهشة، ولكن استمرار الخسائر في أسواق الاقليم الأخرى لأسبوع آخر بعد كل الافصاحات وفي سوق نفط رائج، سيعني غلبة الهلع على المنطق، وفي زمن الأزمة، تصيب الأخبار السيئة عامل الثقة بمستوى لا يتفق والمنطق.