تناول التقرير الشهري لشركة سبائك للإجارة والاستثمار سوق التأجير في الكويت وكيفية توزع القطاعات فيه، ومدى تقدمه ونموه في الأعوام القليلة الماضية، وتداعيات الأزمة المالية العالمية الحالية عليه، حيث قال التقرير ان سوق التأجير المحلي يعتبر جزءا صغيرا من السوق العالمي الذي تتعدى قيمته التريليون دولار، وينقسم بين نوعي التأجير: التشغيلي والتمويلي. وإذا كان النوع الأول منتشرا في المنطقة والكويت منذ زمن، ظهر نظام التأجير التمويلي للمعدات والتجهيزات لأول مرة في العالم خلال خمسينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية ثم انتقل في الستينيات إلى أوروبا واليابان، وبعد ذلك إلى بقية دول العالم ليبلغ عدد الدول التي تتعامل بعقود التأجير التمويلي اليوم حوالي 50 دولة، وقد تم تطوير هذا النظام ليصبح مصدرا من مصادر التمويل في جميع الدول المتقدمة، بحيث أصبح نمو حجم عقود التمويل موازيا لنمو اقتصاديات هذه الدول.
وفيما يلي قطاعات التأجير في الكويت وأوضاعها اليوم في ظل الأزمة المالية العالمية:
قطاع تأجير السيارات: يعتبر سوق تأجير السيارات من أقدم أسواق التأجير في الكويت والأكثر تجزئة، وينقسم العاملون فيه إلى 4 أقسام: أولا: شركات محلية مثل «مصطفى كرم» و«أعيان للإجارة والاستثمار»، ثانيا: مكاتب أو فروع لشركات عالمية مثل «أفيس» و«بدجت» و«هيرتز»، ثالثا: وكلاء مصنعي السيارات مثل «تويوتا» و»جنرال موتورز» ورابعا: مكاتب صغيرة يتخطى عددها 250 مكتبا.
ولا يعتبر السوق، الذي يضم 75 ألف مركبة، منظما بما فيه الكفاية، إلا أن الشركات الكبرى تسيطر على حصة 80% منه تقريبا، ويبلغ حجم السوق المحلي اليوم حوالي 1.4 مليار دولار، في حين تستحوذ وحدات قطاع التأجير على نسبة تتراوح بين 30% و35% من مبيعات السيارات سنويا، وذلك بفضل نمو السوق وبهدف تجديد أساطيل الشركات والمكاتب. وتشكل الحكومة الكويتية العميل الأكبر لقطاع تأجير السيارات بفضل مناقصات الوزارات والمؤسسات الرسمية المختلفة وخصوصا القطاع النفطي.
وحسب معلومات شبه رسمية، تراجع الطلب على خدمات تأجير السيارات في الكويت خلال النصف الأول من عام 2009 بنسب تتراوح بين 10% و20% بسبب ضغوط الأزمة المالية على القطاع، خصوصا إذا علمنا أن القطاع لم يكن نشطا بفضل المواسم السياحية بل بفضل استئجار الشركات للسيارات. وبفعل تضرر قطاع الشركات، تأثر سوق التأجير أيضا، لذا بادرت شركات التأجير بتقديم تخفيضات على الأسعار بنسب تتراوح بين 15% و 20%.
قطاع تأجير الطائرات: يعتبر سوق تأجير الطائرات في الكويت من الأنشط في المنطقة من حيث الشركات المؤجرة والمستأجرة، فمع تحرير سوق الطيران المحلي، تأسست شركة الجزيرة للطيران الاقتصادي، وشركة الخطوط الوطنية، وشركة لويد اير للشحن، بالإضافة إلى شركة الخطوط الجوية الكويتية. وهذه الشركات أصبحت من العملاء الكبار للطائرات المستأجرة، كما تعتبر شركة آلافكو لتمويل شراء وتأجير الطائرات من أبرز اللاعبين الإقليميين في سوق التأجير، وهي تدير أسطولا من 26 طائرة مؤجرة كما في نهاية سنتها المالية في 30 سبتمبر 2009، وهي تقدم خدماتها لـ 15 شركة طيران حول العالم منها الخطوط الوطنية والخطوط التركية والماليزية والسعودية والأردنية، وتوفر الشركة أيضا التأجير التمويلي بالإضافة إلى التأجير التشغيلي.
وبين التقرير انه إلى جانب آلافكو، أسست شركة الجزيرة في أكتوبر 2008 شركة سحاب لتأجير الطائرات بالتعاون مع شركة الوطني للاستثمار وبنك «دي في بي» وبرأسمال 375 مليون دولار، وستقوم «سحاب للايجار» بتوفير الطائرات التجارية المتوسطة الحجم والكبيرة الحجم في الشرق الأوسط والأسواق الصاعدة.
من جانب آخر، يعمل في السوق المحلي أيضا شركات تأجير الطائرات الخاصة وأبرزها شركة المتحدة للطيران التي تأسست عام 2003 وتدير اليوم 3 طائرات من طراز امبراير 135، وقد أظهر القطاع ككل نموا في الأعوام الخمسة الماضية، مع الطفرة النفطية والمالية التي شهدتها منطقة الخليج العربي.
وأشار التقرير الى انه وعلى الرغم من أن الشركات العالمية لتأجير الطائرات ترزح اليوم تحت وطأة الديون بسبب الأزمة الاقتصادية، إلا أن الوضع يبدو منضبطا محليا. فسوق السفر المحلي ينمو باستمرار بفضل حب المواطنين للسياحة خارج البلاد، والعدد الكبير للمقيمين الأجانب. وصحيح أن العديد من الشركات المؤجرة للطائرات قد يواجه ارتفاع تكاليف الاقتراض الذي سيؤدي بالتالي إلى زيادة التكلفة على شركات الطيران المستأجرة وعلى الركاب إلا أن هذا النوع من الشركات عادة ما يستفيد من حالات الركود عندما تؤخر شركات الطيران شراء الطائرات المكلفة وتتجه للتأجير، كما تستغل شركات التأجير هذه الأوضاع بهدف الحصول على أسعار أفضل من المصنعين. وينتظر السوق المحلي اليوم خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، إذ قد ينتج عن العملية توسعات جديدة في سوق تأجير الطائرات.
قطاع تأجير السفن: نشط سوق تأجير السفن في دول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام الخمسة الماضية بفضل تجارة النفط والسلع، ولم تكن الكويت مستثناة في هذا المجال، إذ تعتبر شركة ناقلات النفط الكويتية وشركة الملاحة العربية المتحدة، ومقرها الكويت، من أبرز عملاء تأجير وشراء السفن في المنطقة.
اشار التقرير الى ان شركة ماري تايم للناقلات البحرية والشحن تأسست في أبريل 2006م وبدأت تمارس نشاطها في تأجير السفن. وكان السوق المحلي يعتمد بشكل خاص على التأجير التمويلي وعلى مبادرات فردية للشركات في هذا المجال. وقد سعت شركات تأجير عدة في البلاد للاستفادة من هذا السوق النامي، إلا أن الأزمة أتت لتصيب هذا القطاع بمقتل، فمع ركود الحركة التجارية بين الدول وانخفاض أسعار النقل البحري، انخفضت في الوقت الحالي عوائد الاستثمار في هذا القطاع. ومع انتعاش الاقتصاد العالمي، تبدو الصورة المستقبلية للقطاع أكثر إشراقا مما هو متوقع، خصوصا إذا عادت حركة التجارة العالمية إلى نشاطها المعتاد، وتشكل الأسواق الناشئة، ومنها الكويت، العمود الفقري لهذا النشاط.
قطاع تأجير المعدات: بعد عام 2003 شهدت الكويت طفرة عقارية كبيرة، تمثلت في بناء عشرات الأبراج التجارية ومئات العمارات الاستثمارية. هذه الطفرة ساهمت في نمو سوق تأجير معدات التشييد والبناء للمقاولين المحليين والأجانب. وقد تأسست شركات متخصصة في هذا المجال أبرزها شركة إمداد التابعة لشركة أعيان للإجارة والاستثمار، كما برز اسم الدولية للإجارة والاستثمار، ويلعب الوكلاء المحليون لشركات تصنيع معدات البناء العالمية مثل كاتربيلر دورا بارزا أيضا في سوق التأجير. ويسيطر الأفراد وأصحاب المشاريع الصغيرة على حوالي 80% من سوق تأجير معدات البناء والذي يعتبر سوقا ضخما جدا.
واشار التقرير إلى ان سوق تأجير المعدات الطبية شهد نموا كبيرا في الأعوام الثلاثة الماضية مع بناء مستشفيات خاصة جديدة وتدشين عشرات العيادات، ومن المتوقع أن يبقى هذا القطاع ناميا خصوصا مع تركيز الحكومة على تطوير القطاع الطبي عبر بناء مستشفيات جديدة وزيادة سعة مستشفيات قديمة، وستلجأ وزارة الصحة لاستئجار المعدات الطبية الحديثة من خلال طرح المناقصات. وقد تأسست شركة ساب مد في أبريل 2009م لتطوير منتجات الإجارة في الأجهزة والمعدات الطبية، كما تنشط شركة أعيان للإجارة والاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
قطاع تأجير العقارات: تشتهر الكويت كباقي دول الخليج بعدد المقيمين غير الكويتيين المتنامي، إذ يشكل الأجانب أكثر من 70% تقريبا من سكان الكويت، وبما أن تملك العقارات ممنوع على الأجانب، فان قطاع تأجير العقارات، أو ما يعرف محليا بالعقارات الاستثمارية، يعتبر أنشط أسواق التأجير في البلاد. فحسب إحصائية شبه رسمية، يملك أكثر من 20% من المواطنين الأفراد عمارات استثمارية تؤجر فيها الشقق، كما تنشط العديد من الشركات العقارية وغير العقارية في هذا المجال.
ويعتبر بيت التمويل الكويتي لاعبا رئيسيا في هذا السوق، بالإضافة إلى شركة أعيان للإجارة والاستثمار التي طرحت حلولا لتأجير الشقق المنتهية بالتملك. وقد تبعها عدد من الشركات في تطبيق هذا المفهوم. أما العائد على هذا النوع من الاستثمار فيعد مرتفعا في الكويت وقد وصل في الأعوام الماضية إلى 15% سنويا. لكن الأزمة المالية الحالية حدت من نمو هذا القطاع ومن العائد عليه بسبب تسريح آلاف الموظفين غير الكويتيين من أعمالهم، مما أضطرهم للعودة إلى أوطانهم، وبسبب العرض الذي ينمو بشكل صاروخي مقابل طلب متباطئ. كما أضرت الأزمة بقطاع تأجير العقارات التجارية، وقطاع تأجير المخازن التي تنشط فيه بشكل رئيسي شركة أجيليتي.
قطاع صناديق وصكوك الإجارة: في حين لايزال سوق صكوك الإجارة ضعيفا في الكويت، يبدو سوق صناديق الإجارة في أفضل حال، ويعتبر بنك الكويت الوطني رائدا في هذا المجال، إذ ما يلبث أن يطلق صندوقا للإجارة إلا ويتم تغطية الاكتتاب فيه بعد 24 ساعة فقط. وهذا ما يدل على توجه المستثمرين الأفراد إلى الأدوات المالية الآمنة، خصوصا أثناء فترة الاضطراب التي شهدها سوق الكويت للأوراق المالية في نهاية عام 2008 و2009، ومن أبرز مديري صناديق الإجارة بيت التمويل الكويتي وشركة الدولية للإجارة والاستثمار وبيت الاستثمار الخليجي وشركة الاستثمارات الصناعية.
التوصيات
وتوصي «سبائك» باعتبار نظام التأجير من مقومات برنامج الإصلاح المالي والإداري في البلاد، لأنه سيفتح الباب أمام تدفق الاستثمار ورؤوس الأموال وتوسيع رقعة النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص عمل جديدة، ومن المهم إدخال التأجير ضمن المقررات الدراسية في الكليات المختصة.