منى الدغيمي
«ينتظر التحرر الكامل من عواقب الأزمة المالية العالمية في عام 2010، وبدء مرحلة جديدة من النمو واسترداد تدريجي للتعافي الاقتصادي» جملة كررها أكثر من مرة رئيس المكتب الاستثماري لميريل لينش لإدارة الثروة العالمية بيل اونيل في مداخلة ألقاها أمس خلال مؤتمر الصحافي حول التوقعات الاقتصادية والإقليمية والعالمية لسنة 2010 وقال أونيل إن الاقتصاد العالمي سينمو بمعدل 4.3% عام 2010 بعد انكماشه بمعدل قارب 1% عام 2009.
وتوقع ان تفوق أداء الأسهم على أداء السندات الحكومية والخاصة في عام 2010، بالتزامن مع انتهاء الركود وانتعاش الاقتصاد العالمي وارتفاع إنفاق المستهلكين والاقتراض، حيث تتطلع الحكومات إلى إنفاق المستهلكين ليحل مكان مشاريعها الإنقاذية باهظة التكاليف في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي بشكل مستدام.
وقال التقرير الذي صدر تحت عنوان «آفاق العام المقبل 2010»، ارتفاع إنفاق المستهلكين والاقتراض بالتزامن مع تراجع معدلات البطالة وارتفاع دخل الأسر.
وأكد اونيل أن التعافي سيشمل أسواق المال الخليجية التي سترجع ثقة المستثمرين بها من جديد وستشهد نموا على مستوى معدل الأرباح. وتابع انه لا توجد مخاطر كبيرة في حدوث انتكاسة ثانية للاقتصاد في 2010 وقوض كل التوقعات إزاء التضخم.
وأفاد اونيل بأنه لن يكون هناك نمو في دولة الإمارات المتحدة مشيرا بقوله: «نتطلع إلى التعافي بالنسبة للاقتصاد الكويت».
وتوقع ان يشهد نمو إجمالي الناتج المحلي في منطقة الخليج العربية بين 2% و3.2% في 2010 صعودا من 0.3% في 2009.
أما على مستوى أسعار النفط فقد توقع أونيل أن تكون الأسعار في حدود 85 دولارا للبرميل.
واكد من خلال توقعاته ان تشهد الثقة في الأعمال سواء في دول الخليج او بقية الدول العالمية ارتفاعا مما سيتمخض عنه انتعاش ستشهده خاصة أسواق المال.
وأشار أونيل الى ان خلال النصف الثاني من العام المقبل ستتحرك الاسواق العالمية مما سيمنح دفعا لزيادة الانفاق الاستهلاكي الذي سيساهم بدوره في التعافي الاقتصادي.
توقع التقرير قيام البنوك المركزية بالتركيز على رصد احتمالات التضخم في عام 2010، وستكون المملكة المتحدة والهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا من بين الدول التي سوف ترفع أسعار فوائدها في النصف الأول من عام 2010.
وقال اونيل: «ومن المتوقع أن تحذو الصين وأوروبا حذوها أواخر العام، إلا أنه من المرجح أن يظل تهديد ارتفاع معدلات التضخم محدودا». وتابع: «هناك احتمال بحدوث ارتفاع حاد وقصير الأمد في أسعار الفائدة في النصف الثاني من عام 2010، ولكننا لا نتوقع أن يشكل التضخم مشكلة خلال العام المقبل».
وأضاف: «إلا أننا نتوقع أن يؤثر إصدار سندات خزانة حكومية بمبالغ ضخمة بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد المخاوف من ارتفاع التضخم، على أسواق السندات الحكومية».
وتابع قائلا: «نعتقد أن عام 2010 سيكون العام الذي يجب الخروج خلاله من السندات الحكومية، حيث تبدو عائدات السندات الحكومية الأميركية والبريطانية منخفضة أكثر مما يجب. وحين ترتفع أسعار الفائدة للآجال القصيرة، نتوقع تراجع أسعار السندات. ونحن نلاحظ وجود مخاطر في منحنى عائدات السندات الأميركية والبريطانية بصفة خاصة».
ولاحظ التقرير وجود مبالغة في تسعير سندات الشركات مقارنة مع الأسهم، رغم أن آفاق عائدات تلك السندات تبدو أفضل من عائدات السندات الحكومية، وخاصة تلك التي تصنفها مؤسسات تقييم الجدارة الائتمانية بأنها آمنة نسبيا. أما على المستوى العالمي، فقد لفت الى ان التعافي سيكون بطيئا جدا وعزا ذلك الى الازمة التي شهدتها اغلبية البنوك، قائلا: «نتوقع ان يكون التعافي أكثر ضعفا وهو امر منتظرا»، مشيرا الى ان التضخم على مستوى دول العالم سيكون على المحك.
في حين توقع التقرير تولي الصين والهند قيادة الانتعاش الاقتصادي العالمي المقبل، وسوف تحققان معدلات نمو تبلغ 10 و7 % على التوالي، وقال أونيل إن المستهلكين الصينيين سوف يحفزون نمو الناتج المحلي الصيني.
كما توقع التقرير أن تحقق الاقتصادات الأميركية والأوروبية معدلات نمو أكثر تواضعا ستبلغ 3 و2% على التوالي عام 2010. ومن المتوقع أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد الياباني 3% أيضا ذلك العام، بعد انكماش نموه بمعدل 6% عام 2009.
وقال أونيل: «نعتقد أن العام المقبل سيكون عاما جيدا بالنسبة للأسهم، ونتوقع أن يتفوق أداؤها على أداء السندات الحكومية وسندات الشركات، وحدوث نمو اقتصادي غير تضخمي».
وأوضح بقوله: «نتوقع استفادة الأسهم من النمو المتسارع للأسواق الآسيوية بصفة خاصة. ومن المتوقع أن توفر الأسهم المنكشفة على الاقتصاد الصيني والهندي والماليزي والإندونيسي والكوري الجنوبي، عائدات جذابة عام 2010. ونتيجة لذلك يتوقع أن يتفوق أداء أسهم الأسواق الصاعدة على أداء أسهم الدول المتقدمة».
وأضاف قائلا: «سوف يتفوق أداء الأسهم الخاضعة لمؤثرات الدورات الاقتصادية في قطاعات النفط والغاز والمواد الأساسية والصناعة على أدائها في القطاعات الأخرى. وتابع: «قادت الأسهم الخاضعة لمؤثرات الدورات الاقتصادية انتعاش الأسواق عام 2009 وحققت عائدات مرتفعة تقدر نسبتها بأكثر من 26%. وفي 2010 من المتوقع تعثر أداء الأسهم الدفاعية في قطاعات الصحة والمرافق العامة والسيارات والكيماويات».
توقع اونيل انتعاش قطاع العقارات التجارية البريطاني عام 2010 ليحقق أرباحا للمرة الأولى منذ عام 2006.
وقال إن التحدي الرئيسي الذي سيشهده عام 2010، يتمثل في مدى نجاح الحكومات في تخفيف اعتماد الانتعاش الاقتصادي على برامج التحفيز، معربا عن اعتقاده بأن عام 2010 سيكون عاما حاسما وسيضع إمكانية استدامة الانتعاش الاقتصادي على المحك، مشيرا إلى أنه شخصيا يتوقع اجتيازه بنجاح. وفي ختام مداخلته استعرض اونيل مجموعة من التوصيات لاسيما منها: انتهاج حكومات المنطقة مزيدا من الشفافية والإفصاح في نشاطاتها وبياناتها المالية المتصلة بالديون والالتزامات على المديين القصير والمتوسط لتجاوز أزمة الثقة في أسواق المنطقة، بعدما انتقلت إليها «عدوى» أزمة المال العالمية. زيادة الإنفاق الحكومي ودعم مشاريع التنمية لتحريك عجلة الاقتصاد.