بدأت تداعيات أزمة الائتمان العالمية في تغيير أو بالأحرى تصحيح الاعتقاد السائد بأن صناديق الثروات السيادية ستظل دائما تعمل بصبر على التغلب على الخسائر الدفترية على استثماراتها.
فقد خسرت الصناديق السيادية ما يقدر بنحو 600 مليار دولار على مدى العامين السابقين بعدما دفعت أزمة الائتمان بأسواق الأسهم العالمية إلى الانهيار وتسببت في تراجع حاد في قيم حصصها الكبيرة في البنوك الغربية.
والآن يستغرق ذلك القطاع الذي يبلغ حجمه ثلاثة تريليونات دولار وقتا أطول مما توقعه الكثيرون للخروح من الملاذ الآمن للأوراق المالية منخفضة العائد مما يبدد الآمال في أن تساعد هذه الصناديق في تحقيق انتعاش مستدام للأسواق خلال العام المقبل من خلال عمليات شراء أسهم وسلع أولية وعقارات وأصول بديلة أخرى ذات تقييمات جيدة.
وقال مستشار بأحد الصناديق السيادية الأسيوية لرويترز «من حيث الممارسة ففكرة أن الصناديق السيادية أكثر صبرا في الوقت الحالي من مستثمري القطاع الخاص لم تعد صحيحة، فالصناديق السيادية دائما ما تخوض نفس الآفاق التي يخوضها اللاعبون بالأسواق ودائما ما تكون عرضة لنفس المواقف الحرجة، إنهم يحتاجون إلى تحقيق الحد الأقصى من العوائد لمساهميهم».
وأضاف «وقد تكون الحكومات أقل صبرا مقارنة بمستثمري القطاع الخاص، إذ تسعى الصناديق السيادية لتحقيق الأهداف الصناعية للحكومة الأمر الذي قد يكون ملحا بدرجة كبيرة. إنهم يعملون وفقا لجداول زمنية صارمة».
وتابع: «صناديق الثروات السيادية هي الأدوات السياسية التي تعمل على تحقيق الأهداف السياسية، وقد يلجأ مساهمو تلك الصناديق - الحكومات - إلى سحب الأموال عند الحاجة إلى توفير رؤوس أموال أو عندما يقررون بيع الأصول عند الحاجة إلى ذلك الأمر الذي حدث بالفعل في الكثير من الدول مثل روسيا خلال الأزمة».
وبالمثل فإنه حتى إن كانت التقييمات جذابة فستنتظر الصناديق السيادية مثلها مثل المستثمرين الحذرين الآخرين حتى يكون لديها ثقة جيدة بشأن الانتعاش قبل شراء الأصول التي تتسم بالمخاطر.
وقال رئيس الاستثمارات بصندوق الثروة السيادية في أذربيجان إسرافيل مامادوف لرويترز «لا نختلف عن أي مدير أصول آخر. كوننا مستثمرا طويل الأجل لا يعني تجاهل السبب الرئيسي لأي استثمار، هناك ضغوط هائلة على مؤسسات مثل مؤسساتنا (لتحقيق أرباح) لأننا ننتمي لشعوبنا».
وتابع «في ظل هذا المناخ منخفض العائد يحاول الناس تعزيز العائد من خلال الإقبال على المخاطر من حيث زيادة التعرض للأصول التي تتسم بالمخاطر. نراقب الموقف إذ لايزال هناك قدر كبير من عدم التيقن. لا نزال نعتقد أن الوقت هو وقت الانتظار والمراقبة».
كما ان الأزمة التي تحيط بديون مجموعة دبي العالمية المملوكة لإمارة دبي والتي قد تواجه بيعا محموما للأصول من أجل تمويل التزاماتها تشكك كذلك في الافتراضات بأن المستثمرين الحكوميين يقبلون تلقائيا على استثمارات أطول أجلا مقارنة بمتوسط مديري الأصول.
كانت «دبي القابضة» التابعة لحاكم إمارة دبي قد باعت مؤخرا حصتها في بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية - هيرميس بينما أجبرت شركة استثمار العالمية الذراع الاستثمارية لدبي العالمية على بيع فندق «دبليو اوتيل» في مانهاتن بعد مصادرته وذلك في مزاد الأسبوع الماضي وفاء لديون قدرها مليوني دولار، وكانت الشركة قد اشترت الفندق مقابل 282 مليون دولار في 2006، وبالفعل تقول بعض الصناديق السيادية إن الأوضاع بالسوق لاتزال غير مناسبة لها.