سلطت مجلة «المستثمرون» في عددها الـ 91 الضوء على ما أفرزته دوامة المال من توجهات إدارية عليا في المؤسسات الاستثمارية إلى منحى جديد من التقشف بعدما أصبحت تواجه اختبارا قاسيا فرضته الظروف الاقتصادية الأخيرة متمثلة في شح السيولة أحيانا وجفافها أحيانا أخرى، بعدما كانت سياسة البذخ في المصاريف هي السائدة قبل الربع الأخير من 2008.
وفي تحقيق مفصل، تناولت قضية الادخار وتقليص النفقات بعد أن أصبح الكاش عزيزا، وبات صاحبه ملكا، أشار الكثيرون إلى أن البنوك والتي تعد القنوات التمويلية الأولى في الاقتصاد، قد عمدت إلى التشدد في سياسة الإقراض بعدما شعرت بأن السيولة هو عصب بقائها وبشحها سينهار البيت من الداخل. واللافت للنظر في هذا الملف الذي شارك فيه بعض الرؤساء التنفيذيون في الشركات الاستثمارية ومكاتب الاستشارات الاقتصادية إضافة إلى أساتذة الاقتصاد في جامعة الكويت، هو أن الكثير منهم وجهوا أصابع الاتهام في تبخر الكاش إلى عوامل أخرى غير الأزمة المالية العالمية، لعل من أهمها انتفاء مبدأي الحوكمة والشفافية، وعدم وجود إدارة للمخاطر في بعض الشركات، إضافة إلى المكافآت المالية والتي يصفها البعض بـ «الخيالية» للوظائف الإدارية العليا.
لكن هذا التشدد الإقراضي وتقليص المصروفات كان له - حسب بعض المحللين – انعكاسات سلبية على الاقتصاد، حيث لفت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة الرؤية للاستثمار خالد فهد الوقيان، إلى أن السياسات التقشفية لدى البنوك والشركات قلصت سيولة العملاء واستثماراتهم وأثرت على نوعية المشاريع. أما رئيس مجلس الإدارة في شركة أصول للاستثمار، سليمان العميري، فقد أكد أن تمنع البنوك والمؤسسات المالية عن الإقراض أدى إلى ركود اقتصادي واضح، على الأقل من حيث انخفاض القدرة الشرائية والادخارية للأفراد، وإحجام الكثير منهم عن المشاركة في الاستثمارات تجنبا للخسائر. في حين أشار الرئيس التنفيذي في شركة بيت الاستثمار الخليجي بدر العلي، إلى أن الأزمة أدت إلى توجه العديد من الشركات الاستثمارية لإعادة صياغة منتجاتها الاستثمارية، والتوجه نحو المشاريع التنموية ذات القيمة المضافة المعقولة المخاطر، بدلا من المضاربات العالية المخاطر.
وعلى الجانب المشرق، التقت «المستثمرون» الرئيس التنفيذي لشركة بيت أبوظبي للاستثمار، فواز علي الجودر، ليؤكد ان النجوم لا تظهر إلا في الظلام الحالك، ففي أوج الأزمة المالية الخانقة، تألقت «بيت أبوظبي للاستثمار» في مشاريعها وخططها وإستراتيجيتها المستقبلية، وهي ماضية في مشاريعها وشراكاتها مع العديد من المؤسسات المالية في المنطقة والعالم. لافتا إلى أن صندوق «ويلفارما» هو احد ما غنمته الشركة خلال هذه الفترة، وأن تنوع الأنشطة الاقتصادية الذي تضعه حكومة إمارة أبوظبي نصب عينها، أصبح منهاجا ومثالا يحتذى في العالم لتحقيق التنمية المستدامة. وأوضح أيضا كيف تصبح مشاريع البنى التحتية ركيزة أساسية في خلق مجالات وخدمات توائم فترات الأزمات. كما جاء العدد الـ 91 من المجلة حافلا بالعديد من المواضيع الجديدة والأبواب الشيقة إضافة إلى العديد من البحوث والتقارير، والدراسات والتغطيات المتنوعة.