تصور النهاية منذ البداية.. إنها الاستراتيجية الاقتصادية الجديدة التي يطلق عليها اسم «التقادم المبرمج» أو «التقادم المخطط له»، حيث تتبلور هذه الاستراتيجية في اطار عملية الانتاج الشامل وتنمو في كنف مجتمع الاستهلاك.
وهي حيلة تسويقية ينتهجها مصنعو مختلف الأجهزة كالمصابيح، السيارات والهواتف الذكية، لجعل هذه المنتجات قديمة، غير صالحة للاستعمال وحتى تالفة بعد مدة زمنية معينة ما يحفز الزبائن على طلب شراء المنتوجات الجديدة في كل مرة، حيث اكتشفت الشركات أن بإمكانها جمع المزيد من المال عن طريق استثمار أموال لاختراع أجهزة تعمل لفترة محدودة.
فالمصابيح التقليدية على سبيل المثال والتي عرضت في الأسواق للمرة الاولى في أواخر القرن التاسع عشر شكلت الضحية الاولى لهذه الاستراتيجية. ففي بداية القرن العشرين اتفق ابرز مصنعي هذه المصابيح على الحد من أمد حياتها لغاية ألف ساعة مجبرين المستهلك تاليا على شرائها مرارا وتكرارا.
وهمشت بذلك المصابيح الشفافة التي لم يكن ذنبها سوى القدرة على الإنارة مئات آلاف الساعات.
وهذا الأمر الذي جر معظم الشركات المصنعة للمصابيح الى أروقة المحاكم بسبب انتهاكها لقوانين مكافحة الاحتكار، لكن بعد فوات الأوان، لأن العديد من الشركات تبنت حيلة التقادم المخطط له كشركات السيارات وحتى الملابس التي تعاقدت مصانعها مع كيميائيين لتصميم أقمشة تتمزق بسهولة.
وتعد إحدى أهم نظريات المؤامرة والأكثر شيوعا في عصرنا الحالي هي الهواتف الذكية التي تصمم بحيث تتقادم وتتلف اجباريا بعد بضع سنوات، ما يضطر بك الى شراء واحد جديد.
وبالفعل، أقرت «آبل» بأنها أبطأت عن قصد النماذج القديمة من هواتف «آي فون» بهدف حماية هواتفها الذكية، في اعترافات أعادت الى الواجهة الجدل حول التقادم المبرمج للأجهزة الإلكترونية.
وبعد شكاوى تقدم بها حديثا مستخدمون استاؤوا من البطء المتزايد لهواتفهم مع الوقت، وبعد تجارب تداولتها وسائل الإعلام المتخصصة في شؤون التكنولوجيا، أقرت المجموعة الأميركية بأنها تكبح عن قصد أداء منتجاتها بغية «إطالة صلاحية استخدامها».
وأوضحت «آبل» التي تصدر كل سنة نموذجا جديدا من هاتف «آيفون» الذي يعد منتجها الرئيسي أن «قدرة بطاريات الليثيوم آيون تتراجع خلال ذروة الاستخدام، عندما يلجأ المستخدم كثيرا الى هاتفه.
وغالبية المنتجات الالكترونية المسوقة في العالم مجهزة بهذا النوع من البطاريات وليس هواتف «آيفون» فحسب، وفي نفس الوقت، إيقاف تحديثات النظام على الهواتف القديمة ما يجعل الأخيرة غير قابلة للاستهلاك.
وايضا تغيير شكل الشاحن على كل هاتف جديد بحيث يتحتم عليك شراء شاحن جديد في كل مرة ويتهم صانعو الأجهزة الالكترونية عموما بالحد عن قصد من صلاحية استخدام أجهزتهم بهدف دفع المستهلكين الى شراء أحدث النماذج.