منى الدغيمي
لم تنحصر تداعيات الأزمة المالية العالمية في الخسائر الضخمة التي لحقت بالشركات الاقتصادية والبنوك بل امتد تأثيرها الى طرح قضية أساسية تتعلق بإدارات الشركات وذلك من خلال السؤال القديم المتجدد وهو: هل من يملك يدير حتى وان كان يفتقر للخبرة؟
فقد اثبتت الازمة ان عامل الادارة لعب دورا اساسيا في تداعياتها. فعلى المستوى الخليجي يحرص كبار الملاك على ادارة شركاتهم من باب «البرستيج» حتى وان كانت لديهم خبرة متراكمة بحكم الوراثة الا ان العامل الأسوأ هو ان الكثير من كبار الملاك يتولون المناصب الادارية العليا دون ان يكون لديهم خبرات اقتصادية وادارية كافية واذا استعانوا بالكوادر التي لديها خبرات فانهم بشكل مباشر يتدخلون في الادارة التنفيذية للشركة الأمر الذي يؤدي الى تضارب في القرارات وتراجع في الاداء وكثير من الشركات وبعض البنوك في الكويت واجهت مشاكل كبيرة بسبب تدخل الملاك في الادارة او توليهم مناصب قيادية دون خبرات ما يدفع بالشركة او البنك الى التراجع والاضرار بباقي المساهمين.
خبراء اقتصاديون قالوا لـ «الأنباء» ان معظم الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي تعاني مما اطلقوا عليه سيطرة رجال المال على بعض مجالس الشركات وذلك سواء من منطلق اعتمادهم على ملكيتهم لاسهم الاغلبية او خبرتهم الاستثمارية او كفاءتهم في ادارة الشركات.
واعتبروا ان مثل هذه الممارسة غير بعيدة عن التكتلات العائلية لكنها تكتلات غير منظورة تبقي التأثير والتوجيه لمصلحة بعينها وقد لا تؤدي في الغالب الى مصلحة الشركة نفسها.
وكشفوا ان هذه السيطرة تنبع من منصب «الرجل الواحد» الذي غالبا ما يكون مالك الشركة او رئيس مجلس الادارة او العضو المنتدب او المدير العام او الرئيس التنفيذي، لافتين الى ان هذا المنصب لا يخلو من العيوب التي اقتضت وفرضت متطلبات حوكمة الشركات واهمية الفصل بين هذه الوظائف والمهام، لانه وجد ان معظم الاخفاقات والفساد تركزت في منصب الرجل الواحد وسعت هذه التطويرات والتغييرات الجذرية الى احداث التوازن في السلطات ووقف الهدر المالي الذي اضاع حقوق المساهمين، وترتب عليه بعض الافلاسات او المشكلات الاخرى.
وقالوا ان ادارة الرجل الواحد تؤدي الى الاعتماد الكلي عليه من كل الادارات الاخرى، مشيرين الى انه عند غيابه او استقالته قد يؤدي ذلك الى تخبط الادارات الاخرى في قيادة الشركة وتغيير الاستراتيجية التي تتم عادة على الاجل الطويل، وهو ما يؤدي الى فقدان الشركة التوازن وبالتالي الكثير من الفرص. ويرى بعض الخبراء ان الاستئثار برئاسة مجلس الادارة والتدخل في سير عمل الادارات يعد شكلا من اشكال الاستراتيجية العنيدة، اي اتخاذ قرارات وانتهاج استراتيجيات دون الرجوع لآراء كوادر اخرى في الشركات قد تكون لها اثار ايجابية.
فيما رأى البعض الآخر ان تعدد ممثلي الشخص الواحد لعضوية مجلس الادارة يكون وفق مصالح اعتبارية لاسيما منها امتلاك اكبر كمية من الاسهم، واضافوا ان عدم اقتصار تمثيل الشخص الاعتباري على شخص واحد فيه اخلال بالقانون لان الاصل في الشيء هو تعدد الجهات التي تتمثل في مجلس الادارة والمساهمين حتى يمنع الاستهتار في قرار يصب في اعتبار مساهم واحد والاصل في ذلك ان يكون الشخص الاعتباري ممثلا لعضو واحد في المجلس.
وكشفوا ان اهم المشكلات التي تبرز في ادارة مجالس الشركات تتمثل غالبا في سيطرة رئيس مجلس الادارة على اعمال الشركة، وتهميش دور الادارة التنفيذية للشركة، او تغليب المصالح الشخصية لرئيس المجلس واعضاء مجلس الادارة على مصالح الشركة والمساهمين فيها.