أحمد مغربي
تقف الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية على عتبة 2010 ويحدوها التفاؤل بتحسن الأوضاع الاقتصادية المحلية بعدما شهدت الأسواق الخليجية والعالمية تحسنا ملموسا في نهاية 2009، إلا أن هذه الشركات وفي مختلف قطاعات السوق تعلم جيدا أن 2010 لن يكون عاما سهلا أو مفروشا بالورود في ظل استحقاقات لقروض سواء قصيرة أو طويلة الأجل وفي المقابل يوجد ندرة في الفرص التشغيلية التي من شأنها أن تدر عوائد جيدة.
وتشير مصادر الى أن عددا من الشركات قد وجدت نفسها عارية تماما وعاجزة عن مواجهة تحديات الأزمة المالية بل وأصبحت أمام طوفان الأزمة مكبلة الأيادي «لا حول لها ولا قوة» فمصادر التمويل التي كانت تعتمد عليها الشركات للدخول في المشاريع الجديدة جفت وبالتالي انكشفت أمام مساهميها ما دفعها إلى حافة هاوية الخسائر التي شاهدناها خلال نتائج الأرباع المالية لـ 2009.
وأضافت المصادر ان تشدد الجهات التمويلية لم يأت هو الآخر من فراغ خاصة بعدما اتبع البنك المركزي إصدار تعليمات مشددة ووضع معايير تقييم جديدة لأي مشروع تنوي القيام بتمويله لأي جهة كانت حتى الموثوق بها من الشركات الكبرى، ومع هذا التشدد وقفت الشركات «محلك سر» دون وضع خطط إستراتيجية مستقبلية لتقييم وضعها الحالي والتفكير في المستقبل.
ولاشك أن طريقة الخلاص من الأزمة المالية التي تفكر فيها بعض الشركات المتعثرة حاليا حسب قول مصادر مراقبة قد تركزت طوال الأزمة على ان المال العام سيأتي على حصان ابيض فارسا منقذا، لإنقاذ ما تبقى علما بأن قانون الاستقرار قطع ذلك الشك باليقين لكن الشركات لم تلتفت للقانون لأنه لا يناسبها وهو ما جعله بعيدا عن التفكير.
على صعيد متصل قالت أوساط مراقبة لـ «الأنباء» ان العام 2010 سيكون عاما بالغ الصعوبة على جميع الشركات خاصة الشركات المدرجة في قطاعي الاستثمار والخدمات والتي كشفت معظم شركاته عن قروض طائلة تستحق مواعيد سدادها خلال العام المقبل، بالإضافة إلى ضعف الفرص الاستثمارية المتاحة والتي ستكون نتيجتها نتائج مالية سلبية لمجمل العام المالي، مرجعين ذلك إلى سوء ادارة هذه الشركات طوال الأزمة المالية وعدم اتخاذها أي خطوات ملموسة لترتيب أوضاعها الداخلية المتعثرة.
تحديات 2010
هذا وقد حصر محلل مالي مراقب للسوق التحديات التي تواجه الشركات في 2010 في 10 نقاط هي:
-
1 ـ ندرة المشاريع التي كانت تدر عوائد جيدة على الشركات.
-
2 ـ مشاكل التمويل وصعوبة الحصول عليه.
-
3 ـ تشدد الجهات الرقابية وعدم قدرتها على مواكبة المتطلبات التنظيمية التي ستفرزها الاستحقاقات المالية.
-
4 ـ عدم مرونة القوانين المنظمة للاقتصاد المحلي والتي تعيقها في انجاز معاملاتها واعتماد بياناتها المالية.
-
5 ـ إحجام كثير من المستثمرين عن الدخول في الاستثمارات الجديدة التي تعمل بها هذه الشركات.
-
6 ـ إعادة الهيكلة الإدارية والتشغيلية التي قامت بها بعض الشركات خلال 2009 ساهمت بشكل رئيسي في انكشاف عيوب ومشاكل رؤساء مجالس إدارات الشركات.
-
7 ـ ظهور النزاعات القضائية والقانونية لبعض المشاكل التي دخلت فيها الشركات خلال العام 2009.
-
8 ـ مخصصات البنوك والشركات الكبيرة التي أخذتها خلال العام 2009 وعولت على تحول هذه المخصصات إلى أرباح خلال 2010 سيضغط على الأرباح ويحد من التوزيعات.
-
9 ـ ضعف الكوادر المتخصصة القادرة على قيادة الشركات ومساعدتها في تخطي الأسوأ من الأزمة.
-
10 ـ عدم الانسجام بين السياسة المالية والنقدية للدولة مع ظهور المشاريع الشعبوية التي تخدم بعض الجهات في الدولة.
تحديات جمة لقطاع التأمين
وعن التحديات التي من المتوقع ان تواجه قطاع التأمين خلال 2010 قال رئيس مجلس ادارة إحدى الشركات المدرجة في قطاع التأمين ان 2010 سيكون عاما سيئا جدا على قطاع التأمين خاصة ان القطاع متأزم أصلا منذ فترة كبيرة ويعاني من فوضى عارمة.
واعرب عن أسفه من أن وزارة التجارة لعبت دورا واضحا في ظهور الأزمة المالية الحالية لأنها كانت وراء منح التراخيص لعدد كبير من الشركات الورقية من دون النظر أو الاعتداد بدراسات الجدوى التي تشترط تقديمها مع طلب الترخيص لتأسيس شركة لكنها لا تعيرها أي اهتمام ولا تنظر إليها بعين الاعتبار.
وأضاف قائلا: «كذلك طالت فوضى تأسيس الشركات في قطاع التأمين بعد ان كان الاتجاه السائد لوزارة التجارة إنشاء شركتين فقط للتأمين التكافلي بهدف جس نبض السوق واختبار مدى الإقبال على خدماتها لكن ارتفع عدد شركات التأمين التكافلي بسرعة من شركتين إلى 15 شركة تأمين تكافلي».
وبيّن ان 13 شركة حصلت على رخص لمزاولة نشاط التأمين التكافلي لكنها في الحقيقة لم تزاول نشاط التأمين التكافلي وإنما عكست الآية وزاولت النشاط الاستثماري أولا والتأمين التكافلي ان أمكن وقد ترتب على ذلك فقدان العديد من شركات التأمين التكافلي لجزء كبير من رأسمالها على الرغم من عدم مزاولتها لنشاط التأمين التكافلي كما أن بعضها يتبع شركات استثمارية متعثرة وهي في حيرة الآن من أمرها ولا تعرف ما مصيرها، مشيرا إلى أن قطاع التأمين التكافلي تحديدا والذي يبلغ عدد الشركات العاملة فيه 13 شركة لا يحظى إلا بنسبة ضئيلة من أقساط التأمين في الكويت وهذا ما سيجعل من العام 2010 استثنائيا على جميع الشركات.
علاج في الخفاء
بدوره قال رئيس مجلس ادارة شركة استثمارية ان هناك نقصا في تطبيق القوانين والتشريعات بالإضافة إلى نقص في تطبيق الأحكام ومحاولة لبعض الشركات علاج مشكلاتها في الخفاء من دون شفافية ونقاش واضح مع دائنيها وهذه هي مشكلاتنا الأساسية.
وأوضح ان هناك فرقا بين اوضاع الاقتصاد الكويتي حاليا واوضاعه منذ 30 عاما، فمثلا أزمة سوق المناخ كانت أزمة كويتية 100% وتم إيجاد حلول كويتية لها ولكن الوضع حاليا يختلف لأن غالبية الدائنين جهات وبنوك أجنبية وخارجية، بالإضافة الى ان لدينا عددا كبيرا من المساهمين من الشركات المدرجة لا تعرف شيئا عن أسهمها ولا توجد صلة بينها وبين مجلس الإدارة والعلاقة قائمة على الاستثمار فقط فهذا الوضع مختلف عن السابق والأمر بالتالي يحتاج الى تطوير القوانين.
وأشار إلى ان معظم الشركات الاستثمارية تناور في تعديل وضعها المتعثر في خطوة منها لعدم إشراك أي من الجهات الرقابية والإشرافية على أوضاعها الداخلية وهذا ما يمثل عبئا شديدا على الاقتصاد المحلي لأن هذه الشركات ماضية في المكابرة على حساب المساهمين ومستقبل الاقتصاد ككل.