- أسعار المنازل عادت للارتفاع.. والأسعار بين 6 و9 آلاف دينار ولكن!
- هل يبيع الكويتيون المتضررون بيوتهم مع عودة الأسعار للارتفاع؟
- من أفلس بالأزمة يمكنه إعادة الاقتراض من جديد بعد 7 سنوات.. وهذا سيشعل الأسعار
- شركات صناعة السيارات تعود للمدينة من جديد.. والفرص تتزايد
- قبل 5 أعوام ترك الناس بيوتهم ووضعت البنوك يدها عليها
- العوائد بين 25% و30%.. لكن احذر ليست كل الأحياء صالحة للاستثمار
ديترويت ـ أميركا ـ أحمد بومرعي
الحرب التجارية الدائرة حاليا بين اميركا والعالم، فتحت بابا لعودة نهوض ولايات ومدن اميركية غابت عنها الصناعات الثقيلة لسنوات كثيرة بعد نقلها لدول بتكاليف أقل. من هذه المدن، ديترويت الواقعة في ولاية ميتشغين على الحدود مع كندا، والتي أفسلت بسبب الأزمة المالية قبل ٥ سنوات. والزائر لديترويت هذه الأيام يرى مشهدا مختلفا عن المشهد الذي عاشته المدينة في الازمة، عندما ترك الناس بيوتهم، مهاجرين لولايات اخرى اكثر استقرارا وأمنا في الوظائف والحياة. كان الوضع آنذاك يشبه «مدينة الأشباح»، لكن الصورة اليوم تغيرت لتصبح المدينة واحدة من اكثر المدن الأميركية الموعودة بالنمو والفرص.
عودة التفاؤل
يمكن لمس هذا التفاؤل من مقابلتك للناس هنا، خصوصا رجال الاعمال ومسؤولي الشركات والمستثمرين الأجانب. ويقول المطور العقاري ومؤسس شركة لوكانار الفرنسية أوليفيه لوكانو الذي جال مع «الأنباء» في ارجاء المدينة، انه جاء الى ديترويت في عز أزمتها مراهنا على عودتها عاجلا ام اجلا، وعندما وضع رحاله في المدينة، كانت هناك حالة من الفوضى في القطاع العقاري نظرا لترك الناس لبيوتهم ووضع البنوك يدها على المنازل المرهونة. لكن اوليفيه يرى أنه كان الوقت المثالي لشراء منازل بأسعار مغرية، ومنها منزله الذي اشتراه بـ 75 الف دولار وتضاعف سعره ثلاث مرات الآن.
«سيليكون فاليه» قبل 100 عام
وكان سعر المنزل قد هوى الى 3 آلاف دولار للمنزل قبل ٥ اعوام، علما أن هذه المنازل تتميز بطابعها الفيكتوري من طابقين الى ثلاث طوابق مع حديقة وكراج، وهي تعود لحقبة ازدهار ديترويت قبل 100 عام. فهذه المدينة كانت تعتبر «السيليكون فاليه» قبل نحو قرن، ففيها ولدت صناعة السيارات، وفيها بنى هنري فورد شركته الشهيرة التي تبنت اول مفهوم لخطوط الانتاج العريضة، والتي أسست للصناعات الثقيلة والعملاقة بعد ذلك. ومازال المصنع الاول لفورد موجودا حتى الان. وفي المدينة مراكز رئيسية لجنرال موتورز وغيرها من صناعات السيارات الاميركية.
أسعار المنازل وعوائدها
واسعار المنازل ما زالت حتى الآن منطقية للاستثمار، الا ببعض المناظق القريبة من وسط المدينة. فيمكن حتى الان شراء منزل بأسعار تبدأ بـ 20 الف دولار الى 30 الف دولار، اي بين 6 آلاف دينار الى 9 آلاف دينار. لكن معظم المنازل تحتاج لترميم او صيانة بسبب هجرها لسنوات، علما ان هناك بعض الصفقات يمكن ان تتم بالأسعار المذكورة لمنزل جاهز للسكن والإيجار.
ويقول أوليفيه ان هذه المنازل تحقق للمستثمر بين 25 الى 30% عائدا سنويا صافيا من ايجاراتها، وذلك بعد خصم الضرائب وتكاليف الصيانة.
ويعتقد أوليفيه ان هذا الوضع سيستمر في السنوات الثلاث المقبلة، لكن العوائد ستقل كلما ارتفع ثمن المنازل، مع عودة الناس الى ديترويت. ويذكر أوليفيه نقطة مهمة في تحليله للوضع العقاري، اذ يقول ان العائلات التي افلست في الأزمة وسحبت البنوك منازلها المرهونة، ستصبح هذه السنة وفي السنوات المقبلة قادرة على اعادة الاقتراض بعد مرور 7 سنوات على الافلاس كما يوضح القانون الاميركي. ويعني ذلك انها ستعود للاقتراض لشراء المنازل، وهو امر سيرفع الأسعار بشكل تلقائي عندما يزيد الطلب.
أزمة ديترويت بالخليج
وكانت الأوضاع السابقة في مدينة ديترويت قد دفعت بعض المستثمرين الأفراد في الخليج عموما، وفي الكويت خصوصا، الى شرائها بالاسعار الرخيصة، ليظهر لاحقا انها لا تصلح للسكن، في قضايا تداخل فيها النصب العقاري والجهل بالمدينة وحالتها.
ويقول المدير العام لمجموعة المسار سعود مراد إنه زار المدينة مؤخرا واطلع على الاوضاع العقارية هناك عن قرب، وان شركته تعمل حاليا على ايجاد حلول مثل شراء العقارات الخليجية والكويتية التي تضررت في الازمة ويريد اصحابها التخارج منها بعد ان عادت المدينة للنمو. ويوضح أن هؤلاء وقعوا في فخ الجهل بالمدينة، لذلك عندما اشتروا لم يكونوا يعلمون أي الاماكن الجيدة وتلك غير الامنة، وهل العقار يصلح للسكن او يحتاج ترميما او حتى حرقه اصحابه في الازمة.
المتضررون الكويتيون
ويقول المنسق العام لتكتل متضرري العقار الخارجي حسن البحراني ان المشترين في الكويت وقعوا في فخ النصب العقاري ويحملون وثائق ملكية لعقارات تقع في أماكن غير آمنة. لكنه يرى ان التكتل يسعى الآن لحل الأزمة، وقد عين محاميا لذلك، لأن المشكلة كانت في عدم قدرة الجهات الحكومية في ديترويت في التواصل مع حامل الوثيقة نفسه لدفع الضرائب او لأمور قانونية اخرى، كون العنوان الذي وضع في وثيقة الشراء يعود الى الشركات الوسيطة في عملية الشراء، والتي تبين لاحقا انها نصبت على الناس، بحسب البحراني.
ويقول أوليفيه ان «مشكلة هذه المدينة انك يجب ان تعلم اين تستثمر وما هي أهدافك الاستثمارية، فليس كل حي صالح للسكن وليس كل مكان يمكنه ان يحصل النمو المستقبلي والعوائد». وكانت شركة أوليفيه قد طورت احياء كاملة وعملت على اعادة بنائها وحتى انها استأجرت شركة أمن لنشر عناصر أمنية على مدار الساعة في الحي الذي تطوره، وينصح المستثمرون من الشركات الخليجية القيام بالأمر نفسه اذا رغبوا بدخول سوق ديترويت العقاري.
الشركات تعود
وهناك العديد من الشركات الاميركية او العالمية الشبيهة بشركة لوكانار، التي تراهن حاليا على نمو سريع لديترويت. ويقول الان كوب الذي التقته «الأنباء» في جولتها في المدينة، وهو رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي في شركة البرت كان، التي صممت قبل 100 عام مشاريع بناء مصانع السيارات العريقة مثل فورد وجنرال موتورز: ان شركته تلاحظ طلبا مرتفعا من المستثمرين المحليين والاجانب، وان لديها تصاميم لنحو 500 مبنى تاريخي في المدينة جاهزة لاعادة الترميم والتجديد استعدادا للنشاط القادم. ويمكنك رؤية هذه المباني الموزعة في جميع انحاء ديترويت، ومازالت بحالة جيدة نظرا لقوة مواد البناء التي استخدمت عند بنائها، والتي تعتبر قصة بحد ذاتها.
واليوم، تعمل شركة «البرت كان» وشركة «لوكانار» الفرنسية المنشأ على اعادة احياء مبنى فورد باستثمار يبلغ 250 مليون دولار، ليكون متحفا عصريا يذكر بمركزية ديترويت في صناعة السيارات ومكانا لعشاق السيارات الكلاسيكية. وهناك مشروع آخر تطوره الشركتان يسمى LEE Plaza، وهو عبارة عن منطقة متكاملة المرافق وقريبة من المدينة، تشمل فندقا يعاد بناؤه، وملاهي ليلية ومطاعم ومقاهي سيتم انشاؤها ضمن المنازل التاريخية في المنطقة.
Motown وأشياء أخرى
التجول في مدينة ديترويت يشعرك بأنها مدينة تفترض الحذر دائما، فليست كل الأحياء آمنة، خصوصا كلما تبعد عن وسط المدينة، حيث تصبح المدينة أهدأ. لكن في الداون تاون، نمط الحياة سريع نسبياً ليلا ونهارا، وهناك اماكن عدة سياحية وتراثية تستحق الزيارة، منها على سبيل المثال استديو «موتاون» او Motown حيث انطلق مايكل جاكسون وستيفي واندر وغيره من مشاهير المطربين الاميركيين السود. كما أن ما يميز ديترويت انها تقع على الحدود مع كندا، فهناك جسر فقط يفصل بينهما، وايضا تعتبر ديترويت في ولاية ميتشغين الاميركية وهي بالقرب من شيكاغو، وعلى مسافة أقل من ساعتين بالطائرة من نيويورك، مونتريال، أو بوسطن، وثلاث من ميامي.
ويقول سيدريك بالارين، وهو رئيس غرفة التجارة الفرنسية- الاميركية في ميتشغين أن ديترويت فيها قصة مميزة لعرضها منذ الافلاس وحتى الآن، وهناك عوامل عدة تشرح هذا التميز. فالافلاس سمح للمدينة بأن تنظف دفاترها وتخلق فرصا للاقراض والنمو. وهناك ايضا الجسر الذي تم بناؤه مع كندا، علما ان ديترويت هي اهم نقطة للتبادل التجاري بين اميركا وكندا، والعامل الثالث هو الاستثمار المباشر، ففي العام الماضي رأينا مشاريع عقارية بحجم استثمارات 15 مليار دولار، وهي مشاريع سكنية وتجارية.
تحديات ديترويت.. السيارات الكهربائية والرسوم!
يتحدث سيدريك بالارين رئيس غرفة التجارة الفرنسية الأميركية في ميتشيغن عن التحديات في ديترويت الان ، ويقول ان اهمها التطور التكنولوجي الهائل في صناعة السيارات الكهربائية مثل تيسلا وغيرها، وهي متواجدة في كاليفورنيا وتحاول ان تقضي على الصناعات التقليدية، خصوصا عند الحديث عن السيارات المتصلة الكترونيا والعاملة بالتطبيقات، وقد تؤثر على صناعة السيارات في ديترويت وعلى المدينة نفسها. وهناك العامل السياسي، والمتعلق بالرسوم التجارية بين اميركا والعالم، ومن الممكن أن تؤثر على الولاية، والمشكلة هنا في عدم اليقين مما سيأتي في القادم، وكيف ستقوم الشركات بتوفيق اوضاعها مع هذه الرسوم. والعامل الثالث هو اتجاه الاقتصاد الاميركي نفسه.
قصة ديترويت
تتميز مدينة ديترويت بوجود نمط معماري فيكتوري خاص يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، وهذا ما يعطي المدينة طابعا مميزا موجودا فقط في بعض المدن الأميركية التاريخية. ومن المميزات البيئية والجغرافية للمدينة انها تقع على الحدود مع كندا، بالقرب من شيكاغو، وعلى مسافة أقل من ساعتين بالطائرة من نيويورك، مونتريال، أو بوسطن، وثلاث من ميامي. وللمدينة انفتاح على البحيرات العظمى ما يجعل منها مكانا حيويا ومنفعيا للتبادل التجاري، وهي اهم نقطة لتجارة السلع بين اميركا وكندا.
وكانت المدينة عاصمة السيارات الاميركية قبل 100 عام، وفيها انطلقت شركات مثل فورد وجنرال موتورز. وكانت المدينة قد افلست في الازمة المالية في صدمة ما زالت اثارها واضحة في ديترويت، حيث هجر الناس بيوتهم واعلنوا افلاسهم، لكن المدينة تعود الى الحياة شيئا فشيئا مع حركة بناء من مستثمرين اجانب ومحليين. وهذه المدينة المعاد إعمارها عرفت وجوها مشهورة مثل توماس إديسون، هنري فورد، وبيري غوردي «مؤسس استديو الموتاون حيث انطلق مايكل جاكسون وستيفي واندر».
وصنفت «ناشونال جيورافيك» ديترويت في يناير 2017 ضمن أفضل المدن الأميركية من حيث أماكن الترفيه، الطعام والثقافة. وفي العام 2018 صنفت المدينة كواحدة من عشر مدن أميركية تجب زيارتها.
وسميت هذه المدينة يوما باريس الصغيرة، وهي «المكان الذي يجب أن تكون فيه في السنوات المقبلة» بحسب وارن بافيت. وتشكل ديترويت وجهة استثمارية نظرا لرخص اسعارها بين المدن الاميركية.
ولهذا افتتحت شركات تكنولوجية فروعها في المدينة وتبعها جيل جديد من العاملين والمهنيين الشباب، بالإضافة إلى شركات السيارات العملاقة الموجودة فيها. تبع هؤلاء جميعا مستثمرون، رجال أعمال، وأصحاب مهن حرة لكي يعيدوا الحركة الى القطاع الصناعي الأميركي. كل هؤلاء يشكلون الشبكة الاقتصادية الحالية للمدينة.
العرب هنا أيضا!
يصادفك دائما في ديترويت العرب الاميركيون، وهم كثر، واغلبهم لبنانيون، يعيشون في مدينة ديربون الملاصقة لديترويت، او مدينة «العرب» كما تسمى هنا، حيث كل شيء فيها بالعربي من يافطات على الطريق واسماء المحلات والازقة والمطاعم، لتشعر فيها انك ببلد عربي فعلا.