يشير إعلان الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال عن خطة إنقاذ لشركته المملكة القابضة، إلى أنه يتوقع طريقا طويلا قبل أن تنتعش أسهمه في سيتي جروب.
وتساعد الخطة الوليد على التخلص من بعض الخسائر المتراكمة التي أعلنت عنها شركته بنهاية سبتمبر وتبلغ 7.8 مليارات دولار، لكن تبقى خسائر غير محققة من استثمارات متاحة للبيع تزيد على 4 مليارات دولار ويمكن أن ترتفع أكثر إذا لم تتحسن أسواق الأسهم الأميركية في 2010.
وأعلنت شركته المملكة القابضة ـ التي يمتلك 95% منها ـ في الأسبوع الماضي أنها ستخفض رأسمالها نحو النصف وأعلن الوليد منح الشركة 180 مليون سهم مجاني في سيتي جروب من جيبه الخاص قيمة السهم الواحد 3.31 دولارات، وتسجل الاسهم في موازنة المملكة القابضة.
وقال محللون إن هذه الخطوة ضرورية لتحسين الأوضاع المالية للشركة التي أضيرت أصولها جراء اضطراب الأسواق العالمية في حين تستعد لتدشين مشروعات عقارية ضخمة وتفادي خسائر محتملة إذا فقدت تسجيلها في البورصة.
وقال هشام أبوجامع من مجموعة بخيت للاستثمارات «ستعفى الشركة من الحاجة إلى تسييل الأصول بما فيها أسهمها في سيتي جروب. لا أعتقد انه سيبيع سيتي».
ورفضت المتحدثة باسم المملكة القابضة هبة قطاني مناقشة تبعات الاعلان الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي وقالت إن الامير الوليد بن طلال سيكشف المزيد من التفاصيل عن استثماره في سيتي جروب في مؤتمر صحافي ربما يعقد غدا الاثنين (اليوم).
وفقد سهم المملكة القابضة نحو نصف قيمته منذ تسجيله في البورصة السعودية في عام 2007 وخسرت الشركة 65% من رأسمالها بنهاية سبتمبر، وفي حالة تجاوز الخسائر 75% يعلق تداول سهمها في البورصة.
وينبغي أن تضع الخطة الامير في موقف أكثر راحة فيما يخص استثمار المملكة القابضة في سيتي جروب وتعد أكثر استثمارات الشركة قيمة وتقدر بنسبة 3.6% من رأسمال البنك، وتتيح الخطة له الوفاء بتعهداته المتكررة بعدم بيع أسهم سيتي جروب، وقال مستشار استثمار مقيم في الولايات المتحدة وسبق له التعامل مع شركة الوليد «وضعت الخطة لمساعدة المملكة على التعامل مع تطورات غير سارة في الأحداث قد تؤثر على سيتي».
ويبدو أن الأمير أدرك حقيقة أن تغير الأحوال في سيتي يحتاج أعواما، وبدأت علاقة الوليد بسيتي أيضا في وقت تعرض فيه البنك لمشاكل، فقد ضخ الوليد 590 مليون دولار في البنك عام 1991، وفي عام 2007 صرح لمجلة «فورشين» بأنه دفع آنذاك 2.75 دولار للسهم، وهو سعر معدل بناء على تقسيم السهم.
ولعب الاستثمار دورا كبيرا في تعزيز مكانته الشخصية بين الجيل الثالث من الأمراء السعوديين الذين يسعون لنفوذ أكبر في السياسة الداخلية وفي مكانة الشركة التي بدأت عملها في مجال الاستشارات في قطاع الأعمال.
وقال المستشار الأميركي «لا عواطف في الاعمال لكن اعتقد أنه يمكنك التحدث عن القيمة العاطفية لاستثمار الأمير الوليد في سيتي».
وفي الشهر الماضي قال الوليد بن طلال إنه لن يبيع أسهمه في سيتي بعدما حقق صندوق استثمار الثروة السيادية في الكويت أرباحا تجاوزت المليار دولار مع بيع أسهم سيتي.
وقبل أيام قليلة، قال الأمير إن عام 2010 سيكون عام استقرار لسيتي بعدما ساهم في زيادة رأسمال البنك في 2008 بالاشتراك مع جهاز أبوظبي للاستثمار، غير أن الاخير أقام دعوى ضد البنك بشأن تلك الصفقة.
وبينما كان ينتظر الجميع الاستماع لنواياه تجاه أسهم سيتي، فجر الوليد مفاجأة بخفض رأسمال شركته وزيادة تعرضها لسيتي.
وقال إبراهيم العلوان نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة كسب المالية: الوليد بصدد تحسين القوائم المالية لشركة المملكة لتعزيز قدراتها على الاقتراض. الأمر ليس له أي علاقة بحاجته إلى تسييل أصول.
وقال المستشار الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له «إنها مسألة تخص الشركة. تشير إلى أن الوليد اختار أن ينتظر ويحتفظ بأسهم سيتي وفي نفس الوقت يبذل قصارى جهده لمساعدة المملكة على المضي قدما في تنفيذ مشروعاتها. يريد أن يتحلى المساهمون من الافراد بالصبر».
والمملكة القابضة في المراحل المبكرة لتنفيذ مشروعات عقارية ضخمة في السعودية تشمل برجا في ميناء جدة على البحر الأحمر يحطم أرقاما قياسية.
وتحتاج الشركة للاقتراض لتمويل هذه المشروعات في وقت يترنح فيه القطاع المصرفي في السعودية نتيجة تداعيات عجز مجموعتي شركات عائليتين كبيرتين عن سداد قروض بمليارات الدولارات مما يجعل الجهات المقرضة أكثر حرصا.
وقال المحلل في جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران وهي مؤسسة أبحاث شبه رسمية «تخفيض رأس المال عملية تحوطية من طرف الشركة لتحسين مركزها المالي.
ويجري الأمير الوليد بن طلال محادثات دخلت مراحلها النهاية لبيع حصة في مجموعة روت انا الاعلامية وهي من أثمن شركاته غير المسجلة إلى نيوز كورب المملوكة لروبرت مردوك، ولم توضح الشركة أو المقربون من الامير ما إذا كانت هذه الصفقة ترتبط باحتياجات تمويلية للمشروعات.
وتحصل المملكة القابضة على معظم إيراداتها من عوائد استثماراتها ومن الاعمال الفندقية. ولم يحصل المساهمون الذين اشتروا أسهما خلال طرح عام أولي قيمته 860 مليون دولار في عام 2007 على أي توزيعات حتى الآن، ويرجع ذلك بصفة اساسية إلى ما أصاب الاسواق العالمية من اضطراب قلص إيرادات الشركة.
وقال محللون إن توقيت خطة خفض رأس المال قبل أيام قليلة من اعلان ارباح الربع الاخير من العام الماضي تشير إلى أن المملكة تتوقع نتائج أسوأ من خسارتها 8.26 مليارات دولار في الفترة نفسها من عام 2008.