- المري: إعلان 25% من الشركات عجزها عن سداد التزاماتها قد يؤدي لإفلاس البنوك
- الجراح: العقار المحلي يعاني من غياب التقييم السليم وعدم وجود أدوات تمويلية طويلة الأجل
تناولت الجلسة الثانية من المؤتمر «استراتيجية التمويل والاستثمار والرفع المالي في المؤسسات المالية الاسلامية» وترأس الجلسة الأمين العام لاتحاد الشركات الاستثمارية د.رمضان الشراح الذي لفت الى أهمية المواضيع التي تم الحديث عنها في الجلسة مستعرضا اياها بالتزامن مع سرد السيرة الذاتية للمحاضرين في الجلسة.
فقد تحدث نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب في شركة نور للاستثمار المالي ناصر المري عن قضية التنويع في محافظ التمويل والاستثمار، مؤكدا أن الأزمة الحقيقية التي تعاني منها الكويت عدم تنويع الفرص الاستثمارية المتاحة، حيث تقتصر الفرص الاستثمارية على الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية أو الاستثمار داخل القطاع العقاري، أما الفرص الأخرى فمعدومة نظرا لهيمنة الحكومة عليها عبر شركات تمتلكها، مشيرا الى أن الاستثمار في قطاع العقار لا يعتبر من الاستثمار المتنوع حيث تهيمن الدولة على اجمالي 95% من مساحة الأراضي الموجودة، ولا يتبق سوى 5% فقط يتم توزيعها على القطاعات العقارية المتعددة مثل التجاري، والاستثماري والسكني.
وافاد المري بأن مدير الاستثمار في الكويت وظيفته سهلة، كونه لا يجد امامه سوى الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية، لعدم وجود فرص استثمارية أخرى، بالاضافة الى أن بيئة العمل مريضة، مؤكدا أنه لو وجد تنويع في الاستثمارات لكانت الأزمة اقل بنسبة 50% مما هي عليه الآن. وقال لو ان شركة واحدة اعلنت عن افلاسها لانفرط العقد وأعلنت شركات أخرى، حيث ان أغلب الشركات تستثمر في سوق الكويت للأوراق المالية، مؤكدا أنه لو أعلنت 25% من اجمالي الشركات عن عجزها عن الدفع والسداد فستعلن البنوك عن افلاسها.
وطالب بضرورة أن تسمح الدولة لشركات القطاع الخاص بالاستثمار داخل القطاعات النفطية والقطاعات الأخرى حتى يكون هناك تنوع في عملية الاستثمار، مؤكدا أنه لو وجدت فرص استثمارية أخرى متنوعة لما ذهبت الشركات الى الاستثمار في البورصة والعقار.
ودعا المري الى ضرورة وجود لجان خاصة مهمتها تنفيذ خطط العمل ونقل الاقتصاد الكويتي من الألف الى الياء، حيث لا توجد مثل هذه اللجان في مجتمعاتنا.
ومن جانبه تحدث رئيس اتحاد العقاريين ورئيس مجلس ادارة شركة مجمعات الاسواق توفيق الجراح عن مخاطر الاستثمار العقاري بين هبوط القيمة السوقية والتنويع في صنع التمويل والاستثمار، موضحا أن الهبوط الحاصل في القيم السوقية شد الخناق على معظم العاملين في القطاع العقاري وجعل استثماراتهم متآكلة مقابل قروض متعاظمة مشيرا الى ضرورة أن ننادي بإنصاف هذا القطاع اعتمادا على التسعير العادل وليس الأسعار السوقية المتهاودة الى حدود غير منطقية. وقال الجراح انه لاشك بأن التقييم العقاري السليم شبه غائب في الكويت ولذلك أسباب عديدة ليس أقلها غياب الاحصاءات الدقيقة التي تشكل مرجعا يبنى عليه. فإحصاءات التداول العقاري منقسمة حاليا بين عقود ووكالات.أي ان الصفقات غير موحدة التسجيل وينتج عن ذلك فروقات بلا أدنى شك. أما السبب الثاني فيكمن في ان السوق العقاري غير قائم على عرض وطلب طبيعيين بالنظر الى شبه احتكار الدولة لمعظم الاراضي في البلاد، وينتج عن ذلك تشوه في الاسعار لاسيما في القطاع السكني والتجاري. أما السبب الثالث فيتلخص في عدم وجود تقييم عقاري سليم هو النقص الحاصل في المقيمين المهنيين المحايدين أصحاب الشهادات المعترف بها في هذا المجال.
ولفت الجراح الى أن بين المشاكل التي يعاني منها السوق العقاري أيضا عدم وجود أدوات تمويلية طويلة الاجل. فقد أظهرت الأزمة أن شركات وقعت في فخ التعثر لانها كانت مضطرة لتمويل مشاريع طويلة الاجل بقروض قصيرة الاجل، مشيرا الى أن اللوم يقع في هذا الصدد ليس على الشركات فقط بل على الجهات الرقابية التي لاحظت ذلك لسنوات طويلة في الميزانيات ولم تفعل شيئا تاركة الامر على ما هو حتى وقع الفأس في الرأس. لقد كان واضحا في ميزانية الشركات الفرق الواضح والشاسع بين المطلوبات المتداولة والموجودات المتداولة بمتوسط 80 للاولى و20 للثانية، مقابل المطلوبات الطويلة والموجودات الطويلة بمتوسط مقلوب أي 20 للاولى و80 للثانية.ان انعدام التوازن سببه عدم وجود تمويل طويل الاجل. فسوق السندات غير متطور بصورة كافية وأدواته غير سائلة في سوق الادراج، والمصارف لا تمنح قروضا طويلة لان معظم ودائعها قصيرة الاجل وحتى الودائع الحكومية نفسها قصيرة محليا علما أنها طويلة الاجل في الخارج. ولم تقم الجهات الرقابية والتنظيمية بما يلزم لسد هذه الثغرة التي تبين أنها قاتلة بالنسبة لبعض الشركات.
وأضاف ان التمويل العقاري في الكويت لا يعترف بعمليات التسنيد أو التصكيك للاصول. فهناك نقص قانوني وتشريعي في هذا المجال. علما أن تشريعا كهذا يجعل ثروات البلد اكثر سائلية وأكثر ظهورا في قيمها العادلة وأكثر تداولا على صعيد الممولين والدائنين وقبولها كرهونات مبنية على أصول حقيقية وهذا ما بدأ العمل به مؤخرا في السعودية على سبيل المثال واظهر نتائج اولية ممتازة، مؤكدا أن خلق سوق كهذا بالاضافة الى أدوات التمويلالطويل يجعل من السوق العقاري في الكويت أكثر انتعاشا وأقل تأثرا بالأزمات كما هو حاصل الآن. واختتم الجراح حديثه مقدما بعض المقترحات التي تساهم في حل مشاكل القطاع العقاري وجاءت كالتالي:
- ـ إسراع الجهات الرسمية المعنية في تطوير سوق السندات والصكوك والرهن العقاري، وخلق سوق حقيقي لهذه الأدوات التمويلية طويلة الأجل.
- ـ التحرك باتجاه الجهات الحكومية مثل هيئة الاستثمار والتأمينات والبنك المركزي لربط الودائع الحكومية طويلة الأجل في المصارف المحلية بأدوات تمويل طويل الأجل.
- ـ السعي لدى البنك المركزي لقبول التقييمات العادلة لرهونات القروض بدلا من الأسعار السوقية المتراجعة بشكل ظالم للأصول.
- ـ الإسراع في إطلاق المقاصة العقارية حتى تسود هذا القطاع شفافية أكبر في التداولات والصفقات.
- ـ العمل معا على تطوير مهنة التقييم وعدم ترك الحبل على غاربه إلى أصحاب المصالح وهواة السوق. ونقترح معهدا ممولا من عدة جهات عامة وخاصة لتطوير مهنة الوساطة والتقييم.
ومن جانبه قال العميد السابق لكلية العلوم الاقتصادية بجامعة البليدة الجزائرية كمال رزيق إن الاهتمام بهيكل التمويل هو من صميم التخطيط المالي للمشروع، حيث تسعى المشاريع الاقتصادية للحصول على الأموال اللازمة لتوفير مستلزماتها بأقل تكلفة ممكنة، وفي الوقت المناسب، الأمر الذي يساعدها على تحقيق الكفاية الإنتاجية، كما يعطيها الرؤية الواضحة في التعامل والتفاوض مع القنوات المالية المختلفة، وهنا تظهر كفاءة الإدارة المالية في اتخاذ القرارات المناسبة، التي تجنب المشروع الوقوع في صعوبات مالية غير متوقعة، وبالتأكيد أهم هذه القرارات هو التوصل إلى هيكل التمويل الأمثل.
وقال ان اختيار هيكل التمويل يتوقف على ما يسمى بالرفع المالي، فمصدر التمويل الذي يتسم بارتفاع تكلفته، تتعرض بسببه الشركة لمخاطر أكبر، ولما كانت التكلفة هي الوجه الآخر للعائد، فإن قرار اختيار هيكل التمويل يصبح محصلة لتأثيره على العائد والمخاطر التي تتعرض لها الشركة، أو بعبارة أخرى يصبح محصلة لتأثيره على القيمة السوقية للشركة.
وأوضح الرزيق ان الأزمة المالية العالمية الراهنة كشفت عن بعض جوانب الضعف في القطاع المالي العالمي، وهي ضعف نظم إدارة المخاطر والإفراط في اعتماد الشركات الاقتصادية والتجارية على الرفع المالي لتمويل نشاطاتها، مما ساهم بشكل مباشر في ظهور وتفاقم الأزمة المالية الحالية، خاصة ونحن نعلم أن الرفع المالي أصبح من المشاكل المهمة التي تعاني منها الشركات.
فأصبح على عاتق الشركات المقترضة في ظل الأزمة المالية إيجاد الحلول المناسبة والسريعة لحماية حقوق مساهميها من التلاشي، خاصة أن الرفع المالي يزيد من حجم الخسائر في حال التراجع الذي يشهده العالم على جميع الأصعدة الاقتصادية.