أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير حول أسواق النفط وتطورات الميزانية إلى أن أسعار النفط شهدت تذبذبا واضحا منذ بداية شهر ديسمبر بعد أن كانت مستقرة نسبيا في شهر نوفمبر الأسبق، فقد تراجع سعر برميل النفط الخام الكويتي بنحو 8 دولارات خلال النصف الأول من شهر ديسمبر ليصل إلى 71 دولارا قبل أن يعاود مساره الصعودي إلى 77 دولارا مع نهاية الشهر، وإلى حوالي 80 دولارا في 7 يناير من العام الحالي، مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ بدأت أسعار النفط بالتعافي.
وعزا التقرير هذا التراجع الذي حدث في بداية شهر ديسمبر إلى تزايد قوة الدولار الأميركي والذي سجل سعر صرفه مرجحا بحجم التبادل التجاري الأميركي ارتفاعا نسبته 4%، لكن عادت أسعار النفط الخام للارتفاع مجددا بعد أن تراجع الدعم للدولار لاحقا.
كما حظيت أسعار الخام خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر بدعم ناجم عن مقومات السوق ذاتها، وتحديدا استمرار التراجع في حجم المخزونات الأميركية من النفط الخام والمشتقات النفطية (مع أن هذا التراجع جاء من مستويات مرتفعة أصلا)، هذا إلى جانب المؤشرات والدلالات القوية المتعلقة بالأداء الاقتصادي على المستوى العالمي، وخاصة مؤشرات «مشتريات المدير» في القطاع الصناعي. وهذه البيانات قد ساندت المحللين الأكثر تفاؤلا الذين يتوقعون لأسعار النفط أن تحظى بدعم ناجم عن ديناميكية التفاعل بين العرض والطلب خلال عام 2010.
أسعار خامات النفط المرجعية
ولحظ «الوطني» أن أسعار خامات النفط المرجعية عاودت أيضا مسيرة ارتفاعها خلال النصف الثاني من ديسمبر. فعلى سبيل المثال، فإن سعر مزيج غرب تكساس، والذي كان يتم تداوله بسعر خصم مقابل الخامات الأخرى في بداية ديسمبر نتيجة معوقات التخزين في الولايات المتحدة، قد استرد عافيته ليتجاوز حاجز 83 دولارا في 6 يناير، مسجلا بذلك أعلى سعر له منذ شهر أكتوبر 2009. وبالمتوسط، فقد بلغ سعر برميل مزيج غرب تكساس 62 دولارا لعام 2009، متراجعا 38% عن متوسطه للعام الأسبق، لكن في الوقت ذاته أنهى العام عند أكثر من ضعف سعره الأدنى الذي كان قد سجله في منتصف فبراير والبالغ 34 دولارا.
وبالنسبة لبعض المحللين، فإن التعافي الحاد في الأسعار خلال عام 2009 لم يكن سببه فقط ضعف الدولار، وإنما أيضا الدليل على أن نمو الطلب من الأسواق الناشئة - والذي جاء قويا في العام الماضي على غير ما كان متوقعا- قد أصبح أكثر تأثيرا في تحديد سعر النفط من الظروف السائدة في الأسواق الهامة تقليديا، وخاصة الولايات المتحدة.
وأضاف «الوطني» انه في ضوء تنامي الثقة بتطلعات النمو للاقتصاد العالمي، فإن بعض التقديرات الأكثر تشاؤما للطلب العالمي المتوقع على النفط لعام 2010 قد تم رفعها. فعلى سبيل المثال، فإن مركز دراسات الطاقة الدولية، والذي كان لفترة طويلة يتبنى وجهات نظر متشائمة حول تطلعات عام 2010، قد رفع تقديراته لحجم الزيادة في الطلب العالمي خلال العام الحالي إلى مليون برميل يوميا، أو ما نسبته 1.2% وذلك مقابل زيادة قدرها 0.7 مليون برميل كان يتوقعها في الشهر الأسبق.
كما يتوقع المركز أن يأتي تقريبا معظم هذا النمو من الدول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبالمقابل، فإن وكالة الطاقة الدولية والتي مقرها في الولايات المتحدة قد كانت دائما الأكثر تفاؤلا بين الجميع، وقامت برفع تقديراتها لنمو الطلب العالمي لعام 2010 بنحو 0.1 مليون برميل يوميا إضافية إلى 1.5 مليون برميل يوميا، ليسجل بذلك زيادة نسبتها 1.7%.
ومع أن الوكالة لا تتوقع أن يأتي أي نمو في الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أنها تعتقد أن التطلعات الاقتصادية لهذه المجموعة قد تحسنت. وعلى الرغم من أن التوقعات أصبحت أكثر تفاؤلا، لكن لابد من الإشارة إلى أنه في ضوء التراجع الحاد في الطلب الذي يتوقع أن يكون قد حدث في عام 2009، والذي ربما وصل إلى 1.5 مليون برميل يوميا، فإن الزيادات المتوقعة أعلاه لعام 2010 لا تبدو بتلك القوة.
إنتاج النفط
ووفقا لما ورد في تقرير الوطني، فقد واصل إنتاج النفط في دول أوپيك الاحدى عشرة (باستثناء العراق) الارتفاع المحدود خلال شهر نوفمبر، حيث ارتفع الإنتاج بنحو 41 ألف برميل يوميا ليصل إلى 26.611 مليون برميل يوميا. وتعد هذه الزيادة الشهرية الثامنة، الأمر الذي أسهم في ارتفاع حجم الإنتاج بحوالي 900 ألف برميل أو 3% عن مستواه الأقل المسجل في شهر مارس، ونحو 7% أعلى من المستوى الرسمي المستهدف تبعا لحصص الدول الأعضاء.
وقال «الوطني» ان أعضاء المنظمة خلال اجتماعهم المنعقد في 22 ديسمبر قد وضعوا جانبا موضوع مستويات الإنتاج «الرسمية» مقابل «الفعلية» بإعلانهم أنه على الرغم من أن مستوى الإنتاج لن يتغير، إلا أن الأعضاء في نفس الوقت أكدوا على التزامهم بالحصص المقررة، وهو ما يبدو أنه يتعارض مع الواقع. وبما أن أسعار النفط الحالية وصلت إلى مستويات ترى المنظمة أنها مريحة، فإن الدول الأعضاء تتصرف بحذر لتتجنب التأثير على توازن السوق. وقد أشار البيان الصادر عن المنظمة وبشكل جلي الى أنه مازال لدى المنظمة بعض المحاذير بخصوص قوة ومدى ديمومة الانتعاش الاقتصادي العالمي، وبالتالي معدل النمو في الطلب على النفط. وفي حال استمرار المؤشرات الحديثة الدالة على الانتعاش، فإن المنظمة قد تنظر في إمكانية تخفيف موقفها المتشدد خلال اجتماعها المقبل في 17 مارس.
وعلى الرغم من التحسن الظاهر في أساسيات السوق النفطي، يرى الوطني أن المجال مازال مفتوحا لتراجع الأسعار خلال عام 2010، وذلك حين يبدأ تأثير الطلب الضعيف ومستويات المخزونات المرتفعة يظهر في الأسواق بعد هدوء الطلب المرتبط بالموسم الشتوي. ففي جانب الطلب، فإن معدل النمو في الطلب العالمي خلال عام 2010 يفترض أن يأتي قريبا من مليون برميل يوميا الذي تتوقعه مركز دراسات الطاقة الدولية. ومع أن أوپيك قد تركت إنتاجها من النفط الخام شبه ثابت منذ الربع الأخير من عام 2009، إلا ان حجم الإمدادات العالمي قد حظي بدعم من 0.2 مليون برميل يوميا زيادة في الإنتاج من خارج أوپيك، إلى جانب زيادة قدرها 0.5 مليون برميل يوميا لدى أوپيك من الغاز الطبيعي المسال خلال النصف الأخير من العام (والذي لا يخضع لنظام الحصص). ووفقا لهذا السيناريو، فإن سعر برميل النفط الخام الكويتي سيتراجع إلى ما دون 70 دولارا خلال الربع الأول من عام 2010، وسينهي العام ما بين 60 إلى 65 دولارا.
نمو الطلب
ومن جهة ثانية، فإن نمو الطلب في عام 2010 قد يأتي قويا، وربما قريبا من مستوى 1.5 مليون برميل يوميا الذي تتوقعه وكالة الطاقة الدولية، وذلك في حال جاء الموسم الشتوي باردا وحقق الاقتصاد العالمي نموا أفضل مما هو متوقع. وتبعا لهذا السيناريو، فإن زيادة طفيفة في حجم الإنتاج من خارج أوپيك لن تكون كافية لمنع تصاعد الطلب من استهلاك جانب من المخزونات على امتداد السنة. وفي هذه الحالة، فإن سعر برميل الخام الكويتي سيعود إلى حدود 85 دولارا مع بداية عام 2011، وذلك وفقا لتقرير الوطني.
لكن في حال شهد عام 2010 زيادة محدودة في نمو الطلب وتزامن ذلك مع زيادة أكبر في الإنتاج من خارج أوپيك مما هو متوقع أعلاه، ربما بزيادة إضافية قدرها 0.2 مليون برميل يوميا، فإن مثل ذلك سيؤدي إلى تراجع كبير في الأسعار، وربما إلى ما يزيد قليلا على حاجز 50 دولارا للبرميل بحلول نهاية العام. ومن المؤكد أن مثل هذا السيناريو سيتطلب من أوپيك عدم الرغبة أو حتى عدم إمكانية خفض الإنتاج من مستوياته الحالية.
وبافتراض أن أسعار النفط للفترة المتبقية من الربع الأول من هذا العام لن تبتعد كثيرا عن مستوياتها الحالية، فإن متوسط سعر برميل النفط الخام الكويتي للسنة المالية 2009/2010 سيبلغ ما بين 67 دولارا و68 دولارا، أي أعلى بكثير مما كان يتوقعه العديد في منتصف السنة المالية، وأعلى بكثير من السعر المقدر في الميزانية والبالغ 35 دولارا. وفي الواقع، فإن ميزانية هذه السنة المالية ستشهد وبكل تأكيد فائضا كبيرا. وفي حال، وكما نتوقع، جاءت المصروفات الفعلية أدنى من مستوياتها المقدرة في الميزانية ما بين 5% و10%، فإن الميزانية ستحقق فائضا يتراوح بين 5.2 مليارات دولار و6.4 مليارات دولار، وذلك قبل استقطاع 10% من إجمالي الإيرادات لصالح صندوق الأجيال المقبلة.
ومع أن الوقت مازال مبكرا، يرى الوطني أنه في حال جاءت أسعار النفط ما بين 56 دولارا و79 دولارا وفقا للسيناريوهات الثلاثة أعلاه، فإن التطلعات لميزانية السنة المالية المقبلة 2010/2011 تبقى إيجابية. وكانت تقارير صحافية محلية أشارت إلى أن مصروفات الحكومة قد ترتفع بنحو 35% لتصل إلى 16.3 مليار دولار للعام المالي المقبل، مع أن هذا الرقم قد يتضمن تحويلات حكومية إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وحتى بوجود مثل هذه التحويلات، فإن الميزانية قد تبقى متوازنة أو تسجل فائضا قد يصل إلى 4.8 مليارات دينار، وسيأتي تحقيق ميزانية الكويت لفوائض في عامين متتاليين على النقيض من الوضع المالي لميزانيات الحكومات في أجزاء أخرى من العالم والتي ستكون أيضا مجبرة على تبني تخفيضات كبيرة في مصروفاتها خلال الفترات المقبلة.
تقديرات الميزانية للسنتين الماليتين 2009/2010 و2010/2011 بالمليون دينار |
|
السنة المالية 2009/2010 |
السنة المالية 2010/2011 |
|
الميزانية المعتمدة |
السعر الأدنى |
السعر المتوسط |
السعر الأعلى |
الميزانية المحتملة |
السعر الأدنى |
السعر المتوسط |
السعر الأعلى |
سعر النفط )$ للبرميل( |
35.0 |
66.7 |
67.3 |
68.2 |
43.0 |
55.9 |
63.8 |
79.1 |
جملة الإيرادات
|
8075 |
16728
|
17094 |
17312 |
9990 |
13201 |
15688 |
19469 |
الإيرادات النفطية |
6925 |
15578 |
15944 |
16162 |
8790 |
12001 |
14488 |
18269 |
الايرادات غير النفطية |
1150 |
1150 |
1150 |
1150 |
1200 |
1200 |
1200 |
1200 |
جملة المصروفات)تقديرات الميزانية( |
12116 |
12116 |
12116 |
12116 |
16300 |
16300 |
16300 |
16300 |
الفائض)العجز( |
(4041) |
4612 |
4978 |
5196 |
(6310) |
(3099) |
(612) |
3169 |
بعد استقطاع احتياطي الأجيال القادمة |
(4849) |
2939 |
3268 |
3465 |
(7309) |
(4419) |
2181) |
1222 |
جملة المصروفات)تقديرات الوطني( |
|
11510 |
11207 |
10904 |
|
15485 |
15078 |
14670 |
الفائض )العجز(، وفق تقديرات الوطني |
|
5218 |
5886 |
6407 |
|
(2284) |
610 |
4799 |
بعد استقطاع احتياطي الأجيال القادمة |
|
3545 |
4177 |
4676 |
|
(3604) |
(958) |
2852 |