في مطلع عام 2003 أي في زمن توقع له الجميع آفاقا ذهبية، أطلق وارن بوفيه، عملاق الاستثمارات العالمية، عليها اسم أسلحة الدمار الشامل المالية، والمقصود هنا فقاعة أدوات المشتقات في البورصة.
وقتذاك بدأ حجم التداول بأدوات المشتقات، خارج البورصة، المعروفة باسم «أو تي سي» (over-the-counter)، التحليق بالجو حتى وصول قيمته الكلية إلى 600 تريليون دولار (600 ألف مليار دولار)، حتى نهاية عام 2008، أما ضمانات «سي دي اس» (cds)، وهي عبارة عن صفقات ائتمان مشتقة مشابهة لشراء تأمين ضد احتمال القصور الائتماني، فإن قيمتها قفزت من الصفر إلى 60 تريليون دولار، في نهاية عام 2007، وبعد مرور عام ونصف، أي في شهر يونيو من العام الماضي، فإن القيمة الكلية لهذه الضمانات تراجعت إلى 30 تريليون دولار.
يذكر أن مشتقات «أو تي سي» هي بين المتهمات الرئيسات في تسبيب الأزمة المالية، التي لايزال حجمها كبيرا بصورة مخفية، إذا لابد من مراجعة قوانين التداول بهذه الأدوات المالية، لذلك، فإنها تحتل المكانة الأولى في أجندة مناقشة مراحل ما بعد الأزمة المالية، من جانبه، يتمسك مجلس الاستقرار المالي (financial stability board) بنقل العدد الذي لا يحصى من مشتقات «أو تي سي» إلى منصات مركزية أو إلى أسواق مالية منظمة، وهذا من شأنه توطيد النظام المالي، من جهة، وقطع مخاطر تعرض ما تبقى من مصارف عالمية عملاقة، لخطر الإفلاس، من جهة ثانية.
في أي حال، فإن أدوات المشتقات، المهندسة «حسب الطلب»، الذي يجري التداول بها خارج الأسواق المالية، وغير الخاضعة بالضرورة لمحرك التصنيف الائتماني، طالما مثلت مصدر أرباح طائلة للمصارف، إذن فإنها ستصمد أمام كل محاولات الإطاحة بها حتى النفس الأخير.