تعهد وزراء المالية في الدول السبع الصناعية الكبرى، خلال اجتماعهم في منطقة تقع بأقصى شمال كندا، بالإبقاء على الإنفاق على خطط التحفيز المالي لدعم تعافي الاقتصاد العالمي على الرغم من المخاوف المتزايدة بسبب تزايد الديون في الولايات المتحدة وأوروبا.
وناقش الوزراء الأوضاع المالية الخطيرة لليونان واسبانيا والبرتغال والتي أدت لتراجع البورصات العالمية خلال الأسبوع الماضي، وناقش الوزراء أيضا وسائل استعادة مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب من الشركات المالية العالمية والتي جرى تقديمها في إطار خطط الإنقاذ خلال العامين الماضيين.
وانتقد الوزراء بشكل غير مباشر الصين بسبب سياستها الخاصة بالعملة المثيرة للجدل، ودعوا الاقتصادات الكبرى للمساعدة في تحقيق نمو «متوازن» وضمان تقييم العملات بشكل ملائم للمساعدة في تجنب أزمة مالية عالمية أخرى.
وقالت وثيقة أصدرتها وزارة المالية الكندية عن الاجتماع حصلت عليها شبكة «بلومبرغ» الإخبارية «يجب على الدول التي لديها أسعار صرف رمزية غير مرنة أن تسمح بمرونة أكبر في أسعار الصرف الحقيقية إما من خلال تضخم أعلى أو تقييم رمزي لعملتها».
وقال وزير الخزانة البريطانية اليستير دارلينغ ـ في تصريح لقناة «بلومبرغ نيوز» ـ «موقف معظم الدول يتمثل في دعم الاقتصادات الآن وتقليص العجز في الميزانية في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد».
وبحث وزراء المالية أيضا خفضا كبيرا للديون المفروضة على هاييتي التي ضربها الزلزال الشهر الماضي.
وقال وزير الخزانة الأميركي تيموثي جايتنر إن المجموعة تعمل من أجل شطب ديون هاييتي للمؤسسات الدولية وكذلك تقديم منح بدلا من القروض لدعم التعافي المؤلم لهذا البلد الفقير الواقع على البحر الكاريبي.
وشارك في الاجتماع الذي استمر يومين وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية من الدول الصناعية الكبرى في العالم التي تضم اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وألمانيا.
وجاء على قمة جدول أعمال الاجتماع إصلاح النظام المالي العالمي، وأقر الوزراء ضرورة أن تسدد البنوك أموال دافعي الضرائب التي أنفقت على خطط الإنقاذ المالي التي ساعدت على الإبقاء على النظام المالي واقفا على قدميه خلال العامين الماضيين لكن الوزراء اختلفوا حول الوسائل.
وكان من بين القضايا الأخرى على جدول أعمال الاجتماع التعافي البطيء للاقتصاد العالمي وخطط الخروج من إجراءات التحفيز التي تزيد من عجز ميزانية الحكومات وإعادة التوازن للنمو العالمي وتقييم عملة الصين.
من جانب آخر، سعى وزراء مالية دول مجموعة السبع في ختام اجتماعهم الى طمأنة العالم بشأن هدفهم المشترك تعزيز الانتعاش الاقتصادي الهش، عن طريق التأكيد على التزامهم بمواصلة سياسة النهوض الاقتصادي.
وقال وزير المالية الكندي جيم فلاهيرتي، في مؤتمر صحافي مشترك عقد في ختام الاجتماع وكلف خلاله بتقديم عرض موجز لما توصل اليه المجتمعون، «سنواصل تطبيق سياسة النهوض التي التزمنا بها معا، ونحن نبحث استراتيجيات التخارج».
وعقب نظيره البريطاني اليستر دارلينغ بالقول «نحن جميعا عازمون على الاستمرار في دعم اقتصاداتنا الى حين تحقيق انتعاش متين».
بدوره، قال وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر «علينا التأكد من عدم تعريض الانتعاش الاقتصادي العالمي للخطر».
ومنذ الصيف عاد النمو تدريجيا الى اقتصادات دول مجموعة السبع، لكنه لايزال هشا ومدعوما بشكل اساسي من برامج التحفيز الاقتصادي الحكومية التي اعتمدت بعد الازمة المالية.
اما مسائل المديونية العامة الهائلة التي ترزح تحتها بعض دول منطقة اليورو والتي ادت الى انهيار مؤشرات البورصات في الايام التي سبقت الاجتماع، اضافة الى صعوبة الخروج من سياسة زيادة الانفاق، فقد وضعها المجتمعون في المرتبة الثانية خلال مؤتمرهم الصحافي.
ووجد المجتمعون انفسهم امام موجة قلق جديدة تسود الاسواق المالية العالمية، وشهدت مؤشرات البورصات اسبوعا بالغ الصعوبة سجلت خلاله انخفاضات حادة مدفوعة بالمخاوف من أن تعجز دول مثل اليونان والبرتغال واسبانيا من الخروج لوحدها من ازمة مديونياتها الهائلة.
وخلال المؤتمر الصحافي طرح سؤال متعلق بالذي تعتزم مجموعة السبع فعله لحل مشاكل هذه المديونيات الهائلة، على وزراء مالية ثلاث دول اعضاء في منطقة اليورو هم الالماني فولفغانغ شوبل والفرنسية كريستين لاغارد والايطالي غيليو تريمونتي.
من جانب آخر، اكد الوزراء انهم يقدرون عاليا مبادرة اوتاوا الى الدعوة لعقد هذا الاجتماع بهذه الصيغة، اي اجتماع غير رسمي بهدف التشاور، في حين رحب الوزير المضيف بطبيعة المناقشات الودية.
وقالت الوزيرة الفرنسية ان «المجيء الى الصقيع والى هذه المدينة الجملية اعطى الامور نفحة دافئة»، قبل ان تغادر لاختبار تجربة ركوب الزلاجات التي تجرها الكلاب.
واكدت كندا ان مجموعة السبع ستواصل الانعقاد بصورة متقطعة. ومن المقرر ان يستضيف هذا البلد قمة لمجموعة السبع في يونيو في هانتسفيل، وهي مدينة لا يزيد عدد سكانها عن 20 الف نسمة تقع في كنف غابة يعشقها سكان تورونتو، كبرى مدن البلاد، وتجدد التزامها شطب الديون المترتبة لها على هاييتي في ايكالويت ان دول مجموعة السبع «ستشطب» كل الديون المترتبة لها على هاييتي التي ضربها زلزال مدمر في 12 يناير الماضي.
وقال فلاهيرتي خلال مؤتمر صحافي مشترك في ختام اجتماع غير رسمي لوزراء مالية دول المجموعة ان «مجموعة السبع ستشطب مجمل الدين الثنائي المترتب على هاييتي».
غير ان ديون هاييتي للدول الأعضاء في مجموعة السبع ضئيل نسبيا، فضلا عن ان نادي باريس، الذي يضم الدول المانحة وفي طليعتها دول مجموعة السبع، سبق له وان تعهد في يونيو شطب كل الديون المترتبة لدوله الاعضاء على هاييتي والبالغة 214 مليون دولار.
ويبلغ الدين العام الخارجي لهاييتي 890 مليون دولار، 41% منها لبنك التنمية بين الاميركتين و27% للبنك الدولي.
ودعيت الدول الدائنة لهاييتي وغير المنضمة الى نادي باريس ـ وفي طليعتها ?نزويلا وتايوان ـ الى ان تلغي بدورها الديون المترتبة لها في ذمة هاييتي.
وشارك في اجتماع ايكالويت المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس ـ كان ورئيس البنك الدولي روبرت زوليك، وقد دعت هاتان المؤسستان الدوليتان، اللتان تنسقان لدى المنظمات المالية الدولية عملية خفض ديون هاييتي، الى بذل جهود اضافية لإلغاء ما تبقى من هذه الديون.