- خلال 5 سنوات سيكون القرار الاقتصادي والسياسي للمرأة فاعلاً في ظل تطور التشريعات والمواثيق الدولية
- «المرأة في الاقتصاد» لا يعكس قصص نجاح بل جانب الطاقة الاقتصادية عند المرأة وقوتها الاقتصادية والجانب المهني لها
- المرأة العربية سيدة أعمال دون أن تسمى وهي صاحبة القرار داخل الكواليس
منى الدغيمي
أكثر من مقولة ومثل عربي تعزز مكانة المرأة الاجتماعية والاقتصادية فمن منطلق قول احمد شوقي «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق» أو من منطلق المثل القائل: «وراء كل رجل عظيم امرأة» فإن المرأة العربية تتبوأ مرتبة اجتماعية واقتصادية هامة رغم أن الأعراف الاجتماعية نسجت خيوطا حالت دون تفعيل القرار الاقتصادي للمرأة العربية. كان هذا منطلق الحوار الخاص لـ«الأنباء» مع الإعلامية اللبنانية غادة بلوط زيتون صاحبة برنامج «المرأة في الاقتصاد» التي أكدت أن دور القرار الاقتصادي للمرأة سيتجاوز جدران الكواليس وسيفعل وستتحرر من هذه الأعراف الاجتماعية الضيقة وستصبح مع تطور القوانين والمواثيق الدولية في سلطة القرار وفي رأس الحربة في كل قرارات الدول العربية. وأضافت أن المرأة بحاجة إلى الإعلام المتخصص الهادف الذي يتفهم قيمتها كقوة مهنية. وعن سبب تفوق المرأة الكويتية من حيث نسبة إسهامها في النشاط الاقتصادي قالت ان تفهم الرجل الكويتي لقدراتها وإمكانياتها برر وجودها وتربعها على هذه النسبة العالية في إسهامها الاقتصادي. وفيما يلي تفاصيل الحوار:
هناك من يقول ان المرأة مهمشة اقتصاديا ومفعلة سياسيا على مستوى العالم العربي إلى أي مدى يصح هذا القول؟
بعد خبرتي كإعلامية في الاقتصاد المتخصص وبعد سنتين من برنامجي الحالي «المرأة في الاقتصاد» اعتقد ان جزءا من هذا التهميش يقع على عاتق المرأة والجزء الآخر على العرف الاجتماعي في دولنا العربية.
لذلك أرى أن المرأة ليست مهمشة اقتصاديا فقد أثبتت وجودها بقوة والدليل على ذلك اننا خلال المؤتمرات الدولية نشاهد مؤسسات رائدة في القطاع الخدمي على أنواعه تتولاها سيدات أعمال ولكن القرار الاقتصادي للحكومات لا تشارك فيه المرأة كفاعلة على ارض الواقع وهذا يعود إلى ما ذكرت سابقا إلى العرف الاجتماعي وكذلك التشريعات في دولنا العربية.
اما على الصعيد السياسي فمازال تمثيلها ضيقا ولكن الاتفاقيات الدولية لاسيما التجارة العالمية واتفاقيات الشراكة الأوروبية المتوسطية تفرض تطوير وتعديل القوانين والتشريعات التي تتلاءم مع نظام السوق المفتوح كما ان عالم التكنولوجيا ساعد على خروج المرأة إلى العالم من خلال الانترنت حيث انها من بيتها تعقد أهم الصفقات التجارية من هذا المنطلق ليست مهمشة اقتصاديا وإنما واقعها على صعيد القرار الاقتصادي وتنفيذ القرار مازال محدودا ولكن مع الاتفاقات الدولية ونهضة النساء ونخبة سيدات الأعمال اللاتي أصبحن يعلمن ما سيطالبن به عن طريق التشريعات أصبحت المرأة تعرف ماذا تحتاج لتكمل دورها الاقتصادي وتدعم قرارها عن طريق التشريعات الدولية.
واعتقد انه خلال 5 سنوات سيكون القرار الاقتصادي للمرأة فاعلا وكذلك السياسي.
الإعلام المتخصص
ماذا يمكن للإعلام العربي أن يقدمه ليفعل دور المرأة في الحياة الاقتصادية؟
أن يتفهم قيمة المرأة العربية التي بحاجة إلى الإعلام المتخصص الهادف.
أنا أتأسف فعلا حين أشاهد إعلامية مازالت تسأل المرأة عن التحديات التي تواجهها كـ«امرأة»؟ وهي سيدة أعمال ناجحة وتمثل دولتها في اكبر المحافل الدولية وتعقد صفقات تجارية مهمة وفي الآخر تسأل مثل هذا السؤال!
يجب أن نتجاوز هذا الأسئلة ونبدأ بالتحديات الحقيقية القانونية والتشريعية التي تواجهها المرأة العربية، اكرر قولي «نحن بحاجة إلى الإعلام المتخصص العربي الذي يفهم قيمة المرأة المهنية».
المرأة الكويتية
لماذا احتلت الكويت مكانة هامة ومرتبة رائدة في إسهام المرأة في النشاط الاقتصادي حيث تساهم تقريباً بنسبة 49% مقارنة بالدول الخليجية الأخرى التي لازالت دون مستوى الـ7%؟
دون شك أن الكويت، مع صغر حجمها الجغرافي والثروة النفطية وملاءتها المالية والعامل المادي وطاقات المرأة الكويتية التي أشبهها بالمرأة اللبنانية فهي سيدة طموحة منطلقة، تملك قدرات وإمكانيات متطورة استطاعت أن توظفها بمشاريع لكن مازالت بحاجة إلى الانفتاح على الإعلام المتخصص من هنا كانت فقرة «مؤسسات رائدات في التنمية» في برنامجي ذلك انه من خلال جولتي التي كانت برعاية وزارات الاقتصاد والتجارة التي تعتبر نقطة التواصل بين البرنامج وبين منظمة التجارة العالمية شاهدت هذا التقاطع عند المرأة وكانت من هنا فكرة هذه السلسلة التوثيقية الاقتصادية.
أنا لا أبث قصص نجاح عبر البرنامج بل سلسلة توثيقية اقتصادية لنعكس من خلالها جانب الطاقة الاقتصادية عند المرأة وقوتها الاقتصادية والجانب المهني لها.
ارجع إلى سؤالك ما لاحظته في المرأة الكويتية ان الذي عزز دورها تفهم الرجل الكويتي لقدراتها وإمكانياتها وهذا يبرر وجودها وتربعها على هذه النسبة العالية في إسهامها الاقتصادي.
لماذا اختيارك لعنوان «المرأة في الاقتصاد» لبرنامجك وما مدى التفاعل الذي شهده البرنامج على مستوى لبنان والعالم العربي؟
كإعلامية اقتصادية متخصصة تم اختياري لقمة الكويت الاقتصادية من جامعة الدول العربية وكذلك تم ترشيحي من قبل غرفة الكويت لمؤتمرها الخاص لرجال الأعمال وسيدات الأعمال كانت بكل بساطة أول فكرة راودتني حينها دور المرأة في الاقتصاد وكانت كلمة من القلب وانطلق البرنامج.
أما بالنسبة لمدى تفاعل البرنامج فأنا أؤمن بانه عند معالجة مادة في العمق تمس اكبر شريحة من المجتمع سيكون لها تفاعل لاسيما انه في اجتماعي الأخير مع غرفة تجارة وصناعة الكويت تلقيت شكرا من سيدات الأعمال على أن البرنامج أتاح الفرصة لهن للحوار لأول مرة مع الغرفة واقتراح إحداث لجنة لسيدات الأعمال داخل الغرفة.
فالهدف من البرنامج كان إيصال رأي المرأة وإلقاء الضوء على قدرات المرأة العربية لأنها تملك قدرات لا تضاهيها لا قدرات الرجل العربي ولا المرأة الأجنبية، مع احترامي لها، ولا الرجل الأجنبي لان المرأة العربية بطبيعتها سيدة مناضلة ومساعدة للرجل في العمل فهي سيدة أعمال دون أن تسمى وهي سيدة أعمال ما وراء الكواليس.
البرنامج يعكس دور سيدات الأعمال العرب كقوة اقتصادية اجتماعية فاعلة من هنا تطرق البرنامج إلى التنمية المستدامة في عالمنا العربي من خلال تعزيز الطاقة الإنتاجية الفاعلة للمرأة إلى جانب الشباب العربي من هنا كان للبرنامج صدى على صعيد الدول العربية وعلى صعيد منظمة «أسكوا» التي تبنت البرنامج وقامت بحفل الإطلاق.
وبرنامج «المرأة في الاقتصاد» يمثل أول برنامج اقتصادي متخصص يتناول دور المرأة بهذه الشمولية والعمق. كذلك للبرنامج لجنة علمية ضمت الأمناء العامين للهيئات الراعية ونخبة من الفعاليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على مستوى لبنان والعالم العربي وتترأس اللجنة رندى عاصي بري.
وكلفت كإعلامية للمرة الثانية من جامعة الدول العربية بقمة الشباب العربي نظرا لأنه ليس هناك قمة للشباب العربي، كانت لبنان ترأس الدورة الـ33 لمجلس الشباب والرياضة العرب، كما شارك في إطلاق البرنامج رئيس الدورة وزير الشباب والرياضة د.علي عبدالله وكذلك عبد الرحيم النقي أمين عام اتحاد الغرف الخليجية الذين تبنوا البرنامج كواحد من مشاريع الاتحاد لعام 2010.
من هنا كانت دعوة الغرفة الكويتية لنخبة من سيدات الأعمال لتعزيز هذا البرنامج بالكويت ونتوقع مشاركة مهمة للكويت كذلك «البريتش كانسل»british council مشارك في البرنامج.
المنبر الصحيح
نستطيع القول ان نجاح برنامجك «المرأة في الاقتصاد» يعكس اهتمام العالم العربي بدور المرأة الاقتصادي لاسيما ان أكثر من راع دعم وجود البرنامج؟
صحيح لان المجتمع العربي بحاجة إلى هذا النوع من البرامج فهذا المجتمع عندما يقدم له المنبر الصحيح يتفاعل ويستجيب. فمن منطلق موقعي كإعلامية ناجحة إذا لم تكن لدينا مادة قيمة لما حققت هذا النجاح فالمادة مهمة جدا ولاسيما إذا كانت تلامس الواقع.
إذا انطلقنا من لبنان ما العوامل الحائلة دون تمتعها بنسبة هامة في الإسهام الاقتصادي للمرأة رغم تفوقها علميا وثقافيا؟
المجتمع اللبناني لا يغرد خارج السرب العربي من حيث العرف والتقاليد فالمرأة في لبنان مازالت لا تأتي الى الندوة النيابية إلا عبر الشهادة او الاخ او الزوج او الأب هذا العرف هو الحائل، فالقوانين لا تحول دون تواجد المرأة وفاعليتها اقتصاديا وسياسيا لكن العرف الاجتماعي يبقى العائق الوحيد.
العرف هو الذي يحكم ويضيق من دور المرأة على عكس القوانين التي هي في تطور مستمر ولكن من3 الى 5 سنوات ستحرر المرأة من هذه الأعراف بمبادرة من المرأة وإصرارها على تفعيل قرارها.
لماذا المشاركة الاقتصادية للمرأة العربية مازالت دون المستوى المطلوب ومن أدنى النسب في العالم في حدود 10% فقط؟
العرف والمجتمع الأبوي وهذه الأعراف العربية لا شك أنها تلعب دورا في تقليص دور المرأة في مشاركتها الاقتصادية ومن منطلق الإحصائيات الميدانية، المرأة بدأت تنافس الرجل في أهم المراكز رغم انه على الصعيد الوطني غير ممثلة بحكم العرف، لكن إذا أخذنا القطاع المصرفي مثلا فالمرأة ممثلة بنسبة تتراوح بين 50 و60%. كذلك قطاع التعليم والصحة والدراسات والأبحاث نفس الشيء. فعلى صعيد الدورة الاقتصادية المرأة العربية ممثلة بقوة لكن على صعيد القرار الاقتصادي العرف مازال يحكم وجودها ويضعف حجم تمثيلها.
المرأة في الكواليس
إلى متى ستظل المرأة الفاعل الاقتصادي داخل الكواليس، من منطلق المثل القائل وراء كل رجل عظيم امرأة؟
من هذا المنطلق الذي يدير الأسرة في الكواليس هي الأم فالمرأة لم تستبعد عن القرار لكن قراراها داخل الكواليس في العائلة، فكل الدراسات أثبتت القدرة الذهنية للمرأة على الاستيعاب وطاقة الصبر على الاحتواء.
فنظرية المجتمع الأبوي يجب أن تتغير ولا اتفق مع من يطلق عليها نظرية المجتمع الذكوري لان هناك مجتمعات وصلت إلى مستوى ثقافي شطب فيه هذا المصطلح «الذكوري» واعتمد مصطلح الأبوي باعتباره يعكس فكرة احترام الرجل للمرأة والسعي إلى حمايتها وعدم تحميلها المشقة.و هنا استحضر حوارا دار بيني وأحد نواب مجلس الأمة منذ 8 سنوات حيث قال «نحن لا نرفض فكرة مشاركة المرأة في البرلمان لكن لا نريد أن نحملها أعباء المشاكل النيابية» لكن اليوم نرى المرأة الكويتية ممثلة في البرلمان واستطاعت أن تتخطى النظرية الأبوية وتتوج قراراها السياسي بمشاركتها النيابية.
اعتقد ان المجتمع العربي خلال 3 سنوات أو 5 سنوات سيتحرر من هذه الأعراف والتقاليد الضيقة وستصبح المرأة مع تطور القوانين والمواثيق الدولية في سلطة القرار وفي رأس الحربة في كل قرارات الدول العربية.
هل من يحكم العلاقة في العمل بين الرجل والمرأة اليوم التنافس أو المنافسة؟
يجب أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة يحكمها التنافس لا المنافسة لإلغاء الحساسية فيجب على كل طرف سواء المرأة أو الرجل أن يتسابق على النوعية والجودة في الأداء ومن هذه التنافسية ستكون هناك تنمية اقتصادية.
إحساسك كإعلامية وأنت تُسألين لا تسألين؟
أحسست بمعاناة الضيف حقيقة لكن فرحت فعلا بوجود إعلاميات مثقفات قادرات على أن تخاطب المرأة كضيف وكقوة فاعلة على صعيد القطاع الذي تنتمي إليه وقادرة على ان تخاطب هذه القوة من منطلق اكبر بأسئلة أعمق وأقوى.
واشكر «الأنباء» لأنها شريك في البرنامج وتلعب دورا إعلاميا كبيرا.