- وضع السوق سيئ وتشابكات كثير من الشركات واعتمادها نظير المضاربات جعل من سقوط شركة سقوطاً للسوق
- «صروح» تعتمد على محافظ صغيرة دون أي تمويل خارجي وتحقق عوائد ما بين 8 و15% بعيداً عن تركيز المخاطر
- خلق فرص جديدة تحدٍ حقيقي يؤرق العديد من شركات الاستثمار لإعادة بناء الثقة في المستثمر
- ما يحدث من تسيـيل الـبنوك لرهونات بعض الشركات المدرجة هو نتيجة طبيعية لما اقترفته من أخطاء في السابق
أحمد يوسف
في تجربة سابقة من نوعها وجديدة علي السوق الكويتي خصوصا والأسواق الخليجية عموما، أثبتت شركة صروح للاستثمار جدارتها في التعامل مع نوع جديد من الاستثمار يحقق عوائد ممتازة في ظل ظروف أزمة مالية وعالمية انحنت لها أعلى البنوك والمؤسسات في العالم. هذا، ما أكده الرئيس التنفيذي للشركة محسن محمد الحربي في لقاء خاص مع «الأنباء»، مؤكدا على ان الشركة قد نجحت في إعادة هيكلتها لتكون بذلك أول شركة استثمار كويتية تعيد هيكلتها المالية والإدارية بالكامل، وفي نفس الوقت تتبنى سياسة استثمارية جديدة بعيدا عن المغامرة والمخاطر بأموال المستثمرين، الا وهي إنشاء العديد من محافظ الاستثمار الصغيرة «المايكرو» برأسمال من نصف مليون دينار إلى مليوني دينار في العديد من الأسواق الآمنة، منها الخليجية بالإضافة الى السوق البريطاني. وخلال اللقاء عرج الحربي على الوضع الاقتصادي في الكويت وما يعانيه سوق الكويت للأوراق المالية من متابع وتحديات جسام تلقي بظلالها على الشركات المدرجة، مؤكدا أن من أخطأ من الشركات في قراراتها الاستثمارية تدفع الان قيمة هذه الأخطاء من أموال المساهمين. وتمنى على بنك الكويت المركزي لو كان قد اصدر تعليماته المؤخرة والخاصة بشركات الاستثمار من قبل لكان قد حمى هذه الشركات من نفسها ولكانت خسائر هذه الشركات قد تقلصت بشكل ملحوظ. وقال ان البيئة الاستثمارية في الكويت طاردة للاستثمار، وان الثقافة الاستثمارية في الكويت مبنية على الثقافة المضاربية وهي ابعد ما تكون عن الاستثمار الحقيقي او طويل المدى الذي يجني فعلا فوائد تعود على الشركات والمجتمع في نفس الوقت عملا بمبدأ «أفيد واستفيد». وتوقع تصفية او خروج عدد من شركات الاستثمار العاملة في السوق خلال الفترة المقبلة تصل نسبتها من 20 إلى 30%، بالإضافة الى توقع مزيد من الانخفاض في مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية خلال الفترة القليلة المقبلة نتيجة لعدة عوامل. وفيما يلي التفاصيل.
كيف ترى الوضع الاقتصادي الراهن للكويت؟
الكويت من أكثر الأسواق حساسية للمتغيرات في تحركات أسواق الأموال العالمية، فتتأثر الكويت دائما سلبيا كلما حدث انخفاض في أي من أسواق الأموال، وذلك إنما يرجع إلى عدة أسباب منها ارتباط كثير من المستثمرين باستثمارات في الأسواق الخارجية، بالإضافة إلى التشدد الائتماني كلما تعرضت هذه الأسواق لمخاطر، الأمر الذي يؤثر مباشرة وبقوة على سوق الكويت للأوراق المالية، وتلاحظ على سبيل المثال اذا حدث انخفاض بحدود الـ 5% في أي من الأسواق العالمية فان التأثر وردة الفعل في الكويت تكون أكبر بكثير من ذلك.
هذا، بالإضافة إلى ان البيئة الاستثمارية في الكويت طاردة للاستثمار، وليس أدل على ذلك من قلة الاستثمارات الأجنبية في الكويت مقارنة بدول مجلس التعاون، هذا من جانب ومن جانب آخر فان المستثمرين الكويتيين معظمهم يفضل الاستثمار في الخارج لما تهيئه بيئة الاستثمار هناك من جاذبية خاصة لهؤلاء المستثمرين والتي لا تتوافر في الكويت.
وأعتقد ان الثقافة الاستثمارية في الكويت باتت في أمس الحاجة الى التغيير، فالكثير من الشركات الكويتية تفضل استثمار كامل رأس المال بالإضافة الى الاقتراض من أموال البنوك من أجل تعظيم العوائد متناسية ان هذا الأمر يشكل مزيدا من الضغوط الاستثمارية فضلا عن تعريضهم لكثير من مخاطر الائتمان هم في غنى عنها.
وكثير من الشركات التي تستثمر بأموال البنوك، إنما تلجأ الى المضاربات وليس الاستثمار، حيث ان الاقتراض الائتماني في الكويت من البنوك قصير الأمد، وهو ما يدفع هذه الشركات الى عمليات شراء وبيع قصيرة الأمد للإيفاء بالتزاماتها تجاه البنوك، وهو ما يجعلها عديمة القيمة المضافة للاقتصاد الحقيقي، فهي عادة ما تلجأ الي شراء أراض وإعادة تقسيمها ثم بيعها خلال فترة من 6 أشهر الى عام وتسمي هذا استثمارا.
والبعض الآخر تأخذه العزة بالإثم في عملية تضخيم وتجمل للميزانيات، حتى تظهر كنظيراتها، بل أفضل منها من حيث تراكم للأرباح وزيادتها عبر مزيد من المضاربات، وهكذا فقد وقعت هذه الشركات في فخ الأزمة دون ان تكون لديها استثمارات حقيقة تشغيلية تعود عليها بالأرباح الحقيقية، وتكون ذات قيمة يمكن بيعها او التخارج منها.
وهذا يؤكد ان وجهة النظر الاستثمارية طويلة الأمد ليست موجودة او معترفا بها في المجتمع، الأمر الذي يحتاج إلى ضرورة إعادة ثقافة المجتمع الاستثماري من جديد حتى نتعلم من أخطائنا.
وما يحدث حاليا من قبل البنوك بتسييل رهونات بعض الشركات في سوق الكويت للأوراق المالية، هو نتيجة طبيعة لما اقترفته هذه الشركات في السابق من أخطاء، بالإضافة الى ان الوضع الحالي للسوق سيئ جدا، فتشابكات الكثير من الشركات والمجاميع الاستثمارية واعتمادها على نظرية المضاربات جعلا من سقوط شركة سقوطا للسوق ككل، ويتهاوى معها العديد من الشركات المرتبطة بها.
لكن في المقابل هناك شركات وبنوك ممتازة ـ دون التركيز على أسماء ـ بيت التمويل الكويتي وبيت الاستثمار العالمي ومجموعة الصناعات الوطنبية واجيلتي وان كانت تعاني من مشاكل الا ان لديها استثمارات حقيقة وتعمل بطريقة احترافية.
فالبورصة في الوقت الراهن تعاني من فقدان الثقة وشح السيولة، الأمر الذي يوجب ضرورة تغيير الثقافة الاستثمارية، فقليل دائم خير من كثير منقطع.
وفي صروح للاستثمار، نحن نعتمد على محافظ صغيرة دون اي تمويل خارجي يحقق لنا عوائد ما بين 8 و15% بعيدا عن تركيز المخاطر او أي تمويلات خارجية.
شركات الاستثمار
كيف ترى مستقبل شركات الاستثمار في ضوء قرارات بنك الكويت المركزي الجديدة؟
كنت أتمنى على بنك الكويت المركزي ان يصدر مثل هذه القرارات قبل اندلاع شرارة الأزمة المالية العالمية، حتى يحمي الشركات من نفسها، ويحمي أموال المستثمرين فيها، ولكن وبعد هذه القرارات المجالات ضاقت عليها وأصبح لديها اختيار إجباري ما بين الخروج من تحت عباءة البنك المركزي بتحولها الى شركة قابضة او الاندماج الإجباري او التصفية.
وأتوقع بناء على تعليمات «المركزي» الجديدة تصفية او خروج 20 الى 30% من شركات الاستثمار العاملة في السوق خلال الفترة المقبلة.
إذن مع خروج هذه النسبة من الشركات، هل ترى لـ «صروح» فرصا استثمارية أكبر في السوق نتيجة خروج هذه الشركات؟
دائما الفرص موجودة، فالفرص لم تكن مرتبطة أبدا بدخول او خروج شركات من السوق، لكن العلاقة هنا تكمن في مدى جاذبية البيئة الاستثمارية في الكويت وما تحمله من فرص حقيقة، قدرة الشركات على اقتناص هذه الفرص، ومن المنتظر طرح مشاريع التنمية التي أقرتها الدولة بالإضافة الى القرارات الاقتصادية بدعم الاقتصاد وإصدار مجموعة من الحزم الاقتصادية، وأيضا قرارات البنك المركزي، كل هذا يولد فرصا ويحركها، لكن على الشركات الحذر من الوقوع في فخ الأخطاء التي وقعت فيها سابقا.
هل ترى ان هناك تفاؤلا في الأوضاع الاقتصادية خلال الربيعين الثالث والرابع؟
حتى الآن لم أر أي تفاؤل، فالأمر بعد لم يصل الى القاع، وارى ان السوق سوف يعاني مزيدا من الانحدار، خصوصا ان هناك توقعا بمزيد من الانخفاض في أسعار الأسهم بالسوق.
أسعار الأسهم
هل أسعار الأسهم في السوق تعبر عن قيمتها الحقيقة؟
أبدا، فمزيد من تسييل البنوك للرهونات الشركات من الأسهم سيؤدي الى مزيد من الانخفاض، ولم تكن أسعار الأسهم تعبر عن القيمة العادلة لسهم الشركة، بالإضافة الى ذلك فان معظم المستثمرين ينتظرون وصول أسعار الأسهم الى القاع الذي بعده تبدأ في الارتفاع ويردون الشراء من هذه النقطة ثم البيع عند اعلى سعر يصل اليه السهم، وهذه عملية صعبة جدا، وهذا نادر جدا، فلا يعلم الغيب الا الله، لكن هذه وجهة نظرهم في الاستثمار بسوق الأسهم، وهذا ما يؤكد ان وجهة نظرهم مضاربية بحتة بغض النظر عن قواعد الاستثمار الحقيقة التي تتمثل في نوعية الأسهم وموجودات الشركة وأعمالها التشغيلية وديونها ودرجة ملاءتها وعوائدها الاستثمارية ومدى الرضا عن هذه العوائد عامة ومن اي نقطة تكون عملية التجميع والشراء، لا ما يحدث الآن، وكثير من الأمور التي ينبغي ان تكون هي الدافع وراء الشراء.
وكثير من صغار المستثمرين في السوق ينقادون خلف ما تخلفه الشائعات من أخبار ويقررون البيع او الشراء علي هذه الأسهم.
هل ترى ان هناك فرصا استثمارية في السوق مازالت الشركات تسعى اليها؟ أم ان التوجه للأسواق الخارجة أصبح ضرورة بالنسبة للشركات، خصوصا الاستثمار؟
اعتقد انه في الوقت الحالي معظم استثمارات الشركات قائمة، ولا توجد شركات جديدة برأسمال جديد يضاف للسوق، ومعظم استثمارات شركات الاستثمار موجود في منطقة الخليج، وبالتالي يمكن تحويل جزء منها للاسثمار في الداخل حتى لو بالخسارة وهو ما يتم حاليا من قبل بعض الشركات.
وألاحظ ان هناك توجها للاستثمار في قطر وأبوظبي والسعودية على اعتبار أنها أسواق واعدة.
لاحظ أيضا أتتني رسالة الآن على الجوال تقول: «ان وكالة استاندر آند بور رفعت التصنيف الائتماني لدولة قطر من aa- الى aa +، وذلك على خلفية الطفرة الاقتصادية التي تشهدها قطر».
القرار الاقتصادي في الأزمة
كيف تبني قرارك الاقتصادي في ظل هذه الأوضاع؟
قراري الاستثماري واضح وبسيط، أولا أتخذه بعد مناقشة المجموعة الاستثمارية في الشركة ومناقشة كل التفاصيل المتعلقة به، بحيث يعتمد على القواعد الاستثمارية الأساسية في الاستثمار وتتم الإجابة عن مجموعة من الأسئلة مثل جدوى الاستثمار والمخاطر وإذا حدثت هناك أي تحديات جديدة لم تكن مدروسة نعود مرة أخرى لمراجعة الأمر بأسلوب علمي متبع في حل المشاكل وهو أين المشكلة وما هي الطرقة المؤدية الى الحل وكيف ستطبق، بالإضافة إلى ان هناك قاعدة بسيطة جدا في الاستثمار 1+1= 2.
ونحن نعتمد على الأمور البسيطة والبعيدة كل البعد عن العمليات الاستثمارية غاية في التعقيد وذلك حفاظا على أموال المستثمرين وبعيدا عن المغامرات غير المحسوبة العواقب، فمثلا عندما نقرر الاستثمار في بناء عمارة من عدة طوابق وبعدد من الشقق، ندرس كلفتها وسعر البيع بالمقارنة بالمنطقة وبالتالي نعرف أرباحنا وعوائدنا منها وهذا استثمار آمن ومضمون وفيه قيمة حقيقة من تشغيل عمال بما يعود في النهاية على المجتمع.
أيضا عندما قررنا الاستثمار في إنشاء حضانة للأطفال، نحن استفدنا وأفدنا المجتمع وحققنا عوائد جيدة بالإضافة الى تقديم خدمة حقيقة للمجتمع.
مشاريع جديدة
ما مشاريع «صروح للاستثمار» حاليا؟ وما هي العوائد المنتظرة منها؟ تجربة محافظ المايكرو هل لنا في التعرف علي ايجابياتها وسلبياتها؟
لدينا العديد من المحافظ المايكرو قيمتها من 500 ألف دينار الى مليوني دينار، وهي تجربة جديدة على السوق الكويتي نفتخر بها بالعوائد الآمنة التي تحققها ما بين 8 و15%، وحاليا انتهينا من محفظة في السوق المصري ونتطلع الى إنشاء أخرى، بالإضافة إلى ان هناك العديد من هذه المحافظ العامل في أسواق كل من قطر والسعودية وابوظبي وعمان وخارجيا في السوق البريطاني تعمل كلها من خلال مبادئ الشركة الهادفة الى الاستثمار الأمن وإحداث قيمة مضافة من خلق وظائف بالإضافة إلى عوائد شهرية منها وخدمة المجتمع.
واعتقد ان تجربة محافظ المايكرو ايجابية جدا وممتازة وسوف نستمر فيها، وكثيرا ما نطالب بعرض هذه التجربة في المحافل والمؤتمرات الدولية.
وليس أدل على نجاحنا في هذه التجربة انا حققنا 24% عوائد عن العام الماضي، ولو ان هناك مثلا مستثمرا يريد استثمار 5 ملايين دينار في مشروع واحد أفضل ام يجزئه على 10 مشاريع إذا لم ينجح منها واحد تلاشت خسارته في أرباح المشاريع التسعة المتبقية.
أهم الإنجازات
وفي رأيكم، ما أهم الانجازات التي حققتموها منذ ان جئتم على رأس الإدارة الجديدة؟
استطعت مع الإدارة التنفيذية للشركة إحداث قيمة مضافة في كل مشاريع الشركة بالإضافة الى تحقيق عوائد متميزة في ظل تداعيات أزمة عالمية أفلست منها بنوك، كما ان مشاريعنا كلها تشغيلية وبأرباح وعوائد مضمونة.
وطواعية خفض العاملون في الشركة معاشاتهم بواقع 300 ألف دينار عن العام الماضي وهم على استعداد لمزيد من الخفض والتعاون من اجل الشركة وكنوع من إحساسهم بالمسؤولية.
ما التحديات التي تواجهكم في الوقت الراهن؟ وما أهم التحديات التي تواجهها شركات الاستثمار حاليا؟
اعتقد ان خلق فرص جديدة يمثل تحديا حقيقيا بات يؤرق العديد من شركات الاستثمار بالإضافة الى إعادة بناء الثقة في المستثمر.
وهناك كثير من شركات الاستثمار الآن تئن من التقييد الائتماني من قبل البنوك ومؤسسات التمويل وحقيقة هي في موقف لا تحسد عليه.
اتجاهات البورصة
كيف تقرأ اتجاهات مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية في ظل هبوطه لمستويات العام 2004؟
سوق الكويت للأوراق المالية ليس مثل الأسواق العالمية يعتمد في حركته على مؤشرات النمو والموازنة وفرص العمل، فمثلا قد يتفاعل السوق سلبا مع شركة حققت نموا وأرباحا جيدة والعكس.
وأعتقد ان مزيدا من الانخفاض سيسود تداولات السوق خلال الفترة المقبلة إذا لم تتدخل الحكومة بمجموعة من القرارات والمحفزات الاقتصادية المستدامة او قيامها بشراء بعض الأسهم التشغيلية والقيادية.
احترام وتقدير لـ «جلوبل»
أكد الحربي خلال اللقاء انه كان يتمنى على الدولة الوقوف بجانب الشركات التي رفعت اسم الكويت عاليا خفاقا في المحافل الدولية، ضاربا المثال في ذلك ببيت الاستثمار العالمي (جلوبل) التي تعتبر مدرسة خرّجت الى السوق العديد من المديرين التنفيذيين بالإضافة الى استثماراتها ما بين أقصي الشمال الأفريقي الى أقصي الجنوب الياباني تستحق كل الدعم التقدير.
وقال ان الشركة قد أعطت الكثير من الأرباح والأعمال خلال 10 سنوات متصلة، ولما جاءت أزمة مالية عالمية عصفت بالعديد من البنوك والمؤسسات العالمية وتأثرت بها الشركة، لم تفعل الكويت مثل باقي الدول ولم تقف بجانبها وتساعدها في محنتها على الرغم من العطاء الكبير الذي قدمته «جلوبل» للكويت وللاقتصاد الكويتي.
وبين ان الشركة التي أدرجت اسهمها إيمانا بها من قبل أسواق عالمية مثل لندن، وأسواق إقليمية مثل دبي وأيضا السوق الكويتي وعملت في كبرى المشاريع وتم الاستعانة بها من قبل الدول والمؤسسات الكبرى في العالم، كان من الأفضل الوقوف بجانبها حتى عبور هذه الأزمة.