- 80 ألف برميل يومياً حجم الإنتاج الحالي.. ونهدف لبلوغ 200 ألف في غضون 5 سنوات
- صناعة النفط دخلت مرحلة ستبقى فيها الأسعار ضعيفة على مدى العامين المقبلين
- انخفاض النفط لن يؤثر على مشروعي«ويتستون» و«الغاز الصخري بكندا».. والإنتاج سيكون بعد عدة أعوام
- قيام الشركات بخفض استثماراتها سيعود علينا بالإيجاب في توافر الحفارات وخفض التكاليف
- زيادة رأسمال الشركة أضافت مبلغ 3.5 مليارات دولار لتساعدنا على بلوغ إستراتيجيتنا
أحمد مغربي
كشف الرئيس التنفيذي في الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية «كوفبيك» الشيخ نواف سعود الصباح أن الشركة نجحت في بناء علاقة وطيدة ومتطورة مع البنوك المحلية والعالمية تتيح لها القدرة على الاقتراض لغاية 3.5 مليارات دولار، وذلك بالإضافة إلى زيادة رأس المال التي تم إنجازها في عام 2013 والتي أضافت مبلغ 3.5 مليارات دولار أخرى لمساعدتنا على بلوغ إستراتيجيتنا لعام 2020.
وأوضح الشيخ نواف الصباح في حوار لـ «الأنباء» أن متوسط إنتاج الشركة الحالي بلغ 80 ألف برميل مكافئ من النفط فيما يتوقع أن نحقق زيادة ملموسة في الإنتاج خلال السنوات القليلة القادمة مع بدء الإنتاج الفعلي من استثماراتنا في أستراليا وكندا، وهذا يجعلنا على مقربة أكثر من تحقيق هدفنا الإستراتيجي بالوصول إلى إنتاج 200 ألف برميل من النفط في غضون السنوات الخمس المقبلة.
وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، نود التعرف على رؤيتكم حول أسعار النفط في ظل الانهيارات السريعة للأسعار ومستقبل شركات النفط في ضوء تلك الانخفاضات؟
٭ أود هنا أن أشير إلى انه من الملاحظ خلال الأشهر القليلة الماضية أن العديد من الشركات النفطية تتسم استراتيجياتهم بشيء من التردد، ويبدو لي أن حالة الابتهاج والحيوية العارمة التي عاشتها صناعة النفط قد تم استبدالها بسرعة بحالة من الهلع والذعر.
والواقع ان ما نشهده ونعانيه الآن هو مجرد دورة من دورات السوق، وهو ليس معركة نفطية فاصلة أو أحد مؤشرات نهاية عصر الهيدروكربونات، ولطالما عشنا من قبل حالات مماثلة على غرار انهيارات أسعار النفط في عامي 1986، 1997 وفي عام 2008.
وقد شهدنا في جميع فترات هبوط الأسعار هذه كيف ازدهرت الشركات الأقوى ماليا والتي تمتلك رؤية استراتيجية أكثر وضوحا، في حين أن بعض الشركات الأخرى، التي بالغت في عمليات التوسع في ذروة هذه الدورات سرعان ما واجهت تحديات مصيرية على صعيد التدفقات المالية وخدمة الديون، الأمر الذي أرغمها على الدخول في عمليات اندماج أنهت وجودها ككيانات تجارية مستقلة.
ما تداعيات انخفاض أسعار النفط على «كوفبيك»؟
٭ عند انضمامي للعمل في «كوفبيك» في منتصف عام 2013، كانت أسعار برنت تتجاوز معدل الـ 100 دولار، وكانت عمليات الدمج والاستحواذ المؤسساتي وشراء الأصول، لاسيما في منطقة آسيا وحوض المحيط الهادي، تجري بأسعار بالغة الارتفاع انطلاقا من توقعات تفترض أن سوق النفط المتصاعد المنحى سيواصل السير بهذا الاتجاه إلى ما لا نهاية.
وبالطبع، فقد كان ذلك السيناريو مصدر سرور للبائعين، فيما كان يحمل مخاطر هائلة للمشترين، وكما نعلم جميعا، فإن الاستثمارات التي تمت بناء على هذه الافتراضات باتت قيمتها الآن أقل بكثير من مستويات نقطة التعادل.
والمشترون الذين دفعوا ثمنا للإنتاج المتوقع في ذروة دورة الأسعار - حتى على المدى القصير - أصبحوا يواجهون اليوم مشاكل جسيمة على صعيد التدفقات النقدية.
لقد قمنا في «كوفبيك» بدراسة، بل حتى المشاركة في تقديم عطاءات، للكثير من صفقات الأصول الرئيسية في عامي 2013 و2014، لاسيما تلك التي تضمنت إنتاجا ماديا ملموسا، ورغم أن هذه الأصول المنتجة كانت تشكل مشاريع مغرية من وجهتي النظر التقنية والإستراتيجية، إلا أن القيمة السعرية التي استقطبتها بلغت مستويات مرتفعة لم يكن بمقدورنا إيجاد تبرير لها.
وبفضل تبنينا لرؤية طويلة الأمد مفادها أن أسعار النفط كانت تتجه نحو عملية تصحيح رئيسية، فقد ركزنا طاقاتنا في «كوفبيك» قبل انهيار عام 2014 على إنجاز صفقات لا تزال في مرحلة التطوير لكنها تحمل مؤشرات مستقرة للإنتاج على مدى عقود عديدة، وبهذه الطريقة فإننا نتفادى مخاطر دفع أسعار عالية لإنتاج كميات من النفط سرعان ما سينخفض سعر بيعها بشكل كبير. وقد استندت الصفقات التي أنجزناها العام الفائت الى توقعات سعرية متوازنة على امتداد دورات سوقية متعددة.
كيف تنظرون إلى أسعار النفط الحالية؟
٭ لقد دخلت صناعة النفط الآن مرحلة ستبقى فيها أسعار النفط ضعيفة نسبيا على مدى العامين المقبلين.
ومع إدراك المشغلين على النطاق العالمي فان هذا المسار الجديد للصناعة النفطية سيمتد لما هو أبعد من المدى المنظور حاليا، وأن الفرص ستكون متاحة وبتكاليف معقولة أمام الشركات الملتزمة بخططها التوسعية وتمتلك القدرة المالية على تنفيذها.
نعتقد أن هذه البيئة السعرية هي الوقت المناسب لاتخاذ مثل هذه الخطوات الإستراتيجية، وقد بدأت أسعار الأصول المنتجة بالعودة إلى مستويات مبررة ومعقولة مع إدراك البائعين لواقع المرحلة الجديدة.
وانطلاقا من كونها شركة مقبلة على النمو، فإن «كوفبيك» عازمة ومصممة على تحقيق رؤيتها من خلال القيام باستثمارات تتسم بالعقلانية خلال هذه الدورة السوقية.
ما حجم إنتاج الشركة المتوقع بحلول عام 2020؟
٭ انسجاما مع إستراتيجيتنا الرامية إلى زيادة إنتاجنا بصورة تدريجية وصولا إلى 200 ألف برميل مكافئ من النفط يوميا بحلول عام 2020، فقد دخلنا في صفقتين كبيرتين خلال عام 2014، أولاهما مضاعفة حصتنا في مشروع ويتستون للغاز الطبيعي المسال في أستراليا إلى جانب دخولنا في مشروع تطوير حوض دوفرني للغاز والنفط الصخري الغني بالمكثفات النفطية في ألبرتا بكندا.
وحيث ان باكورة الإنتاج من هذين الاستحواذين لن تبدأ قبل عدة أعوام قادمة، فإنه لن يكون لبيئة أسعار النفط الراهنة أي تأثير على المشروعين.
وإذا قامت الشركات الأخرى في مختلف أنحاء العالم بتخفيض نفقاتها الرأسمالية من خلال تأخير أو إلغاء المشاريع الجديدة، فإننا نتوقع لانخفاض التكاليف الرأسمالية وتوافر الحفارات بشكل أكبر أن يعودا بالفائدة على اقتصاديات استثماراتنا، ونحن نلحظ حاليا تزايدا كبيرا في توافر الحفارات في أميركا الشمالية، كما نتلمس نوعا من الاعتدال الذي بدأ يصيب قطاع خدمات حقول النفط الذي كان يتسم بنشاطه المحموم سابقا.
ما القدرات التمويلية التي تتمتع بها الشركة لتمويل مشاريعها؟
٭ إن قدرتنا على توفير رأس المال إلى جانب الفعالية التي تتسم بها عملية اتخاذ القرار لدينا هو ما يميزنا نموذج عمل«كوفبيك»، وقد نجحنا حتى الآن في بناء علاقة وطيدة ومتطورة مع مجموعة من البنوك الكويتية والعالمية تتيح لنا القدرة على الاقتراض لغاية 3.5 مليارات دولار، وذلك بالإضافة إلى زيادة رأس المال التي أنجزناها في عام 2013 والتي أضافت مبلغ 3.5 مليارات دولار أخرى لمساعدتنا على بلوغ إستراتيجيتنا.
ما الأمور التي تركزون عليها عند الدخول في استثمار نفطي جديد؟
٭ المشروع المثالي بالنسبة إلينا ليس إجراء صفقات الشراء التي يقوم البائع فيها بالتخلي عن كامل حصته في الأصول، بل هو، بدلا من ذلك، بناء علاقات نؤسس من خلالها شراكات مع البائعين حول أصول قائمة إلى جانب عمليات التطوير المستقبلي.
ونحن نسعى لبناء علاقات قوية تستمر لما هو أبعد من الفرص المتوافرة حاليا والدخول في مشاريع عالمية مشتركة مع شركائنا، وبمعنى آخر فإن توفير دعم ثابت يمكن لشركائنا الاعتماد عليه هو ما يميز «كوفبيك» كشركة مملوكة للدولة.
ومن خلال علاقاتنا الممتازة مع الحكومات المستضيفة، ولاسيما في منطقة آسيا وحوض المحيط الهادي، حيث نعمل وندير عملياتنا منذ ثلاثين عاما، يمكن لـ «كوفبيك» أن تعزز من موقعها ضمن مجموعة الشركات التابعة لمؤسسة البترول الكويتية لتوفير صفقات مصممة على نحو مبتكر ليس بمقدور أي شركات استكشاف وإنتاج أخرى متوسطة الحجم أن تضاهيها.
3 عوامل لبلوغ أهداف المستثمر والحكومة المستضيفة
أشار الشيخ نواف الصباح إلى أن هناك 3 عوامل أو قيم متغيرة يجب على المستثمرين العالميين والحكومات المستضيفة أن يعملوا من خلالها معا من أجل بلوغ أهدافهم المشتركة:
أولا: بما أن العائدات الاقتصادية للمستثمرين ستتقلص في ظل هذه انخفاض أسعار النفط، فإن شركات الاستكشاف والإنتاج ستغدو أقل ميلا للقيام باستثمارات من شأنها إطالة أمد حياة الحقول النفطية في المراحل الأخيرة من عقود المشاركة في الإنتاج، وهذا القصور في الاستثمار سيحد من أمد حياة الاحتياطيات وذلك على حساب الحكومات المستضيفة والشركات النفطية على حد سواء.
ومع ذلك، فإذا اتبعت الحكومات المستضيفة نهجا من الشفافية تقوم بموجبه بعمليات تمديد لمهل محددة لا تقل عن ثلاث سنوات قبل انتهاء آجال عقود المشاركة بالإنتاج، فإن ذلك سيوفر للشركات النفطية الوضوح القانوني الذي تحتاجه لإطالة حياة الحقل من خلال استخدام تقنيات متطورة للاستخراج تتيح للحكومات المستضيفة الاستثمار الأمثل لعوامل الاستخراج.
ثانيا: يجب على الحكومات المستضيفة والصناعة النفطية العمل سويا للاتفاق حول خطط مبسطة ومتسارعة لاستعادة التكاليف بصورة تحافظ على وتيرة عائدات الحكومة.
ثالثا: يجب على الحكومات والشركات النفطية العمل يدا بيد للوصول إلى حلول لتطوير الحقول الهامشية، ولاسيما أن الكثير منها قد أصبح الآن غير ذي جدوى اقتصادية للمستثمرين.
وذكر الشيخ نواف الصباح أن الشركات النفطية تتحمل أيضا عبئا في ظل هذه الصيغة الجديدة.
ولا يجب فقط على الشركات القوية ماليا أن تواصل الاستثمار خلال هذا التراجع في الأسعار، بل يجب علينا أيضا العمل مع شركات الخدمات لتطوير نماذج عمل جديدة تبقي التكاليف الرأسمالية تحت السيطرة خلال الصعود الحتمي.
«كوفبيك» تنفذ رؤيتها بالعزيمة والتصميم.. وليس بالتردد
أكد الشيخ نواف الصباح على أن انفجار التكلفة الرأسمالية في الدورة الاقتصادية الأخيرة كان أمرا غير مسبوق في صناعة النفط، وقد أصيب قطاع الخدمات على وجه الخصوص بالإرهاق خلال هذه الفترة، الأمر الذي دفعه إلى الحد من تطوير الأصول جيدة النوعية، ويتوجب على المنتجين وشركات الخدمات العمل سويا لخلق قدرة كافية لإبقاء هذه التكاليف تحت السيطرة.
وأضاف: متى تلاشت صدمة هذه البيئة السعرية الجديدة، فإن سلسلة القيمة لصناعة الاستكشاف والإنتاج - بدءا من الحكومات المستضيفة وشركات النفط الوطنية، وانتهاء بشركات النفط العالمية وشركات الخدمات النفطية - يجب عليها جميعا أن تلتقي لتحديد الفرص الهائلة التي تقدمها هذه الصيغة الجديدة.
وبدلا من تخفيض النفقات، ينبغي أن تدرك الصناعة النفطية أن انهيار الأسعار ناجم عن تراجع الطلب من جانب المستهلكين الذين يواجهون تحديات اقتصادية بنفس القدر الذي هو ناجم عن زيادة العرض.
وأوضح انه مع تراجع حدة الزيادات في العرض في ظل الصيغة الجديدة للأسعار، فإننا نتوقع أن يزداد الطلب بشكل فعلي في البلدان المستهلكة لامتصاص الإنتاج الزائد في السوق حاليا.
قد لا نعود إلى البيئة السعرية التي سادت مطلع العام 2014 خلال وقت قصير، لكننا نتوقع أن السوق سيستعيد في نهاية الأمر توازنه في نقطة ما عبر هذه المسيرة.
وشدد على أن «كوفبيك» تعتبر هذه الفترة فرصة لخلق قيمة مضافة على المدى الطويل، وذلك بفضل الدعم الذي نحظى به من جانب الشركة الأم، مؤسسة البترول الكويتية، ومن خلال الاستثمارات المدروسة بتأن والمعدة للاستفادة من توقعات الأسعار السائدة، فإننا سنقوم بلا ريب بتنفيذ رؤيتنا بالعزيمة والتصميم، وليس بالتردد.