أشار بنك الكويت الوطني في نشرته الاقتصادية لدول الخليج إلى أن معدل نمو الاقتصاد العماني كان بين الأدنى خليجيا خلال معظم العقد المنصرم، نسبيا على الأقل. إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بمتوسط 6.5% بين العامين 2003 و2008، مقارنة مع 8% خليجيا.
ورأى «الوطني» انه بعد مرور عامين على الأزمة، فقد تغير الانطباع، ليكون الاقتصاد العماني في وضع أفضل مقارنة مع الاقتصادات الأخرى، ويعزى ذلك إلى عدة الأسباب، أهمها: نظامه المالي غير المعقد والمستقر، والذي تهيمن عليه البنوك التقليدية (التي يرتكز عملها على قبول ودائع العملاء والحكومة، ومنح القروض للشركات والأفراد) مع محافظ استثمارية صغيرة الحجم نسبيا واعتماد محدود على التمويل الأجنبي. وقد ساعد هذا على الحد من الخسائر الاستثمارية، ودعم مستويات السيولة، وجنب البنوك ارتفاعا كبيرا في عدد القروض المتعثرة.
وأشار «الوطني» إلى أن ثاني هذه العوامل أن العديد من المشاريع الضخمة في القطاع الصناعي، ومنها تلك التي تندرج تحت البرنامج الحكومي لتنويع الاقتصاد، وقد ساعد ذلك على تحقيق قفزة في حجم القوى العاملة الأجنبية بين العامين 2006 و2009 بنسبة 71%، ما وفر دعما ملحوظا للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وبين «الوطني» ان ارتفاع الناتج النفطي في عمان يعد أحد العوامل الرئيسية في تحسن الاقتصاد العماني مستقبلا، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى كون عمان ليست عضوا في منظمة أوپيك، وأيضا إلى ارتفاع إنتاجها من بعض المنتجات النفطية.
وأشار «الوطني» إلى أنه نتيجة لهذه العوامل، استطاعت السلطات العمانية احتواء تداعيات الأزمة على الاقتصاد المحلي بسهولة نسبيا، وشملت إجراءات البنك المركزي العماني لدعم النظام المالي خفض سعر الفائدة بشكل متتال إلى 2% (خلال العام 2008)، وتوفير تسهيلات طارئة بالدولار بقيمة ملياري دولار لدعم مستويات السيولة لدى البنوك (نوفمبر 2008)، وخفض الحد الأدنى لمعدل الاحتياطي الإلزامي من 8% إلى 5% (ديسمبر 2008)، وأيضا رفع الحد الأقصى لمعدل القروض إلى الودائع من 85% إلى 87.5% (يناير 2009). كذلك، أطلقت الحكومة صندوقا (صانع سوق) لدعم سوق الأسهم حجمه 150 مليون ريال عماني (نوفمبر 2008).
وبشكل عام، رأى الوطني أنه لم ينجم عن الأزمة أي ضغوط نظامية كبيرة. ووفقا للتقارير الصحافية، فإن السلطنة استخدمت 640 مليون دولار فقط من إجمالي حجم التسهيلات الطارئة التي وفرها البنك المركزي العماني، كما أن البنوك لم تحتج لدعم حكومي كبير على شكل ضخ الأموال في الجهاز المصرفي أو ضمان الودائع، ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من تباطؤ نمو الودائع والائتمان بشكل حاد إلى 6% مؤخرا، يبدو ان الجهاز المصرفي مازال يتمتع بمستويات مرتفعة من كفاية رأس المال ومازال قادرا على دعم النمو الاقتصادي خلال السنوات المقبلة.
آفاق النمو الاقتصادي
وأشار «الوطني» إلى أنه في ظل عدم وجود فقاعات في القطاعين المالي والعقاري ـ على ما يبدو ـ فإن أداء الاقتصاد العماني مهيأ ليبقى بين الأكثر استقرارا خليجيا. ورغم صغر حجم الاقتصاد، وافتقاره لدرجة من الديناميكية ومحدودية الموارد الحكومية، إلا أن الدفع نحو التنويع يوفر محفزا مهما للتطور والتنمية. ويشمل هذا التنويع الاقتصادي قطاعات الغاز الطبيعي المسال والبتروكيماويات والتعدين والسياحة، إلى جانب الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، ومنها القطاع الصحي والتعليم والسكن والنقل (مثل ميناء الدقم الجديد).
ولحظ «الوطني» أن أداء القطاع النفطي مؤخرا فاق التوقعات ـ بعدما كان دائما يعتبر معرضا للتباطؤ ـ وساهم في حماية الناتج المحلي الإجمالي من أثر تباطؤ نشاط القطاع الخاص. وفي الواقع، ارتفع إجمالي إنتاج السلطنة من النفط والغاز في 2009، للعام الثاني على التوالي، بواقع 6% إلى ما يعادل نحو مليون برميل يوميا. وقد أدى تزايد انخراط القطاع الخاص في القطاع النفطي والتقنيات الجديدة التي اعتمدتها شركة تنمية نفط عمان ـ المنتج الرئيسي للنفط والغاز في السلطنة ـ إلى تعويض التآكل الطبيعي لحقول النفط العمانية القديمة.
وتعتزم شركة تنمية نفط عمان الحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية من النفط خلال السنوات الأربع إلى الخمس المقبلة، بينما تعتزم زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي بنحو 40% (لتلبية الطلب المحلي المتزايد بشكل أساسي أكثر منه لرفع حجم الصادرات من الغاز الطبيعي المسال). وبحلول العام 2015، يتوقع أن يتجاوز حجم إنتاج الشركة من الغاز إنتاجها من النفط الخام. وبالتالي، يتوقع أن يستمر قطاع النفط والغاز ـ الذي يساهم بما نسبته 45% إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي العماني ـ في أن يساهم بشكل ملحوظ في نمو الاقتصاد بشكل عام في المدى المتوسط. وتوقع الوطني أن يرتفع الناتج النفطي (شاملا الغاز وباستبعاد المصافي والتكرير) بواقع 6% إضافية خلال العام الحالي، بعدما كان قد شهد ارتفاعا مماثلا في العامين الماضيين.
وذكر التقرير انه بعد نموه بأكثر من 10% سنويا بين العامين 2006 و2008، قد يكون الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الثابتة قد شهد تباطؤا في النمو إلى 3% في العام الماضي، متأثرا بتراجع درجة الثقة، وتشدد سوق الائتمان، وانخفاض حجم المصروفات على المشاريع، وتراجع التدفقات التجارية وتدفق العمالة الأجنبية (رغم أن حجم العمالة الأجنبية ارتفع خلال 2009 بواقع 10%، أي بوتيرة أسرع بكثير منها في الدول المجاورة).
وتوقع «الوطني» أن يشهد العام الحالي تعافيا في بعض هذه النواحي بفضل الاستمرار في تنفيذ المشاريع الصناعية والسياحية الضخمة، بالإضافة إلى السياستين المالية والنقدية التوسعيتين. وبالتالي، نتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الثابتة في 2010 بواقع 4%، وقد يستمر بهذه الوتيرة في السنوات القليلة المقبلة.
الميزانية والحساب الجاري
وأشار الوطني إلى أن ارتفاع المصروفات الحكومية من شأنه أن يدعم النمو الاقتصادي في المدى المتوسط. وتتضمن ميزانية العام الحالي زيادة في المصروفات بواقع 12% مقارنة بالميزانية السابقة، مع ارتفاع ملحوظ في كل من المصروفات الجارية (12%) والرأسمالية (11%). لكن حسابات الميزانية قد يشوبها درجة من التعقيد، إذ نتيجة المصروفات الضخمة في السنوات السابقة والتي فاقت ما كان مقدرا (بواقع 30% على سبيل المثال في 2008)، فقد يأتي نمو المصروفات الفعلية في العام الحالي أدنى من المتوقع في الميزانية، إلا أن حجمها قد يأتي أعلى على أرض الواقع.
وبعد تراجعها في العام الماضي، قد تعاود الإيرادات الحكومية الارتفاع هذا العام بواقع 20%، نتيجة ارتفاع الإيرادات النفطية التي تشكل عادة ما نسبته 80% من إجمالي الإيرادات. ويفترض أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع فائض الميزانية من ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2009 إلى نحو 7% في العام الحالي. لكن متانة الوضع المالي لسلطنة عمان لا تظهر بشكل كامل في البيانات الحكومية، إذ تظهر البيانات المعلنة صافي الإيرادات بعد تخصيص وتحويل جزء منها إلى صناديق الاحتياطات العامة، وبالتالي، يبدو الفائض أقل مما هو عليه فعليا. وبين عامي 2005 و2008، يقدر (بشكل غير رسمي) أن تكون هذه التحويلات قد شكلت ما متوسطه 11% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا.
لكن على الرغم من متانة الوضع المالي للسلطنة، لاتزال الحكومة تواجه ضغوطا في المدى الطويل لإدارة المصروفات و/أو توسيع القاعدة الضريبية بهدف حماية الميزانية من أي انخفاض محتمل في الإيرادات النفطية.
ولحظ الوطني أن الحساب الجاري شهد تراجعا ملحوظا في العام الماضي. وتسجل عمان عادة فائضا كبيرا في الميزان التجاري السلعي (نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي)، الذي يكفي لتعويض العجز في جميع النواحي الأخرى من الحساب الجاري.
لكن من المتوقع أن يكون الميزان التجاري السلعي قد تراجع بشكل حاد في العام الماضي مع انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 35% (مدفوعة بتراجع أسعار النفط). ونتيجة لذلك، توقع الوطني أن يكون الحساب الجاري قد سجل توازنا إلى حد ما في العام الماضي. وفي العام الحالي، يفترض أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تعافي الصادرات النفطية، لتدفع الحساب الجاري مجددا إلى تحقيق فائض بما نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذه النسبة أدنى بكثير من المتوسط المسجل بين العامين 2000 و2008، والبالغ 10%، عاكسة ارتفاع حجم الواردات.
واقرأ ايضاً:
«إيفا»: ضغوط بيعية عنيفة هوت بالسوق الكويتي 2.4% وسوق دبي الأكثر ارتفاعاً خليجياً ثم السعودي
تراجع مؤشر جلوبل لـ «الاتصالات الخليجي» 1.4% وسهم «الوطنية للاتصالات» يسجل أعلى ارتفاع
«كولدويل بانكر»: 526 مليون دينار حجم تداول سوق العقار المحلي في الربع الأول
الحمود: إنجازات «زين» العالمية جعلتها موضع اعتزاز
القدومي: إتمام عمليات بيع كبيرة وراء تمديد أنشطة معرض العقار والاستثمار
«واشنطن بوست»: مجموعة «أنعام» تفوز بعقد بين 2 و6 مليارات دولار لتزويد الجيش الأميركي بالغذاء والشراب بدلاً من «أجيليتي»
«الوطنية للاتصالات»: 50% خصم على الرسائل النصية المرسلة إلى سورية اليوم
إطلاق سراح رئيس مركز دبي المالي السابق بكفالة قيمتها 14 مليون دولار
«الوفاء للإعمار» تنفذ مشروعاً بدبي بقيمة 390 مليون درهم
«فاينانشيال تايمز»: آثار الجفاف الائتماني ما زالت واضحة في الكثير من الدول العربية
جوهرة «الوطني» للشربجي
الجمعية الاقتصادية تنظم مؤتمراً حول خطة التنمية ودور المشاريع الصغيرة في 26 الجاري
عنداري: حجم سوق العقار في لبنان ما بين 7 و10 مليارات دولار
اليونان تبدأ الخطوات التمهيدية لتحريك مساعدة الاتحاد الأوروبي
مجموعة بريك: سنقاوم الحمائية التجارية وندرس زيادة المبادلات التجارية بالعملات المحلية